Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلاح الأبيض وسيلة متسولي غزة

حكومة القطاع رفضت حلولاً لتشغيلهم والسبب التكاليف العالية

يجرّم القانون الفلسطيني التسول ويعاقب عليه (اندبندنت عربية)

على مقربة من آلة الصراف الآلي وسط مدينة غزة، يتمركز ثلاثة متسولين أطفال، وهم يراقبون حركة المارة وينتظرون وصول أي شخص يرغب في سحب أمواله حتى يطلبوا منه شيكلاً (عملة إسرائيلية يتعامل بها سكان الأراضي الفلسطينية والدولار يعادل3.5  شيكل).

وحين وصلت لينا إلى الصراف الآلي، استعد ثلاثتهم لطلب المال منها، ومن دون أن تنتبه لحركتهم كانوا قد تمركزوا خلفها ينتظرون أن تنهي حركة سحب أموالها، ليطلبوا منها النقود.

سكين

باستغراب نظرت لينا إليهم رافضة منحهم المال، ومن دون أن يلحوا عليها أو يستعطفوها، سحب أحدهم سلاحاً أبيض وشهره بوجهها. تروي الفتاة هذا الموقف "قلت لهم لن أدفع لأحدكم، كفى تسولاً، لم أنتهِ من كلامي حتى وجدت أحدهم يرفع في وجهي سكيناً، ومن هول الصدمة منحتهم ما طلبوه من مال ثم غادرت وأقدامي ترجف وبالكاد وصلت السيارة".

 

لم تكن لينا الفتاة الوحيدة التي تعرضت لهذا الموقف، فإيمان كانت تسير برفقة أخواتها في الشارع عندما قطع طريقها طفل لم يتجاوز عمره تسع سنوات طالباً شيكلاً، وحين رفضت منحه المبلغ، أخرج خنجراً صغيراً ووضعه قرب خصرها مهدداً باستخدامه. وتقول إيمان "كان مظهره غير مريح، لكنه صدمني من فعلته، وإلى أن استوعبت الأمر وأمسكت هاتفي، وصل أحد الرجال وأبعده عنا، كان هناك شابان في الشارع، وأعتقد شاهدا ما حصل".

"ليسوا عصابات"

هذه المشاهد التي يستخدم فيها المتسولون في قطاع غزة العنف لا تقتصر على الاستعانة بالسلاح الأبيض بل تتنوع بين الشتم والضرب وتمتد إلى حمل العصي والحجارة.

وكانت إيمان أكثر جرأة، وقامت بإبلاغ الشرطة عما حصل معها، وعن الأمر قال المتحدث باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي إنهم "رصدوا حالة عنف واحدة، وتم توقيف المتسول الذي استعان بسلاحه في حق المواطنة"، لافتاً إلى أننا "لا نستطيع أن نقول إن هناك عصابات تمارس التسول وتستخدم العنف داخل مجتمع غزة، لكن كل ما في الأمر أن هناك تجمعات تعمل في التسول وتتخذه مهمة ومعظمها مجموعات عائلية بحسب ما رصدته الشرطة".

ووفقاً لتقرير منشور على صفحة الشرطة الفلسطينية، فإن التسول نتج منه استغلال نساء وأطفال لارتكاب جرائم منها السرقة وترويج المخدرات.

مخالف للقانون

في الواقع، يعج قطاع غزة بالمتسولين وعادة ما يكونون أطفالاً أو نساء، ويتركز وجودهم في الشوارع الحيوية المليئة بالمحال التجارية وعند مفترقات الطرق وإشارات المرور وقرب المؤسسات التعليمية العليا. مضايقات شديدة للمارة بخاصة النساء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

علي واحد من المتسولين، عادة ما يتواجد في منطقة غرب غزة، وينشط معه عدد آخر يزيد على 10 معظمهم موزعون بين المخابز والمراكز التجارية الكبيرة والمطاعم. وتحدث علي بعبارات مختصرة "والدي لا يوفر حاجاتي من مأكل وملبس، ويتركني من دون اهتمام لأن أمي مطلقة".

وترك علي المدرسة بسبب ظروفه الاجتماعية ليتجول في الشوارع متسولاً بين المارة، تارة يهددهم بالضرب، وتارة أخرى يستعطفهم.

ومعلوم أن معظم المتسولين قد لا يعرفون أن فعل التسول يعاقب عليه القانون ويجرّمه باعتباره شكلاً من أشكال الكسب غير المشروع.

وينص القانون على أن "من استعطى أو طلب الصدقة من الناس متذرعاً إلى ذلك بعرض جروحه أو عاهة فيه أو بأية وسيلة أخرى، سواء أكان متجولاً أو جالساً في محل عام، أو وجد يقود ولداً دون الـ 16 من عمره للتسول وجمع الصدقات أو يشجعه على ذلك، فإنه يعاقب بالحبس في المرة الأولى مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو أن تقرر المحكمة إحالته على أية مؤسسة معينة من قبل وزير الشؤون الاجتماعية للعناية بالمتسولين لمدة لا تقل عن سنة".

التسول ظاهرة

وبحسب المؤسسات الحقوقية، فإن استخدام العنف أثناء التسول في غزة بات ظاهرة لا يمكن إنكارها، إلا أن وزارة التنمية الاجتماعية ترى عكس ذلك، إذ أكدت أن التسول لا يعدّ ظاهرة من الأساس، والأعداد غير متزايدة في القطاع وإنما هناك أعداد بسيطة جداً من الأفراد.

وقال علاء السكافي مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان (غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان) إن التسول أضحى ظاهرة آخذة في التزايد، ومن أسبابه التفكك الاجتماعي أو عدم توافر عمل للمعيلين إلى جانب الظروف الصعبة التي يعيشها سكان غزة.

وفي الحقيقة، تقع مسؤولية معالجة ظاهرة التسول واستخدام العنف فيه، على عاتق مؤسسات حكومية عدة منها وزارات التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والداخلية والنيابة العامة.

الحلول مكلفة

وأوضح السكافي أنهم عملوا من خلال المؤسسات الحقوقية على وضع معالجات كثيرة لظاهرة التسول بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية لمنع تواجد بعض الأفراد وبخاصة الأطفال على مفترقات الطرق، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هذه الحلول لم تكتمل لمنع تزايد أعداد المتسولين بسبب عدم التزام الحكومة بواجباتها لجهة توفير فرص عمل ومصادر رزق للمعيلين من أجل حياة كريمة لأسرهم.

وبحسب مركز الضمير لحقوق الإنسان، فإن المؤسسة الحكومية في غزة رفضت كل الخطط المطروحة لأن هذا الأمر يحتاج إلى تكاليف عالية، إلا أن الحكومة أعلنت أنها ستتخذ إجراءات لمعالجة مشكلة التسول.

وقال المتحدث باسم الشرطة أيمن البطنيجي، بدوره، إن "التسول بات ظاهرة والجهات الحكومية تحاول محاربته وتقليل عدد المتسولين، ومن يتم ضبطه تكتب عليه تعهدات للمرة الأولى، وإذا تكرر الأمر يحجز وفق الإجراءات القانونية لأن هذه الظاهرة جريمة وفق قانون العقوبات الفلسطيني".

ومن جهة وزارة التنمية الاجتماعية، قالت عزيزة الكحلوت مسؤولة التواصل والإعلام فيها إن "التسول لا يعد ظاهرة فالأعداد لدينا تشير إلى أنهم لا يزيدون على 200 فرد، وهناك لجنة تعزيز السلوك القيمي الحكومية تعمل حالياً على تفعيل قانون تجريم هذا العمل، وتوفير فرص عمل للحالات المستحقة".

وعن استخدام السلاح الأبيض والعنف أثناء التسول، أوضحت الكحلوت أن الذين يلجؤون لهذه الوسائل يتم حجزهم في بيوت رعاية وتأهيل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير