Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستمر ضغوط السيولة على البنوك الخليجية خلال 2023؟

وسط مواصلة رفع الفائدة بين البنوك وزيادة كلف التمويل إلى مستويات مرتفعة

تسارع مستويات الإقراض مع رفع الفائدة سيشكل تحديا أمام القطاع المصرفي الخليجي ( غيتي)

من المرجح أن تستمر ضغوط السيولة على البنوك الخليجية، لا سيما في السعودية والإمارات خلال عام 2023، على رغم توقعات استمرار رفع الفائدة وسط تسارع مستويات الإقراض مع اعتماد شركات حكومية وشبه حكومية على تمويل توسعاتها عبر المصارف بشكل كامل، بحسب محللين ومتخصصين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية".

وقال المحللون إن ملامح شح السيولة في القطاع المصرفي تظهر من خلال زيادة الطلب على القروض في مقابل نمو الودائع وتضاؤل حركة التدفقات المتداولة في الأسواق المحلية، وسط تأثيرات رفع أسعار الفائدة وزيادة معدل فائدة بين المصارف وبروز فرص استثمارية جاذبة أكبر.

وأشار المحللون إلى أن ارتفاع كلف الاقتراض قد يلقي بآثار سلبية على الاقتصاد الكلي حين النظر إلى تباطؤ القدرة بتزويد القطاع الخاص بالقروض وفق معدلات فائدة معقولة، بينما تحظى البنوك بسوق إقراض جاذبة في ما بينها وفي السندات الحكومية، وهي التي ستكون أعلى عائداً وأقل أخطاراً من منح القروض إلى الأفراد وقطاعات الأعمال.

مشكلة غير متوقعة

وبحسب أحدث تقرير أصدرته شركة "بي دبليو سي" (PWC)، فإن السعودية واجهت مشكلة غير متوقعة تمثلت في نقص السيولة على مستوى القطاع المصرفي خلال فترات محددة، وهو ما بدا واضحاً في الارتفاعات التي شهدتها معدلات الفائدة على الريال المعروضة بين البنوك مقارنة بمعدلات الفائدة على الإقراض بالدولار، وقد حققت هذه الارتفاعات حداً أقصى بلغ حوالى 1.5 نقطة مئوية خلال شهور أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضية، ليعود وينخفض في بداية العام الحالي إلى 0.66 نقطة مئوية، وهو رقم مماثل للمتوسط الذي كان سائداً بين عامي 2020 و2021، مع العلم أنه لا يزال أعلى من متوسط عام 2019.

وأوضح التقرير أن هذه الارتفاعات اعتبرت مفاجئة، فعادة ما يولد ارتفاع أسعار النفط سيولة محلية كبيرة مما يؤدي بدوره إلى اختلافات طفيفة في معدلات الفوائد بين البنوك، إلا أن الحكومة لم تودع كثيراً من أرباحها النفطية غير المتوقعة في البنوك المحلية على غرار الدورات السابقة، والأهم من ذلك أن السعودية بصفتها الاقتصاد الأسرع نمواً في مجموعة الـ 20، تشهد نمواً قوياً على مستوى الائتمان، وهو أمر يرتبط جزئياً باستثمارات رؤية 2030 والتعافي بعد فترة الجائحة، علماً بأن نمو الودائع لم يواكب هذا التوجه. 

ونتيجة لمشكلة نقص السيولة اضطر البنك المركزي السعودي (ساما) إلى التدخل في مناسبات عدة آخرها خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لضمان قدرة القطاع المصرفي على دعم التوسع الائتماني، وقد حدث كل ذلك في ظل الارتفاع السريع لمعدلات الفائدة الذي أقره "المركزي السعودي" تماشياً مع رفع الاحتياط الفيدرالي الأميركي للفائدة، مع الإشارة إلى أن دول الخليج الأخرى التي رفعت هذه المعدلات لم تشهد تقلبات مماثلة في الفائدة.

إجراءات تصحيحية

 ووفق التقرير فإن السرعة غير المسبوقة في رفع الفائدة والتي انعكست إلى حد كبير في دول مجلس التعاون الخليجي فرضت ضغوطاً كبيرة على سيولة السوق، إلا أن الواقع سيتغير إذ سيشهد عام 2023 إجراءات تصحيحية.

ضغوط موقتة

وفي السياق قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال تصريحات صحافية في ديسمبر( كانون الأول ) الماضي، إن نقص السيولة في النظام المصرفي مؤقت ويعود أساساً لتقلبات السوق الأوسع، مشدداً على أن البنك المركزي يمتلك رافعات مالية كافية تمكنه من التدخل في أي وقت لدعم القطاع، وفق وكالة "بلومبيرغ".

حديث الوزير يتسق مع تقرير حديث لوكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني خلصت فيه إلى أن وضع البنوك السعودية لا يزال إيجابياً بفضل رأس المال القوي، وأشارت إلى أن ضغوط السيولة الراهنة ستتناقص على المدى القصير بفضل تدخلات البنك المركزي.

وأوضحت "ستاندرد آند بورز" أن النمو السريع للائتمان في السعودية قلص سيولة البنوك، من دون أن يتضح ما إذا كانت الحكومة ستعزز الودائع لدى النظام المصرفي لتخفيف الضغط. وذكرت وكالة التصنيف في توقعاتها تجاه القطاع المصرفي السعودي لعام 2023 أنه بينما يشهد إقراض البنوك للشركات زيادة بسبب المشاريع المرتبطة بأجندة "رؤية 2030" لتنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على النفط، فإنه "من المرجح أن يمثل توافر التمويل قيداً للمرة الأولى منذ فترة".

ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الائتمان الذي ارتفع بسرعة في عصر أسعار الفائدة المنخفضة جنباً إلى جنب مع نمو قروض الرهن العقاري، وسط ارتفاع الفائدة وتشبع السوق.

وقالت "ستاندرد آند بورز" إن نسبة القروض إلى الودائع في القطاع المصرفي السعودي ارتفعت إلى 102 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2022 في مقابل 85 في المئة نهاية عام 2018، "بسبب تباطؤ نمو الودائع ومعظمها من القطاع الخاص"، وذكرت أن الودائع لأجل محدد لم تزد تقريباً في تلك الفترة بسبب انخفاض الفائدة.

أسباب الأزمة 

وتواجه سيولة البنوك السعودية ضغطاً بسبب نمو الودائع البنكية بوتيرة أقل من معدلات الإقراض خلال السنوات الماضية نتيجة سياسات التيسير النقدي التي انتهجها البنك المركزي لاحتواء تداعيات كورونا، وخلال العامين الماضيين مولت بنوك السعودية 60 في المئة من الإقراض عبر زيادة ودائع العملاء أو الدين الخارجي في ظل انخفاض الأصول السائلة.

ومنذ مارس (آذار) الماضي انخرط البنك المركزي السعودي في دورة التشديد النقدي التي بدأها نظيره الأميركي لكبح التضخم المتصاعد، لتصل أسعار الفائدة السعودية حالياً إلى مستويات خمسة في المئة.

وفي ظل تراجع وتيرة نمو الودائع ارتفع معدل فائدة الإقراض بين البنوك (سايبور) لآجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوياته منذ 17 عاماً، مسجلاً 5.9 في المئة خلال أكتوبر الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدوره أكد نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في "كامكو إنفست" رائد دياب أن كلاً من السعودية والإمارات شهدتا طلباً قوياً على الائتمان على رغم ارتفاع الفائدة، مرجعاً ذلك إلى قوة سوق المشاريع الجديدة. 

 وتيرة نمو أبطأ 

وأشار دياب إلى أن" الودائع شهدت وتيرة نمو أبطأ في مقابل الإقراض مما أدى إلى أزمة سيولة في القطاع المصرفي، وبخاصة في السعودية التي بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق"، موضحاً أن رفع الفائدة الأميركية أدى إلى زيادة الفائدة في السعودية لتصل مستويات قياسية خلال العام الماضي.

وأضاف أنه "مع الإجماع المتزايد على تباطؤ وتيرة رفع الفائدة إلى جانب الارتفاع الأخير في أسعار النفط فقد يدعم أيضاً ارتفاع الودائع التي من شأنها تلبية الطلب المتزايد على التمويل للشركات والأفراد"، مؤكداً أن دور البنك المركزي السعودي ساعد في تنظيم السيولة من خلال عمليات السوق المفتوحة التي أسهمت في احتواء أزمة السيولة في القطاع المصرفي.

توسعات خارجيةتدفق السيولة

من جهته أرجع المستثمر والمستشار المستقل لأسواق رأس المال محمد علي ياسين الضغط على السيولة في بنوك السعودية والإمارات إلى قيام الشركات الحكومية وشبه الحكومية بتمويل توسعاتها الخارجية من البنوك المحلية، وهو ما يزيد الضغط على السيولة.

وقال ياسين إن "التحدي الأكبر أمام القطاع المصرفي الخليجي هو رفع معدلات الفائدة المرجح استمراره خلال النصف الأول من عام 2023، ولكن بوتيرة أقل من العام الماضي".

ترقب وانتظار

ولكن عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات وضاح الطه أشار إلى أنه لا يوجد شح كبير في السيولة، والدليل حجم الودائع وفقاً لبيانات البنوك المركزية لدول الخليج، مشيراً إلى أن حال الترقب هي ما يدفع السيولة نحو الانخفاض.

تدفق السيولة 

بدورها قالت المصرفية عواطف الهرمودي إن "الاستقرار النقدي والاجتماعي سيرفع رؤوس الأموال وتدفق السيولة في بنوك الخليج"، مشيرة إلى أن الزيادة السكانية وخصوصاً في الإمارات تعزز زيادة ودائع البنوك التي توفر بالتالي بدائل لتمويلهم، وهو ما يرفع أيضاً أعداد الشركات الطالبة للتمويلات في ظل التوقعات الاقتصادية الجيدة مع ارتفاع أسعار النفط".