Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفنون الشعبية السودانية تصارع من أجل البقاء

"الكمبلا" و"الصقيرية" من أشهر الرقصات التراثية التي يعود تاريخها للقرن الـ 18

تمثل الفنون الشعبية السودانية تاريخ شعب بأكمله (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

#الفنون_الشعبية_السودانية تواجه #تحديات كثيرة نتجية الإهمال والوضع الاقتصادي الصعب في بلد يتميز بـ #تنوع_ثقافي كبير

 

يتميز السودان بالمساحات الواسعة فضلاً عن اختلاف اللهجات والسحنات التى أدت إلى التنوع الثقافي، ليصبح أرضاً خصبة للفنون الشعبية خصوصاً فني الغناء والرقص اللذين يعبران عن إرث وعادات وتقاليد القبائل المختلفة، بخاصة الإرث الاقتصادي (الحصاد) إلى جانب الاجتماعي والديني.

وواجهت هذه الفنون الشعبية في الآونة الأخيرة تحديات ومشكلات عدة بسبب الواقع الاقتصادي المرير الذي تعانيه البلاد، مما أضعف أداءها وإسهاماتها في الحفاظ على التراث الفني الشعبي، وغيابها الطويل عن المشاركات المحلية والخارجية على رغم النجاح اللافت منذ ظهورها، فما واقع فرق الفنون الشعبية والجهود التي تبذل للحفاظ عليها حتى لا تندثر باعتبارها إرثاً ثقافياً لا يستهان به؟

الدلالات والمعاني

المتخصص في الفرق الاستعراضية عبد الله الشماسي أوضح أن "الفنون الشعبية التي تمثل ثقافة أهل السودان أسست عام 1961 إبان فترة حكم الفريق ابراهيم عبود، وكان الهدف من تأسيسها التعبير عن الإرث السوداني والعادات والتقاليد ونشر ثقافته المختلفة إلى جانب أنها تمثل تاريخ شعب بأكمله من خلال التمثيل الخارجي في المهرجانات العالمية".


ولفت إلى أن الدولة كانت توليها جل الاهتمام في تلك الفترة، وتواصل ذلك في حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري مما جعل لها صيتاً في المشاركات العربية والأفريقية والأوروبية، وقد كانت هذه الفنون تعبر عن السودان من خلال الرقص والغناء اللذين كانا ذا دلالات ومعان، ومن أشهر الرقصات التى يعود تاريخها للقرن الـ 18 رقصة "الكمبلا" و"الصقيرية" وهما رقصتان تختصان بالعروس، فضلاً عن عدد من الرقصات التي ترتبط كل واحدة منها بمنطقة جغرافية، وأكثرها تميزاً جنوب كردفان، إلى جانب رقصات خاصة بالنساء مثل رقصة "كليبو" و"شوشنقا" المعنية بالمناسبات الاجتماعية مثل التحضير للزواج.

التعريف بالتراث

ومضى الشماسي قائلاً إن "من أشهر الذين تغنوا في فرق الفنون الشعبية الفنان عبدالقادر سالم الذي يعد أحد المهتمين بهذا الفن، وأسهم إلى حد بعيد في التعريف بالتراث السوداني إلى جانب الفنان عمر إحساس الذي تميزت لونيته بإيقاعات إقليم دارفور، وقد جاب معظم دول العالم معرفاً بتلك الإيقاعات والتنوع الثقافي في السودان".

وتابع، "هذه الفرق تستخدم مجموعة من الآلات التراثية الشعبية ذات الإيقاعات المختلفة ومن أبرزها الطبول بمختلف أشكالها وأنواعها، إضافة إلى آلات النفخ مثل المزمار التي تصنع من القصب والعظام المجوفة والحلزون المائي إلى جانب الآلات المصنوعة من الخشب ذات الإيقاعات المميزة، والأدوات التي توضع في إناء متسع من الماء وعند الطرق عليه تصدر إيقاعاً موسيقياً".

غياب التخطيط

وتحسر المتخصص في الفرق الاستعراضية على اندثار الفنون الشعبية التي تصارع من أجل البقاء، كاشفاً أن غياب التخطيط وعدم توفير الموازنات اللازمة لاستمرارها أسهما في الحال المتردية التي وصلت إليها.

وأشار إلى ضرورة العمل من أجل إحياء فرق الفنون الشعبية واستعادة نشاطها بالشكل المطلوب لأنها تسهم بشكل كبير في التعريف بالمكونات الثقافية والفنية والتراثية في البلاد، لا سيما أن هناك عدداً كبيراً من الكوادر المدربة والمؤهلة في هذا المجال يمكن الاستفادة من خبراتها المختلفة حتى تعود هذه الفنون لسيرتها الأولى

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الرئيس الأسبق لاتحاد المهن في السودان عبدالقادر سالم أكد أن الدولة في ذلك الوقت وفرت لفرق الفنون الشعبية كل الحاجات اللازمة من ملابس وتدريب، وجلبت المدرب الروسي ريمازين علماً أنه من قام بتدريب فرقة "رضاء" المصرية، وقد صمم هذا المدرب عدداً من الرقصات التي كانت تدهش المهتمين بالفنون الشعبية في المحافل العالمية.

وأضاف سالم أن "الفنون الشعبية في الآونة الأخيرة تعرضت إلى الإهمال مما جعل التدريب غير كاف والاكتفاء بسبع رقصات من أصل 100 مثل ’الدليب‘ التي تمثل تراث ولاية شمال السودان، ورقصة ’كسلا‘ الخاصة بالشرق و’الكمبلا‘ و’المردوم‘ اللتان تنقلان إرث إقليم كردفان، إضافة إلى رقصة ’النحلة‘ التي تمثل عادات وتقاليد إقليم دارفور، فضلاً عن رقصة ’الكلش‘ الخاصة بإنسان النيل الأزرق، وعرض ’الوازا‘ المؤلف من 14 آلة موسيقية تقليدية شعبية يتغنى به سكان منطقة النيل الأزرق التي تزخر بتنوع ثقافي وإثني كبيرين".

ونوه إلى أن "هذه الرقصات أو الأنماط لا يوجد لها مثيل في العالم، إذ كانت تعد مكسباً كبيراً للسودان، والمؤسف الآن أن دار الفنون الشعبية أصبحت مهجورة وجدرانها متهالكة تنعق في أرجائها الغربان، فلا بد من العمل لإحياء ليالي وأنغام فرق الفنون الشعبية التي شكلت وجدان السودانين".


إرث أمة

ويشير الناقد الفني الزبير سعيد إلى أن الفنون الشعبية في أي بلد عبارة عن مرآة تعكس البعد الشعبي لحضارة وإرث الأمة إلى جانب أنها نمط غنائي واستعراضي يجسد تلاقح الثقافات، كما أنها تبرز قيمة التنوع الثقافي والتعدد الإثني في البلاد.

ويرى أن "الفنون الشعبية في السودان عانت هجرة كوادرها، فبعضهم هجر ذلك الفن واتجه إلى العمل في مجال آخر وهناك من استسلم للإحباط، كما أن الفنون الشعبية بوضعها الراهن غير قادرة على مواجهة التحديات إلى جانب عدم مقدرتها على لعب دورها بالشكل الأمثل في عكس التراث السوداني والحفاظ عليه بسبب ضعف الدعم وعدم المشاركة في المهرجانات وعدم التأهيل واكتشاف مواهب جديدة من الشباب".

تجديد الدماء

فيما قال الموسيقي حاتم مليجي إن "فرق الفنون الشعبية تحتاج إلى تجديد وتوفير ما يلزمها من حاجات حتى تتمكن من عكس التراث والفولكلور الموسيقي الغنائي والاستعراضي بصورة احترافية وجاذبة".

وأوضح مليجي أن "مهمة الفنون الشعبية تتضاعف وتزداد أهمية في دولة مثل السودان الذي يتميز بتنوع ثقافي كبير يتمثل في تعدد أنواع الإيقاعات والرقصات السودانية"، مناشداً جهات الاختصاص في الدولة الاهتمام بهذه الفنون لأنها أفضل وسيلة إبداعية لتقديم الثقافة السودانية إلى العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون