Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما لا نعرفه عن مصارعة الـ "سومو"

"سانكتوري" مسلسل جديد على "نتفليكس" عن أشهر الرياضات التقليدية شعبية في اليابان

لقطة من العمل (نتفليكس)

ملخص

يعرض المسلسل سلبيات هذه اللعبة مقدماً لنا بعض عاداتها مثل إلقاء الملح لتنقية الحلبة وبعض الطقوس كصفع الذراعين والساقين والمعدة قبل بدء المصارعة.

قليلة هي الأعمال الدرامية أو السينمائية التي تتناول رياضة الـ "سومو" التقليدية في اليابان والتي ظهرت ما بين عامي 710 و1185 للميلاد وكأنها سر من أسرار الدولة، لكن "نتفليكس" قررت الغوص عميقاً في هذه الرياضة وتعريف المشاهد على خفايا هذه اللعبة الشعبية، وعرض يوميات مصارعي الـ "سومو" في مسلسلها الجديد "سانكتوري" (Sanctuary) الذي بدأ عرضه قبل أيام.
يحاول العمل الممتد على ثماني حلقات الخروج من النمط التقليدي للعبة وتتبع مسار مصارع غير تقليدي يدخل الحلبة من باب التجربة سعياً إلى الربح المادي، لكنه يتورط عاطفياً في هذه اللعبة وتغدو مراده الأول.
القصة
تدور أحداث العمل حول لاعب جودو سابق يقرر جمع مبلغ كبير من المال ومساعدة والديه بعدما أقفلا مطعم السوشي الذي يملكانه بسبب تراكم الديون، وتمر حياة البطل Wataru Ichinose بتحولات عدة من الفقر إلى الكسب المادي والبحبوحة والعلاقات العاطفية والانهزام والاكتئاب، والخوف لاحقاً من المستقبل ومن ثم الفوز والشهرة.

 

 

مراحل درامية نعيشها ضمن قالب فني جميل حين قرر البطل إنو (الاسم المستعار الذي منح له من قبل معلمه) دخول عالم الـ "سومو"، ولم يدرك حجم المسؤولية التي يجب الالتزام بها بل راح يتمرن على طريقته ويستفز خصومه بطريقة منفرة ومخالفة للعادات والتقاليد. كان مميزاً عن باقي المصارعين وله أسلوب خاص في القتال والاحتفال، وهذا ما لم يرق للقيمين على اللعبة.
وهنا تبرز المعضلة الأولى في العمل وهي التمسك بالعادات والتقاليد وعدم التأقلم مع الحياة العصرية، ويبدو النقد واضحاً هنا والخلاصة أن كل شيء قابل للتطور حتى بعض العادات القديمة، وفي الإمكان التأقلم مع ما هو جديد لمصلحة اللعبة.
القسوة
في المقابل يعرض المسلسل مدى قسوة هذه اللعبة وصعوبة تمارينها، إذ من المستحيل المشاركة بالبطولات والفوز من دون تعب وجهد مضنيين، وهنا يدرك "إنو" أن التميز الذي يملكه يجب أن يصقل بالتمارين الجدية والاستماع إلى التعليمات الصارمة.
تدور كاميرا المخرج كان إيغوشي على تفاصيل مصارعي الـ "سومو" ويومياتهم من الاستيقاظ باكراً إلى متابعة التمارين، ومن ثم تناول وجبات الطعام الضخمة والمليئة بالسعرات الحرارية، ومن ثم القيلولة الضرورية لكسب الوزن والصراعات الثنائية بين المصارعين على كل شيء تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لكن في الوقت ذاته يحاول إيغوشي تسليط الضوء على أبرز مشكلات هذه الرياضة، وهي القسوة في التعامل والتنمر الذي يتعرض له المصارعون الأقل شأناً، ولا يتوقف الأمر عند التنمر فقط بل الضرب والأذية من دون تدخل المعنيين، بما أن الأقل شأناً في هذه الرياضة وجدوا كي يؤمنوا راحة الأعلى شأناً، وهي نقطة القوة في العمل وعرض وحشية هذه الرياضة التي يتعرض فيها المصارعون في بداية حياتهم إلى مختلف الإهانات والتقليل من الشأن والضرب إلى أن يبدأون الفوز والارتقاء في المراتب ويفعلون ما كان يفعل بهم.

الفساد
إذاً هي حلقة دائرية لا تنتهي من التهميش والضرب، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ يحاول العمل الذي كتبه توموكي كانازاوا إبراز الفساد المتغلغل في هذه اللعبة، وثمة تلميحات عن قضية الفساد الشهيرة التي حصلت عام 2011 حول تلاعب بعض المصارعين في نتائج المباريات وتورط بعض الإداريين في الفضيحة.

 

 

وفي سياق متصل يعرض المسلسل سلبيات هذه اللعبة مقدماً لنا بعض عاداتها مثل إلقاء الملح لتنقية الحلبة، وبعض الطقوس مثل صفع الذراعين والساقين والمعدة قبل بدء المصارعة، والصلوات التي تتلى قبل أية بطولة، والحزام الذي يرتديه المصارعون حول الخصر ويسمى "المواشي"، ويعتبر رمزاً للكرامة والوحدة في المصارعة، إضافة إلى تسريحات الشعر التقليدية المعروفة باسم "شونماغ" (chonmage) والتي تتطلب وقتاً طويلاً للإعداد والتصفيف.
ويطرح العمل أيضاً قلة التنوع في هذه الرياضة، إذ يعتبر تكرار القواعد والحركات في مصارعة الـ "سومو" واحداً من أبرز الانتقادات. 
وقد حاول المخرج من خلال شخصية البطل "إنو" التلميح إلى ذلك عبر حركاته المستفزة للخصوم وبعض الكلمات النابية لكسر روتين المباريات وعدم ملل الجمهور.

الحركة البطيئة
قدم العمل صورة جميلة ولافتة، والمشاهد التي صورت بالحركة البطيئة أثناء ارتطام جسدي المصارعين تعتبر من أبرز اللقطات التي صورت في عالم هذه الرياضة، وهي مشاهد تبرز مدى القوة والضخامة عند التصادم وحبات العرق التي تتطاير من الأجساد المتصارعة.
لكن كل هذه الجمالية البصرية لا تنفي أن المسلسل مر مرور الكرام على سلبيات هذه الرياضة، ولم يحاول الغوص عميقاً في قضايا الفساد والتنمر وحرمان المرأة من ممارستها أو منعها من دخول الحلبة والأسباب التي دفعت إلى ذلك.

 

 

 

وفي المقابل يعرض العمل تفاصيل بعض الأسرار والجوانب المثيرة للاهتمام في مصارعة الـ "سومو" مثل التدريب الصارم، إذ يتدرب المصارعون ساعات طويلة يومياً ويتبعون روتيناً يشمل التمارين البدنية الشاقة والتقنية والتغذية المتوازنة.
ويركز المخرج على الطعام، إذ تعتبر الوجبات الغذائية في هذه الرياضة جزءاً أساساً من التدريب والثقافة، كما يتناول المصارعون وجبات ضخمة وغنية بالسعرات الحرارية، بما في ذلك الأطعمة المثيرة للدهون والبروتينات لزيادة وزنهم وبناء القوة الجسدية، إضافة إلى الشعائر والتقاليد والتحية والمسار الذي يسلكه المصارعون قبل دخول الحلبة.
ومن أبرز الأمور في هذه الرياضة الحرمان من الأسرة، إذ يعيش المصارعون في مساكن تقليدية مخصصة لهم بعيداً من أسرهم وأحبائهم، ويفرض عليهم الانضباط والانفصال عن الحياة العائلية لتكريس كل طاقتهم وتركيزهم على التدريب والمسابقات.

لمحة تاريخية
تعتبر مصارعة الـ "سومو" واحدة من أكثر الرياضات التقليدية شعبية في اليابان ويمتد تاريخها لقرون عدة، وتجمع هذه الرياضة الفريدة بين القوة الجسدية والمرونة والتكتيكات الذكية مما يجذب جماهير عريضة من مختلف أنحاء العالم.
وتعود جذور الـ "سومو" للعصور القديمة في اليابان، وتمارس كتقليد ديني وطقوس شعبية، وكانت المباريات تقام في المعابد كجزء من الاحتفالات والتضحيات للآلهة، ومع مرور الوقت تطورت المصارعة وباتت رياضة منظمة، إذ تأسس الاتحاد الياباني للـ "سومو" في القرن الـ 18.

 

 

وتتميز مصارعة الـ "سومو" بقواعدها المحددة التي تحظر الضربات بالأيدي والركلات، وتهدف اللعبة إلى إخراج المنافس خارج الحلبة أو إسقاطه على الأرض، كما يعتبر وزن المصارعين أحد العناصر الأساس للعبة، إذ يجب على المصارعين الحفاظ على وزن ثقيل للمشاركة في المسابقات الرسمية.
والهدف الأساس في مصارعة الـ "سومو" هو إخراج المنافس خارج الحلبة أو إسقاطه على الأرض، وعندها فالمصارع الفائز هو من يتمكن من تحقيق ذلك.  وتحوي الحلبة دوائر مرسومة على الأرض يجب على المصارعين أن يظلوا ضمن حدودها أثناء المباراة، ويمكن استخدام عدد من الحركات والمناورات مثل الدفع والشد والقرص والتدحرج لإسقاط المنافس.
ومن الانتقادات التي توجه إلى اللعبة الاحتكام للتقاليد، إذ يعتبر بعضهم أن مصارعة الـ "سومو" محافظة جداً على التقاليد والقيم التقليدية، وهذا قد يعوق تطور الرياضة وجذب جيل أصغر يفضل الرياضات الحديثة والديناميكية، إضافة إلى ضرورة المحافظة على وزن ضخم قد يحول دون مشاركة المصارعين ذوي الأجسام الأخف والأنحف.

المزيد من فنون