Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام مضى على الحرب في أوكرانيا... لن يكون هنالك عام آخر

من الآن فصاعداً من المستبعد أن تكون أي شروط من أجل إنهاء الحرب أفضل بالنسبة إلى أوكرانيا مما كان معروضاً عليها قبل غزو روسيا

من الصعب أن نرى كيف ستظل أوكرانيا تقاتل حتى هذا الوقت من العام المقبل (رويترز)

ملخص

ما يحدث ليس مجرد حرب بين #روسيا و#أوكرانيا إذاً ما الدور الذي تلعبه #القوى_الغربية من أجل إنهاء هذا الصراع أو استمراره؟

مرت الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، كما هو متوقع، بمشاعر الوجع الشخصي والوقار الرسمي المهيب، لكن وبعد أسبوع واحد فقط، تحول الاهتمام، أو هكذا يبدو في الأقل، إلى خارج أوكرانيا.

من خلال النظر إلى الماضي، يبدو أن الاتجاه السائد حالياً هو التطلع إلى الأمام. من الممكن تلخيص وجهة النظر [المستمدة من] التطلع إلى الأمام، بحسب ما تم التعبير عنها حتى الآن، بأنها [تعني مواصلة المضي] "إلى الأمام نحو نصر أوكراني مجيد!". وقد أصبحت النبرة هذه بصورة مفاجئة توحي بثقة أقل. ويبدو أن قدراً ضئيلاً من الشك قد تسلل إليها أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينطبق هذا حتى على المملكة المتحدة، التي كانت واحدة من أشد الدول إيماناً بانتصار أوكرانيا المطلق، في بياناتها الرسمية وفي التقييمات الصادرة عن مراكز بحوثها وأيضاً من خلال تقاريرها الإعلامية الرئيسة. ونحن لا نزال في هذا الوضع، لذلك فإن الشعار القائل "مهما طال الأمد ومهما كلف الأمر" لا يزال قائماً.

وفي هذا، كانت هناك قواسم مشتركة في وجهات النظر بين المملكة المتحدة وبولندا ودول البلطيق أكثر منها مع بعض جيراننا الأقرب، مثل فرنسا وألمانيا التي كانت فيها الشكوك بادية بوضوح ولا تخفي نفسها. أو حتى مع الولايات المتحدة، حيث شكك رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميللي، ومركز بحوث "مؤسسة راند"، في فرص أوكرانيا بالفوز.

إن التناسق الكبير في وجهات النظر داخل المملكة المتحدة هو ما يجعل التحول البسيط في النبرة في أعقاب الذكرى السنوية الأولى جديراً بالملاحظة، كما أن الشكوك لا تأتي في المقام الأول من دعاة السلام في صفوف اليسار، رغم أن جيريمي كوربين قد بقي مخلصاً لموقفه المناهض للحرب. والهدير، إلى الحد الذي يمكن سماعه، صادر بشكل أكبر عن اليمين.

هكذا يتساءل المقال الرئيس في مجلة "سبيكتاتور" Spectator لهذا الأسبوع، "هل يربح بوتين؟ إن النظام العالمي يتغير لصالحه"، كما وتستفسر مقدمة النشرة الإخبارية لهذا الأسبوع الصادرة عن "مركز دراسات السياسات" [المعروف بتأييده اقتصاد] السوق الحرة قائلة "أي ثمن [سيكلف] السلام؟" لافتة إلى أنه رغم أن الحرب كانت كارثية بالنسبة إلى روسيا فإن "من الصعب القول إنها سارت ’بشكل جيد’ بالنسبة إلى أوكرانيا عندما فر الملايين من أبنائها ومات عشرات الآلاف منهم". ودعت افتتاحية صحيفة "صنداي تايمز" هذا الأسبوع رئيس الوزراء إلى أن يكون على "المستوى نفسه مع الرأي العام البريطاني" في شأن الكلفة الطويلة الأجل التي تتحملها المملكة المتحدة.

ويمكن تلمس التذمر أيضاً في دوائر الدفاع والأمن. فبينما كان بن والاس، وزير الدفاع، يضغط، قبل إعلان الميزانية، من أجل الحصول على مزيد من الأموال من أجل "إنهاء المهمة" [في أوكرانيا، أقر جيمس هيبي، وزير الدولة لشؤون القوات المسلحة، بأن مخزون المملكة المتحدة قد تضاءل بشكل خطير، وذلك بسبب إمداد أوكرانيا بالقدر الذي تم إمدادها به، وخصوصاً من الذخائر]. وكان هناك بعض الهمس الذي مفاده أن المملكة المتحدة قد تفتقر الآن إلى القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي (ناتو).

قد تكون الذكرى السنوية نفسها إحدى المحفزات المحتملة على هذا التحول في التوقعات، إذ بدا فيها أن آراء الخبراء متفقة على أن كلاً من أوكرانيا وروسيا كانتا تستعدان لخوض معركة طويلة، وبأننا سنحيي ذكرى سنوية أخرى في مثل هذا الوقت من العام المقبل.

 

هل أدى احتمال الاستمرار لعام آخر إلى تركيز الاهتمام على ما قد يعنيه ذلك بالضبط؟ هل سيكون لدى حلفاء أوكرانيا الغربيين، على سبيل المثال، القدرة المادية والإرادة السياسية [اللازمتان] للمضي في دعمهم كييف على المستوى الحالي؟

إن طرح مثل هذا السؤال هو أحد الأسباب التي تجعلني أشك للغاية في أن الحرب ستستمر، في الأقل بشكلها الحالي، في مثل هذا الوقت من العام المقبل. وهذا لا يعني أن أي واحدة من مجموعة الخواتيم [المتوقعة] المتنوعة ستتحقق بالضرورة.

في أقصى درجات التمني يأتي نصر كامل لأوكرانيا، بما في ذلك استعادة شبه جزيرة القرم والتراجع الروسي الذي يمكن أن يتمخض عن إطاحة فلاديمير بوتين وحتى إلى تفكك روسيا. وعلى النقيض تماماً من هذا، والذي نادراً ما يرد ذكره، سيكون استسلام أوكرانيا وفرض الحكم الروسي بطريقة أو بأخرى.

وبين هذا التوقع وذاك، تكون العودة إلى الوضع الذي كان قائماً عشية الحرب، مع وجود شبه جزيرة القرم تحت الاحتلال الروسي ودونباس موضع تنازع، أو استمرار الوضع إلى حد كبير كما هو الآن، مع مطالبة روسيا بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة من شرق أوكرانيا التي استولت عليها واحتفظت بها كجسر بري إلى شبه جزيرة القرم. قد تكون بعض الأوراق المطروحة على التداول هي عضوية أوكرانيا أو عدم عضويتها في حلف الناتو، ووضع دونباس على المدى الطويل، وربما أيضاً وضع شبه جزيرة القرم على المدى الأطول.

في نهاية المطاف، قد يشكل هذا الخيار أو ذاك أساساً للتفاوض، لكن ونظراً إلى أن أياً من الجانبين لم يظهر أدنى رغبة حتى في وقف إطلاق النار، فإن كل شيء يظل افتراضياً. واعتباراً من الوقت الحالي، لن تقبل أوكرانيا بأقل من استعادة حدودها الكاملة كما كانت في عام 1991، الأمر الذي يشمل استرداد شبه جزيرة القرم، مع تأكيد الرئيس زيلينسكي أنه لن يتفاوض مع بوتين.

 

من جانبها، تلتزم روسيا، في الغالب، الأهداف التي حددتها عشية الغزو، وبينها عدم وجود مستقبل لأوكرانيا في الناتو، وكذلك ضمها معظم الأراضي الواقعة إلى الجنوب الشرقي من الضفة نهر دنيبر. وقد قالت روسيا على نحو دوري إنها مستعدة للتحدث، لكن ليس على أساس الشروط التي وضعتها كييف.

بيد أن ما يخفيه هذا الجمود هو أن ما يحدث ليس مجرد حرب بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت الذي يصر حلفاء أوكرانيا الغربيون على أنهم سيفعلون "كل ما يتطلبه الأمر"، فهذه ليست الحقيقة كاملة. وبقليل من التمحيص، ستبدو التعهدات الغربية أكثر تحفظاً.

هل سترسل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة طائرات مقاتلة؟ حسناً، لا، ليس الآن. وهل سترسل ألمانيا دبابات ليوبارد؟ حسناً، نعم، ولكن فقط إذا أرسلت الولايات المتحدة أيضاً دبابات قتالية. وتقول الأخيرة، إلى حد ما، إنها ستفعل، لكنها ستقدم فقط القليل من الدبابات، ولن تفعل ذلك تماماً الآن.

ربما يكون حلفاء أوكرانيا الغربيون قد قدموا لها أسلحة أكثر بكثير، وأثقل بكثير، مما تصوروا في البداية، لكن إلى أي مدى ستصل التعهدات، وهل يمكنها أن تمضي إلى أبعد من ذلك؟

إن الفجوة بين ما يقال وما يترجم إلى واقع آخذة بالاتساع، بما في ذلك، بشكل حاسم، في واشنطن. ومع أن أوكرانيا تصر على أنها وحدها ستقرر كيف تنتهي الحرب، رغم أن حلفاءها يتفقون معها، نظرياً، على ذلك، فقد يأتي اليوم الذي تقول فيه الولايات المتحدة، إن لم يقل ذلك الآخرون، لقد طفح الكيل. إن واجب أي حكومة أولاً هو تجاه شعبها، والعام المقبل هو عام الانتخابات بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

وليس من الواضح، في الظروف الحالية، إن كان بإمكان أوكرانيا الفوز، ضمن معاييرها الخاصة بذلك. لقد علقت في شمال شرقي دونباس منذ أشهر، وهنالك تقارير تفيد بأن كييف، التي لا تعلن عن خسائرها، تواجه صعوبة في تجنيد قوات جديدة.

قد تكون خسائر روسيا جسيمة أكثر، ولكن إلى أي حد بالمقارنة؟ هذا سؤال أساسي، كما أن روسيا، على عكس أوكرانيا، لا تعتمد عسكرياً على دول أخرى، ولم يكن للعقوبات الغربية التأثير المنشود لجهة عزلها.

ونظراً إلى هذه الظروف مجتمعة، من الصعب رؤية كيف ستستمر أوكرانيا في القتال إلى مثل هذا الوقت من العام المقبل. أو، دعنا نقوم بتوصيف الافتراض نفسه بطريقة أخرى: في أي مرحلة تبدأ الولايات المتحدة، وربما الآخرون، في ممارسة الضغط على أوكرانيا للتفاوض، أو في ربط إمدادات الأسلحة بالدبلوماسية؟

تفيد إشاعات بأن المبادرات ربما تكون قد بدأت بالفعل. لدى الولايات المتحدة وروسيا قناة اتصال كما اتضح من الإشعار المسبق الذي قدمته واشنطن لموسكو في شأن زيارة بايدن إلى كييف. وثمة تدفق مستمر من الزوار الأميركيين، بمن فيهم وزيرة الخزانة جانيت يلين، إلى كييف.

قد يكون تعريف أي خطة للسلام بأنها موقتة هو إحدى آليات حفظ ماء الوجه جزئياً، والذي قد يترك الباب مفتوحاً أمام قيام أوكرانيا أقوى بإجبار روسيا يوماً ما على الخروج من شبه جزيرة القرم، عندما يصبح جسرها البري زائداً على الحاجة. من الآن فصاعداً، من المستبعد أن تكون أي شروط من أجل إنهاء الحرب أفضل بالنسبة إلى أوكرانيا مما كان معروضاً عليها قبل غزو روسيا لها. سيكون من الصعب للغاية على أوكرانيا أن تقبل ذلك ولكن هذا ليس بالصعوبة نفسها التي قد تواجهها في القتال مع دعم عسكري غربي أقل أو من دون دعم.

ستكون أيضاً [عملية السلام المفترضة] هذه هي الرد المنطقي على التساؤلات المتعلقة [بإمدادات] المواد والكلف الأخرى التي يتم التطرق إليها حالياً في الولايات المتحدة، وحتى هنا في المملكة المتحدة، وذلك بهدوء، حتى الآن.

وهذا هو السبب أيضاً الذي يجعلني أجازف بالتنبؤ بأننا لن نشهد ذكرى سنوية ثانية للحرب، أو أن ذلك إن كان سيحدث، فلن يكون سببه أي شيء سوى التهور من قبل جميع الأطراف الذي قد يسمح للصراع الإقليمي بالانفجار على شكل حرب عالمية ثالثة.

© The Independent

المزيد من آراء