Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

براميل ذهب "داعش"... مغارات علي بابا تحت رمال البادية

الكشف يشير إلى تمويل يصل للتنظيم رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة في شمال شرقي سوريا

عثر على الأموال والذهب في مزرعة واقعة بمنطقة كسرة فرج في أطراف الرقة الجنوبية (اندبندنت عربية)

ملخص

تزايدت المخاوف من تنامي القدرات الاقتصادية لـ"داعش" بعد العثور على كميات كبيرة من الذهب وأموال تقدر بنحو مليون دولار أميركي داخل مخبأ للتنظيم في شمال سوريا

مع عثور حملة مداهمة نفذتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بمشاركة قوات أميركية في شمال شرقي سوريا على كميات من الذهب ومبالغ مالية تقدر بمليون دولار في أحد مخابئ تنظيم "داعش" تزايدت المخاوف من تنامي القدرات الاقتصادية لأكثر الجماعات تشدداً ونشاطها وتمويلها منذ نشأتها حتى اللحظة رغم اندحارها قبل سنوات.

براميل الذهب

المخبأ السري الذي عثر عليه في 22 أبريل (نيسان) الحالي في مزرعة بالريف الجنوبي لمحافظة الرقة تسمى "البغدادي" نسبة لقائد التنظيم أبو بكر البغدادي حينما كان يمكث بها إبان سيطرة "داعش" على مقاليد الحكم في هذه المنطقة، احتوى على براميل معبأة بالذهب وأموال بلغت قيمتها مليون دولار أميركي، وكأن هذا المشهد للأموال والمعدن النفيس قد هرب من الحكاية الأسطورية الشهيرة "مغارة علي بابا" الأمر الذي سيحيل باقي أرجاء الأرض التي حكمها أفراد التنظيم إلى هدف جديد لما تحويه من أسرار وكنوز دفينة يدفع كل أطراف الصراع إلى مزيد من التدقيق حيث تعج هي الأخرى بمخابئ شديدة التحصين والسرية.

في الوقت نفسه، لا تخفي مصادر ميدانية على اطلاع بمجريات الحرب ضد "داعش" من قلق يساورها عقب هذا الكشف الجديد الذي يفضي إلى حقيقة أكدتها العملية العسكرية الأميركية والعثور على هذا المخبأ، فيبدو أن القدرات العسكرية للتنظيم بعد انهياره في مارس (آذار) عام 2019 تتطور إضافة إلى امتلاكه القدرات الاقتصادية، وهذا وفق الناشط الحقوقي في مدينة دير الزور أحمد الشيخ، يعني ارتفاع مستويات التمويل لديه. وأضاف في حديثه لـ"اندبندنت عربية": "لا نعلم إن كانت الأموال التي تمت مصادرتها في مزرعة البغدادي أتت قبل سقوط التنظيم أم بعد هزيمته، لكن الأمر سيكون أكثر سوءاً إذا كانت هذه الأموال الطائلة قد وصلت في وقت متأخر لقادة وأفراد التنظيم المتمرسين بالتخفي والتمويه".

وقال، إن هذا التطور يدل على تنامي قدرات فلول التنظيم وإعادة تكوين نفسه ليس على الصعيد الميداني خلال العامين الأخيرين من هجمات وضربات في كل الاتجاهات فحسب، بل يشير إلى تمويل يصل إلى عناصره بأصعب ظروف تعيشها المنطقة في الشمال الشرقي وأردف "إضافة للتهديد التركي بعملية عسكرية على مناطق نفوذ للأكراد، فإن عوامل كثيرة تساعد أيضاً بعودة داعش كالبيئة الحاضنة، علاوة على استمالة السكان المحليين في القرى والبلدات المتناثرة، التي يعاني أهلها من تدن في مستوى المعيشة وقلة فرص العمل وخروج كثير من الأراضي الزراعية عن الخدمة بحكم العمليات القتالية ما يؤدي إلى تزايد في انخراطهم بالعمل مع أفراد التنظيم والانضمام إليه".

الإمداد المالي والعمليات

وعلى الرغم من ضربات موجعة تلقتها المجموعات المتشددة من قبل قوات التحالف لا سيما تصفية شخصيات قيادية من الصف الأول مثل القرشي وقبله البغدادي واعتقال السلطات العراقية المشرف المالي للتنظيم سامي الجبوري في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 فإن التنظيم لا يزال يعمد إلى زيادة وتيرة أعماله مع اختلاف الطرق والأساليب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويجزم متابعون لمجريات العمليات القتالية ضد "داعش" إلى استمرار التمويل الخفي وإن اختلفت الطرق بالاعتماد على أقنية داخل البلاد أو خارجها، وما الهجوم على سجن غويران أو الصناعة في يناير (كانون الثاني) عام 2022 إلا دليل على تمويل قوي، إذ إن شن أكبر عملية هجومية بعد سقوط "داعش" لإطلاق سراح قادتها المحتجزين من قبل قوات "قسد" يعطي كثيراً من الدلالات عن عدم توقف التمويل بل استمرار الهجمات بشكل أكثر تنظيماً.

ويرجح الباحث في الاقتصاد السياسي، محمد حاج عثمان احتمال العثور على مزيد من المخابئ والتي تعد بمثابة "بنوك" لـ"داعش" حين كان التنظيم يسيطر على مساحات واسعة من العراق إلى سوريا. وأضاف "لقد سعى خلال فترة حكمه منذ عام 2014 إلى 2019 إلى حكومة تنشط اقتصادياً ولا بد من معرفة أن مصادر التمويل باتت محلية بعد سقوطه معتمداً على الخطف والفدية وفرض الإتاوات".

في المقابل يلفت الباحث الاقتصادي حاج عثمان، النظر إلى كون هذه الفصائل لديها شبكات واسعة في مجال الاتجار بالبشر وتهريب الآثار، مستفيدة من معرفتها واطلاعها على الطرق والمعابر غير الشرعية، وفي وقت ينعدم التمويل الخارجي تحاول هذه الجماعات الانخراط بشكل واسع وخفي بالتجارة الرقمية والعملات المشفرة لكسب أرباح عابرة للقارات، بمساعدة أذرع داخلية.

وجمع التنظيم أموالاً طائلة وكميات كبيرة من الذهب والآثار المنهوبة من التلال الأثرية ما زال الكثير منها في مخابئ سرية، ويرى مراقبون أن سقوط التنظيم عام 2019 جاء بشكل سريع وبعد ضربات متلاحقة، خصوصاً بعد سقوط الرقة حيث لم يتسنَ له إخراج هذه الثروات إلى خارج البلاد خصوصاً أن الحرب ضد "داعش" من قبل قوات التحالف الدولي جاءت بشكل متزامن في سوريا والعراق.

وأشار إلى أنه بحكم الحرب والصراع لم يكن لـ"داعش" نشاطات اقتصادية في القطاع الإنتاجي رغم صك عملة معدنية خاصة باسم (دينار دولة العراق والشام) بل اعتمد على مصادر مالية أسرع كالخطف والفدية مع فرض ضرائب مرور للقوافل التجارية وغيرها، مع تطبيق مبدأ "الجزية" التي كانت تفرض سابقاً على غير المسلمين، إضافة إلى استخراج النفط وتصديره والحصول على أمواله ووضع قوانين مثل استخراج الذهب. 

التنقيب عن الآثار

وأضاف عثمان: "من الغريب أن تسمح دوائر المالية في فترة حكم داعش بالتنقيب عن الآثار واستخراج كميات كبيرة من الذهب، والحفر بتلال أثرية كانت الحكومة في دمشق تمنع التنقيب فيها من دون تراخيص".

وتابع "من هذه المدن مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، التي يقال إنها تعوم على بحر من الآثار والذهب بخاصة أن كثيراً من المدن، مثل منبج والرقة، التي يمر بها الفرات وعاشت على أطراف حضارة النهرين فيها معالم أثرية ظاهرة وأخرى دفينة كنوع من الطقوس الجنائزية في ذلك الزمن، الكثير منها استهدفه التنظيم وشرع امتلاكها وبيعها".

ومع كل ذلك لا تتوقف مجموعات "داعش" من السعي لكسب التمويل اللازم للاستمرار، وقد تكون المخابئ السرية مصدراً في غاية الأهمية للتنظيم وقد يسعى للحصول عليها قبل أن تطالها القوى المتصارعة معه، خصوصاً أن قوات النظام السوري و"قسد" والتحالف الدولي حتى والقوات الروسية لا تتوقف عن مطاردة عناصره بحملات برية واسعة النطاق.

المزيد من تقارير