Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الثقافة تصارع التضخم على حلبة معرض القاهرة للكتاب

مبادرات وعروض لإنعاش حركة البيع وارتفاع الأسعار يشكل أزمة للناشر والقارئ على السواء

تأتي الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في ظل أزمة اقتصادية كبيرة يشهدها العالم كان لها انعكاسات كثيرة على صناعة النشر، إذ ارتفعت أسعار الورق ومستلزمات الطباعة بشكل غير مسبوق، مما شكل أزمة للناشر والقارئ على السواء.

مع الأزمة أصبحت دور النشر مرغمة على رفع أسعار الكتب نتيجة لزيادة تكاليف الإنتاج، مما يشكل معضلة لمحبي القراءة، إذ بات شراء الإصدارات الجديدة يحتاج إلى موازنة ضخمة في ظل وضع اقتصادي صعب.

لمحاولة خلق حال من الرواج في المبيعات خلال فترة المعرض تقدم دور النشر هذا العام عروضاً كبيرة، سواء عن طريق التخفيضات على إصداراتها، خصوصاً من طبعات السنوات السابقة أو تقديم خصم كبير عند شراء عدد معين من الكتب.

 

 

كما يوفر المعرض بعض الخدمات في محاولة لزيادة المبيعات، مثل خدمة الشراء الإلكتروني من خلال موقعه، مما يوفر هذا فرصة كبيرة خصوصاً لأهالي المحافظات خارج القاهرة للاستفادة من الخصومات.

كذلك يتيح المعرض الدفع من خلال الفيزا كارت، بالتالي إمكانية تقسيط المشتريات كمحاولة لتقديم جميع الحلول التي قد تساعد في زيادة المبيعات.

وتستمر الدورة الـ54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي بدأت في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي إلى السادس من فبراير (شباط) بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، ويشارك فيها 1047 دار نشر من 53 دولة.

إقبال كبير ولكن

كما تحاول دور النشر من خلال العروض والتخفيضات التي تقدمها تسويق مخزون الكتب الخاصة بطبعات الأعوام الماضية، إذ لاقت صناعة النشر أزمات متعددة، من بينها تداعيات فيروس كورونا وما تلاها من أزمة اقتصادية انعكس تأثيرها في كامل الصناعة.

طبقاً لتصريحات رسمية، فإن زوار معرض الكتاب بلغوا في الأيام الأربعة الأولى نحو نصف مليون زائر، ووفقاً لصفحة المعرض على "فيسبوك" فقد بلغت مبيعات الهيئة المصرية العامة للكتاب 47181 كتاباً، وتلقى كتبها دائماً إقبالاً كبيراً، لأنها تكون دائماً بأسعار معقولة، بينما لا توجد حتى الآن أرقام يمكن الاستناد إليها لمبيعات دور النشر الخاصة.

الناشر يوسف ناصف مدير دار المصري للنشر، قال "يأتي معرض الكتاب هذا العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة على الناشر والقارئ على السواء، ولمواجهة هذا الوضع عملت دور النشر على تقديم عروض وأسعار مخفضة على إصداراتها، وبشكل عام كنت غير متفائل، وتوقعت أن الظروف ستنعكس بشكل من أشكال العزوف عن زيارة المعرض.

 

 

واستدرك "لكن الواقع غير ذلك، هناك إقبال كبير من الناس على المعرض، باعتبار أن هذه الفرصة الأفضل للشراء طوال العام في ظل التخفيضات الكبيرة التي تقدمها دور النشر"، وأشار إلى أن "قطاع النشر يواجه أزمة كبيرة في الوقت الحالي، ونتمنى أن يكون هناك دعم لهذه الصناعة، باعتبار أن مصر تعتبر من أقوى الدول العربية في مجال النشر وعدد العناوين".

ولفت إلى أن "الثقافة تمثل إحدى أدوات قوة مصر الناعمة، فنتمنى إيجاد حل لمشكلة ارتفاع أسعار الورق، سواء بإيجاد حل لمشكلة الاستيراد أو بالتوسع في الصناعة المحلية حتى يمكن لدور النشر أن تصمد وتواجه هذه الأزمة".

بدوره قال الكاتب مروان محمد مؤسس دار حروف منثورة إن "الوضع الاقتصادي وسعر الدولار ومشكلات الاستيراد أثرت بشكل كبير في صناعة النشر، بسبب ارتفاع أسعار الورق والخامات المستوردة من الخارج بصورة كبيرة، مما أدى إلى ارتفاع سعر الكتاب، ويمثل هذا أزمة كبرى للناشرين".

وأضاف محمد "في هذه الدورة من معرض الكتاب تقدم دور النشر عروضاً وتخفيضات كثيرة لتشجيع القارئ على الشراء، وفي الوقت ذاته بيع المخزون الموجود لديها من إصدارات السنوات السابقة، وحتى الآن يمكن القول إن الإقبال على المعرض كبير، لكن الإقبال على الشراء ليس كما هو متوقع".

ويرى أن "صناعة النشر تحتاج إلى حل في المرحلة المقبلة حتى تتمكن دور النشر من الصمود والاستمرار، ويمكن أن يكون أحد الحلول أن تقوم الدولة بخفض الجمارك والضرائب على مستلزمات هذه الصناعة لحين عبور هذه الأزمة، وفي الوقت ذاته خفض الاشتراك في المعارض، لأنها الفرصة الأكبر لتسويق الكتب".

القدرة الشرائية

صناعة النشر كما جميع الصناعات، تستهدف في النهاية جمهور القراء (المشترين) لمنتجها وهو الكتاب، لكن هذا العام ومع الارتفاع الكبير بأسعار الورق وخامات الطباعة ومع الظرف الاقتصادي الصعب فإن القدرة الشرائية للمستهلك أقل من المعتاد، وربما يكون لديه أولويات أخرى أو حتى يتحفظ على إنفاق مبالغ كبيرة تخوفاً من الأيام المقبلة في ظل الغلاء الشديد الذي طاول كل شيء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عبدالرحمن صيدلي (36 سنة) قال "أحرص منذ سنوات طويلة على زيارة معرض الكتاب، وكنت غالباً أتوجه للمعرض أكثر من مرة خلال فترة إقامته لشراء احتياجاتي من الكتب للعام كله، فهو فرصة ذهبية لمحبي القراءة بوجود دور النشر المصرية والعالمية، لكن هذا العام تقلصت موازنة الشراء عندي وعند كثير من الناس بسبب الظرف الاقتصادي الحالي والغلاء الشديد في أسعار الكتب وغيرها، بالتالي قلت مشترياتي بدرجة كبيرة عما كنت معتاد عليه".

وأضاف "التخفيضات والعروض في المعرض جيدة وكثيرة، ولولا وجودها لكان الوضع أصعب على الجمهور، فمن خلال رؤيتي فالإقبال على الشراء موجود، لكن بدرجة أقل من الأعوام السابقة".

بينما ترى سلمى، محاسبة (29 سنة)، أنه "على رغم غلاء الأسعار هذا العام إلا أن فترة معرض الكتاب هي الأفضل للشراء بالنسبة إلى محبي القراءة عن أي وقت آخر خلال العام، فالعروض والتخفيضات لا تتوافر بهذا القدر إلا في فترة المعرض، والاتجاه هذا العام عند القطاع الأكبر من الناس هو لتقليل كم الكتب التي يرغبون في شرائها، ومن هنا حرصت على التوجه للمعرض مثل كل عام وشراء احتياجاتي حتى لو بكمية أقل".

 

 

بينما أشارت أميرة (أم لثلاثة أطفال) إلى أن "زيارة معرض الكتاب كانت دائماً من أولوياتي على مر السنوات، وحالياً أذهب مع أولادي في محاولة للحصول على مجموعة من كتب الأطفال نستخدمها على مدار العام، استغلالاً لفرصة التخفيضات التي تقدمها دور النشر المختلفة، إلا أن هذا العام الموازنة المحددة لشراء الكتب تعادل نصف ما اعتدت عليه بسبب الظرف الاقتصادي، مما سيعني شراء عدد أقل من الكتب".

وأضافت "لكني سأقوم بالشراء على أية حال بسبب أن هذا هو الوقت الأمثل للحصول على أفضل سعر، كما سيشارك أطفالي في الفعاليات المختلفة الفنية والثقافية التي تقدم للأطفال بالمعرض".

أسعار الورق

شهد سعر الورق ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، إذ بلغ سعر الطن المستورد 50 ألف جنيه (165 دولاراً أميركياً) في مقابل 25 ألف جنيه (828 دولاراً) في الفترة نفسها من العام الماضي.

كما زاد سعر طن الورق المحلي إلى 40 ألف جنيه (1325 دولاراً) في مقابل 20 ألف جنيه (663 دولاراً) للوقت نفسه من العام الماضي.

 

 

ووفقاً لبيانات أصدرتها شعبة الورق بغرفة القاهرة التجارية، فإن السوق المحلية في مصر تستهلك 450 ألف طن يتم استيراد 300 ألف طن ويسد الإنتاج المحلي الكمية المتبقية، التي تقدر بنحو 150 ألف طن.

انعكست الأرقام السابقة بصورة مباشرة في المنتج النهائي، وهو الكتاب الذي ينتظره المستهلك وأصبح سعره مبالغاً فيه بدرجة كبيرة، كما انعكس من جانب آخر على قلة عدد إصدارات هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.

ويمكن اعتبار أن هذه الدورة تأتي في ظروف استثنائية، ويأمل الناشرون والجمهور أن يتم تجاوزها وإيجاد حلول لدعم صناعة النشر خلال الفترة المقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة