ملخص
عرف #العرب والأردنيون #دخان_"الهيشة" قبل أن تصل #السجائر الجاهزة إلينا عام 1950 تقريباً، بنحو أربعة قرون، وكان يسمى أيضاً "#التتن" أو #الدخان_العربي.
سمي دخان الهيشة بهذا الاسم نسبة إلى الأوراق الكبيرة الهائشة من شتلة التبغ قبل أن تبلغ عامها الأول ويصل ارتفاعها إلى متر وأكثر، إذ تشكل هذه الأوراق أول قطفة للبيع، لذلك فهو نوع زهيد جداً من الدخان، حتى إن مدخنيه يزعمون أن كلفة تدخينه رخيصة جداً، بمعنى أنه لا يشكل أي عبء مالي على جيوبهم مقارنة بسجائر المصانع المعلبة التي تتحكم شركات التبغ وبعض الأجهزة الحكومية بأسعارها المتقلبة والمرتفعة غالباً.
هذا النوع من التدخين عرفه العرب والأردنيون قبل أن تصل السجائر الجاهزة عام 1950 تقريباً بنحو أربعة قرون، وكان يسمى أيضاً "التتن" أو الدخان العربي.
الأردنيون يتحولون لـ"الهيشة"
في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، تحول كثير من الأردنيين إلى دخان الهيشة، نظراً إلى فارق الأسعار الكبير الذي يصل إلى أضعاف مضاعفة في بعض الأحيان، إذ يصل سعر كيلو دخان "الهيشة" إلى 50 دولاراً، وهذه الكمية تكفي نحو ثلاثة أشهر من الدخان العربي لمدخن من النوع الثقيل (أي أولئك الذين يحرقون ما معدله ثلاث أو أربع علب سجائر يومياً).
ولا يزيد ثمن ماكينة اللف اليدوية البسيطة وعيدان الفلاتر مع الورق اللازم لإتمام عملية اللف على 20 دولاراً شهرياً، فيما يحتاج المدخن من شركات التبغ العالمية والمحلية إلى نحو 450 دولاراً شهرياً لاستهلاك الكمية ذاتها من السجائر.
وعلى سبيل المثال، يدخن عماد (43 سنة) "الهيشة" منذ 10 سنوات، موضحاً أن كلفة دخانه ليست مرتفعة مقارنة بالسجائر العادية، "بالنسبة إليّ وأنا أعول أسرة مكونة من ستة أشخاص، هذا الفارق الكبير في الأسعار يمثل عامل إغراء للاستمرار بهذا النوع من الدخان على رغم رداءة النوع ومشكلاته الكثيرة اجتماعياً".
مشكلة "الهيشة"
تكمن مشكلة "الهيشة" الأولى في أن هذا النوع من الدخان لا يباع إلا في محال مرخصة شهيرة، وهي قليلة في أرجاء العاصمة عمان، وتتركز في مناطق مزدحمة مرورياً مثل وسط البلد ومحطة رغدان، وفي حين أن تعداد العاصمة الأردنية يصل إلى خمسة ملايين نسمة، إلا أن عدد المحال الكبيرة التي توزع "الهيشة" لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. ويعود ذلك وفق خالد الذي يعد واحداً من أهم تجار "الهيشة" إلى "وجود صعوبات كثيرة ترافق العمل في هذا المجال".أما المشكلة الثانية لهذا النوع من الدخان فهي أنه يحتاج إلى وقت إضافي للف، حتى إن بعض المدخنين خصص وقتاً للف السجائر وتجهيزها قبل الخروج إلى العمل.
ويرى المتقاعد جميل الذي يقضي معظم أوقاته بين أولاده وأحفاده أن بإمكان الشخص تكييف نفسه مع هذا العائق مع الوقت، مشيراً أنه يشتري بدوره أكياس "الهيشة" من الورق الأصفر أو الأخضر ويجففها بنفسه، مما يوفر عليه مبلغاً إضافياً بدلاً من شراء الخلطات الجاهزة.
منظور صحي
في سياق متصل، يؤكد الدكتور محمد سالم خطأ المعتقد الشعبي أن "الهيشة" خالية من النيكوتين، فأوراق الدخان كلها تحتوي هذه المادة، إضافة إلى القطران وأول أكسيد الكربون في حال حرقها طبيعياً، وتعد هذه المركبات الأشهر التي تضطر شركات التبغ إلى الإفصاح عنها على غلاف علبة السجائر، ولا يتوقف الأمر عند ذلك طبياً، بل إن هناك ما يقرب من 7000 مركب ضار يحتويه دخان السجائر عموماً، من أشهرها الزرنيخ والرصاص والسيانيد والفورمالديهايد، وغيرها من المركبات.
تطور ملموس
بطريقة ما تمكنت "الهيشة" من البقاء حتى يومنا هذا، بل إن تطوراً ملموساً طرأ على منظومتها الإنتاجية من حيث دخول الآلات على خط صناعتها وإنتاجها منزلياً. فظهرت آلات للف السيجارة التي كانت تصنع يدوياً بالكامل، وهناك ما لا يقل عن ثلاث ماكينات رئيسة تباع على الرفوف، منها ما يوصف بالبدائي، وهو عبارة عن آلة صغيرة، مثل الآلة التي تستخدم للف ورق العنب (الدوالي)، وفيها يوضع الفلتر أولاً، ومن ثم توضع كمية بسيطة من خلطة الدخان، ولاحقاً تأتي الورقة التي تلصق فوق كل هذا لتخرج السيجارة القصيرة نسبياً خلال ثوانٍ قليلة.
أما الآلة الثانية فتحتاج إلى سيجارة فارغة تعبأ بها المادة شبه آلياً وتنتج سيجارة تشبه كثيراً سيجارة المصانع وشركات التبغ، فيما الآلة الثالثة تصل قيمتها إلى 70 دولاراً، وهي مزودة بموتور صغير لطحن خلطة التبغ وتعمل بكفاءة عالية لتعبئة المادة ورصها بشكل أفضل، وتنتج عشرات السجائر خلال دقائق معدودات.
يذكر أنه وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية عام 2021، بلغت نسبة المدخنين الذكور في الأردن 80 في المئة، فيما وصلت نسبة الإناث إلى 20 في المئة.