Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ذا دبلومات"... خفايا الحرب السياسية في أحداث درامية

مسلسل أميركي من إنتاج "نتفليكس" وبطولة كيري راسل وروفوس سيويل

الممثلة الأميركية كيري راسل (نتفليكس)

ملخص

عمل فني يعرّف المشاهد إلى كواليس المشهد السياسي، كيف تدار الأزمات وكيف تجد الدبلوماسية حلولاً سلمية لها وكيف يتوتر القادة ويهددون بضربات عسكرية، إلى أن يتدخل العقلاء خلف المشهد لتهدئتهم.

كل ما نراه ونسمعه ونقرأه عن التوتر بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وكل ما نصادفه من أخبار عن وساطات سياسية ربما تكون سرية من إيطاليا على سبيل المثال أو فرنسا، نجده في المسلسل الجديد "الدبلوماسي" (The Diplomat) التي بدأت منصة "نتفليكس" عرضه منذ أيام.

عمل فني يعرف المشاهد إلى كواليس المشهد السياسي، كيف تدار الأزمات وكيف تجد الدبلوماسية حلولاً سلمية لها وكيف يتوتر القادة ويهددون بضربات عسكرية، إلى أن يتدخل العقلاء خلف المشهد لتهدئتهم وشرح العواقب المترتبة على الضربات أو العقوبات الاقتصادية.

 
القصة 
 
تدور أحداث المسلسل حول الدبلوماسية الأميركية كيت وايلر التي تلعب دورها النجمة كيري راسل والتي كانت تستعد لدور سياسي جديد في أفغانستان، إلا أن البيت الأبيض يرشحها وبشكل عاجل لدور السفيرة الأميركية الجديدة لدى المملكة المتحدة وهو تحد مهني جديد لراسل.  
 
 
ويرافق السفيرة في رحلتها، زوجها السفير والدبلوماسي السابق هال (روفوس سيويل). يفتتح العمل مشاهده بانفجار حاملة طائرات بريطانية في الخليج العربي ومقتل 41 جندياً إنجليزياً.
وما إن ينتشر الخبر، توجه الاتهامات فوراً إلى إيران والحرس الثوري، وتظهر بعض المشاهد في العمل أن ما حصل يأتي رداً على اغتيال قاسم سليماني سابقاً. تبدأ السفيرة الأميركية الجديدة في لندن مسيرتها بفترة درامية وأحداث مأسوية، هي التي لم تستطع أن ترفض المنصب بسبب الظروف السياسية الحساسة وتنفيذاً لرغبة الرئيس الأميركي، لكنها كانت تفضل العمل الميداني في كابول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

يتعرف المشاهد من خلال العمل إلى تفاصيل الطبخة السياسية، كيف يصنع الخبر وكيف يروج للردود الممكنة والإستراتيجيات الدفاعية. تحاول السفيرة الأميركية خلال السياق الدرامي استبعاد احتمالية أن تكون طهران هي من نفذت العملية وتثبت ذلك لإدارتها بعد أن يختطف زوجها من قبل الإيرانيين في لندن للحديث إليه وتبرئة أنفسهم من هذا الهجوم.
 
تسارع الأحداث
 
تسير أحداث العمل الدرامي السياسي بطريقة مثيرة وسريعة، وسرعان ما يقف المشاهد حائراً حول ما يحصل، تواتر الأحداث وكثرتها يشعرانه بالارتباك. وهذه نقطة القوة الأساسية في العمل الذي كتبته الأميركية ديبورا خان ويظهر جلياً سعة اطلاعها على الأحداث ومتابعتها التفاصيل.
 
 
تنتقل الاتهامات من طهران إلى موسكو بعد سلسلة من التحريات والتدخلات والاتصالات السرية ببعض المصادر، وبعد التدقيق بشكل أكبر يظهر أن موسكو لا علاقة لها بشكل أساسي بضرب حاملة الطائرات البريطانية، بل مجموعة شبيهة بـ"فاغنر" هي من نفذت العملية، والجواب الواضح عن هذا المشهد يظهر في المشهد الأخير من العمل الذي يمهد لجزء ثانٍ قريباً.
إذاً، إيران لم تنفذ العملية ولم تنتقم لقاسم سليماني والإدارة الروسية لم تطلب تفجير حاملة الطائرات، فلمصلحة من تعمل المجموعة الروسية الخارجة عن القانون؟ ختام مثير للموسم الأول من العمل، مليء بالتساؤلات والحيرة والاستنتاجات المطروحة من خلال حوار السفيرة الأميركية ووزير الخارجية البريطاني في الحلقة الأخيرة كانت واضحة، هل استثمر رئيس وزراء المملكة المتحدة في هذه المجموعة لضمان بقائه في السلطة؟
 
 
لا يخلو العمل من الإسقاطات السياسية ويحاكي بشكل واقعي ما نعيشه من أزمة سياسية عالمية وتأثير الحرب الروسية- الأوكرانية في كل مفاصل الحياة، بخاصة في بريطانيا، بعد وقف كل التعاون الاقتصادي والتجاري مع موسكو.
لكن في الوقت ذاته، يظهر العمل مدى قوة القنوات السرية بين الدول وأن الاتصال بينها لا ينقطع حتى في أصعب الظروف، وفي كل إدارة ثمة من له معارف هنا أو هناك وعبر بعض الاتصالات من الممكن وقف حرب أو ضربة عسكرية.
كما تظهر في العمل كيفية تحضير المسؤولين لمسؤوليات أكبر، وعلى سبيل المثال المنصب الذي ترشحت له كيت وايلر في لندن كان تمهيداً للعبها دوراً أكبر في البيت الأبيض، وهو منصب نائبة الرئيس.
 
صراع
 
لا يخلو العمل من اللحظات الحميمة والعاصفة كما الأحداث، فالسفيرة الأميركية تعيش صراعاً عاطفياً ما بين البقاء مع زوجها بعد قرار الطلاق منذ مدة وانجذابها لوزير الخارجية البريطاني الذي بدا مهتماً بها، كما العلاقة أيضاً بين موظف مهم في السفارة الأميركية في لندن ورئيسة قسم في الاستخبارات الأميركية، علاقات ربما يحكمها الفشل بسبب العمل والوظيفة والسرية والطموح أحياناً.
 
 
اللافت في العمل عودة النجمة الأميركية كيري راسل (1976) للتمثيل بعد فترة غياب، بدور جميل، مليء بالحركة والدراما والانفعالات وتعابير الوجه القوية. تظهر الممثلة في مشاهد رومنسية وأخرى مجنونة، كما لو أنها على المسرح، تتنقل بين المشاهد والحالات بكل انسيابية وقدرتها على الإقناع، بخاصة المشهد التي ترشح فيه لرئيس الوزراء البريطاني أهدافاً عسكرية روسية ممكن ضربها، لكن الهدف من وراء هذا التصعيد الدرامي كان الوصول إلى القمة للتخفيف من حدة آراء رئيس الوزراء وتهدئتها، وهذا ما نجحت به الممثلة عبر أداء دراماتيكي مثير.
صحيح أن المسلسل قائم على الخيال، لكن هذا الخيال موجود ومستنسخ ونعيشه في أزماتنا التي نعانيها، وصحيح أنه يتمحور حول قضية معينة هي تفجير حاملة طائرات بريطانية، لكنه في الوقت ذاته يمر على حروب عدة حصلت في العراق وأفغانستان وليبيا والحرب الروسية – الأوكرانية. ربما لا يغوص كثيراً في التفاصيل، لكنه يقدم نقداً لبعض ما حصل في هذه الحروب كالاعتراف بالخطأ في الحرب العراقية.
وأصعب ما يعرضه العمل توريط المشاهد في الإرهاق النفسي التي تعانيه الممثلة والصراع الذي تعيشه بين القلب والسياسة وبين قرار الطلاق وبدء علاقة جديدة مع سياسي ناجح وطموح وبين عملها الميداني السابق في مناطق النزاعات والحروب (العراق وأفغانستان) ومنصبها الجديد كسفيرة والتخطيط لأن تكون في منصب نائبة الرئيس الأميركي الذي ترفضه أساساً، لكن البيت الأبيض مقتنع بأنها أكفأ من يناله.
"ذا دبلومات" عمل يتمتع بصورة جميلة وحبكة سياسية مثيرة، لكنه ليس العمل الأول الذي يحاكي السياسة وأبوابها الخلفية وكيفية إدارة الأزمات، وعلى سبيل المثال أنتج عام 2016 الجزء الأول من المسلسل الأميركي "الناجي المعين" (Designated Survivor) وامتد إلى ثلاثة مواسم وصوّر كيفية اتخاذ القرار في البيت الأبيض ولاقى نجاحاً طيباً، لكن مع تطور الحلقات اللاحقة ووجه بعدم واقعيته حول ما يحصل وترويجه لأفكار مغايرة.

المزيد من ثقافة