Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يفعل سوناك وستارمر لطرد أشباح الزعامات السابقة؟

قرر زعيم حزب العمال تجاهل مشاعر الآخرين في اليسار ومن الواضح أن رئيس الوزراء المنتمي إلى اليمين متردد حيال اتخاذ أي قرار جذري

من الواضح أن كوربين لن يغادر المشهد السياسي بسهولة وكذلك حال بوريس جونسون (أ ف ب)

ملخص

هنالك #أزمة_ قيادة في بريطانيا بين #كير_ ستارمر العمالي اللامبالي والجامد و #ريشي_ سوناك المحافظ المتردد والمفتقر إلى الشعبية

بإلقاء نظرة على الماضي، تظهر مواطن تشابه لافتة بين بوريس جونسون وجيريمي كوربين. كان كلاهما سياسياً غريب الأطوار، ممن لم يتسنَ وصفه يوماً بالزعيم البارز. وكان كلاهما معبوداً من أعضاء حزبه المباشرين، وكذلك لاقى كلاهما ارتياباً من غالبية كبرى من محازبيه في البرلمان.

وقد ترأس كلاهما حزبه في حقبة اضطرابات تخللها تناحر داخلي شرس. وفي النهاية سقط الاثنان، لأن الكيل طفح فعلاً لدى ناخبيهما ونوابهما على حد سواء. ولحظة كتابة هذه المقالة، يخلفهما رجلان اعتليا سابقاً مناصب رفيعة في الخطوط الأمامية في السياسة، وكذلك تجمعهما بسلفيهما علاقة معقدة نسبياً. والأسوأ من ذلك كله، أن الاثنين كليهما، أي جونسون وكوربين، يرفضان السكوت.

ويوم الأحد الماضي، اتضح أن جونسون حث ريشي سوناك على عدم التنازل عن بروتوكول إيرلندا الشمالية [وقع الاتحاد الأوروبي وبوريس جونسون ذلك البروتوكول كجزء من تنفيذ صفقة خروج بريطانيا من سوق الاتحاد الأوروبي، وتعرف بمسمى بريكست]. وكذلك يواجه جونسون اتهاماً بأنه شجّع "الحزب الديمقراطي الاتحادي" [حزب في إيرلندا الشمالية يعارض أي علاقة لذلك الإقليم مع الاتحاد الأوروبي] على رفض أي تنازل قد يأتي ضمن صفقة يسعى سوناك للتفاوض عليها [مع الاتحاد الأوروبي، بشأن بروتوكول إيرلندا].

وفي مسار متصل، لقد استشاط كوربين غضباً الأسبوع الماضي إزاء خبر منعِهِ من معاودة الترشح للنيابة مع حزب العمال، وقد اعتبر الأمر "هجوماً سافراً على الحقوق الديمقراطية لأعضاء حزب العمال في دائرة إزلينغتون الشمالية". بالتالي، من الواضح أنه لن يرحل بهدوء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كلا، لن يفعل ذلك لا هو ولا جونسون. ومع أن [رؤساء الوزراء السابقين] تيريزا ماي، وإد ميليباند، وغوردن براون وغيرهم فضلوا عدم جلب الفوضى لمن كان سيخلفهم، إلا أنه من الواضح أن هذين الرجلين [كوربين وجونسون] يشعران بأن مهمتهما لم تنته. وكم سينزعج خلفاهما السابقي الذكر، لأن شعبية جونسون وكوربين لا تزال على حالها تقريباً بنظر بعض الأعضاء الحزبيين وبعض النواب، بالتالي، سيكون من المستحيل تجاهلهما كلياً. 

في هذا السياق، ينبغي طرح سؤال عما يجب أن يفعله رئيسا الحزبين إزاء أشباح الزعامات السابقة. ضمن اليسار، قرر ستارمر تجاهل مشاعر الآخرين في تصرفاته. إذ أضحى كوربين خارج حزب العمال برلمانياً، وبات من الواضح الآن أنه لا مجال لمعاودة إدخاله إليه، في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط اليسارية للحزب. وكذلك يصح القول بإنه إذا قرر كوربين الترشح كمستقل في الانتخابات المقبلة، فستكون للأمر تبعات شتى، إلا أن الخطوط الحمر قد عُبرت، وبرأي ستارمر، لا مجال للرجعة أبداً.

في الجهة المقابلة، من الواضح أن سوناك متردد حيال اتخاذ أي قرار جذري. فمن المعروف عن رئيس مجلس الوزراء أنه لا يكثر الكلام، حتى في أفضل الظروف، ولن يتغير البتة إزاء هذه المسألة. ومع أن جونسون لا يزال يحور ويدور ويتمدد ظله فوق مقر رئاسة مجلس الوزراء في "10 داونينغ ستريت" كأنه شبح مزعج، إلا إنه لم يتلق حتى اليوم ولا حتى صفعة على يده.

قد تشكّل تلك الأمور خطوة فيها دهاء وحسابات مدروسة. إذ جاء سوناك إلى الزعامة [في حزب المحافظين] بوصفه خياراً ثانوياً. ويدرك سوناك ذلك. ويضاف إلى ذلك أن قبضته على حزب المحافظين ليست مُحكمة كقبضة ستارمر على حزبه. ويعرف المحافظون جيداً أنه ما من قائد من بين قادتهم محصن ضد التمرد عليه.

ومع ذلك، يجدر طرح السؤال حول مدى إدراك سوناك مغزى ما يجري حوله. ففي السياسة، وعلى غرار ما يحصل في الحياة فعليّاً، تحدد الأفعال هوية الفرد. ولقد نجا ستارمر بفعلته [منع كوربين من الترشح كنائب عن حزب العمال] حينما تجاهل اليساريين في حزبه لأنه يحكم قبضته عليه منذ البداية، علماً بأن قبضته الآن تبدو أكثر إحكاماً حتى، ذلك أنه تجرأ تحديداً على تجاهل اليساريين في حزبه. وفي هذا الملمح، يمكننا تحوير مقولة سيمون دي بوفوار الشهيرة والقول بأن المرء لا يولد زعيماً قوياً بل يتحول إلى ذلك. [مقولة دي بوفوار تتعلق بالأنثى وأنها تربى على أن تكون ذلك النوع الجندري]

ما هي نوعية رئيس مجلس الوزراء حينما يرى نفسه عاجزاً عن السيطرة على شخصية لا تزال تثير التساؤلات حولها حتى الآن وتفتقر إلى الشعبية؟ إذا كنت تخشى أن تكون ضعيفاً وعاجزاً عن التصرف، فإن امتناعك عن التصرف سيجعلك تبدو أشد وهناً. من الواضح أن سوناك يعتبر أنه عليه الاحتراز والسير بتأنٍ في أوساط حزبه، وبالنتيجة، فقد بات عالقاً ويدور داخل حلقة مفرغة.

إنّ مؤيدي كوربين يبدون غضبهم اليوم، فيما تهوى الصحف الروايات عن التناحر الداخلي، لكنها ستسأم ذلك كله مع مرور الوقت، ثم تمضي قدماً. وإذا بقي سوناك على موقفه الرافض لوضع جونسون عند حده ومنعه من سلب الهواء النظيف من محيطه، فلا عجب إن وجد نفسه يوماً من دون أي متنفس على الإطلاق.

© The Independent

المزيد من تحلیل