Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

14 رواية عربية تسرد حكايات الغرام والمواجهات الوجدانية

الروائيون العرب كتبوا قصص الحب بالشوق والدمع ولوعة الفراق

لوحة للرسامة آريا عطي (صفحة الرسامة - فيسبوك)

" الحب أعزك الله، أوله هزل وآخره جد"، لا تزال مقولة الإمام #ابن_حزم_الأندلسي تنطبق على #الحب في كل زمان ومكان. ليس هناك من شعب انشغل بأسماء الحب وحالاته كما انشغل العرب، وضع ابن حزم في كتابه "طوق الحمامة" أربعين اسماً للحب، من ضمنها العشق، الهوى، الغرام، الصبابة، الهيام، الجوى، الوصال... ووضع شرحاً مفصلاً لاختلاف كل مفردة عن غيرها في الحالة الشعورية وطبيعة الوصل مع الآخر. وعلى مر الزمن حضر "الحب" في كتابات العرب شعراً، وأصبح له مشاهيره، وشاعت عبر التاريخ الماضي أسماء شعراء الحب العذري والجسدي، الذين عبروا عن حالاتهم الغرامية ووجدهم من أثر الفراق.

 

والحب هذا الإحساس الكوني الجامح الذي يجمع بين طرفين، منذ قديم الأزمان وحتى هذه اللحظة، يُعتبر من ضمن أكثر المشاعر التي نالت اهتماماً إبداعياً، فكُتب عنها بمنظور جمالي فريد، أساطير، ومعلقات وقصائد وحكايات ترتحل من جيل إلى جيل. من قيس وليلى، إلى خسرو وشيرين، وغيرهم كُثر، وصولاً إلى كل العشاق الخائبين، إذ لطالما اقترن العشق بخيبة العاشق، إنها الخيبة الحارقة التي تُشعل الحشى ليقول شعراً بالمحبوب، في يقظته ومنامه، ليحكي عنه للصديق، ويبث لوعته لعابر السبيل. وفي كل هذا تتجلى للحب وجوه بعضها معلوم وآخر مجهول، فلا مقياس واحداً، ولا وصفة معينة تليق بجميع الأحبة.

 

بيد أن للزمن الحالي مقاييسه وأنواعه الأدبية، فرسانه وفارساته في ميدان الكتابة عن الهيام. إذ أصبحت الرواية معلقة العصر الحديث، تجمع في صفحاتها وبين فصولها، هموم العاشق العاطفية والكونية، الوجودية والتراجيدية. هكذا يحضر الحب بقوة في الرواية العربية، بمختلف الأنواع والأسماء، حاظياً بشوق القراء لاكتشاف الحكاية، ورغبة النقاد في تشريح كيف يحضر الحب في أعمال الروائي أو الروائية العربيين.

1 – "الحب الضائع" لطه حسين

يضع طه حسين في رواية "الحب الضائع"، مشاعر الوله والصراع واليأس والإثم، في مرآة عاكسة للنفس الإنسانية، بين قصة حب ثلاثية الأطراف، الزوجة مادلين، والزوج مكسيم، والصديقة التي تتحول إلى عشيقة لورنس. اختار طه حسين أن يكتب القصة على لسان الزوجة، أن تضع معاناتها وألمها وحكايتها كلها في دفتر ثم تقرر الرحيل، بل الموت، تاركة ما حدث لها مع الحب الذي سيطر على فؤادها ثم أطاح ضياعه بحياتها كلها.

تتساءل مادلين قائلة: "ما عسى أن ينفعني هذا الكتاب؟ أتراه يرد على الحب الضائع الذي لا سبيل أن يعود؟ كنا نسمر في بيتنا مع جماعة من الأصدقاء وانتهى الكلام عن الحب والوفاء، وعرض مكسيم لعادة تقرها بعض المجتمعات المتحضرة، عادة تعدد الزوجات، وإذ مكسيم يدافع عن هذه العادة دفاعاً حاراً، ويزعم أن قلب الإنسان أوسع من أن يضيق بحب شخص واحد".

ناقش طه حسين فكرة الحب من جانب أنه عاطفة غير مستقرة، مهتزة عند البعض، وقابلة للزوال أو التحول بسهولة، فيما هي قد تكون مستقرة ومؤلمة عند طرف آخر لا يتقبل تحول المحبوب عنه، ونزوعه للتخلي بكل بساطة.

2- "عصر الحب" لنجيب محفوظ

ضمن عناوين مؤلفات شيخ الروائيين العرب نجيب محفوظ، ثلاثة عناوين يحضر فيها اسم الحب، وهي: "الحب تحت المطر"، و"عصر الحب" و"الحب فوق هضبة الهرم". يتجلى مفهوم الحب في الكتابات المحفوظية ليتخذ مفاهيم متشعبة، بين رغبة محفوظ في التطرق إلى نموذج التواصل بين البشر والتساؤل عن هوية الحب الحقيقي وفلسفته المضمرة غير المقتصرة عند محفوظ في العلاقة بين الرجل والمرأة فقط، بل في صبو الروح إلى نوع من النبل من العسير تحقيقه إلا في النفوس العالية، إذ يميل محفوظ إلى الكشف في كتابته دائماً، أن البشر جميعاً يرغبون بالحب لكنهم لا يملكون الجلد على تقديم القرابين له، لذا سرعان ما يزول في زحمة الحياة وضغوطها، إنهم لا يستطيعون مواصلة الطريق والبذل بسخاء، هذا الحب البشري، هو عينه الحب الصوفي الذي لا يقدر عليه كل البشر أيضاً. لقد تنوعت أشكال الحب في مرايا محفوظ، وقدم له صوراً ونماذج متعددة تشعبت في أكثر من اتجاه وشكل، وفق المراحل الزمنية أيضاً التي مرت على مدينة القاهرة، فعكست علاقات الحب صوراً للواقع السياسي والاجتماعي، كما نرى مثلاً في الثلاثية، وفي رواية أخرى مثل "الكرنك"، أو "القاهرة ثلاثين".

 

في روايته "عصر الحب"، يقول: "إليكم حقيقة ست عين التي طمس الحب عليها"، إن بطلة محفوظ الست عين التي تحب الفصول الأربعة وتسبغ الرحمة على كل من تتعامل معه وتدعو للخير أن ينتصر، المرأة الخمسينية التي لا يُعيبها نحول أو سمنة، يقدمها محفوظ كنموذج للحب الرحيم، في رواية تتخذ السرد الواقعي، وتبني عالمها الداخلي من تقصي الحب الصوفي في النفس الإنسانية، وتقارن بينه وبين وضاعة الشر البشري.

3- "الحب تحت المطر" لنجيب محفوظ

يقول بطل الرواية مرزوق لحبيبته عليات في رواية "الحب تحت المطر": "نحن نتحرك بدافع اللهو كثيراً، ثم يجيء وقت لا يُقنعنا فيه إلا الحب الحقيقي... الحق أني أحبك كأعز شيء في الدنيا". وعلى رغم البداية العاطفية والحساسة بين الحبيبين وحوارهما الطويل عن طبيعة علاقتهما، إلا أن الأحداث سوف تنعطف لسنوات حرب 1967، سرعان ما سوف تحتل الهزيمة المشهد، تسكن حياة الأبطال جميعاً؛ سوف يتلاشى حب مرزوق لعليات ويتخلى عنها، إنه الحب الذي أذابته قطرات المطر، الحب الذي لم يتمكن من المقاومة والاستمرار.

أما أحد أبطال قصة "نور القمر" من مجموعة "الحب فوق هضبة الهرم"، يصف الحب بأنه: "كالموت تسمع عنه كل حين خبراً، لكنك لا تعرفه إلا إذا حضر، وهو قوة طاغية، يلتهم فريسته، يسلبها أي قوة دفاع، يلتهم عقله وإدراكه، يصب الجنون في جوفه حتى يطفح به. إنه العذاب والسرور النهائي... لقد خبرت الضحك والسخرية والشهوات، وآن لي أن أعرف الشجن وأترنم بألحان الأسى".

4- "اسمه الغرام" لعلوية صبح

"الشعور بالنقصان جحيم العاشق وعذابه. للعاشق دوماً رغبة في الحضور أمام المعشوق، على أنّه حضور تامّ وكامل وطاغٍ". في روايتها "اسمه الغرام"، دار الآداب، بيروت، تقدم الكاتبة اللبنانية علوية صبح رؤية فريدة للحب، من وجهة نظر أنثوية لامرأة بلغت أواخر الخمسين، وتؤمن أن لا شيء يقاوم الشيخوخة غير الحب. تواجه بطلة الرواية "نهلا"، حقيقة مشاعرها نحو جسدها منذ سنوات الصبا حتى الكهولة؛ تُعري الطبقات التحتية للذات وتعترف أن الجنس بلا حب هدر للجسد، وهي لا تريد أن تُضيع جسدها. تقدم الرواية أسئلتها عن الحب، وتابوهات المجتمع الذي يجعل تواصل المرأة مع جسدها عسيراً، إلى أن تقطع في حوارها مع ذاتها الداخلية أشواطاً بعيدة تعطيها الإجابات عن الحب والجسد والزمن الذي يمضي بينهما. تقول: "ثمة شيء غامض كان يحدث في جسدها. شيء يشبه الوجع، لكنه ليس وجعاً. شيء يشبه زقزقة الفرح، لكنه ليس فرحاً خالصاً. سألتني وعيناها دامعتان عما إذا كان الذي تحس به اسمه الغرام".

5- "الحب في المنفى" لبهاء طاهر

تشتبك مشاعر الحب والاغتراب والحرب، في رواية "الحب في المنفى" لبهاء طاهر، دار الآداب، بيروت. وتتطرق إلى الاجتياح الإسرائيلي على لبنان في عام 1982، وما تعرض له الأهالي الأبرياء من قصف وموت ودمار. البطل صحافي في منتصف العمر ناصري شبه منفي إلى بلد أوروبي، مُطلق وأب لطفلين، يقع في غرام فتاة أوروبية تدعى بريجيت وهي فتاة شابة تبادله الحب، وقد خاضت في غمار الحياة وعانت ما عانته، إلا أنها تقع في هوى الرجل المصري الغريب، القادم من بعيد، هنا يبدأ الصراع الداخلي بين استمرار هذا الحب أو وأده قبل أن ينتشر أكثر. تقول له: "اسمع لا أريد أن أراك بعد اليوم، سامحني ولكن يحسن أن لا نلتقي. أظن أني أحببتك وأنا لا أريد ذلك".

 

فالبطل له معاناته النفسية الغائرة، يتشظى بين اغترابه عن وطنه وطلاقه وخيانة الأصدقاء، يقاوم وحدته بتذكر أبيات من الشعر العربي القديم الذي يحفظه من سنوات الشباب، يردد شعر طرفة بن العبد، والمتنبي، وعمر بن أبي ربيعة، هرباً من ذاته القلقة، التي ترميه في منفاه نحو وعود الغرام.

لكن ليس الحب وحده هو الذي يشغل بال العاشقين. الحب هنا يُمثل بيتاً أليفاً يحتمي به الحبيبان من ضربات الزمن، ملجأ للهرب من الألم، ومحاوله يائسه للقبض على لحظات من البهجة الضنينة. يقول: "لماذا لم تُطع بريجيت عندما حانت اللحظة؟ أن تكونا معاً إلى الأبد بعيداً عن العالم، بعيداً عن الأمير، بعيداً عن الحرب التي لا تستطيع أن توقفها. لماذا لم تواتك الشجاعة؟ لماذا لم تكن مُستعداً؟".

6- "غراميات شارع الأعشى" لبدرية البشر

تقدم رواية "غراميات شارع الأعشى"، دار الساقي، بيروت، للكاتبة السعودية بدرية البشر، نماذج من الحب بالأبيض والأسود. تعود أحداث السرد إلى زمن السبعينيات، حين كانت الشابات المراهقات في شارع الأعشى يتعلمن أفكارهن عن الحب من خلال الأفلام المصرية والمسلسلات، وحين كان أحد الجيران يهيم غراماً بالمطربة سميرة توفيق حين تغني، وتغمز بعينيها: "يالله صبوا هالقهوة"، مما يُشعل قلب زوجته غيرة. رواية حافلة بتفاصيل حياتية أليفة وحميمة عن الحياة التي تسربت بعيداً ولم يبق منها إلا ذكريات شاحبة، مثل صوت الراديو الترانزيستور وأغنيات أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش، ترصد الكاتبة تحولات الزمن ودخول التغيرات العصرية على البيوت في السعودية، من تكييف وتلفون، وتلفزيون ملون، وسط هذا العالم تتشكل قصص الحب البريئة، التي يكون عمادها النظرات والابتسامات والرسائل الورقية المتبادلة، أما اللقاءات الشحيحة الخاطفة فتحصل في السوق وعلى الأسطح والعتبات، في مرور خاطف يترك العاشقين في حالة وجد وأحلام وتخيلات. لنقرأ: "تخبرني عواطف في أحاديث السطح أنها لا تتخيل أن تعيش حياتها مع رجل آخر غير سعد، وبأنها حين تحلم، فهي لا تحلم بأن تكوي ثياب رجل آخر غير سعد وغترته الحمراء، وتطبخ له الأرز، وتنتظره حتى يعود من العمل صيفاً وشتاء، وحين ينتفخ بطنها، فإنها ستحمل ابنه هو، وسُتسميه كما وعدته على اسم والده".

7 – "أنا عشقت" لمحمد المنسي قنديل

 تبدأ رواية "أنا عشقت"، دار الشروق، القاهرة، لمحمد المنسي قنديل، مع ورد التي تنتظر حبيبها حسن على رصيف محطة القطار، إنه الانتظار المتوجس الذي يُخيم على حالة الرواية منذ السطور الأولى، والعشق مقترن بالانتظار دائماً في قلوب العشاق. تقول له: "أريد فقط أن أعرف إلى متى سيطول بي الانتظار هذه المرة؟ في المرة السابقة، غبت عدة أشهر بلا تفسير ولا رسالة واحدة. هل تتخيل مدى الرعب والافتقاد اللذان عشت فيهما هذه الأيام؟ على أي حال لن أنتظرك، سأتظاهر بأنك دوماً معي، وسأتحدث معك كما لو أنك بجانبي، وسأرتدي كل الثياب التي تحبها كأنك تنظر إلي".

 

تكمن مأساة الرواية في حالة العشق التي يتطلع إليها الأبطال ويخيب أملهم، ثم تنقلب أحلامهم إلى إحساس بالمرارة والخسارة والتجمد، كما تتجمد ورد عند محطة القطار تنتظر عودة حبيبها، فلا يظل حياً فيها إلا قلبها. يتكل الكاتب على رمزية القلب النابض الذي يؤكد وجود الحياة واحتمالية استمرارها، كما احتمالية استمرار الحب.

8- "بين أروى ومريم" لأريج جمال

في روايتها "أنا أروى يا مريم"، دار الساقي، بيروت، تقدم الكاتبة أريج جمال قصة حب مثلية بين فتاتين، إحداهما مريم وهي فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها، ولدت في مدينة الرياض، وعادت إلى القاهرة بعد أن فقدت والديها إثر موتهما في حادث سير أليم. تكتشف مريم هويتها الداخلية بعد ظهور أروى في حياتها، التي تختار العودة إلى مصر بعد قيام ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، تسعى البطلتان، إلى اكتشاف مصيرهما الغامض مع تغيرات العالم من حولهما. الأولى في معرفة هويتها الجسدية، والثانية في رؤية المدينة المشتعلة بالثورة وكأنها بمجرد هذه الرؤية سوف تتمكن من تحقيق انتقام فردي لمن سبب لها معاناة كبرى في حياتها ككل. تُقدم الرواية قصص الحب عبر لغة شفافة، متواطئة مع المضمون المُرتبك، هناك أيضاً قصة حب سارة والدة أروى للشاب المسيحي، قصة وله مؤثرة تؤدي لتشتت في المصائر، وشروخ غائرة في ذات الحبيبين، تُسفر عن مأساة عائلية تدفع بأروى للسفر إلى ألمانيا وتعلم العزف على آلة "الأبوا"، تعزف أروى في الميادين والشوارع والطرقات، لذا تقرر العودة إلى مصر في لحظة فارقة من الزمن، كي تعزف للثوار في ميدان التحرير. أما مريم التي يصيبها سحر أروى الذاتي والموسيقي، فإنها تمضي في مسار جديد لتتعرف فيه إلى ذاتها وتعيد قراءة ماضيها ولحظتها الحاضرة.

9 – "خارطة الحب" لاهداف سويف

أي خريطة يُمكن أن تكون للحب؟ يتشعب هذا السؤال بين أزمنة وأمكنة مختلفة في رواية أهداف سويف "خارطة الحب"، دار الشروق- القاهرة، تضع الكاتبة في بداية روايتها خريطة بأسماء الأبطال وأزواجهم، ويتضح من الأسماء مدى تشعب الصلات العاطفية لتمتد عبر أكثر من بلد، من مصر إلى لندن، وأميركا. تبدأ الأحداث مع أمل التي تعيش في حقبة التسعينيات وتدون روايتها، فتعود بالأحداث إلى عام 1870.

 

تكتب أمل قصة حب آنا المرأة الإنكليزية، مع شريف البارودي، ثم قصة حب ياسمين والموسيقار جونثان المطلق الأرمل الذي يكبرها بعدة سنوات، لكنها تقع في غرامه، وفي سحر عزفه. تدمج الرواية بين التاريخ والسياسة والحب، تنتقل برهافة بين أكثر من زمن، وأكثر من حكاية غرام وعشق، تقول: "كيف يصيبنا الحب هكذا فجأة؟ من دون إنذار؟ من دون استعداد؟ أليس من المفروض أن يزحف علينا وئيداً؟ يأخذ وقته، حتى إذا جاءت اللحظة التي نُصرح فيها "أنا أحب"، نعرف، أو على الأقل نظن أننا نعرف ماذا نحب؟ كيف يحدث هذا؟ وضع الكتفين، اتساع الخطوة، ظل خصلة من الشعر على الجبهة، كيف تحرك مشاعر القلب إلى هذه الدرجة؟".

10- "حكاية حب" لغازي القصيبي

هل صحيح أن "العين التي يُعميها الحب لا ترى إلا الكمال؟" يطرح غازي القصيبي هذا السؤال في روايته "حكاية حب"، دار الساقي، التي تطرح العديد من الأسئلة الوجودية على مدار النص. البطل يعقوب محام مريض يقيم في نزل ملحق بدير لاستقبال المرضى، وهو كاتب له ثلاث روايات، ويعتبر أن رواياته غير ناجحة وأنه يكتب للتسلية. يلتقي في متجر لبيع الحُلي، بامرأة تدعى روضة، زوجة صاحب المتجر الذي يكبرها بسنوات كثيرة، يقع يعقوب في غرام روضة التي أصبحت أماً للمرة الأولى منذ عدة أشهر، يلتقي بها على شاطئ البحر، وعلى مقربة منهما تجلس أمها وابنتها الرضيعة، تشتبك مشاعره نحوها في علاقة مضطربة يسعى لإيجاد تفسيرات لتعلقه بها. يتداخل السرد بين هذيان يعقوب في المستشفى مع الممرضة هيلين، وبين حواراته مع روضة، المفترضة والواقعية. يتخذ الحب في رواية القصيبي طابع التجربة والسؤال، كأن يقول: "هيلين، ممرضتي الجميلة، قولي لي ما هو الحب؟"، ثم يجيب "الحب هو القوة السحرية التي تُمكن الإنسان من التعامل مع قضايا الحياة من دون الاستعانة بخدمات الموت". يتورط يعقوب أيضاً في نقاشات عن الحب مع طبيبته النفسية يقول لها: لا أصدق أن طبيبة نفسية شهيرة لا تعرف تفسيراً للحب سوى دوافع الجنس الظاهرة والخفية. فتأتيه الإجابة منها قائلة: "لا أحد يعرف تفسيراً للحب. فرويد، نفسه، حاول ولم ينجح. وقبله أخفق كل الفلاسفة والشعراء والكتاب الذين حاولوا. هل تتوقع من عجوز مثلي أن تعرف ما لم تعرفه أعظم العقول البشرية في التاريخ".

تناقش الرواية أيضاً علاقة الشرق بالغرب، فيقول البروفيسور الإنكليزي: "الشرق... الشرق الغامض"، ويحضر أيضاً كلام عن الكتابة بوصفها عملاً شاقاً دفع بكثير من الكتاب إلى الانتحار أو الجنون أو الإدمان.

11- "حبي الأول" لسحر خليفة

ربما تكمن مأساة الحب الأول في أنه عصي على النسيان! تحفر سحر خليفة عميقاً في روايتها "الحب الأول"، دار الآداب، بيروت، لتفكك هواجس الحب الأول وخيالاته، ما الذي يظل منه في باطن العاشق والمعشوق؟ تتداخل في رواية خليفة العلاقة بين الحب والوطن، بين الجذور والسياسة والتاريخ. تواجه البطلة "نضال"، التي تكشف لها أمها أن هذا الاسم اختارته لها في مرحلة زمنية كانت الأسماء مشتركة بين التذكير والتأنيث. لكن نضال لم تمض في طريق حمل السلاح تماشياً مع اسمها، بل اختارت الفن وحملت الريشة لترسم، واجهت صراعاً داخلياً بشأن الفن، لقد كانت تقوم بتقليد رسومات المجلات والفنانين، من دون أن تبذل جهداً لتقديم رؤيتها الخاصة للفن، لكن خالها يقول لها: "هذا ليس فناً". لذا يصير عليها أن تجد طريقها هي الذي لا يتشابه مع غيره. ووسط أيامها المضطربة الراغبة بالفن والحياة وإيجاد الشعلة الداخلية، يحضر حبها الأول، تقول: "في ذاك الحرش التقينا، أنا في بداية مراهقتي، وحبي الأول أكبر مني، أكبر بقليل. في ذاك العصر لدى أم نايف وبعد الغداء، سمعنا انفجارات بعيدة، هرعنا إلى الخارج كي نعرف وستي تتلو القرآن. رأينا شاباً يأتي من الغرب، يركض ركضاً، والحطة تموج وترفرف حول رأسه، وحين وصل إلينا سمعنا لهاثه وكان مخيفاً... كنت ما زلت صغيرة وأقترب بخطى سريعة من البلوغ، لكني أحسست لأول مرة أن هذا الولد، أو هذا الشاب، أهم بكثير من محسن سرحان. أحلى وأروع، أقرب وأبعد. أكاد ألمسه بيدي هذه وهو بعيد عني، فبدأت أعي حرقة الإحساس بالرغبة في عمر صغير".

12 – "غرام براغماتي" لعالية ممدوح

كيف يكون الغرام براغماتياً بين عاشقين؟ كيف يمكن أن تتحول لواعج القلب إلى نقاشات فكرية، وكيف تصير لمسات العشاق في مرمى التحليل الذهني والتفسيرات المنطقية! تمضي رواية "غرام براغماتي" لعالية ممدوح، دار الساقي، بيروت، لتقدم رؤية البطلين للحب، من خلال تعدد في الأماكن بين لندن وفرنسا والعراق، وتشعب الأفكار والنقاشات الوجودية والفلسفية تضع الرواية فكرة الحب على طاولة التشريح الدقيق للوصول إلى جوهرها وغايتها وما الذي تفعله في داخل الإنسان من تغيرات، فالحب عمل أقل لا يُمكن لكل البشر أن يحتملوه إلى النهاية، لذا يفرون منه، يتركونه في منتصف الطريق ويمضون بعيداً.

 لنقرأ رؤية البطلة راوية للحب: "الحب بشكل أو بآخر فعل هدام، يستعجل الهدم، ويجعل الشخص أو الأشخاص في موقف الدفاع عن النفس... المعرفة يا بحر هي أحد جوانب الحب، وحتى لو عرفنا أشياء أكثر ألف مرة عن أنفسنا فلن نصل إلى القاع، سنظل لغزاً غامضاً لأنفسنا، كما سيظل رفيقنا الإنسان لغزاً غامضاً لنا، الطريق الوحيد إلى المعرفة الكاملة يكمن في فعل الحب.

 أما بحر في رؤيته وتقييمه للحب، فإنه يحكي عن السأم وعن الضجر من الاستمرار، وإرهاق التوغل أكثر في المشاعر، يقول: "يا راوية، أنا أعاني شيئاً آخر، يحبطني، كملول يائس من النظر والملامسة والانكشاف، وأدري أنني أغش في أغلب الأحيان، فلا أمل كما يجب، أو يبدو مللي كما لو أنه لا يستطيع أن ينقذني منك".

 13 – "أهل الهوى" لهدى بركات

"من الحب ما قتل"، ربما تنطبق هذه المقولة على رواية "أهل الهوى" للكاتبة اللبنانية هدى بركات. إذ تبدأ الأحداث بقتل الزوج العاشق لزوجته، فهل انقلب الحب إلى كره، أم فاض عن حده فأدى إلى عمى البصيرة والجنون. البطل نزيل مصحة "دير الصليب" للأمراض النفسية والعقلية في بيروت يبدأ حكايته، قائلاً: "بعد أن قتلتُها جلست على صخرة عالية... عرفت أني قتلتها، أني شربت روحها، أني شربت ملاكها وصار في... إن من لم يقتل لا يعرف. إن من لم يعرف الهوى والغرام مكتملاً كشمس، لا يعرف. لا يعرف أن بذرة الموت تنزل في رطوبة الظلمة الملائمة. حين نوقن من اللمسة الأولى أنه هو نفسه ذلك الجلد بحرارته المضبوطة استثنائياً ونهائياً من أجل حرارة جلدنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحكي الرواية أيضاً عن الحرب اللبنانية وليالي القصف والانفجارات والاختباء في الملاجئ، وتعكس حالة بطلها أيضاً وحالة الهوى الدامي، والوطن الذي يتهاوى على أبنائه ليشتت بعضهم، ويقود آخرين إلى الهذيانات والجنون، فتبدو الرواية مشرعة أبوابها على التشظي العنيف الذي وقع بسبب الحرب، وقاد إلى كل الأمراض والهزائم النفسية والجسدية عند الأبطال.

14- "رامة والتنين" لإداور الخراط

يبدو الهوى عاصفاً في رواية "رامة والتنين"، دار مطابع المستقبل، الاسكندرية، لإدوار الخراط، يهيم البطل ميخائيل بمحبوبته راما، لكن راما في تقلباتها العاطفية وهواجسها وحسيتها، تضن على ميخائيل بشعور الأمان، بل تجعله غارقاً في لجج الحيرة والشك في حبها له، بل توقع خيانتها. لنقرأ: قالت له راما، هامسة، في الفجر الموحش الأخير، كأنها تحدث نفسها: "لا تعرف كم أحتاج إلى الحب. وكم من الحب والمتعة أستطيع أن أعطي".

يرد ميخائيل: "بل أعرف. لأنني أعرف شيئاً عن نفسي... يا حبيبتي، ماذا تعرفين عني بعد، على الرغم من كل شيء؟ أتعرفين على الأقل مدى هذا الألم، والوحشة؟ مدى هذا الحب؟".

تدور أحداث الرواية في مدينة الإسكندرية، وتتداخل أنواء هوائها العاصف مع رياح العشق التي تجول بين ميخائيل وراما. أما الزمن فيعود إلى ستينيات القرن الماضي، وبين تفاصيل الهيام والوله الباطني، والقلق المبثوث في كل الحوارات بين البطلين، ثمة تساؤلات ترتبط بالانتماء والهوية الذاتية والفن والإبداع، يتسبب بها الإحساس ببداية التحولات الكبرى والهزائم السياسية والاجتماعية. تميزت الرواية أيضاً بخصوصية لغوية فريدة تجلت في الحوار والتداخل بين الرمز والأسطورة والواقع، إلى جانب حركة المشهد الداخلي، الذي يتوزع بين الذاكرة واللحظة الآنية المعاشة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة