Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تداوي شيخوختها بشباب من الهند وباكستان

التغيير في بريطانيا أسبابه متعددة ومتراكمة عبر عقود ومن أثاره الانتقال من مرحلة القوة الخشنة إلى أخرى ناعمة

الامتحان الأكبر هو الحفاظ على المملكة المتحدة لأن إنجلترا من دون إسكتلندا تخسر كثيراً (أ ف ب)

ملخص

على ساعة الملكة #إليزابيث_الثانية اكتمل تفكيك الإمبراطورية، فهل يكتمل تفكيك #المملكة_المتحدة على ساعة الملك #تشارلز_الثالث؟

بريطانيا العظمى أمتان، أغنياء وفقراء، كما كان يقول رئيس الوزراء دزرائيلي، لكنها عملياً أربع أمم في مملكة متحدة كانت إمبراطورية "لا تغيب عنها الشمس"، إنجلترا وإسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، وهي اليوم "متحف الطبقات" بحسب "إيكونوميست".

البروفسور فيتان أوتول مؤلف كتاب "نحن لا نعرف بعضنا: تاريخ شخصي لإيرلندا" يصفها في مقالة نشرتها "فورين أفيرز" بأنها "مملكة غير متحدة"، ويسأل "هل تفكك الوطنية بريطانيا؟".

المشهد ليس مألوفاً، فبلد اللوردات والتقاليد الأرستقراطية الذي حكم الهند وأميركا ونصف العالم يحكمه اليوم رئيس وزراء هندي هو ريشي سوناك، وباكستاني في رئاسة بلدية لندن، وباكستاني آخر يصبح زعيم الحزب الوطني الإسكتلندي ورئيس وزراء إسكتلندا وهو حمزة يوسف الذي خلف نيكولا ستورجن، وأعلن الحرص على إكمال مشروعها بالقول "سنكون الجيل الذي يحقق استقلال إسكتلندا، والشعب الإسكتلندي في حاجة إلى الاستقلال بدءاً من اليوم أكثر من أي وقت مضى"، عبر استفتاء آخر على الانفصال.

لكن سوناك قال في تهنئته ليوسف إن لندن لن تعطي شرعية للاستفتاء، وليس من المؤكد أن يتخذ حزب العمال موقفاً معاكساً إذا فاز في الانتخابات النيابية المقبلة، والواضح أن زعيم العمال كير ستارمر أعد مشروعاً لإحداث تغيير لا سابق له وهو وضع نهاية لمجلس اللوردات غير المنتخب، وتأسيس غرفة برلمانية ثانية إلى جانب مجلس العموم تضم أعضاء منتخبين في "مجلس الأمم والمناطق" إلى جانب نقل قدر أكبر من السلطة من وستمنستر إلى برلمانات الأقاليم، بحيث تصبح بريطانيا "دولة فيدرالية".

التغيير في بريطانيا أبعد من ذلك وأسبابه متعددة ومتراكمة عبر عقود وأحداث كبيرة أبرزها ثلاثة، أولها مغامرة "حرب السويس" عام 1956 أيام رئيس الوزراء أنطوني إيدن خليفة ونستون تشرشل التي قادت إلى هزيمة إستراتيجية لبريطانيا وتقدم القوة الأميركية الصاعدة لأخذ مكانها، وثانيها متصل بأولها وهو صدمة فقدان الإمبراطورية الواسعة بحيث قيل إن بريطانيا لم تستطع إيجاد دور بديل فاصطفت خلف أميركا وشاركت حتى في غزو العراق، وثالثها هزة دخول الجماعة الأوروبية من حيث كان المحافظون الحاكمون يعتبرون "أن القارة هي العدو"، ثم زلزال الخروج من الاتحاد الأوروبي ضمن حملة زائفة من الأكاذيب والأحلام الوردية قادها بوريس جونسون الذي صار رئيساً للوزراء ثم أجبر على الاستقالة ليخلفه ثلاثة خلال أشهر قليلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن آثار المتغيرات انتقال بريطانيا من مرحلة القوة الخشنة إلى مرحلة القوة الناعمة، بحسب البروفسور أوتول، رولينغ ستون والبيتلز وجيمس بوند والمسرح والثقافة مكان قوة الإمبراطورية، لكن الحاكمين في "10 داونينغ ستريت" فشلوا في التخلي عن منطق القوة العسكرية بدل أن تمارس لندن دور "أثينا العقل" لترويض "إسبارطة القوة" في واشنطن.

وكان صاحب الدور الكبير في الوقوف وراء القوة الأميركية هو رئيس الوزراء العمالي توني بلير، والامتحان كبير أمام سوناك وهو من أغنى الأغنياء، لملء مقعده وضمان الاستقرار الاقتصادي وتوحيد حزب المحافظين واستعادة الثقة بعدما وصلت نسبة التضخم إلى 15 في المئة.

أما الامتحان الأكبر فهو في الحفاظ على المملكة المتحدة، لأن إنجلترا من دون إسكتلندا تخسر كثيراً، في حين تعتقد أدنبره أنها تربح كثيراً بالاستقلال عن المملكة والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وعلى العكس فإن أستاذ التاريخ في كلية الملك في لندن ديفيد أدجرتون يرى في كتاب "صعود الأمة البريطانية وهبوطها: تاريخ قرن عشرين" أن "أمة بريطانية هي فانتازيا قصيرة العمر، وإنجلترا ستصبح في وضع أفضل بعد استقلال إسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية بحيث تنتهي أوهام العظمة"، والأهم هو أن أي شيء يحدث سيكون سلمياً بلا دم ولا حروب أهلية.

ألم يقل جورج أورويل "إن النوعية الأصلية العالية للإنجليز هي هوايتهم في عدم قتل أحدهم الآخر؟".

وعلى ساعة الملكة إليزابيث الثانية اكتمل تفكيك الإمبراطورية، فهل يكتمل تفكيك المملكة المتحدة على ساعة الملك تشارلز الثالث؟

اقرأ المزيد

المزيد من آراء