Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحسن الاقتصاد البريطاني رهن بسعي الحكومة لتحقيقه

افتتاحية: المهمة الأولى تتمثل في العمل على إعادة التضخم إلى المعدل الهدف من دون التسبب بمزيد من الانهيار

جيريمي هانت: الاقتصاد يواجه أوقات عصيبة (ريوترز)

من غير اللائق إنكار حقيقة أن تجنب #المملكة_المتحدة من الانزلاق إلى #الركود خلال الأشهر الأولى من عام 2023 يشكل على الأقل بصيص أمل وأخبار سارة.

فلولا موجة #الإضرابات، بعيداً من مناقشة حتميتها أو مزاياها، لكان أداء الاقتصاد البريطاني أفضل بقليل. وفيما تشير بعض الأدلة إلى أن الاستثمار التجاري قد استجاب لخطة الخصم الضريبي "الفائق" على إنفاق رأس مال جديد، فإنه على نطاق أوسع، توقع "بنك إنجلترا" أن يكون مسار ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة معتدلاً إلى حد كبير في الأشهر المقبلة.

ومع حلول تاريخ تتويج الملك تشارلز المرتقب في فصل الصيف، من المفترض أن يواصل التضخم انحساره إلى النصف، كما وعد ريشي سوناك، ومن المحتمل أن تمنح الاحتفالات دفعاً متواضعاً لقطاع السياحة ومبيعات التجزئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن عند هذا الحد تنتهي الأخبار السارة. فالاتجاه العام للإنتاج الاقتصادي ينحدر بشدة نزولاً. ويبدو الركود خلال عام 2023، وإن أتى في معدل أقل مما كان يخشى منه في البداية، أمراً محتماً بمقدار ما يمكن أن تكون عليه أي ظاهرة اقتصادية. والواقع أن انخفاض الإنتاج في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنحو 0.5 في المئة، كان أسوأ مما توقعه المحللون.

في الواقع، لم نر بعد تبعات معدلات الفائدة المرتفعة، وستواجه ميزانيات الأسر ضغطاً إضافياً عندما تطبق الزيادات الضريبية في أبريل (نيسان) المقبل، ومنها ارتفاع أسعار الطاقة الأكيد من متوسط 2500 جنيه استرليني (3025 دولاراً أميركياً) إلى ثلاثة آلاف جنيه استرليني (3630 دولاراً أميركياً) - وهي العتبة التي نبه مارتن لويس إلى أنها تشكل خطراً لا سيما على الأسر الفقيرة.

يضاف إلى ذلك أن مفاعيل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وتداعيات جائحة "كورونا الطويلة الأمد"، والزيادة في عدد الأشخاص الذين يختارون التقاعد المبكر، جميعها عوامل متضافرة من شأنها أن تؤدي معاً إلى تقلص حجم القوى العاملة، وتراجع نمو الشركات. كما أنه لا توجد مؤشرات كثيرة على توقف الإضرابات النقابية التي تطاول مستشفيات ومدارس وقطاع السكك الحديد وغيرها من القطاعات.

من هنا، تبقى النظرة المستقبلية متجهمةً بشكل أكيد. وبما أن التدبير الذي قد يشكل الدعامة الأكبر للنمو الاقتصادي - المتمثل في عكس مسار المغادرة البريطانية للكتلة الأوروبية - لا يكمن على ما يبدو في اتخاذ قرارات سياسية واقعية، فإنه سيتعين على كل من جيريمي هانت والسيد سوناك، الإتيان بمحفزات جديدة من شأنها أن تعاود دفع عجلة نمو الاقتصاد قدماً مرةً أخرى.

وتتمثل المهمة الأولى لتحقيق ذلك في تشديد القيود الاقتصادية لجعل التضخم يعود إلى معدله المستهدف، من دون التسبب بمزيد من الانهيار. وهذا يعني دعم "بنك إنجلترا"، وضمان عدم تقويض السياسة النقدية من خلال التخفيضات الضريبية. ولا بد للإنفاق العام من أن يتبع هو الآخر سياسة تقشفية، على رغم أن المطالبة بالتوصل إلى تسوية أكثر سخاءً لـ "الخدمات الصحية الوطنية" وموظفي الرعاية، تعد حججاً قوية وسديدة.

ويفترض بالحكومة أن تجري أيضاً إعادة نظر في إمدادات العمالة الخارجية من مختلف الأنواع. فالخلل في نظام الهجرة القائم على النقاط، يعد افتراضاً بأن المملكة المتحدة تحتاج فقط لعدد قليل نسبياً من الطلاب والعمال المهرة لتلبية احتياجات البلاد.

إن ذلك يشكل فشلاً واضحاً، وسواء وصل العمال الراغبون من الاتحاد الأوروبي أو من خارجه إلى المملكة المتحدة، فإنه لا يمكن للاقتصاد البريطاني أن ينمو من دون توافر عدد كاف من الأفراد لدفعه إلى الأمام. وقد تسبب النقص في عدد العاملين بارتفاع تكاليف العمالة والتضخم، وهو أحد أسباب الحاجة لتخفيف القواعد وإصدار مزيد من تأشيرات العمل في أسرع وقت ممكن.

أما على المدى الأبعد، فلا يمكن إلا لحملة جادة من الاستثمار في التقنيات الجديدة والصناعات الحديثة، أن تحقق دورةً حميدةً من ارتفاع الإنتاجية، وزيادة المبيعات والصادرات، ورفع الأجور، وتحقيق مستويات معيشة أعلى، بما في ذلك الخدمات العامة عالية الجودة وتحصينات أقوى للبنية الاقتصادية. وما تستطيع الحكومة القيام به، هو الإشارة إلى أن الاستثمار في مستقبل كهذا إنما يشكل أولويةً وطنية، ولهذا السبب فإن إنشاء وزارة مخصصة للعلوم والابتكار والتكنولوجيا، من شأنه أن يمثل تطوراً يبعث على الأمل.

وسيكون الجانب الأكثر أهميةً تمديد الإعفاءات الضريبية الناجحة للخصم الضريبي الاستثماري (بدلاً من التخفيضات العادية في ضريبة الشركات)، وحماية الاستثمار ما أمكن في قطاع النقل والبنية التحتية المستدامة. وهذا من شأنه أن يسهم من جهة في خفض فواتير الطاقة بالنسبة إلى الأسر والشركات على حد سواء، والمساعدة من جهة أخرى في إنقاذ الكوكب.

على الصعيد السياسي، قد نضطر إلى الإقرار بأنه لا يمكن عكس مسار الخروج من الاتحاد الأوروبي في وقت قريب، وأن "فرص بريكست" هي خيالية إلى حد كبير. لكن الأمر يشكل سبباً إضافياً لجعلها تعمل بشكل أفضل من خلال اتخاذ تدابير هامشية تدريجية تساعد في إزالة الاحتكاكات والعوائق غير الضرورية - ليس فقط بالنسبة إلى إيرلندا الشمالية، بل على مستوى المملكة المتحدة ككل.

في المقابل، قد تكون هناك بعض القطاعات ذات الأهمية الدولية سريعة التطور، مثل "التكنولوجيا المالية" (فينتيك) و"الذكاء الاصطناعي"، إذ يمكن تنظيم قواعدها على نحو يصب في مصلحة المملكة المتحدة. وقد يدفع اتفاق التجارة الحرة المفترض مع الهند، الذي تأخر بعض الشيء، بالمملكة المتحدة نحو سوق ديناميكية ناشئة، على رغم أنه لن يكون وحده كافياً لإصلاح الضرر الناجم عن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.

بعبارة أخرى، تمتلك بريطانيا بعضاً من القدرة على التحكم بإدارة شؤونها في المستقبل - حتى بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وحتى لو كانت ستجد نفسها في وضع أفضل ضمن السوق الأوروبية الموحدة.

لا بد من القول أخيراً إنه يمكن للأمور أن تتحسن، لكن مع ذلك، سيكون العمل شاقاً وطويلاً.

© The Independent

اقرأ المزيد