Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل لا يزال حزب المحافظين البريطاني متمسكا بمبادئه؟

يشير كتاب جديد عن التاريخ الحديث إلى أنه قد ضل طريقه

انتقل حزب المحافظين خلال الرئاسات الأخيرة من مرحلتي الجمود والفوضى إلى عدم الواقعية والهدوء (غيتي)

ملخص

يقول الكتاب الجديد إنه بعد فترة اضطرابات ماي وجونسون وتراس جاء #سوناك بعقلانيته الهادئة واهتمامه بالتفاصيل الإدارية ليمنح #حزب_المحافظين فترة راحة. #بريطانيا

يحتاج المرء أحياناً إلى منظور أكاديمي أطول من أجل فهم ما يحدث هنا حالياً. إن غلاف الكتاب الجديد للبروفيسور تيم بايل Tim Bale، المعنون "حزب المحافظين بعد بريكست" The Conservative Party After Brexit، يوصل الفكرة بلغة بصرية، من خلال إبراز وجوه رؤساء الوزراء الأربعة منذ استفتاء الاتحاد الأوروبي في جزئه العلوي: ماي وجونسون وتراس وسوناك.

ويجري سرد القصة الكاملة لتلك الوجوه الأربعة في الداخل. لكن بإلقاء نظرة خاطفة على الغلاف تحصل على القصة في شكل مكثف، من الجمود والفوضى إلى عدم الواقعية والهدوء. العنوان الفرعي للكتاب هو "الاضطراب والتحول" Turmoil and Transformation، لكن الخاتمة المذهلة هي أنه من غير الواضح بشكل أساسي ما هو الشيء الذي تحول إليه حزب المحافظين من تلقاء نفسه.

عندما تحدثت إلى بايل، أشار إلى أنه منذ الاستفتاء، أخذ الحزب يظهر بشكل متزايد بمظهر المدافع عن "الشعب" ضد النخب. غير أنه، في الوقت ذاته، حاول أن يتجنب "الترابط المنطقي" لهذه الاستراتيجية، "أي تبني توجه قومي اقتصادي أكثر حرصاً على إعادة التوزيع".

وأصبحت الطبقة العاملة تشكل جزءاً أكبر من القاعدة الانتخابية للحزب منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما مالت القاعدة الانتخابية لحزب العمال إلى الطبقة المتوسطة بشكل أكبر، باعتباره حزب المؤيدين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. حاولت تيريزا ماي وبوريس جونسون المواءمة بين خطاب الحزب وبين هذا التغيير، إذ إنها خاضت المعارك بالنيابة عن الأسر "التي بالكاد تتدبر أمورها" بينما سمح له شعار "رفع مستوى المعيشة" بأن يكون موضع احترام ودعم كبيرين من قبل عمال الهندسة في ميدلسبره.

إلا أن الرسالة صارت الآن مشوشة. وكما يقول بايل في الكتاب، سوناك هو "عضو ثري بشكل فائق، ومتعلم بشكل فائق من النخبة العالمية. بالضبط من نوع مدير صندوق التحوط الذي يحمل البطاقة الخضراء [الأميركية]، ويتنقل في رحلات قصيرة بين ضفتي الأطلسي، الذي ربما تكون تيريزا ماي قد وصفته بأنه "مواطن من اللامكان" عام 2016" فهو يتصنع من حين إلى آخر بعض المواقف المناهضة للنخبة، لكنه يفعل ذلك بزخم أقل من جونسون، ما يجعله يبدو في نهاية الأمر زائفاً، كما هي الحال عندما وصف كير ستارمر بأنه "محام يساري الهوى آخر يقف في طريقنا" هذا الأسبوع.

إن كتاب بايل يشكل قراءة جيدة لسبع سنوات من الاضطراب، وهو مليء بالملاحظات الدقيقة جداً والتفاصيل المعبرة. ولقد نسيت، على سبيل المثال، أن ماي قد تقدمت في أول استطلاع للرأي أُجري لأعضاء حزب المحافظين في أعقاب الاستفتاء في يونيو (حزيران) 2016 على جونسون بنسبة 55 في المئة مقابل 38 في المئة في سباق نظري بين الاثنين. وهذا يساعد على تفسير سبب انسحاب جونسون من السباق الانتخابي بسرعة كبيرة عندما أعلن مايكل غوف عن ترشحه ضده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يكن جونسون على الإطلاق شعبياً، حتى في أوساط أعضاء حزب المحافظين، خلافاً لما تدعيه أسطورته الشخصية. لقد لجأ الحزب إليه في عام 2019 فقط بسبب اليأس، وبمجرد أن "أنهى تنفيذ بريكست" بمعنى إخراج بريطانيا من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، لم يعد الحزب يكنّ له، أو لرؤيته ذات المعالم غير الواضحة، أي ولاء حقيقي له.

إن الكتاب السابق لبايل "حزب المحافظين من تاتشر إلى كاميرون" The Conservative Party from Thatcher to Cameron هو قصة متماسكة لمحاولة الحزب التصالح مع نجاح مارغريت تاتشر التاريخي. وحل في النهاية ديفيد كاميرون تلك المعضلة، الذي كان قادراً على مزج الليبرالية الاقتصادية، بشكلها الذي قام حزب العمال الجديد بتعديله من خلال تركيزه على الخدمات العامة، مع الليبرالية الاجتماعية. بيد أن هذا الحل لم يستمر سوى ست سنوات قبل أن ينسفه الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ومنذ ذلك الحين، كافح الحزب من أجل أن يفهم نفسه. ويلفت بايل في عجالة إلى تراجع سمعة كاميرون، قائلاً إنه "من المحتمل" أن يكون ذلك دليلاً على نجاح جونسون في تقديم حكومته على أنها تمثل "قطيعة كاملة عن الإدارات التي أدارت البلاد على مدار العقد الماضي"، إذ إن الحزب تعرض فقط إلى أضرار طفيفة تكاد لا تذكر جراء الكشف عن ممارسة كاميرون ضغوطاً لصالح شركة "غرينسيل Greensill".

غير أن انهيار ولاية جونسون كرئيس للوزراء جعل الهدف المركزي للحزب أكثر تفككاً من ذي قبل. كان جونسون قادراً، مثل والت ويتمان، على التحكم بالجماهير وذلك من خلال قوة شخصيته، كما كان بإمكانه اتباع سياسة اقتصادية مؤيدة للطبقة العاملة في الوقت نفسه الذي يدعي فيه أنه يؤيد عمليات الخفض الضريبي. وكان مشروع التسريح المؤقت هو أكبر تدخل حكومي من أجل إعادة التوزيع [للدخل] منذ الحرب، ومع ذلك، تمكن جونسون بطريقة ما من تفادي الربط بينه وبين الزيادات الضريبية اللازمة لتغطية ثمن [المشروع].

بعد تمرد أعضاء الحزب على الضرائب المرتفعة، وهو الذي كان المحرك الذي حفز ولاية ليز تراس الانتقالية على مدى سبعة أسابيع، بات الحزب عاجزاً بشكل كامل عن رؤية ما هي [الأفكار] التي يمثلها. لقد وفرت عقلانية سوناك الهادئة واهتمامه بالتفاصيل الإدارية فترة راحة للحزب من الاضطرابات كانت موضع ترحيب، بيد أنه فشل في حل أي من التناقضات.

وفي النهاية، يتملص بايل من رهاناته، قائلاً إن هذا قد لا يهم، "إذا كان المحافظون في مرحلة ما بعد بريكست قد تخلوا عن دورهم كالحزب الأساسي ليمين الوسط، فهذا لا يعني بالضرورة أنه محكوم عليهم بالهزيمة، سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل".

ويقتبس من أينوك باول، وهو (ربما النيوليبرالي الشعبوي الأكبر على الإطلاق) الذي قال في عام 1981 "هناك شيء واحد يمكنك التأكد منه مع حزب المحافظين، قبل أي شيء آخر، أن لديهم إحساس عظيم بمكان الأصوات".

بيد أن كتاب بايل يخبرنا بشيء معين، وهو كم سيكون الإنجاز الذي يحققه سوناك غير عادي إذا كان سيعثر على مكان هذه الأصوات في الوقت المناسب بحلول الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل؟

© The Independent

المزيد من آراء