Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حيطان غزة أسمنت ينطق سياسة وحبا

بإشراف هيئة الثقافة والفنون في وزارة الشباب لا يكاد جدار يخلو من رسومات

يعد الرسم على الجدران وسيلة تنفيس لسكان غزة (اندبندنت عربية - مريم أبودقة)

قبل أن يقول لنا "فيسبوك" جملته الشهيرة "بم تفكر؟"، طرحت جدران مباني غزة على سكانها هذا السؤال، ووفرت لهم مساحة كافية من دون قيود لينشروا عليها جميع ما يخطر في بالهم، فكتبوا عليها أفكارهم ورسموا لوحات فنية غنية بالألوان والمعاني، ولا يكاد يخلو في المدينة المحاصرة حائط إلا وخطوا عليه عبارات جميلة.

تعد جدران المباني في مدينة غزة عبارة عن جرائد فيها جميع الصفحات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية والعاطفية، لكنها مكتوبة ومطبوعة على الأسمنت وليس الورق، وقد تجد أيضاً زاوية لرسومات الكاريكاتير.

في الصفحة الأولى من جريدة الأسمنت، التي تقع في أهم مفترق طرق داخل مدينة غزة، عادة ما تأخذ طابعاً إخبارياً وسياسياً، فتجد على الحائط صورة لرئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات في ذكرى رحيله، وعلى الجهة المقابلة جدارية عن القدس والمسافة التي تفصلها عن غزة، وفي زاوية أخرى رسمة للصحافية شيرين أبوعاقلة.

 

 

تقول أحلام الشاعر مديرة دائرة الفنون الثقافية في هيئة الشباب إن جدران شوارع غزة تحتوي على الملايين من الكلمات واللوحات ذات التعابير الفنية العميقة، فهي تؤرخ لذاكرة الشعب الفلسطيني، لكن بأشكال فنية مختلفة ذات قيمة جمالية عالية.

يعد الرسم والكتابة على الجدران باستخدام أدوات الطلاء والبخاخات فناً عالمياً يعرف باسم الغرافيتي، وهو منتشر في قطاع غزة بكثرة، بشكل منظم وتشرف عليه دائرة الفنون الثقافية في هيئة الشباب التابعة للمؤسسة الحكومية، وأيضاً قد يأخذ شكلاً عشوائياً من بعض الهواة.

في الصفحة الثانية من صحيفة غزة الأسمنتية، التي عادة ما تكون توعوية تنتشر فيها رسومات كثيرة تناقش قضايا اجتماعية وتحاول معالجتها بوسائل مختلفة، إذ تجد فيها صورة عن موضوع العنف ضد المرأة، ورسمة عن الدعم النفسي، وعبارات حول النوع الاجتماعي وأخرى تنبذ الكراهية.

 

 

عادة ما تكون هذه الرسومات موجودة على جدران المؤسسات الدولية والمدارس ورياض الأطفال، خصوصاً تلك التي تشرف عليها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وأخيراً نفذت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" رسومات عدة من أجل إزالة التلوث البصري ومنح القطاع لمسة جمالية للشارع، وكانت تلك الجداريات مخصصة لقضايا الشباب ونشر قيم الحيادية وعدم التحيز.

الفن الشعبي

توضح الشاعر أن الغرافيتي يعرف في غزة بأنه الفن الشعبي، وهو أقرب وسيلة اتصال مع الجمهور، لأنه يستهدف جميع شرائح المجتمع، ويساعد على نشر الثقافة في أوساطه، مشيرة إلى أن رسالته مباشرة ولا يحتاج إلى وسيط لشرحه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جرائد غزة الأسمنتية تحوي الكثير من المعلومات الصحية المرسومة على جدران المباني ظهرت خلال فترة انتشار فيروس كورونا وبقيت مستمرة، منها صور كثيرة تدعو إلى ارتداء الكمامات الطبية، وتحثهم على أخذ اللقاحات الوقائية.

تؤكد الشاعر أن الغرافيتي بات وسيلة المؤسسات لتثقيف وتوعية الناس في قطاع غزة، خصوصاً مع محدودية الوسائل التي يمكن من خلالها الوصول لقطاعات واسعة من المواطنين.

رسم جماعي

ترسم الجداريات في غزة بشكل جماعي من الفنانين التشكيليين بعد تبييض الجدران بمواد طلاء.

 

 

الغرافيتي خالد يعمل على رسم خطوط اللغة العربية المتشابكة في فن يسمى كاليغرافيك، وفي ساعات معدودة يحول حروف الأبجدية إلى لوحة فنية نابضة بالحياة، تجتذب كل من يمر من أمامها، وتدفع كثيرين إلى الوقوف وتأملها، والاستمتاع بما تحويه من معان وحكايات.

تشير الشاعر إلى أن الجداريات ترسم صورة جميلة لغزة، والألوان المنعكسة على الجدران تضفي رونقاً جمالياً على الطرقات، وتجعل الناس يشعرون أن الشارع الذي يسيرون فيه ينبض بالحياة، هذا الفن أداة مباشرة للتعبير عن القضايا بجميع أنواعها.

العبارات المنوعة

في الصفحة الأخيرة من جريدة غزة الأسمنتية تنتشر العبارات المنوعة، وترسم عليها صور محمود درويش وشعراء فلسطينيين آخرين، وتكتب بجانب الصور أبيات شعرية من دواوينهم، وليس ذلك الأمر فحسب، بل يكتب العشاق عباراتهم الغزلية أيضاً على جدران المباني ومنها "بحبك أوعك تواخذني"، و"الحب أن أحبك وما أحكيش"، و"عيناك جميلة كعيون الغزال".

 

 

تبين الشاعر أن الغرافيتي أخذ شكلاً آخر، فنرى أن مواضيع الفن المرسوم على الجدران باتت تتمحور معظمها حول أحلام الشباب وعواطفهم وأمنياتهم في الحصول على حياة كريمة.

بدأ فن الغرافيتي في غزة زمن الانتفاضة الأولى عام 1987، واستمر من دون أن ينقطع إلى هذا اليوم، لكنه تطور بشكل كبير وبات أسلوباً يعبر عن واقع حياة السكان.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات