في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الحماية العامة للأفراد في المملكة المتحدة، علمت "اندبندنت" أن شخصاً يلقى حتفه كل ثلاثة أيام في معدل وسطي في إنجلترا وويلز، على يد مجرم أطلق سراحه بشروط ووضع تحت المراقبة.
وكانت سلسلة الأخطاء التي قادت إلى مقتل المحامية زارا ألينا على يد الجاني المتسلسل جوردان ماك سويني، قد سلطت الضوء على الفجوات الخطيرة في موضوع مراقبة الأشخاص الذين يغادرون السجن.
ماك سويني أطلق سراحه قبل تسعة أيام فقط من مهاجمته الضحية وقتله للمحامية الطموحة بوحشية أثناء عودتها إلى منزلها في شرق لندن. وحذرت مراجعة أجرتها هيئة رقابية لخدمة مراقبة سلوك المجرمين المفرج عنهم، من أن هذه الجريمة المروعة كانت بمثابة أحد "أعراض قضايا أوسع نطاقاً".
وتظهر أرقام "المفتشية الملكية لمراقبة سلوك المفرج عنهم" HM Inspectorate of Probation (تقدم تقارير إلى الحكومة البريطانية عن مدى فاعلية العمل مع البالغين والأطفال والشباب الذين ارتكبوا أعمالاً جنائية، بهدف الحد من عودتهم إلى الإجرام وحماية الناس) أن 622 مراجعةً أجريت لجرائم قتل منسوبة إلى جناة عاودوا ارتكاب أفعال جرمية على مدى ستة أعوام، حتى عام 2020.
وعلى رغم تبرئة بعض الجناة في نهاية المطاف، أو إدانتهم بجرائم أقل خطورةً كالقتل غير العمد، إلا أن وزارة العدل البريطانية سجلت نحو 415 دعوى لأشخاص أدينوا بارتكاب "جريمة قتل خطيرة أخرى"، في الفترة الممتدة ما بين السنة القضائية 2014 - 2015، والسنة 2019 - 2020.
ولم تنشر أرقام محدثة حتى الآن، لكنها ستتضمن جريمة قتل ألينا وجرائم قرية كيلامارش في مقاطعة داربيشير الإنجليزية عام 2021، التي قام خلالها الجاني العنيف داميان بندال بقتل ثلاثة أطفال وشريكته الحامل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جاستين راسل، كبير مفتشي مراقبة سلوك المفرج عنهم، قال في مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي: "إن حماية الناس من هذه المخاطر تشكل وظيفةً أساسية لخدمة المراقبة، التي لا تقوم بعملها على النحو الصحيح في الوقت الراهن".
وحذر من أنه - إلى حين تحسن المعايير - فسيكون "من المستحيل القول إن الناس يحظون بالحماية المناسبة"، مشيراً إلى أن هذه الجرائم "يمكن أن تحدث مرةً أخرى".
ورأى راسل أن ضغوط العمل وأعباءه، إضافةً إلى المعدلات المرتفعة في الوظائف الشاغرة، تجعل من المستحيل مراقبة السجناء المفرج عنهم بشكل مناسب، بحيث أن الوحدة التي كلفت الإشراف على مراقبة قاتل ألينا كان لديها أقل من ثلثي عدد الموظفين المفترض أن يكونوا في الخدمة العام الماضي.
ويحمل عدد من العاملين في خدمة مراقبة سلوك المفرج عنهم المسؤولية للحكومة في الفوضى القائمة، إن لجهة عدم تعيين موظفين جدد، أو لعدم المحافطة على العاملين الموجودين، أو لناحية قلة الاستثمار في هذا المجال، وذلك في أعقاب الخصخصة الجزئية الفاشلة لخدمة المراقبة التي أجريت في عام 2014، وقرار إعادة تأميمها بعد نحو خمسة أعوام.
وأشار إيان لورانس الأمين العام لـ اتحاد "نابو" Napo للمراقبة (نقابة مهنية تمثل موظفي خدمة مراقبة السلوك في إنجلترا)، إلى أنه فيما "رحب الموظفون بعودة المراقبة إلى إشراف الدولة، إلا أنهم لم يروا الاستثمار المطلوب في هذه الخدمة".
وقال لـ "اندبندنت" إنه على رغم أن العمل جار لتوظيف مزيد من العاملين، فإن كثيرين "يتركون الوظيفة" بعد أسابيع فقط من وصولهم، وذلك بسبب أعباء العمل الكبيرة والمتطلبات الوظيفية المروعة".
ولفت إلى أن "النظام يحتاج لكثير من التحسينات. فمن الجيد القول إننا نقدم تدريباً للموظفين، لكن (ليس) إذا كان يتعين عليهم التعامل مع 75 حالة ضمن سجلاتهم، وبالكاد يكون لديهم الوقت للذهاب إلى المرحاض".
ويعتبر لورانس أن "الحكومة أخفقت في خياراتها لجهة الاستثمار السليم في الأنظمة التي نحتاجها لضمان عدم تكرار أخطاء (كتلك التي أدت إلى مقتل زارا ألينا) ... في وقت يعمل فيه أعضاؤنا جاهدين لحماية الناس".
وطالب المسؤول النقابي بتحسين الطريقة التي تقدم من خلالها السجون المعلومات لموظفي وحدة المراقبة، عن الأفراد الذين سيفرج عنهم، وحض أجهزة الشرطة على التحرك بشكل أسرع لاعتقال الأشخاص الذين انتهكوا شروط إطلاق سراحهم كي يمكن إعادتهم إلى السجن.
وكان اتحاد "نابو" قد طلب عقد لقاء مع وزير العدل البريطاني دومينيك راب، المتورط الآن في مزاعم تنمر على موظفي الخدمة المدنية، لكن المهمة أحيلت إلى وزير دولة أدنى رتبة.
وسيطرح لورانس مطالبه على وزير الدولة لشؤون السجون والمراقبة داميان هيندز في لقاء يعقد الإثنين. وقال: "إن الحكومة في حاجة إلى إصلاح هذه الخدمة لتعود إلى المستوى الذي كانت عليه قبل خصخصتها جزئياً". وأشار إلى أنه لا يعني أن "أخطاء لم تقع، لكن شيئاً لا يشبه حجم ما شوهد وما تم تسجيله منذ تلك الفترة".
وزارة العدل البريطانية أكدت من جانبها أنها قامت بتدريب 2500 فرد من عناصر المراقبة على مدى العامين الماضيين وستضيف 500 آخرين بحلول نهاية شهر مارس (آذار) المقبل.
ورأى متحدث باسم الوزارة أن "وقوع جرائم خطرة أخرى هو أمر نادر الحصول، وقد وضع وزير العدل خططاً لإصلاح عملية الإفراج المشروط، وضمان بقاء السجناء الذين لا يزالون يشكلون خطراً على الناس خلف القضبان".
وختم بالقول: "نحن نستثمر مبلغ 155 مليون جنيه استرليني (192 مليون دولار أميركي) إضافي، في خدمة المراقبة، لضمان أن يكون هناك إشرافٌ أكثر قوة على المفرج عنهم بشروط، وتخفيض عبء القضايا، وتوظيف آلاف العاملين الإضافيين للحفاظ على سلامة الناس".
© The Independent