Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدن مثقلة بالديون... وباء اقتصادي يضرب الصين

تتجاوز 5 تريليونات دولار و31 حكومة إقليمية تئن تحت ضغط الفوائد المستحقة لمستثمرين محليين وأجانب

شكلت كلف الفائدة على الديون ما لا يقل عن خمس الموارد المالية في 25 مدينة صينية خلال عام 2021 (أ ف ب)

ملخص

تكافح نحو ثلث المدن الرئيسة في #الصين لدفع الفوائد فقط على #الديون المستحقة عليها 

في الوقت الذي تحاول الصين طي صفحة واحدة من أسوأ فترات النمو منذ السبعينيات، يتأثر اقتصادها بالديون الهائلة للحكومات المحلية، التي تضخمت أثناء الوباء

رسمياً، تدين 31 حكومة إقليمية في الصين بنحو 5.1 تريليون دولار، بما في ذلك السندات التي يحتفظ بها المستثمرون المحليون والأجانب. ولا تتضمن هذه الأرقام مجموعة متنوعة من الديون خارج الميزانية العمومية التي يتم جمعها من خلال ما يسمى أدوات تمويل الحكومة المحلية (LGFV)، التي عادة ما توجد في شكل شركة استثمارية تبيع السندات لتمويل التطوير العقاري ومشاريع البنية التحتية المحلية الأخرى. ومن المتوقع أن تصل ديون تلك الأدوات إلى ما يقرب من 10 تريليونات دولار هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي. 

الدين من هذه المركبات هو أكثر من الدين الحكومي المشترك لألمانيا وفرنسا وإيطاليا اعتباراً من الربع الثالث من عام 2022، وفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبي

وتزاحم الفائدة على الديون الإنفاق الآخر، إذ وجد بحث لمجموعة "روديوم" أن كلف الفائدة شكلت ما لا يقل عن خمس الموارد المالية في 25 مدينة صينية عام 2021. وقالت "روديوم" إن أي شيء يزيد على 10 في المئة- كما هي الحال في أكثر من 100 مدينة- يؤدي إلى "قيود ذات مغزى". 

وكانت حملة الرئيس الصيني شي جينبينغ (صفر كوفيد) قد خلقت عبئاً على المدن بمليارات الدولارات من النفقات غير المخطط لها للاختبار الشامل وعمليات الإغلاق، في ما أدت الحملة على النفوذ المفرط في سوق العقارات إلى انخفاض حاد في مبيعات الأراضي، مما حرم المدن من أحد أكبر مصادر إيراداتها. 

وتظهر حسابات "ستاندرد أند بورز غلوبال" أن ثلثي الحكومات المحلية معرضة الآن لخطر انتهاك عتبات الديون غير الرسمية التي حددتها بكين للإشارة إلى ضغوط تمويلية شديدة، حيث تجاوزت ديونها المستحقة 120 في المئة من الدخل العام الماضي. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكافح نحو ثلث المدن الرئيسة في الصين لدفع الفوائد فقط على الديون المستحقة عليها، وفقاً لمسح أجرته مجموعة "روديوم غروب"، وهي شركة أبحاث مقرها نيويورك. وفي إحدى الحالات المتطرفة، في لانتشو، عاصمة مقاطعة غانسو، كانت مدفوعات الفائدة تعادل 74 في المئة من الإيرادات المالية عام 2021. 

وعلى رغم أن أجزاء من الديون على وشك السداد قريباً، فإن الأبحاث التي أجرتها "ليانهي ريتينغ غلوبال"، وهي شركة تابعة لوكالة تصنيف محلية كبيرة، وجدت أن نحو 84 في المئة من 84.2 مليار دولار من الديون الخارجية المستحقة على آليات تمويل الحكومة المحلية ستستحق بين هذا العام وعام 2025. 

تعزيز الانضباط المالي 

ولا يتمثل الشاغل الرئيس في أن المدن ستتخلف عن السداد وتؤدي إلى أزمة مالية، على رغم أن الاقتصاديين يقولون إنه لا يمكن استبعاد ذلك، بل إنه سيتعين أيضاً على المدن الاستمرار في خفض الإنفاق أو تأخير الاستثمارات أو اتخاذ إجراءات أخرى لإبقاء الدائنين في مأزق، مما يضعف النمو لسنوات. 

وفي مدينة تشنغتشو، موطن موقع تجميع " فوكسكون تكنولوجي غروب" لأجهزة "آي فون" التابعة لشركة "أبل إنك"، يقول سائقو الحافلات لـ"وول ستريت جورنال"، إن رواتبهم قد خفضت عام 2021 ولم تتم استعادتها، كما يفيد عمال نظافة الشوارع بأنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر، ويشكو المعلمون في مدينة شنتشن الجنوبية الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي من التخفيضات الحادة في المكافآت، وهي عنصر مهم في الأجور، وفي يناير (كانون الثاني)، طلبت شركة تدفئة في مدينة هيغانغ الواقعة في حزام الصدأ بشمال شرقي الصين، من السكان الاستعداد لانقطاع الحرارة بعد أن فشلت الشركة في الحصول على دعم من الحكومة المحلية. 

وكانت الاحتجاجات اندلعت في الأسابيع الأخيرة بمدن مثل ووهان وداليان وقوانغتشو بسبب إصلاحات نظام الرعاية الصحية العامة التي تضمنت تخفيضات في المزايا الطبية بسبب المالية الحكومية المتوترة. 

1.5 تريليون دولار للحكومات المحلية

الأحد الماضي، وخلال الاجتماعات السنوية للهيئة التشريعية الصينية في بكين، قدم صانعو السياسة الصينيون دعماً متواضعاً فقط للحكومات المحلية، مما يشير إلى أنهم يريدون تعزيز الانضباط المالي. 

ومن المقرر أن تزيد التحويلات المالية من السلطات المركزية إلى الحكومات المحلية، التي توفرها بكين سنوياً، بنسبة 3.6 في المئة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون دولار هذا العام، وهو بعيد كل البعد عن الزيادة البالغة 18 في المئة في العام الماضي، كما سيتم السماح للبلديات المحلية بإصدار ما قيمته نحو 550 مليار دولار من السندات الحكومية المحلية ذات الأغراض الخاصة هذا العام، بانخفاض عن الإصدار الفعلي، العام الماضي، البالغ 580 مليار دولار. 

وكان وزير المالية الصيني ليو كون قلل منذ أيام من شأن الضغوط المالية التي يواجهها المسؤولون المحليون، قائلاً الأربعاء، إن الوضع ظل مستقراً في الغالب، العام الماضي، ومن المتوقع أن يتحسن هذا العام مع تعافي الاقتصاد. 

بكين قادرة على التدخل 

يشير الاقتصاديون إلى أن بكين لا يزال لديها مجال مالي كبير للتدخل في الحالات الفردية إذا لزم الأمر، لمنع حالات التخلف عن السداد الرئيسة، كما يمكن للحكومات المحلية أيضاً بيع الأصول، إذا تمكنت من العثور على مشترين. 

مع ذلك، فإن الميزانية العمومية للحكومة المركزية ليست قوية بما يكفي لإنقاذ كل التزام طارئ في الصين، كما كتب نيكولاس بورست، مدير أبحاث الصين في "سيفيرر كابيتال بارتنرز"، وهي شركة استثمارية مقرها سان فرانسيسكو، في ورقة بحثية عن الديون المحلية صدرت هذا الشهر. 

وكتب بورست "علاوة على ذلك، فإن سلسلة عمليات الإنقاذ لمرة واحدة ستزيد من المخاطر ولن تغير الديناميكيات الأساسية التي أدت إلى المشكلة في المقام الأول". 

هذا يعني أن السكان المحليين- وبخاصة موظفو الخدمة المدنية- قد يشهدون مزيداً من التخفيضات في الرواتب وخفض الخدمات، فضلاً عن استثمارات أقل في البنية التحتية لتعزيز النمو والتوظيف. 

من جانبه، قال أستاذ المالية في جامعة بكين مايكل بيتيس "الكلفة الحقيقية للديون لن تكون أزمة مالية، لكنها ستؤدي إلى سنوات عديدة من النضال من أجل تخصيص كلفة ذلك الدين". 

وتتفاقم مشكلات ديون الحكومات المحلية منذ الأزمة المالية العالمية، حيث يقول الاقتصاديون، إن كثيراً منهم أصبحوا مدمنين على إطلاق المشاريع- التي أدت إلى النمو- وبيع الأراضي واقتراض مزيد من المال لدفع ثمن ذلك كله. 

إضافة إلى ذلك، يجب أن تتحمل الحكومات المحلية في الصين معظم كلف الخدمات مثل التعليم العام والرعاية الصحية. وتقول الصحيفة، إن تقييد بكين لكيفية جمع الأموال، وإجبار الحكومات المحلية على إرسال معظم ما يجمعونه من الضرائب إلى الحكومة المركزية، يحد مما يمكن لهذه الحكومات المحلية اقتراضه. 

وتتمتع مدينة تشنغتشو التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 13 مليون نسمة، بتمويل صحي أكثر من عديد من المدن الأخرى، فشوارعها نابضة بالحياة، حيث يزدحم السكان في المطاعم. 

مع ذلك، في السنوات الثلاث الماضية، انخفضت الإيرادات المالية للمدينة بنسبة 14 في المئة في المتوسط كل عام بينما نما إجمالي الدين بنسبة 14 في المئة سنوياً، كما سجلت نسبة الدين إلى الدخل المالي ارتفاعاً بـ178 في المئة عام 2022 من 75 في المئة عام 2019. 

ويقول بعض المحللين، إن بكين غير راغبة في إجراء تغييرات من شأنها أن تضع المالية الحكومية المحلية على أساس أكثر استقراراً، مثل فرض ضريبة على الممتلكات لجمع مزيد من الأموال، لأن القيام بذلك لن يحظى بشعبية سياسية، ويمكن أن يقوض سيطرة السلطات المركزية على المحليات، في حين أن بيع مزيد من الأصول الحكومية يتعارض مع هدف شي المتمثل في استخدام اللاعبين الحكوميين لتحقيق أهداف استراتيجية مثل الاكتفاء الذاتي في التقنيات الرئيسة.

اقرأ المزيد