Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بسبب الاستخدام المزدوج... سلع محظورة من الدخول إلى غزة

يؤكد البنك الدولي أن إسرائيل تستخدم تعريفات فضفاضة ولا تلتزم الشفافية في تطبيق قيودها

إسرائيل وضعت قائمة خاصة بالسلع ذات الاستخدام المزدوج التي تمنع توريدها إلى غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

من البديهي أن يشتري الناس من المتاجر بالونات الأطفال ومستحضرات التجميل و"الشامبوهات" العلاجية والكاميرات التي تلتقط الصور تحت الماء، لكن هذه السلع البسيطة ممنوعة من الدخول إلى سكان غزة، ولا يمكنهم استخدامها إلا بعد تقديم الأسباب إلى إسرائيل.

فإسرائيل تتحكم في جميع منافذ غزة التي ترتبط جغرافياً بها، وتستطيع أن تمنع ما تشاء من سلع من الدخول إلى القطاع، حتى لو كانت بسيطة، وتدرج هذه المنتجات في قائمة طويلة تسميها "سلعاً ذات استخدام مزدوج"، وتجري عليها تعديلات كلما مرت المنطقة في حالة توتر عسكري أو هدوء أمني.

والمقصود بالسلع ذات الاستخدام المزدوج، أي منتجات أو معدات أو مواد كيماوية تكون معدة أساساً للاستخدام المدني، أو تستعمل بصورة عامة في حياة الناس، مثل الصناعة والزراعة والاقتصاد، ولكن يمكن استخدامها أيضاً لتطوير الأسلحة والمعدات العسكرية، لذا تحظر إسرائيل دخولها إلى قطاع غزة، وتسمح نادراً بذلك بعدما تخضع هذه البضائع لقيود مشددة وترخيص ومراقبة من مؤسسات الأمم المتحدة.

بالقانون، تمنع إسرائيل دخول هذه السلع إلى غزة، ولا يمكن لأي شركة تجارية تعمل على توريد البضائع الاعتراض على ذلك، فهذا الأمر غير قابل للنقاش، لأن تلك الأدوات أو المعدات لها استخدامات أخرى، وقد تدخل في الصناعات العسكرية التي تضر أمن تل أبيب.

ومنذ فرض الحصار على غزة عام 2007 بدأت إسرائيل في تطبيق نظام السلع ذات الاستخدام المزدوج ومراقبة حركة التجارة في القطاع، ولدى تل أبيب قائمتان من المواد المحظورة، الأولى ممنوعة بشكل نهائي من الدخول إلى المدينة، وتضم نحو 65 صنفاً مفصلاً، والثانية يمكن أن تدخل إلى غزة وفق ضوابط مشددة، وتحتوي على قرابة 15 ألف سلعة.

لا شفافية

يقول مدير العام للسياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد بمدينة غزة أسامة نوفل، "أصبح هاجس إسرائيل بأن كل ما يحتاج إليه سكان غزة يصب في الخانة الأمنية والعسكرية. كثير من المواد المدنية التي تستخدمها المصانع المحلية في مستحضرات التجميل والكريمات والشامبوهات. أليس من السخرية أمام دول العالم أن توضع بالونات الأطفال على قوائم المنع؟"، مشيراً إلى أنه ثبت عملياً أن نصف المحظورات لا تدخل في الصناعات العسكرية، وأن هدف منعها فقط تضييق الحصار على غزة.

ومن خلال المراقبة المستمرة استنتجت وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في التنمية "البنك الدولي"، أن إسرائيل تستخدم تعريفات فضفاضة للغاية في بعض السلع، وأن القيود المفروضة لا تميز بدرجة كافية بين الاستخدامات المشروعة وغير المشروعة، وليست هناك شفافية في تطبيق القيود.

خسائر 

ومن بين السلع الممنوع دخولها إلى غزة القضبان الفولاذية بجميع أحجامها والأجهزة الطبية التي تستخدم أشعة x، ومحركات المراكب والكابلات المعدنية ومركبات الدفع الرباعي وأسمدة النباتات ومعدات الاتصالات وقطع غيار السيارات وأفران الصهر ومخارط الحدادة والمناظير الضوئية والمجاهر والبوصلات والألعاب النارية ومضخات المياه وكثير من الأجهزة المنزلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب نوفل، فإن سياسة الاستخدام المزدوج تسببت في إعاقة عمليات الإنتاج، مما أدى إلى توقف عدد كبير من المصانع التي تعتمد على المواد المحظورة، وكبدت الاقتصاد الفلسطيني كثيراً من الخسائر.

ووفق تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" لعام 2020، فإن كلفة الخسائر التي تعرض لها قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي تقدر بنحو 16.7 مليار دولار.

الحد من برامج الأسلحة السرية

يقول كبير الاقتصاديين في "أونكتاد" محمود الخفيف إن "إسرائيل تستخدم وسائل متعددة في حصار غزة، وهذا تسبب في تدمير الاقتصاد، لذلك من الضروري رفع جميع القيود المفروضة على وصول وحركة البضائع وإطلاق العنان لإمكانات غزة من خلال الاستثمار، ونحاول العمل في هذا المجال بالتعاون مع السلطات المحلية وإسرائيل، ولكن هناك قيوداً تحتاج إلى جهد ووقت، وهذا يعني خسائر إضافية".

من جهة إسرائيل، يقول منسق حكومتها في الأراضي الفلسطينية غسان عليان إنه لا يسمح لأي منتجات تدخل في أغراض عسكرية بالدخول إلى غزة، وهذا القرار منسجم مع الجهود الدولية المبذولة في إطار الحد من برامج الأسلحة السرية للمنظمات الإرهابية، ونحن نتبع ترتيب "فاسنار" في قوائم السلع مزدوجة الاستخدام، لكن على الرغم من ذلك نضفي تسهيلات اقتصادية لسكان غزة ونرفع عدداً كبيراً من السلع عن قوائم الممنوع.

تخفيف مشروط

في الواقع، بعد إجراء تفاهمات بين "حماس" وإسرائيل برعاية مصرية عام 2018، خففت تل أبيب قيودها على السلع ذات الاستخدام المزدوج، وبات من الممكن تقديم طلب لجهة تنسيق شؤون الحكومة الإسرائيلية في شأن السماح بدخول البضائع إلى غزة، لكن هذا الطلب يخضع لقيود مشددة من بينها أن تشرف مؤسسة رقابة الأمم المتحدة على المواد بعد وصولها إلى القطاع.

ويوضح نوفل أن "إدخال السلع المحظورة يحتاج إلى منظومة خاصة، وتقوم بالأساس على التحقق الأمني على صاحب السلع المستورد والمكان الذي ستصل إليه في القطاع واستخداماتها وثبوت دخولها في الأمور المدنية من عدمه، ومن ثم تحديد وقت محدد في الأسبوع لدخولها أو رفض دخولها".

ويعتقد البنك الدولي أن التخفيف الذي انتهجته إسرائيل أخيراً على السلع مزدوجة الاستخدام قد يؤدي إلى نمو بنسبة 11 في المئة لسكان غزة حتى عام 2025، مقارنة بسيناريو استمرار القيود.

وتقول ممثلة البنك الدولي في الضفة الغربية وغزة آنا بيردي إنه من الضروري إيجاد حل سريع للحيلولة دون مزيد من التدهور للنشاط الاقتصادي في القطاع، لأن نظام السلع ذات الاستخدام المزدوج يحول دون تنويع النشاط الاقتصادي.

وتضيف بيردي، "في الأمد القصير من الضروري ترشيد وتبسيط الإجراءات الإدارية الإسرائيلية لنظام السلع ذات الاستخدام المزدوج، وفي الأمد المتوسط يجب استبدال نظام بالنهج المتبع حالياً ليعتمد على تحليل المخاطر المتعلقة بوصول هذه البضائع بحيث يتم تسهيل وصولها إلى الشركات التي لديها سجل قوي، ويمكن تنفيذ ذلك مع ضمان ألا يتم تحويل هذه السلع إلى الاستخدامات غير المشروعة، من خلال الرقابة من بعد أو الرقابة الفعلية من الأمم المتحدة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير