Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينقذ اتفاق "إطار وندسور" بريكست وقيادة سوناك لـ"المحافظين"؟

مناوئو أوروبا في الحزب الحاكم والوحدويون في إيرلندا الشمالية يترددون في دعم الحكومة

ملخص

اعتبر #الوحدويون_ في إيرلندا الشمالية، وهم حلفاء #حزب _المحافظين الحاكم ومن المناوئين لأوروبا #البروتوكول، مرفوضاً منذ البداية

بعد ثلاثة أعوام من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وبعد عامين من الخلاف الشائك بين لندن وبروكسل حول "بروتوكول إيرلندا الشمالية"، توصلت حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي يحل كثيراً من المشكلات التي هددت اتفاق "بريكست" كله، وهذا إنجاز واضح للتغلب على معارضة الحزب الديمقراطي الوحدوي في إيرلندا الشمالية للبروتوكول ومحاولة مناوئي أوروبا في حزب المحافظين "تمزيق" البروتوكول والمخاطرة بحرب تجارية مع أوروبا.

ويرى معظم المعلقين البريطانيين أن اتفاق "إطار وندسور" الذي أعلنه سوناك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أمس الإثنين، هو أهم إنجاز حتى الآن للحكومة التي تولت السلطة في الخريف الماضي كثالث حكومة لحزب المحافظين خلال عام، فضلاً عن أن الاتفاق سيعني التخلي تماماً عن "قانون إيرلندا الشمالية" الذي أرادت حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون تمريره في البرلمان، واعتبره الاتحاد الأوروبي انتهاكاً لاتفاقية دولية، هي اتفاق "بريكست" كله الذي يحكم العلاقات السياسية والتجارية بين لندن وبروكسل ما بعد "بريكست".

مغامرة كبرى

اعتبر بعض هؤلاء الكتاب والسياسيين أن تلك "مغامرة كبرى" من ريشي سوناك، إما ستجعله كما ينظر إليه على أنه "رئيس وزراء انتقالي"، أو "الشخص القادر على قيادة حزب المحافظين في الانتخابات العامة" العام المقبل. ولا يعتمد ذلك فقط على تصويت البرلمان البريطاني على الاتفاق الجديد مع الأوروبيين، ولكنه يعتمد على احتمالات التوافق أو الانقسام داخل حزب المحافظين الحاكم ذاته، بخاصة أن أنصارهم في إيرلندا الشمالية، الحزب الديمقراطي الوحدوي، لم يدعموا الاتفاق تماماً، كما أن جماعة "الأبحاث الأوروبية" داخل الحزب التي يقودها جاكوب ريس - موغ لم تحسم موقفها من الاتفاق، فضلاً عن موقف رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون الذي يريد العودة إلى صدارة المشهد بإفشال حكومة ريشي سوناك.

وتعود مشكلة بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي وقعه بوريس جونسون ضمن اتفاق "بريكست" إلى أنه أثار تعقيدات ومشكلات في التجارة وعمل الشركات بين الإقليم وبقية المملكة المتحدة. فأوروبا لم ترد أن تكون هناك حواجز حدودية برية صارمة بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت ذاته لم ترد بروكسل تسهيل انتهاك اتفاق "بريكست" عبر استغلال بريطانيا ذلك لتيرير التجارة المفتوحة تماماً بين إيرلندا الشمالية والجمهورية الإيرلندية في الالتفاف على خروجها نهائياً من أوروبا، بالتالي كان البروتوكول ضرورياً لضمان عدم انسياب السلع والبضائع بين بريطانيا والسوق المشتركة دون أي قيود أو فحص، بحجة أنها بين لندن وإيرلندا الشمالية.

واعتبر الوحدويون في إيرلندا الشمالية، وهم حلفاء حزب المحافظين الحاكم ومن المناوئين لأوروبا، البروتوكول، مرفوضاً منذ البداية، لأنه يشكل "حاجز حدود بحرياً" بين الإقليم والوطن الأم. وانسحب الوحدويون من السلطة التنفيذية المشتركة بينهم وبين الانفصاليين في الإقليم التي تفرضها اتفاقية "الجمعة الطيبة" التي أسست للسلام في الإقليم بعد سنوات من الحرب الأهلية.

"إطار وندسور"

في محاولة لاستعادة التوافق السياسي بين الحزب الديمقراطي الوحدوي وحزب "شين فين" في إيرلندا الشمالية، وتسهيل انتقال السلع والبضائع بين الإقليم وبقية بريطانيا، وحل مشكلات الشركات والأعمال، دارت المفاوضات بين لندن وبروكسل على مدى عامين، لكن تشدد المناوئين لأوروبا في الحزب الحاكم، من بوريس جونسون وجاكوب ريس - موغ إلى مايكل غوف ودومينيك راب وليز تراس، لم يشجع الأوروبيين على الوصول إلى حلول وسط.

ويبدو من اتفاق "إطار وندسور" الأخير أن أوروبا تعطي ريشي سوناك فرصة أفضل، إذ حصلت الحكومة البريطانية بالفعل على تنازلات واضحة من المفوضية الأوروبية مقابل إنجاح اتفاق "بريكست" ككل وتفادي انهياره الذي كان يمكن أن يحدث لو مرر قانون إيرلندا الشمالية الذي يصر بوريس جونسون على أنه أفضل حل لمشكلة بروتوكول إيرلندا الشمالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتضمن الاتفاق الجديد مسارين للتجارة بين إيرلندا الشمالية وبقية بريطانيا، وخطاً أخضر للسلع والبضائع وغيرها التي تبقى في إيرلندا الشمالية، وهذه لا تحتاج إلى فحص أو تدقيق لانتقالها عبر البحر من الجزيرة الرئيسة إلى الجزيرة الإيرلندية، وخط أحمر للسلع والبضائع وغيرها التي تذهب إلى الجمهورية الإيرلندية (أي تدخل السوق المشتركة) عبر إيرلندا الشمالية، وهذه تخضع للقيود والفحوص المتضمنة في البروتوكول السابق.

ومن التنازلات الأوروبية المهمة التي حصلت عليها بريطانيا أن ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الرسوم المفروضة في بريطانيا ستطبق في إيرلندا الشمالية. أما التنازل الأهم، فهو أن الأدوية التي تقر السلطات البريطانية استخدامها ستصبح متوفرة في الصيدليات والمستشفيات في إيرلندا الشمالية. وأهمية ذلك، أن المعايير الأوروبية صارمة جداً في الموافقة على الأدوية ولا تقبل باستخدام أي دواء تصرح به مثلاً السلطات الأميركية (مركز مراقبة الأمراض) إلا بعد استخدامه بسنتين. وهذا من بين القيود التي أراد مؤيدو "بريكست" التخلص منها. كما تضمن الاتفاق الجديد ما سمي "فرملة ستورمونت" في إشارة إلى حق السلطات الإقليمية في إيرلندا الشمالية الاعتراض على قوانين أوروبية تتعلق بالسلع والبضائع في حال موافقة 30 من نواب البرلمان الإقليمي في ستورمونت على ذلك بشرط أن يكون الموافقون من الحزبين الرئيسين.

تحديات أمام سوناك

ربما تمكنت حكومة ريشي سوناك من نيل رضا الأوروبيين عنها كشريك تفاوضي يعتمد عليه، ويمكن الوصول معه إلى اتفاقات "حل وسط". وحين يطرح سوناك اتفاق "إطار وندسور" على البرلمان، لن تكون مشكلته مع المعارضة، إذ إن حزب العمال المعارض أعلن على لسان زعيمه السير كيير ستارمر أنه سيدعم الاتفاق، بالتالي ليست هناك خشية خسارة التصويت، حتى لو اعترض صقور "بريكست" من حزب المحافظين على الاتفاق، كما أن تشدد الوحدويين في إيرلندا الشمالية واستمرارهم في وقف عودة السلطات التنفيذية المشتركة في ستورمونت مرتبط بالصراع على النفوذ بين لندن وبلفاست، ومع دعم "شين فين" للاتفاق سيزيد الضغط على الديمقراطيين الوحدويين للموافقة، بخاصة أن القول النهائي يظل للندن والحكومة المركزية، طالما أن إيرلندا الشمالية جزء من الاتحاد البريطاني.

أما التحدي الأكبر لحكومة ريشي سوناك فيأتي من شركائه في مجموعة "بريكست" داخل الحزب الحاكم. فجماعة "البحوث الأوروبية" هي التي أفشلت اتفاق حكومة تيريزا ماي مع الأوروبيين وأدت في النهاية إلى انهيارها ليصعد بوريس جونسون نهاية العقد الماضي. لذا، يلتقي ريشي سوناك مساء الثلاثاء بالمجموعة البرلمانية لحزبه الحاكم في محاولة لكسب تأييدهم الاتفاق وتفادي أي شقاق كما حدث من قبل مع تيريزا ماي وأطاحها في النهاية.

ربما لا تهتم مجموعة بوريس جونسون وليز تراس بنجاح الاتفاق مع الأوروبيين أكثر من اهتمامها بإفشال حكومة ريشي سوناك. ولا شك أن سوناك يدرك ذلك تماماً، ويسعى لإفشال جهودهم، لكنه لا يستطيع الاعتماد في ذلك على دعم المعارضة الذي قد يساعده على تمرير الاتفاق في البرلمان. فسوناك يريد أن يكون نجاحه في "إنجاز" الاتفاق الأرضية التي على أساسها يقدم نفسه لقواعد الحزب الحاكم والناخبين البريطانيين عموماً على أنه القائد الذي يمكنه أن يحقق مصالحهم، وذلك استعداداً لانتخابات العام المقبل التي حاول بوريس جونسون العودة لقيادة الحزب فيها.

اقرأ المزيد