Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معتقل سابق في غوانتانامو: رون ديسانتيس وقف يتفرج أثناء تعرضي للتعذيب

يقول منصور الضيفي إن أساليب التغذية القسرية الوحشية التي مورست على سجناء غوانتانامو أمثاله ترقى إلى ممارسة التعذيب

حاكم فلوريدا رون ديسانتيس كان شاهداً على حالات تعذيب في معتقل "غوانتانامو" (غيتي/أي ستوك)

ملخص

 باعتباره مرشحاً مفترضاً لانتخابات العام 2024 فمن المرجح أن توجه لـ #رون_ديسانتيس أسئلة تتعلق بفترة خدمته في #غوانتانامو وإن أثرت فيه مشاهدة المعتقلين يتعرضون للـ #التغذية_القسرية

ادعى سجين سابق في معتقل غوانتانامو بأن حاكم فلوريدا وأحد المتنافسين في السباق الرئاسي للعام 2024 رون ديسانتيس شهد تعذيبه إبان فترة خدمة الحاكم هناك، وقال منصور الضيفي، المواطن اليمني الذي اعتقل مدة 14 عاماً في القاعدة البحرية الأميركية في كوبا خلال مقابلة استثنائية مع "اندبندنت"، إنه تعرض للتغذية القسرية الوحشية على يد موظفي المعتقل خلال إضراب عن الطعام عام 2006، وإن السيد ديسانتيس كان حاضراً خلال واحدة من هذه الجلسات على الأقل.

ووصفت الأمم المتحدة التغذية القسرية للمضربين عن الطعام في معتقل غوانتانامو بالتعذيب، لكن الحكومة الأميركية أنكرت أن هذه الممارسة تصل حد التعذيب، وقد فرضت على المساجين في ظل إدارات متلاحقة عدة خلال فترات الإضراب عن الطعام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خدم السيد ديسانتيس في القاعدة العسكرية بين مارس (آذار) 2006 ويناير (كانون الثاني) 2007، وفقاً لسجله العسكري، ويتعمق التحقيق الذي أجرته "اندبندنت" في تفاصيل المزاعم الآتية:

 يزعم معتقلان كانا محتجزين داخل المعسكر خلال فترة خدمة السيد ديسانتيس هناك أنه شهد عملية التغذية القسرية للسجناء المضربين عن الطعام.

 يزعم السيد الضيفي بأن ديسانتيس قال له في البداية إنه موجود هناك من أجل رعاية السجناء.

 خدم السيد ديسانتيس في غوانتانامو أثناء عام سجلت فيه أعمال تمرد وشغب وإضرابات عن الطعام ووفيات.

 كان جزء من مهمته الاستماع إلى هواجس السجناء وشكاواهم.

 بعد انتهاء فترة خدمته في غوانتانامو أصبح السيد ديسانتيس مناصراً لمواصلة استخدام المعتقل ومعارضاً لإطلاق سراح المعتقلين. 

 لم يجب السيد ديسانتيس على طلبات عدة أرسلتها "اندبندنت" للتعليق على المزاعم وتوضيح دوره في المعتقل سيئ السمعة.

 باعتباره مرشحاً مفترضاً لانتخابات العام 2024 فمن المرجح أن توجه إلى السيد ديسانتيس أسئلة تتعلق بتلك الفترة في مسيرته المهنية، وبالأثر الذي تركته مشاهدة المعاملة التي تلقاها معتقلو غوانتانامو على خطه السياسي، إن كان لها من أثر أساساً.

 حتى الآن لم يتكلم بالتفصيل عن هذا القسم من حياته المهنية، ولكنه دعا في العلن إلى مواصلة استخدام معتقل خليج غوانتانامو لاحتجاز المساجين المشتبه في تورطهم بالإرهاب، مع أنه لم يتكلم بشكل معمق عن الفترة التي قضاها في المعتقل.

"نزف وتقيؤ وصراخ"

يصفها منصور الضيفي بأنها من أسوأ الفترات التي قضاها خلال مدة سجنه التي امتدت 14 عاماً في خليج غوانتانامو، ففي عام 2006 كان ينفذ إضراباً عن الطعام مع عدد من المعتقلين احتجاجاً على الأوضاع داخل السجن سيئ السمعة، وحينها أتى إلى السجن فريق جديد من أجل كسر الإضراب بأسلوب تغذية قسرية أكثر عدوانية، ويعود بالذاكرة لأحداث أحد الأيام فيقول بصوت متهدج إنهم أوثقوه إلى كرسي وضع في الباحة من رأسه وخصره ورجليه، وأدخل أنبوب تغذية عنوة في أنفه، وكان ينزف ويتقيأ ويصرخ، فيما وقفت مجموعة من العناصر يرتدون الزي العسكري تتفرج من أحد الجوانب.

بعد مرور سنوات على ذلك عثر الضيفي، بعدما أطلق سراحه من دون توجيه أي تهمة إليه وفيما كان يسعى إلى إعادة بناء حياته في صربيا، على صورة فوتوغرافية لشخص يقول إنه يعرفه من ذلك اليوم، ويشرح بأنه حتى تلك اللحظة كان يعرف الرجل بصفته كمحام شاب في البحرية وخدم في السجن، لكن الآن أصبح لديه اسم "رون ديسانتيس حاكم فلوريدا".

ويتابع الضيفي بقوله إن الرجل نفسه هو الذي تابع الأحداث الرهيبة من وراء سياج شبكي، ويقول السيد الضيفي، يمني الجنسية لـ "اندبندنت" خلال مقابلة مطولة عبر الفيديو من منزله في بلغراد، "كان يتفرج فيما كنت فعلياً أصرخ وأنتحب وكنت أنزف وأتقيأ، وكنا عندها في باحة العنبر لذلك وقفوا قرب السياج".

لم يفض السيد ديسانتيس في الحديث عن الفترة التي قضاها في معتقل خليج غوانتانامو حيث خدم بين مارس 2006 ويناير 2007 مع البحرية الأميركية، وشغل بعمر الـ 27 منصب مستشار قانوني عسكري، وهي وظيفة تتطلب توفير التمثيل القانوني لأفراد القوى المسلحة والحرص على التزام الولايات المتحدة بالقانون، وهو لا يتكلم كثيراً عن هذا الدور في كتابه الجديد ولم يدل بتفاصيل كثيرة عن الموضوع خلال حملته الانتخابية. 

لكن منذ انتهاء خدمته في السجن العسكري المثير للجدل ظل السيد ديسانتيس يدعو إلى إبقاء المعتقل مفتوحاً، كما عبر عن معارضته لإطلاق سراح المساجين مع أن معظمهم محتجزون منذ سنوات من دون توجيه أية تهمة إليهم.

في وقت يبدو بأن السيد ديسانتيس يتحضر للترشح للانتخابات الرئاسية، فقد تضيء اتهامات السجين السابق على جانب جديد من المسيرة العسكرية للمرشح المحتمل، وهي تزعم بأنه شهد معاملة المعتقلين بأسلوب دانته الأمم المتحدة واعتبرته تعذيباً، ثم أصبح مناصراً للمنشأة التي فرضت هذه المعاملة.

وفي عام 2006، السنة التي وصل فيها السيد ديسانتيس إلى غوانتانامو، كان المعتقل يضج بحالات الإضراب عن الطعام وأعمال الشغب العنيفة واحتجاجات المساجين على أوضاعهم، وبدأ المسؤولون عن المعتقل بتبني نهج أكثر عدوانية من أجل وضع حد للإضراب عن الطعام مطلع العام.

في فبراير (شباط) من ذاك العام بدأت إدارة المعتقل في تطبيق نظام أكثر عدوانية للتعامل مع المضربين عن الطعام، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في ذلك الوقت.

هذا النظام، وفقاً لـ "تايمز"، تضمن "تقييد بعض المعتقلين في "كراسي تقييد الحركة" لإطعامهم بالقوة وعزلهم عن بعضهم بعضاً بعد اكتشاف أن بعضهم يتقيأ عمداً أو يسحب السائل الذي تم إطعامه".

ويقول السيد الضيفي إن أول تفاعل له مع محامي البحرية الشاب كان لا يُنسى عندما التقيا للمرة الأولى، ولم يعرف اسمه، فموظفو المعتقل لا يستخدمون أسماءهم الحقيقية أمام المساجين لأسباب أمنية، لكن الرجل الذي عرف السيد الضيفي لاحقاً بأنه السيد ديسانتيس أخبره بأنه أتى لمساعدته. 

ويقول "لا أتذكر بدقة متى أتى ديسانتيس لأننا لم نكن نمتلك ساعات يد ولا تقويماً ولا شيء. أتى رفقة آخرين لكي يتحدث معنا، طاقم طبي ومترجمون فوريون، وشرحنا له سبب إضرابنا عن الطعام، وقال لنا ’أنا هنا لكي أحرص على معاملتكم بطريقة إنسانية ومناسبة‘. كنا نتحدث عن مشكلاتنا مع الإخوة وعن التعذيب والاعتداءات وانعدام الرعاية الطبية".

ويضيف الضيفي، "كان ذلك غريباً [وجود شخص في دوره] علينا، إذ لم يقل لنا أحد ذلك قبلاً".

لكن شكل ديسانتيس حفر في ذاكرته أيضاً، لافتاً "كان وسيماً وعيناه جميلتان".

ويتذكر السيد الضيفي بأنه صدق السيد ديسانتيس في البداية عندما أخبره بأنه قدم ليساعدهم، لكن سرعان ما تغير هذا الوضع كما يشرح، بعدما حضر جلسة تغذيته قسراً بحسب ما يزعم.

في ذلك اليوم بالتحديد يقول السيد الضيفي إن السيد ديسانتيس كان يقف وراء سياج في الباحة الخلفية لعنبري "نوفمبر" و"أوسكار" في "معسكر دلتا"، ويراقبه فيما أوثقوه إلى الكرسي وأطعموه قسراً.

ويقول، "كان موجوداً مع الطاقم الطبي وبعض الضباط الآخرين والمترجمين. كانوا مجموعة هناك". 

في كتاب مذكراته، "لا تنسونا هنا، مفقودون عُثر عليهم في غوانتانامو" Don’t Forget Us Here, Lost and Found at Guantánamo يصف السيد الضيفي حادثة من حوادث التغذية القسرية بالتفصيل.

"دفعني الحارس كي يجلسني على الكرسي. شدوا وثاق حزام الصدر حتى لا أعود قادراً على الحركة، ثم ربطوا معصمي ورجلي بالكرسي. كان كل مكان في جسدي مقيداً بشدة ولم أستطع الحراك أبداً. وقف أحد الممرضين أمامي وهو يحمل أنبوباً مطاطياً طويلاً وسميكاً رأسه من المعدن. أمسك ممرض آخر برأسي وثبته بقوة فيما أدخل الممرض ذلك الأنبوب الضخم عنوة في أنفي. لم يرش أي رذاذ مخدر ولم يستخدم المزلق. جرح المعدن والمطاط الخام جوف أنفي وحلقي. اخترق الألم جيوبي الأنفية وظننت بأن رأسي على وشك الانفجار. أخذت بالصراخ وحاولت المقاومة لكنني كنت عاجزاً عن الحركة. نزف أنفي كثيراً لكن الممرض لم يتوقف".

 وأضاف "عندما فرغوا من إطعامي شد الممرض الأنبوب بقوة وانتزعه من جسدي. شعرت كأن سكيناً يخترق أنفي الذي بدأ ينزف بشدة. سال الدم في كل مكان ولم أكن قادراً على التنفس وامتلأت معدتي فوق الاحتمال وأحسست بأنني سأنفجر".

طوال فترة الاستجواب المطول من "اندبندنت" حول أدق تفاصيل علاقاته وتعاملاته، ظل السيد الضيفي مصراً على أن الرجل الذي تعرف إليه بصفته محام في غوانتانامو هو السيد ديسانتيس، وإن أخذنا مثال المقابلة الأولى مع السيد ديسانتيس كما وصفها الضيفي، زاعماً أن المحامي الشاب شرح له خلالها دوره في المعتقل، فهي تطابق الوصف الذي قدمه المسؤول عن السيد ديسانتيس لوظيفة الأخير، أما تواريخ الأحداث المهمة التي وقعت في المعتقل خلال العام 2006 مثل وفاة ثلاثة مساجين، فهي تتطابق مع المعلومات المتاحة للجمهور والمتعلقة بفترة خدمة السيد ديسانتيس.

"يرقى لمستوى التعذيب"

وصف السيد الضيفي وقائع التغذية القسرية التي تعرض إليها بأنها تعذيب، وهذا التقييم مدعوم من تقارير عدة أصدرتها الأمم المتحدة، ومن بينها تقرير يعود لعام 2006 ويتحدث عن الممارسات التي تجري في غوانتانامو قائلاً "إن العنف المفرط الذي استخدم في عدد من الحالات أثناء ترحيل المعتقلين وخلال عمليات قوات رد الفعل الأولي والتغذية القسرية للمحتجزين المضربين عن الطعام، يجب تقييمهما على أنهما بمثابة التعذيب كما تحدده المادة الأولى من اتفاق مناهضة التعذيب".

كما قالت الرابطة الطبية الدولية World Medical Association عام 2006 إن التغذية القسرية للمضربين عن الطعام "تشكل ضرباً من المعاملة غير الإنسانية والمهينة".

لكن الحكومة الأميركية دافعت عن هذه الممارسة عبر إدارات سياسية عدة وتشبثت بإنكار كونها تصل حد التعذيب.

وفي دعوى قضائية رفعها أربعة معتقلين عام 2013، قال محامو الدولة عن الممارسة "تتبنى وزارة الدفاع سياسة دعم الحفاظ على الحياة والصحة من طريق الأساليب الطبية الملائمة والتدخل الطبي الاعتيادي، بطريقة إنسانية تتناسب مع كل المعايير المرعية الإجراء".

وعلى رغم الوعد الذي قطعه أثناء حملته الانتخابية الرئاسية بإغلاق معتقل غوانتانامو، رد باراك أوباما على سؤال يتعلق بالتغذية القسرية التي دافع عنها أثناء ولايته الرئاسية بقوله "لا أريد أن يموت هؤلاء الأفراد".

بعدما رأى السيد الضيفي السيد ديسانتيس خلال إحدى حوادث التغذية القسرية، بحسب تعبيره، لم يخاطبه مجدداً، ويقول "في ذلك الوقت لم أكن أريد أن أرى وجهه لكن المساجين الآخرين تحدثوا إليه. بعض المساجين رموه بالبراز ورشوا عليه البول وبصقوا عليه".

أطلق سراح السيد الضيفي من المعتقل عام 2016 من دون أن توجه إليه أي تهم، وظل على اتصال ببعض المساجين السابقين الآخرين المنتشرين في مختلف بقاع العالم، وحاول البدء بإعادة بناء حياته، ثم في أحد أيام عام 2020، رأى صورة فوتوغرافية للسيد ديسانتيس على الإنترنت.

ويقول إنه شارك الصورة مع بعض المعتقلين المفرج عنهم الذين تعرفوا إليه بدورهم، ثم شارك الصورة مع محرر كتابه في ذلك الوقت أنطونيو آيلو، وعندما تواصلت "اندبندنت" مع السيد آيلو أكد هذه الرواية وقال إنه أجرى محادثات عدة مع السيد الضيفي حول السيد ديسانتيس منذ عامين تقريباً.

أطلق الضيفي هذه المزاعم علناً للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، على مدونة "آيز ليفت" Eye’s Left الصوتية، وتطابق تلك الرواية التي قدمها في شأن وجود السيد ديسانتيس خلال التغذية القسرية أقواله لـ "اندبندنت".

لكن السيد الضيفي ليس المعتقل السابق الوحيد الذي يقول إنه تعرف إلى السيد ديسانتيس من فترة وجوده في المعتقل، فالمعتقل السابق أحمد عبدالعزيز الذي أفرج عنه بعد 13 عاماً قضاها في الاعتقال من دون إدانته بارتكاب أي جرم وعاد الآن إلى موطنه موريتانيا، يزعم من جهته بأن السيد ديسانتيس كان شاهداً على التغذية القسرية في غوانتانامو.

ومع أنه لم يشارك شخصياً في الإضراب عن الطعام، يقول السيد عبدالعزيز لـ "اندبندنت" إنه شهد "عشرات" جلسات التغذية القسرية عام 2006 بنفسه، ولم يكن من غير المألوف أن تتفرج مجموعات كبيرة من موظفي المعتقل على الأمر عن قرب.

ويقول، "أحياناً كانت مجموعة كبيرة من الناس تحضر، أحياناً لا تتعدى شخصين أو ثلاثة، وأحياناً يأتي الطاقم الطبي وحده مع الحراس، وكان هذا الرجل أحدهم"، في إشارة إلى السيد ديسانتيس.

ويضيف، "لم يكن حاضراً كل الوقت، كان يشاهد ولم يكن بوسعه وقف العملية، فهو لا يملك السلطة الكافية لذلك، لكنه كان يقدر أن يتخذ موقفاً رافضاً [لهذه الممارسة] أو أن يراسل رؤسائه في واشنطن ووزارات أخرى ويخبرهم بما يجري".

على غرار السيد الضيفي لا يتذكر السيد عبدالعزيز تحديداً متى أدرك بأن المحامي الذي يعرفه من غوانتانامو هو ديسانتيس، لكنه يفترض بأن ذلك حدث منذ عامين تقريباً حين عرض عليه أحد أصدقائه صورة.

ويقول، "فور رؤيتي لصورته عرفته جيداً لأنه قضى وقتاً طويلاً هناك، ربما ستة أو ثمانية أشهر، ومعظم الأشخاص الذين تراهم في ذلك المكان لا تنساهم".

ويلفت السيد الضيفي إلى اعتقاده بأنه من الضروري أن يعرف الشعب الأميركي بأن السيد ديسانتيس الذي أصبح اليوم شخصية سياسية على مستوى البلاد ويوشك على الإعلان عن ترشحه لسباق البيت الأبيض، كان شاهداً وعلى دراية تامة بما قاساه في غوانتانامو.

ويتابع، "لا أحاول القول إن ديسانتيس أعطى أوامر بتنفيذ التغذية القسرية. لم أره وهو يعطي أوامر للحراس ولا أعتقد أنه كان في موقع يسمح له بإعطاء أوامر للحراس، لكنه وقف هناك يراقب. هو على علم بكل شيء، بالإضراب عن الطعام والتعذيب والاعتداء داخل المعسكرات، وكانت وظيفته الحرص على تلقينا معاملة إنسانية".

ويبيّن السجل العسكري للسيد ديسانتيس أنه أوكلت إليه مهمات في قاعدة غوانتانامو البحرية بين الأول من مارس 2006 و الـ31 من يناير 2007، وجاء في السجل أن المهمات المنوطة به هي "مستشار قانوني في المحاكمات ومحام عسكري"، إضافة إلى مسؤول إداري/ تنظيمي في قوة المهمات المشتركة في غوانتانامو. 

وصرح القائد البحري المتقاعد باتريك مكارثي الذي شغل منصباً قانونياً عسكرياً في المعتقل وكان مشرفاً على ديسانتيس في مقابلة تعود لعام 2018، بأن مهماته قضت بتعاطيه مع المعتقلين والاستماع إلى شكاواهم.

وقال مكارثي لصحيفة ميامي هيرالد "في حال إثارة أي شكوى كان رون من بين الأشخاص الذين أرسلهم للتحدث إلى المعتقلين"، وأضاف خلال المقابلة نفسها بأن ديسانتيس كان ليحرص على "التعامل [مع الشكاوى] بشكل يحترم القانون".

في كتابه الذي صدر حديثاً "الحرية الشجاعة" The Courage to be Free، كتب السيد ديسانتيس بأن أحد أسباب التحاقه بالجيش عام 2004 كان إتاحة الفرصة له من أجل المشاركة في المحاكمات داخل المعتقل، وكتب "أخبرني أحد المسؤولين عن التعيينات بأن حملة العراق يفترض أن تنتهي بسرعة نسبياً، وأنه سيكون هناك حاجة إلى عسكري [مدع قانوني] يتولى المحاكمات العسكرية للإرهابيين المعتقلين في خليج غوانتانامو، ولم يحدث ذلك ولكنه بدا ممكناً في ذلك الوقت، كما أنها بدت فرصة جيدة لإحداث تأثير".

في تلك الفترة كثرت مزاعم حدوث التعذيب وإساءة معاملة المحتجزين في المعتقل، ووجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي قامت بزيارات للمعتقل منذ عام 2002 كتاباً إلى الحكومة الأميركية في يونيو (حزيران) 2004 تستنكر فيه نظام التحقيق هناك باعتباره "نظاماً يتعمد معاملة المعتقلين بطريقة قاسية وغير اعتيادية ومهينة وبشكل من أشكال التعذيب"، وادعى التقرير الذي نشر علناً في نوفمبر من ذلك العام حدوث "أفعال مهينة وحبس انفرادي وتعريض المعتقلين إلى درجات حرارة متطرفة وإجبارهم على اتخاذ وضعيات معينة"، إضافة إلى تعريضهم لضجيج عال وموسيقى بشكل متواصل "وبعض الضرب".

وحصل استخدام التعذيب في معتقل غوانتانامو، الذي تشير إليه إدارة بوش بشكل ملطف بـ "أساليب الاستجواب المعزز"، على موافقة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد كي يبدأ باستخدامه منذ عام 2002، وشملت تلك الأساليب "تغطية الرأس واستخدام وضعيات مؤلمة والعزل والتعرية والحرمان من الضوء ومصادرة الأغراض الدينية والحلاقة القسرية واستخدام الكلاب"، بحسب ما ورد في تقرير "هيومن رايتس ووتش" الصادر عام 2005.

واستمر الوضع الفوضوي في المعتقل طوال العام، وفي الـ 10 من يونيو (حزيران)، توفي ثلاثة معتقلين في ليلة واحدة، وخلص الجيش الأميركي إلى أن ياسر طلال الزهراني ومانع بن شامان بن تركي الحبردي العتيبي وعلي عبدالله أحمد قضوا شنقاً، لكن الباحثين زعموا بأن التحقيق في وفاتهم "لم يحترم أدنى المعايير المرعية الإجراء".

مقاتلون أعداء

ابتداء من فبراير 2006، الشهر السابق لموعد وصول ديسانتيس، احتجزت الحكومة الأميركية ما يربو على 500 سجين داخل معتقل غوانتانامو باعتبارهم "مقاتلين أعداء" وكان السيد الضيفي أحدهم، وولد الضيفي في قرية صغيرة في اليمن وقصد أفغانستان بعمر الـ 18 في عام 2001 من أجل إجراء مهمة بحثية حول "القاعدة" كما يقول، نيابة عن أحد الشيوخ في معهد إسلامي خارج العاصمة اليمنية صنعاء.

ووفقاً للرواية التي يفصلها السيد الضيفي في كتابه فقد أسره بعض أمراء الحرب الأفغان وسلموه إلى وكالة الاستخبارات المركزية حين كان الجهاز يعرض مكافآت مالية، ويتابع بقوله إنه اقتيد بعدها إلى موقع سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية حيث تعرض للتعذيب.  

واستناداً إلى ملف تابع لوزارة الدفاع عن الضيفي، طالب باستمرار اعتقاله في غوانتانامو وصدر بتاريخ 2008، وصفت الحكومة الأميركية الضيفي على أنه "عضو يقر بانتمائه لـ "القاعدة" وكان لديه علم مسبق بهجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول) وغيرها من الهجمات المقررة على مصالح الولايات المتحدة".

وتزعم الوثيقة أنه "تم تحديد هويته على أنه قائد موكل بإجلاء قوات من الجبهة يعتقد بأنها الكتيبة العربية الـ 55 التابعة لأسامة بن لادن خلال العمليات العسكرية العدوانية على قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف".

ويقول السيد الضيفي إنه أنكر اتهامات المحقق له بانتسابه إلى تنظيم "القاعدة" مراراً وتكراراً، لكنه يضيف بأنه أدلى باعتراف كاذب بعدها بسبب غضبه من سوء معاملته.

ويذكر الأحداث في كتاب مذكراته، "كنت غاضباً ومجروحاً وتفوهت بأمور لم أعنها لكنني كنت في حال بائسة، وأردت أن أعلمهم بأنه لا يمكن أن يقتلونا ويعذبونا ويتوقعون منا أن نحبهم لذلك".

وقبل الإفراج عن السيد الضيفي عدلت حكومة الولايات المتحدة تقييمها له، فقالت في تقرير رفعت عنه السرية إنه "ليس واضحاً إن التحق فعلاً بـ ’القاعدة‘ وإنه على الأرجح مقاتل برتبة منخفضة". 

توفي شقيق وشقيقة السيد الضيفي خلال الـ 14 عاماً التي قضاها في الاعتقال داخل غوانتانامو، وخرج من السجن الذي دخله بعمر الـ 19 شخصاً آخر، ويقول إنه لا يزال يعاني آثار الفترة التي قضاها في غوانتانامو التي لم تكن التغذية القسرية سوى أحد جوانبها.

وفي وصفه لمعاملته في المعتقل وأثناء وجوده رهن الاحتجاز لدى وكالة الاستخبارات المركزية قبل ذلك، "دمروا حياتنا بالكامل سواء عبر جلسات التحقيق أو الاعتداء الجنسي أو الضرب أو الاحتجاز لفترة طويلة أو الاعتداء النفسي والجسدي"، ويتابع "لقد كسروا حياتنا ولا نزال نصارع لكي نحيا الآن".

وعند سؤاله عن شعوره تجاه السيد ديسانتيس اليوم، يقول السيد الضيفي إنه لا يضمر له الشر لكنه لا يعتقد بأنه يجب أن يصل إلى سدة الرئاسة، مضيفاً "إنه شخص سيئ، هل تفهمني؟ أنا أحب أميركا وعندما يتولى أشخاص مثله السلطة فيتسببون بمشكلات كثيرة".

وأوضح، "لا أكن له مشاعر كراهية لكن في الوقت نفسه، بصفته كمحام وشخصاً يحمل شهادة في الحقوق ويؤمن بالقانون، كان عليه أن يتحلى بوعي أكبر".

وأكمل، "قد أسأله لماذا يرغب في إبقاء معتقل غوانتانامو مفتوحاً، وباعتباره محام عليه أن يفترض البراءة في المقام الأول وليس الذنب، ولو كنت تحب بلدك ولو كنت تحب شعبك ولو كنت تؤمن بالقيم الأميركية، فعليك أن تكون أول من يدعو إلى إغلاق غوانتانامو، ولو كنت تعتقد بأننا إرهابيون مجرمون فلا بأس إذن، فلتأخذنا وتحاكمنا أمام نظامك القضائي".

بعد الفترة التي قضاها في غوانتانامو انتقل السيد ديسانتيس ليشغل منصب مستشار قانوني عسكري في العراق، وأصبح لاحقاً عضواً في الكونغرس عن الدائرة السادسة في فلوريدا في وقت اقترح الرئيس الأميركي حينها، باراك أوباما، إغلاق السجن بأمر تنفيذي، فأدلى ديسانتيس بتصريحات عدة مناهضة لهذه الفكرة.

وخلال جلسة استماع عقدها الكونغرس وترأسها السيد ديسانتيس عام 2016، حاجج النائب في الكونغرس عندها بشدة لمصلحة إبقاء غوانتانامو مفتوحاً، وقال أمام اللجنة النيابية الفرعية للأمن القومي في مجلس النواب التابعة للجنة الرقابة والإصلاح الحكومي، "إن الخلاصة التي توصل إليها الرئيس بأنه يجب إغلاق المنشأة تقوم جزئياً على الاعتقاد بأن المنشأة تشكل أداة تجنيد للجهاديين الإسلاميين، لكن هذا يمثل سوء فهم لطبيعة الأخطار الإرهابية التي نواجهها، فهذا النوع من الأشخاص لن يتخلى عن الجهاد ضد أميركا وضد حلفائنا لمجرد أننا أغلقنا معتقل غوانتانامو".

كما تحدث خلال الجلسة نفسها بشكل مختصر عن الوقت الذي قضاه هناك، وقال "عندما كنت في البحرية قضيت بعض الوقت هناك، وهي منشأة تدار بشكل احترافي للغاية. أي شخص في هذه الغرفة سيفضل قضاء ليلة هناك على أن يقضيها في سجن الفلوجة أو ما شابه ذلك. أعني بأن الاختلاف شاسع والأفراد الذين يحرسون المنشأة معرضون لضغوط هائلة، لأن أولئك المعتقلين يكنون العداء الشديد لهم ويعلمون بأنهم لو فعلوا شيئاً فسيتعرضون فجأة لـ...، لذلك فهي بيئة ضاغطة جداً بالنسبة إلى أفراد جيشنا النظامي الموجودين هناك".

وفي دعاية بثت خلال الحملة الانتخابية الناجحة للسيد ديسانتيس عند ترشحه لمنصب حاكم الولاية، ظهرت صور له وهو يرتدي زي البحرية العسكري فيما قدّمه المعلق على أنه "مستشار قانوني عسكري تعامل مع الإرهابيين في معتقل غوانتانامو"، ولم يرد مكتب ديسانتيس على طلبات عدة للتعليق.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات