Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدة "أول بيت" وضع للفنون الإسلامية

أطلقت مؤسسة "بينالي الدرعية" معرضها الثاني في صالة مطار الحجاج بالمدينة الساحلية التي تعد بوابة للمدن المقدسة بالسعودية

يقام بينالي الفنون الإسلامية للمرة الأولى في التاريخ بجدة كل سنتين (اندبندنت عربية - عبدالله الفالح)

يصعب وضع أقواس مؤكدة على بداية ونهاية الفنون الإسلامية على مر التاريخ، إذ يتأرجح المؤرخون بين من يروق له اعتبار هجرة نبي المسلمين محمد من مكة إلى المدينة نقطة البداية بوصفها بداية حركة ثقافية جديدة غيرت العالم، وآخرين ينسبونها إلى الحقبة الأموية بوصفها حقبة انصهار ثقافي واسع بين مرجعيات فنية مختلفة وبين من يميلون إلى اعتبار ما بين القرن التاسع إلى الـ15 بخريطتها التي امتدت إلى المغرب العربي وإسبانيا هي الفترة الأهم بسبب تجاوزها حدود المكان إلى صهر القوطية والرومانية في الأنماط المعمارية.

نتج من هذا الخلاف تفتيت للوصف عبر استخدام لفظة "فنون إسلامية" بدلاً من "فن إسلامي" في كثير من الأحيان بوصفها أكثر قدرة على العبور إلى نقاشات فنية بعيدة من جدلية الزمان والمكان، لغياب الوحدة الجغرافية التي تجمع هذا التنوع، الأمر الذي جعل فنون الحكم العربي لإسبانيا تقدم بوصفها فناً محلياً هناك، فيما تظل الفنون الإسلامية في مصر فناً إسلامياً منفصلاً يشبه المملوكية أكثر من أي بيت يجمعها مع الفنون الأخرى، وهكذا دواليك.

في المقابل، تقدم مؤسسة "بينالي الدرعية" نموذجاً مغايراً بعيداً من النطق الجغرافية التي وضعت الفنون الإسلامية في صراع آسيا الصغرى والهند مع فارس، والسلجوقية مع المملوكية، والمغاربية مع الإسبانية، عبر إطلاق النسخة السعودية الثانية من الـ"بينالي" تحت اسم "بينالي الفنون الإسلامية" في سياقات ثقافية ودينية قادرة على صهر الاختلافات عبر توظيف المكان والمناسبات الدينية.

صالة الحجاج

خلقْ المعيار المشترك لا يتوقف فقط على كونه يستعرض فناً معاصراً أكثر قدرة على الاستيعاب، بل يخلق أيضاً وحدة ثقافية ضرورية تتماشى مع الهوية التي اختارها المعرض لنفسه، إذ ينطلق ابتداء من 23 يناير (كانون الثاني) في صالة استقبال الحجاج بمدينة جدة، وهو المطار الذي يفتح أبوابه في موسم الحج السنوي لاستقبال من أتوا إلى السعودية لأداء شعيرة واحدة بزي موحد في زمان ومكان واحد بلا أي فرقة ثقافية، سواء من الهند أو فارس أو شمال أفريقيا أو إسبانيا.

 

 

اختيار صالة استقبال المسافرين إلى النزهة المقدسة لم يكن لارتباطه بالجانب الإسلامي فقط، بل هناك سبب آخر فتلك الصالة ليست منفصلة عن السياق الفني. فالمطار الذي يقع في محطة الحج التاريخية بجدة نال جائزة "آغا خان" للعمارة عام 1983 لتصميمه الفريد الذي يشبه الخيمة الضخمة، محاكاة للخيام التي يقطنها الحجاج في المشاعر المقدسة

وقد تم تصميمه من قبل شركة "سكيدموري، أوينغس وميريل" التي صممت معالم عالمية شهيرة مثل برج خليفة في دبي ومركز جون هانكوك وبرج سيرز في شيكاغو وبرج الأولمبيك في نيويورك وغيرها. 

أول بيت

الفن وجهة نظر، لذا ليس على الفنان أن يكون محايداً، والمعارض أيضاً، فاختيار عناوين المعاصرة والحداثة، أو الكلاسيكية والتقليدية، يمثل انحيازاً لنمط فني معين. و"بينالي الفنون الإسلامية" ليس استثناء، وإن لم يعبر عن انحيازه صراحة.

 

 

يصح القول إن هذه النسخة من البينالي التي تمتد إلى 23 أبريل (نيسان) من العام الحالي، قد اختارت أن تقدم نفسها بصفتها البيت الأول للفنون المنتمي للنمط الإسلامي عبر تقديم كل الأنواع المختلفة بهذه الضخامة وهذا الزخم استناداً على ما للمكان من مركزية، إذ اختار البينالي لنفسه عنوان "أول بيت"، وهو اللفظ المقتبس من كتاب المسلمين المقدس على لسان الرب "إن أول بيت وضع للناس الذي ببكّة وهدى للعالمين"، في إشارة إلى بيت الله "الكعبة" التي تتولى السعودية سدانتها وتعتبر جدة بوابتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اختيار "البيت" لوصف المعرض يسعى، بحسب المنظمين، إلى خلق "شعور بالانتماء الذي يوجد في البيت على المستوى الشخصي والإنساني، وعلى نطاق اللامحدود الأبدي".

قبلة وهجرة

وجهة نظر أخرى يملكها "بينالي الفنون الإسلامية"، وهي الميل إلى وجهة النظر التي تعتبر الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة بداية للفن الإسلامي، ويظهر هذا عبر اختيار مواضيع المعرض المرتكز على ثنائية "الهجرة والقبلة".

ويقول بيان النسخة الأولى من "بينالي الفنون الإسلامية" إن هجرة محمد وأتباعه إلى المدينة "هرباً من الاضطهاد شكلت بداية التقويم الإسلامي". ويضيف "ترتبط هجرات عدة في عالمنا بالخسارة والنزوح، لكنها يمكن أن تكون أيضاً احتفالات جماعية تعزز الشعور بالانتماء الشامل، جسور بين هنا وفي أي مكان آخر".

 

 

وسيقدم البينالي في أحد أجزائه أعمالاً بتكليف خاص تعكس مواضيع الهجرة من الطريقة التي تنتقل بها الثقافات وتتبادل في ما بينها، إلى كيفية تلوين الحج للحياة الثقافية، وهو يعتبر الهجرة نقطة محورية في تطور محتواه.

أما الجزء الآخر، فيحمل عنوان "القبلة" وهو مسار يشير إلى الحالة الوحدوية للمعرض واعتبارها مركزاً وبيتاً لكل أشكال الفن الإسلامي، المعاصر منها، كحال البيت الذي يتوحد حوله المسلمون في اتجاه واحد بمكة.

ويقول البينالي حول هذا الجزء إنه يتتبع "التركيز الروحي المشترك من خلال الطقوس الإسلامية اليومية والسنوية. في سلسلة من صالات العرض، تقدم الأشياء التاريخية والأعمال الفنية المعاصرة انعكاسات على أعمال الإيمان هذه.

وسيطرح المعرض قطعاً أثرية تاريخية في جزءٍ سمي "المدار" تم إحضارها من 12 دولة ومؤسسة من مختلف دول العالم لم تجتمع من قبل في مكان واحد.

ويشارك في المعرض 45 فناناً من مختلف الجنسيات، ويضم أسماء سعودية بارزة وأخرى عربية وآسيوية وأوروبية وأفريقية.

وتنظم مؤسسة "بينالي الدرعية" مناسبتين، الأولى "بينالي الدرعية" الذي يقام مرة كل سنتين في كل عام زوجي في الرياض، والمناسبة الثانية "بينالي الفنون الإسلامية" الذي يقام في كل عام فردي في جدة.

المزيد من ثقافة