أكملت قوى إعلان الحرية والتغيير ملاحظاتها على مسودة الاتفاق النهائي التي تعتزم توقيعه مع المجلس العسكري، ومنذ السبت الماضي دخلت قوى التغيير في اجتماعات مشتركة للوصول إلى صيغة نهائية للاتفاق قبل الدخول في جلسة التفاوض مع المجلس العسكري اليوم الثلاثاء.
أهم جوانب التعديلات
قال مصدر بقوى إعلان الحرية والتغيير لـ"اندبندنت عربية"، إنهم "لم يركزوا فقط على تعديل النقاط المتعلقة بالحصانات الممنوحة لمجلس السيادة، بقدر ما كان التركيز على النقاط التي تأسس لنظام حكم انتقالي يضمن التمثيل الحقيقي لقوى التغيير، ويمهد لتحقيق العدالة في محاسبة المفسدين خلال حقبة الرئيس المعزول عمر البشير، والجرائم التي ارتكبت خلال أحداث فض الاعتصام وطوال فترة الحراك الشعبي".
وأشار إلى "التمسك خلال جولة التفاوض التي تنطلق اليوم بما تم التوصل إليه مسبقاً مع المجلس العسكري، الذي أقره الاتحاد الأفريقي عبر مجلس السلم والأمن في يونيو (حزيران) الماضي، والقاضي بأحقية قوى التغيير في تعيين رئيس الوزراء ونسبة مقاعد البرلمان البالغة 67 في المئة".
وأوضح القيادي بالحرية والتغيير الطيب العباس أن "ما خرج به الإعلان الدستوري في وثيقة الاتفاق فيه إجهاض للثورة، وفيه تغييب لتكوين أجهزة العدالة "محكمة دستورية وسلطة قضائيه والنائب العام"، والتي أضحت تحت سلطات العسكر والتحكم في تكوينها".
الحركات المسلحة
وخلال الأيام الماضية، لم تكتف قوى الحرية والتغيير بالتشاور حول التعديلات القانونية، إذ تواصل لقاءاتها مع المكونات العسكرية التي تقاتل في إقليم دارفور، وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وتوصلت تلك المشاورات التي بدأتها منذ الاثنين الماضي مع تلك الحركات المسلحة إلى اتفاقات، حول معالم الفترة الانتقالية عقب التوقيع على الاتفاق مع المجلس العسكري، وأمس الاثنين وبعد أسبوع من المشاورات أعلنت قوى الحرية والتغيير توصلها إلى صيغة اتفاق نهائية مع الحركات المسلحة، وأن تلك الصيغة سيتم إرسالها إلى المبعوث الأفريقي محمد الحسن ولد لبات لإدراجها ضمن مسودة الاتفاق النهائية.
وتشمل تلك التفاهمات أوضاع المسلحين في المرحلة الانتقالية ومراحل عملية التفاوض المباشر معهم خلال الحكومة الانتقالية، وخطوات تحقيق السلام والديمقراطية في المناطق التي تشهد نزاعاً مسلحاً.
وأقرت مسودة الاتفاق الأولية بأن الأشهر الستة من المرحلة الانتقالية، التي يتولى إدارتها العسكريون، ستكون مخصصة لقضايا السلام وإسكات صوت البندقية.
إعلان مواقف
بعض مكونات قوى الحرية والتغيير أعلنت قبل دخولها إلى جلسة التفاوض مواقفها التي ستعمل على تحقيقها خلال تلك الجلسة، وفي مؤتمر صحافي عقده تجمع المهنيين السودانيين، اليوم الثلاثاء، أعلن رفضه لبعض البنود التي أوردها المجلس العسكري في وثيقة الإعلان الدستوري، وأكد التجمع أنهم لن يوقعوا على اتفاق لا يرضي الثوار، ولا يحقق نظام الحكم المدني".
وسايرت بقية مكونات الحرية والتغيير تجمع المهنيين في إعلان مواقف مشابهة، تؤكد ضرورة إقرار نظام الحكم المدني البرلماني، مثلما جاء في بيان صادر عن التجمع الاتحادي المعارض، الذي قال فيه إن خياراتهم خلال المفاوضات لن تتجاوز مطالب الشارع في تحقيق السلطة المدنية.
تفاؤل بتقدم المفاوضات
على رغم حالة الجدل التي أحدثتها وثيقة الاتفاق الأولية، ورفضها من قبل قوى الحرية والتغيير، وتأكيدها بأنها ليست قابلة للمصادقة بشكلها الحالي، يبدي بعض قادة المعارضة تفاؤلهم في الوصول إلى اتفاقات مع المجلس العسكري.
وقال عضو وفد التفاوض مدني عباس مدني، في تصريحات صحافية، إنه "متفائل بأن تحقق جولة مفاوضات اليوم الثلاثاء تقدماً كبيراً".
وأكد أن دخولهم في تلك اللقاءات المباشرة جاء بعد اجتماعات مطولة عقدوها لوضع مسودة اتفاق تلبي طموحات الشارع، ولفت إلى أن تلك المشاورات لا يمكن أن تصف بأنها تعنت من قبلهم في قبول الاتفاق، إنما تأكيد لرغبتهم في الوصول إلى توافق مع العسكريين يرضي الجميع، ولا يخصم من رصيد الثورة.
تحقيق مكاسب
من جهته، يقول المحلل السياسي البشير أحمد إن" الطرفين يحاولان تحقيق مكاسب خلال عملية التفاوض وهو أمر طبيعي، لكن الخيارات المطروحة أمامهم الآن محدودة ولا يمكنهم أن يتخطوها، لأنها ستثير غضب الشارع وربما تحركه ضدهم الاثنين".
ويضيف "واضح أن المجلس العسكري يحاول الحصول على ضمانات تجنبه عدم الوقوع تحت طائلة المحاسبة خلال الفترة المقبلة، وأن الحرية والتغيير وعت ذلك وهي تعمل على وضع صياغات مقبولة له وفي ذات الوقت هي واقعة تحت ضغط الشارع المطالب بالقصاص ومحاسبة كل من ساهم في ارتكاب جرائم وانتهاكات على المدنيين السلميين".
ضغط الشارع
ويؤكد أحمد أن "تعرض الحرية والتغيير والمجلس العسكري لذلك الضغط من الشارع يضيق مساحة المناورة أمامهما، ويدفعهم إلى تبني الخيارات التي تحقق الاستقرار، هناك فرضيات مبنية على تعنت العسكريين وتمسكهم ببعض النقاط في مسودة الاتفاق، لكن ذلك التعنت مواجه أيضاً بضغوطات من المجتمع الدولي، بخاصة قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي التي قد تضعهم تحت العزلة الدولية".
وفي ما يتعلق بتوجه الحرية والتغيير يوضح أحمد أن "بعض مكوناتها تتشدد مثل الحزب الشيوعي الذي يمارس ضغطاً عليها بتعلية السقوفات المطلبية عبر بياناته التي يخاطب بها الشارع، وتأثيره غير المباشر في تجمع المهنيين، لكن ذلك ليس تياراً قوياً يدفعنا للقول إن قوى التغيير مجتمعة ستتعنت".
ويضيف "هناك كتل سياسية قدمت مواقف متزنة مثل تحالف نداء السودان، والتجمع الاتحادي المعارض، وأيضاً بعض مكونات تحالف قوى الاجماع الذي ينضوي تحته الحزب الشيوعي، تعمل على تغليب صوت التفاوض وتحقيق المسارات السياسية للمكاسب من دون الجنوح للتصعيد".