Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد "فوضى التوقيت" ميقاتي ينبه الشركاء في الحكومة قبل الخصوم

الرئيس المكلف لن يعتكف ولن ينسحب لكنه سيغير نمط التعاطي ولن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يحصل على موافقة الجميع

يستعد ميقاتي لاستئناف نمط جديد في العمل الحكومي (أ.ب)

ملخص

لمح #ميقاتي إلى جدوى الاستمرار في ما وصفه بتحمل كرة النار الحارقة وقال "أسهل ما يمكن أن أقوم به هو #الاعتكاف عن جمع #مجلس_الوزراء"

في عز الحماوة التي بلغتها الحرب التي اشتعلت على خلفية قرار تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي، والتي اتخذت في جزء منها طابعاً طائفياً، خطرت فكرة الاعتكاف في بال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من دون أن يعني ذلك أنه جاهز أو قادر على تطبيقها. واضطر ميقاتي إلى أن يصدر في فترة لم تتخط 48 ساعة بيانين متناقضين، وتراجع عن التدبير الذي اتفق عليه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تحت ضغط الحملة التي طالته واتهمته بعزل لبنان عن التوقيت الدولي وبالتفرد باتخاذ القرار مع رئيس السلطة التشريعية في وقت يفترض على مجلس الوزراء، في غياب رئيس الجمهورية، أن يوافق على التعديل، لكن ميقاتي الذي وجد نفسه وحيداً في مواجهة حملة فوجئ بحجمها وبطبيعتها الطائفية، يدرك جيداً أن قرار الاعتكاف في ظل فراغ رئاسي وتشريعي غير ممكن، خصوصاً أن مفهوم الاعتكاف الحكومي هو تعريف سياسي للتعبير عن الاستياء من دون أن يكون له أي مبرر دستوري أو قانوني، أما خيار الاستقالة في حكومة هي أصلاً مستقيلة فلزوم ما لا يلزم.

وفي مكتبه الخاص الذي قصده غاضباً لمراجعة خياراته، بعد إلغاء مواعيده في السراي الكبير، قرر ميقاتي البقاء في تصريف الأعمال، لكن مع تغيير في نمط عمله وطريقة إدارته للوضع والملفات، واضعاً الشركاء في السلطة من الحلفاء والأصدقاء قبل الخصوم، أمام مسؤولياتهم، وهكذا وعلى وقع إضرابات موظفي القطاع العام وتحذير وزير الاتصالات من توقف خدمة الإنترنت والاتصالات في لبنان نتيجة أزمة موظفي "أوجيرو"، غادر ميقاتي إلى المدينة المنورة في السعودية لأداء مناسك العمرة، ليعود بعدها إلى بيروت بنمط جديد.

ميقاتي مستاء من الجميع ولا خيار سوى البقاء

وفي كلمته التي أعقبت جلسة مجلس الوزراء الطارئة التي شكلت المخرج "اللائق" للتراجع عن خطأ الساعة، لمح رئيس الحكومة إلى جدوى الاستمرار في ما وصفه بتحمل كرة النار الحارقة وقال "أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار في تحمل المسؤولية، لكل إنسان قدرته على التحمل، أما قدرتي فهي قيد النفاد".

وتؤكد مصادر مقربة من ميقاتي لـ"اندبندنت عربية" أن قرار الاعتكاف غير وارد بالنسبة له، لكنه لن يقبل بعد اليوم أن يأخذ الأمور بصدره، على قاعدة "أن الجميع شركاء في المسؤولية ولا يمكن رمي الأمور كلها على رئيس الحكومة، فيما الأطراف الأخرى المعنية، ومنها المشاركة في الحكومة ترسم أجنداتها الخاصة من دون الأخذ بالاعتبار التماسك المطلوب في هذه المرحلة المفصلية. والأطراف المعنية بكلام ميقاتي تشمل بشكل خاص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان "تصدى" عبر وزيره عباس الحلبي (وزير تربية) للقرار المشترك الذي اتخذه بري وميقاتي في شأن تمديد التوقيت الشتوي، وكان موقفه عاملاً أساسياً في كسر القرار، وميقاتي لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يحصل على موافقة الجميع بمن فيهم المعترضون، وفي مقدمتهم بكركي (البطريركية المارونية) و"التيار الوطني الحر" الرافضان عقد جلسات في غياب رئيس للجمهورية. وليتحمل الجميع، كما يقول، مسؤولية التأخير في بت مواضيع ملحة، أولها ملف رواتب القطاع العام، التي تهدد بانفجار اجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يخفي ميقاتي صديق رئيس مجلس النواب، الذي ينسق معه "في الشاردة والواردة"، انزعاجه من قوى الثامن من مارس (آذار)، وتكشف مصادره أنه شعر في الفترة الأخيرة بأن هناك من ينصب له فخاً، إن من خلال تركه وحيداً في مواجهة وعود قطعها إلى المجتمع الدولي بتنفيذ الإصلاحات أو في مسألة التوقيت الشتوي الذي لم يكن هو من طلبها. ويؤكد أحد مستشاريه أن رئيس الحكومة قام بما عليه ونفذ ما هو مطلوب منه من صندوق النقد الدولي، وأنجز مع حكومته كل البنود التي طلبها الصندوق بدءاً من الموازنة والكابيتول كونترول وإعادة هيكلة المصارف وقانون السرية المصرفية وقانون الشراء العام واللجنة الوطنية لمكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية للتحويل الرقمي، وليتفضل مجلس النواب ويقوم بدوره، ويذكر المستشار المقرب من ميقاتي، الذي يفضل عدم ذكر اسمه، أنه لم يكن ليدعو إلى جلسات لمجلس الوزراء لولا مطالبة جميع القوى بمعالجة الأمور الضرورية والملحة، التي تشاور حولها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، أما أن يتهم بالطائفية، وهو الذي حمل إلى الفاتيكان ملف الحفاظ على وجود المسيحيين في لبنان، فهذا أمر غير مقبول، تقول مصادره.

ثلاث أولويات للمرحلة المقبلة

إذاً، لن يقبل رئيس الحكومة "إطلاق النار" عليه بعد الآن من داخل الحكومة وخارجها ضمن إطار ما يعتبره بسياسة المزايدات. في المقابل، لا اعتكاف ولا انسحاب، وتصريف الأعمال سيحصل وفق خريطة يحددها ميقاتي ولا يكون من خلالها صندوق بريد تمر عبره القرارات والرغبات تقول مصادره. وقد بات محسوماً أنه لن يتخلى عن مهامه على رأس حكومة تصريف الأعمال إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، فمسؤوليته الوطنية، بحسب ما تقول مصادره، تحتم عليه البقاء حتى النهاية، ليأخذ بعدها استراحة قصيرة.

ويكرر ميقاتي أن انتخاب رئيس الجمهورية هو المدخل الأساسي لانتظام عمل المؤسسات، وأولوياته في المرحلة المقبلة يلخصها بأربع نقاط، الحد من انهيار القطاع العام وإعادة الأمل إلى القطاع التربوي وتثبيت الإصلاح المالي والاقتصادي والتحضير لتوحيد الموقف حول ملف النازحين السوريين عشية مؤتمر بروكسل المخصص لهذه القضية، بعد أن فقد الأمل بإمكانية إجراء أي إصلاح في قطاع الكهرباء، لعدم القدرة على التفاهم مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وممثله الوزير الحالي وليد فياض، بعد رفضهما التعاون بالحد الأدنى وتنفيذ ما هو مطلوب من البنك الدولي وتعيين هيئة ناظمة، لتسهيل موضوع استجرار الكهرباء من الأردن.

لا اعتكاف في الدستور

وبعيداً من حقيقة موقف رئيس الحكومة المستاء وتهديده بمغادرة البلاد، عشية جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وقبل العودة عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، تبقى الخيارات المتاحة أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال من الناحية الدستورية محصورة بواجب استمراره في تحمل مسؤولياته وإن كانت في إطار تصريف الأعمال، وبحسب المتخصص في الشأن القانوني والدستوري سعيد مالك، وبالعودة إلى أحكام الدستور "ليس هناك أي تعريف لعبارة اعتكاف التي تبقى تعبيراً سياسياً وليس دستورياً أو قانونياً". وعبارة الاعتكاف توازي الاستياء أو الامتعاض من أمر معين، وهذا موقف سياسي يمكن أن يتخذه أي سياسي، من دون أن يكون له أي أثر على صعيد الدستور. وتابع مالك أن "رئيس الحكومة ولو كانت حكومته مستقيلة، فهو ملزم تصريف الأعمال بمقتضى أحكام الدستور، ورئيس الحكومة كما الوزراء عندما تسلموا مهامهم وقبلوا بتولي موقع المسؤولية في الوزارة، كانوا يدركون أنه ستأتي الفرصة من أجل أن تتقدم هذه الحكومة باستقالتها أو أن تعتبر مستقيلة لسبب أو لآخر وأنهم ملزمون بتصريف الأعمال، بالتالي في حال تلكأ رئيس الحكومة أو أي من الوزراء عن مهامهم يمكن أن يرتب هذا الأمر مسؤولية عليهم، لا سيما مسؤولية دستورية والمنصوص عنها في المادة 70 من الدستور وأيضاً مسؤولية جزائية إذا امتنعوا عن القيام بعمل وكان بقدرتهم رفع الضرر عن البلاد والعباد".

المزيد من تقارير