Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين الأمان والهروب والخطر استخدامات غير تقليدية للسيارة

الزلازل حولت السيارات قوارب نجاة وهروب وماذا عن استخدامات أخرى؟

السيارات القديمة بمحركات بسيطة أحرزت تقدماً كبيراً في حياة الناس (بكسلز)

ملخص

#الزلازل حولت #السيارات قوارب نجاة وهروب وماذا عن استخدامات أخرى؟

بين الأمان والهروب والخطر عادت في الآونة الأخيرة الاستخدامات غير التقليدية للسيارة مع ازدياد الهزات الأرضية في تركيا وسوريا. واستقل الناس سياراتهم بعيداً من الأبنية السكنية، وحولوها منازل متنقلة لتغلب عليها صفة مراكب النجاة.

بدأت السيارة تحتل مكان الدابة والعربات في منتصف القرن الثامن عشر، وكانت تعمل على البخار ثم الغازولين، ولاحقاً كان وقودها أنواعاً مختلفة من البترول، وصولاً إلى الكهرباء والطاقة الشمسية.

السيارة والزلزال

ازداد أخيراً البحث على محرك "غوغل" عن استخدام السيارة أثناء حدوث زلزال، وأوصت جهات حكومية وجمعيات البقاء داخل السيارة إذا كنت تقودها مع تخفيف سرعتك، والتوقف في أسرع وقت ممكن في مكان آمن، مع تجنب التوقف تحت أو بالقرب من المباني أو الجسور أو الأشجار أو خطوط الكهرباء، أو أي مخاطر محتملة أخرى يمكن أن تنهار أو تسقط. ومن الأفضل البقاء داخل سيارتك مع إيقاف تشغيل المحرك لمنع الحرائق أو الانفجارات من أي ضرر قد يحدث. كما أوصت بتغطية الرأس بسترة أو بطانية للحماية من تساقط الأشياء، والانتظار حتى ينتهي الزلزال ويتوقف الاهتزاز. وأخذ الحذر بعد الزلزال عند القيادة حيث قد تتضرر الطرق والجسور والأنفاق.

 

ولكن هل طبق الناس هذه الإرشادات؟

تخبر كريستين توما من لبنان أنها خرجت وعائلتها مرتين أثناء الشعور بالهزة الأرضية، والتقت بعدد من الجيران وقفوا في ساحة كنيسة بعيداً من الأبنية خوفاً من انهيار المبنى، بخاصة أنها تسكن في الطابق السابع في مبنى قديم. تقول "لم أكن أعرف شيئاً عن إرشادات السلامة، ما طبقته كان عفوياً وبديهياً، وطوال الطريق كنت أجد الناس يركنون سياراتهم في أماكن خالية أو على جوانب الأوتوستراد (الطريق السريع)، لأنه آمن أكثر من الأماكن المأهولة". في حين يقول شربل أنه كان متأثراً بفكرة الهرب بأسرع وقت ممكن في السيارة، الفكرة التي لازمته في أيام الحرب وأثناء القصف في تسعينيات القرن الماضي في مدينة بيروت عاصمة لبنان، الأمر الذي جعله يهرب بالسيارة مع عائلته أثناء الهزة الأولى أي في 6 فبراير (شباط)، إلى أن التقى بسيارات على جوانب الطريق، وتحدّث إلى الناس، وسمع الكثير من الإرشادات. لكنه ما إن عاد إلى منزله حتى جهّز السيارة بشكل كامل، بعد أن أجرى بحثاً عن الإرشادات اللازمة. "تحتوي سيارتي الآن على عدد من البطانيات وبعض المواد الغذائية التي لا تتلف والبسكويت والماء، كما جهّزنا حقيبة فيها مستنداتنا الأساسية والمال والذهب بحال حدوث أي هزة. ولم أعد أركن السيارة تحت المبنى الذي أقيم به، بل على الناحية الثانية من الشارع حيث عدد المباني أقل".

للنوم أيضاً

نام بعض اللبنانيين في سياراتهم بسبب الهزة. ولكن في سياق منفصل يستخدم البعض سياراتهم في الرحلات الطويلة، وقد يضطرون للنوم بها. وما يجعل هذه التجربة مريحة وآمنة بحسب حسان نون هو اختيار مكان آمن وقانوني، قد يكون عبارة عن أماكن تخييم أو استراحة أو مواقف شاحنات و"كرافانات" أو مناطق وقوف سيارات مخصصة ليلاً، مع التأكد من السماح بركن السيارة طوال الليل، وأن الموقع مضاء جيداً ويحتوي على مرافق مثل دورات المياه.

وينصح بحال عدم وجود "كرافان" أو سيارة مناسبة للنوم بتجهيز السيارة العادية لتكون نظيفة وخالية من الفوضى، حتى يمكن طي المقاعد للأسفل أو استخدام سرير تخييم للسيارة لجعلها أكثر راحة مع البطانيات أو أكياس النوم الخاصة، ووسائد لجعل المساحة مريحة. ويشير إلى أهمية فتح النوافذ قليلاً للحصول على الهواء النقي، مع إبقاء الأبواب محكمة الإغلاق تفادياً للسرقة. وضرورة الاحتفاظ بمصباح يدوي أو مصباح أمامي ومجموعة إسعافات أولية وشاحن متنقل في السيارة.

 

مكان الاختباء

في كتابها "اعتقال لحظة هاربة" كتبت الأديبة والشاعرة السورية غادة السمّان عام 1977 قصيدة بعنوان "اعتقال ليلة البكاء بـ99 قرشاً" تقول في مطلعها:

"ولن أنسى بكائي وحيدة

في موقف السيارات (الباركينغ)

تلك الليلة المالحة

حين دفعت 99 قرشاً

كي أجد مكاناً فارغاً

أشهق فيه بصمت

وأفتش عن درب أخرى..."

وتبدو السيارة المكان الأكثر خصوصية للعديد من الأشخاص. تقول ماريا كريدي إن علاقتها بالسيارة وطيدة جداً، فالسيارة ملاذها الآمن "هي المكان الذي أستطيع إجراء مكالمتي بعيداً من ضجيج العائلة والعمل، أستطيع أن أصرخ وأفرّغ غضبي، وأستمع إلى أغنية بهدوء، إنني أهرب أحياناً إلى سيارتي لأختلي بذاتي قليلاً، هذا بالإضافة إلى ضرورة التنقل بخصوصية ودفء لكل أفراد العائلة".

في سياق متصل تعتبر فاطمة قطايا أن قيادة السيارة يعطيها الشعور بالاستقلالية والحرية في آن، "من الممتع الشعور أنني أسيطر على المقود، وأذهب ومَن معي إلى مكان أختاره أو يختارونه. مَن يقود يشعر بالمسؤولية تجاه الركاب أكانوا من أفراد العائلة أو أصدقاء. قلما أحتمل الجلوس إلى جانب السائق، أشعر حينها أن هناك مَن يقودني ولا أمسك بزمام الأمور". وعن أهم استخدام للسيارة تشير إلى أنها كانت محلاً تجارياً لوالدها الذي كان يجوب الأحياء، "كانت سيارة والدي (الستايشن) معيلة العائلة، باع والدي فيها الثياب والأقمشة، وجال في القرى والمدن، وكنت أرافقه وأحياناً أقود عندما يتعب، لذا السيارة تترافق في ذهني بمشاوير وصداقة عميقة مع أبي، وبعد رحيله كلما شاهدت سيارة (ستايشن) أبكي. وكثيراً ما ألجأ إلى سيارتي وأقود مسافات طويلة لأبكي أو أبتعد عن الناس".

 

سيارات مفخخة

ليست السيارة دائماً درع أمان، فلطالما مات أشخاص بحوادث سير سواء كانوا سائقين أو ركاباً أو أشخاصاً يمرون على الطريق. أو أنهم اختاروا أن ينهوا حياتهم انتحاراً في قيادة السيارة نحو الموت المحتم. ومع هذا يبقى الحادث الأليم أسهل وقعاً من السيارات المفخخة التي أخذت حصتها في الحروب الساخنة والباردة. وكانت الأطراف المتحاربة تغتال خصومها أو أعداءها بتفخيخ سيارتهم بالمتفجرات لعملية اغتيال ناجحة مئة في المئة. ولا بدّ أن يخطر ببالك وابل من الأسماء الذين اغتيلوا بهذه الطريقة.

معيلة العائلة

إلا أن التاريخ الأسود للتفجير وسوء استخدام السيارة لم يسرق منها صورتها كمكان يدر الرزق على عائلات كثيرة، أكانت سيارات نقل بضائع، أو تاكسي، أو جوالة تباع بها أغراض كثيرة من ألبسة ومأكولات وسجاد وحاجيات متعددة، إلى سيارات الطريق التي تبيع القهوة، والمرطبات، والسندويشات، وسواها. فهي توفر في كلفة استئجار محل، وتقف في أماكن قابلة للازدحام لأكثر فائدة ممكنة، ومن حسناتها القدرة على تغيير المكان بحسب الحاجة والمناسبة.

في النهاية ليست السيارة سوى آلة. خيرها وشرّها بيد سائقها أو قائدها. قد تكون أكثر الأماكن خصوصية، مرتعاً لأول قبلة، مخزناً للأسرار والدموع، والأغاني، والذكريات بحلوها، ومرها. وقد تكون أداة خطف، أو بطاقة إلى العالم الآخر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير