Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوة ترمب إلى سجن صحافيين لا يجب أن تمر مرور الكرام

الرئيس السابق شهد على التراجع المستمر لحرية الصحافة خلال عهده على رأس الإدارة الأميركية

يرسل كلام ترمب ومواقفه إشارات إلى أن احترام قيم حرية التعبير أصبح غير مهم (غيتي)

إن احتقار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لوسائل الإعلام الإخبارية ليس أمراً جديداً، ولكن منذ مغادرته السلطة قام بتصعيد تهديداته للصحافيين، وفي آخر هجوم قوي له على الصحافة الحرة دعا ترمب إلى سجن أحد الصحافيين العاملين في موقع "بوليتيكو" Politico، والذي كان حقق السبق الصحافي في تقريره حول تسريب قرار المحكمة العليا الأميركية في قضية "رو ضد وايد" [الذي كان يبيح الإجهاض].

"إذاً اذهبوا إلى المراسل الصحافي وأسألوه أو اسألوها هي من كان مصدر التسريب، وإذا لم تحصلوا على إجابة، زجوا بأي كان في السجن حتى يجيب على سؤالكم".

كان هذا ما كتبه الرئيس ترمب في تغريدة له على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" في الـ 19 من يناير (كانون الثاني)، وأضاف "يمكنكم إضافة الناشر والمحرر إلى اللائحة أيضاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعوة ترمب هذه لإيداع صحافي في السجن عقاباً على قيامه بعمله، وهو يقوم بوظيفة يحميها الدستور، يشبه كلاماً له جاء خلال خطاب ألقاه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن تعرض الصحافي نفسه إلى اعتداء جنسي في السجن قائلاً، "سيتم إيداع الصحافي السجن، وعندما سيسمع الصحافي بأنه سيتم تزويجه من سجين ما معروف بأنه قوي للغاية وقاس وعدواني، عندها سيقول: أتعلمون أعتقد أنني على استعداد لإعطائكم المعلومات التي تطلبوها".

وهذا لم يكن مجرد كلام فارغ، فبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، وفيما كان ترمب رئيساً للجمهورية طلب من مدير وكالة التحقيق الفيدرالية "أف بي آي" جايمس كومي "أن ينظر في مسألة زج بعض الصحافيين في السجن"، وذلك خلال اجتماع بينهما في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وأخيراً ذكرت مجلة "رولينغ ستون" Rolling Stone أن ترمب قد جمع مستشاريه لمناقشة سبل الالتفاف على التعديل الأول في الدستور الأميركي [يحمي حرية التعبير والصحافة] كي يتسنى له تقليد الزعماء المستبدين والقيام بحملات لقمع الصحافيين.

من الصعب المبالغة في تقدير الخطر الذي تشكله مثل تلك الأفكار على الديمقراطية، ولقد كان [عهد] ترمب شاهداً على التراجع المتواصل للحريات الصحافية خلال فترة حكمه على رأس الإدارة الأميركية، وخلالها سجل رقم قياسي في عدد حوادث اعتقال المراسلين، فيما بلغ عدد الاعتداءات على الصحافيين 856، وتمخض عهد ترمب على رأس السلطة بالهجوم المميت على مبنى الـ "كابيتول" حين حطم مثيرو الشغب معدات صحافية تعود لوكالة "أسوشيتد برس" AP، تفوق قيمتها عشرات آلاف الدولارات، وحطموا كاميرات التصوير فيما كانوا يصرخون "سي أن أن مقرفة" كما كتبوا على جدران مبنى الكونغرس نفسه "اقتلوا وسائل الإعلام".

كل ذلك كان يجري بالتزامن مع تراجع مستوى حماية الصحافيين في مختلف أرجاء العالم، وبحسب بيانات جمعتها منظمة "مراسلون بلا حدود" فإن العام الماضي شهد زيادة قدرها 18.8 في المئة في عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال أدائهم مهماتهم الصحافية، أضف إلى ذلك اعتقال حوالى 535 من الصحافيين حول العالم، وهو العدد الأكبر منذ بدء الإحصاء.

في اللحظة الأهم من أي وقت مضى للديمقراطيات ولدولة مثل الولايات المتحدة أن تكون القدوة، يرسل كلام ترمب ومواقفه إشارات إلى أن احترام قيم حرية التعبير أصبح غير مهم، وكان بإمكان أي زعيم مستبد حول العالم من أمثال الرئيس الفليبيني السابق دويرتي وصولاً إلى الرئيس بولسونارو الذي تمت الإطاحة به أخيراً في البرازيل، أن يأخذوا من أفعال ترمب مثالاً.

إذاً ماذا يمكننا أن نفعل؟

إن الولايات المتحدة الأميركية تفتقر إلى قوانين فيدرالية تحمي العمل الصحافي الحر وشؤونهم الخاصة ومصادرهم من التطبيق القاسي لجهود قوى إنفاذ القانون، وإحدى تلك الجهود كانت محاولة سن "قانون الصحافة" PRESS Act الذي لم يقر بهامش ضئيل في محاولات المصادقة عليه نهاية العام 2022، ويجب بذل أقصى الجهود كي تتم المصادقة عليه عام 2023.

لكن التحول الثقافي لا يقل أهمية عن الإصلاحات التشريعية، وأصبحت تصريحات ترمب العامة الفاضحة شائعة، لكن لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا أن نعتاد على الهجمات الاستبدادية على حرياتنا الأساس، وأخذ حرية الصحافة كأمر مسلم به هو وسيلة أكيدة لفقدانها.

 كلايتون ويميرز هو المدير التنفيذي لمكتب واشنطن في منظمة "مراسلون بلا حدود"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء