Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إحالة ملف فلسطين لـ"العدل الدولية" تمضي قدماً رغم العراقيل

11 دولة غيرت تصويتها بسبب ضغوط أميركية - إسرائيلية وخشية من تداعيات القرار الذي قد يؤدي إلى ملاحقة تل أبيب

طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية تقديم رأي استشاري حول التبعات القانونية "للاحتلال الإسرائيلي" (أ ف ب)

على رغم ممارسة واشنطن وتل أبيب ضغوطاً دبلوماسية مكثفة لحشد جبهة دولية ضد إحالة ملف فلسطين إلى محكمة العدل الدولية، إلا أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن ذلك تم تمريره، لكن بعد انخفاض عدد المصوتين لصالحه.

ولأن القرار يحمل أبعاداً تنفيذية قد تؤدي إلى ملاحقة إسرائيل في المحاكم الدولية، وليس مجرد تعبير عن مواقف سنوية بالأمم المتحدة، فقد صوتت 87 دولة لصالحه في حين رفضته 26 دولة، فيما امتنعت 53 دولة عن التصويت.

ونجحت الضغوط الأميركية والإسرائيلية في إقناع 11 دولة بتغيير تصويتها بشأن القرار، وذلك بعد تأييد 98 دولة للقرار في اللجنة الرابعة من الجمعية العامة ومعارضة 17 أخرى، في حين امتنعت 52 دولة عن التصويت.

وفصل بين التصويتين نحو شهرين، استغلتهما تل أبيب وواشنطن في الضغط على الدول لتغيير تصويتها على القرار، الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"الحقير"، وبأنه "لا يلزم إسرائيل".

تحركات إسرائيلية

وحتى قبل توليه رئاسة الوزراء الإسرائيلية، الخميس الماضي، أجرى نتنياهو سلسلة اتصالات مع قادة دول من العالم لحثها على تغيير تصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال نتنياهو إنه تمكن مع الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ المندوب الإسرائيلي بالأمم المتحدة في "قلب المعادلة" عما كان عليه في الجلسة السابقة. واتصل نتنياهو بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لكي يطلب منه تعديل تصويت بلاده المؤيد للقرار الفلسطيني في اللجنة الرابعة للجمعية العامة.

لكن ذلك الاتصال أدى إلى غياب المندوب الأوكراني عن جلسة التصويت على القرار "من أجل إعطاء فرصة للعلاقة مع نتنياهو"، وفقاً لمسؤول الأوكراني. وطلب زيلينسكي من نتنياهو تغييراً في موقف تل أبيب من تزويد بلاده بأسلحة ضد الهجمات الروسية بالصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار الإيرانية الصنع.

ابتزاز أميركي - إسرائيلي

أرجع مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض تراجع بعض دول العالم عن تصويتها لصالح فلسطين إلى "حملة ضغوط أميركية وإسرائيلية وابتزازها لحملها على تغيير تصويتها".

ورفض عوض الله "وجود تغيير في خريطة المؤيدين للقضية الفلسطينية في الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن التصويت على قرار الإحالة إلى محكمة دولية "لا يحظى عادة بتصويت مرتفع بين دول العالم". وقال عوض الله، لـ"اندبندنت عربية"، إن دول العالم "خصوصاً الاستعمارية منها لا تفضل اللجوء إلى المحاكم الدولية بشأن الاحتلال"، مضيفاً أن نسبة المؤيدين للقرار كان "ممتازاً".

رأي استشاري

طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية تقديم رأي استشاري حول التبعات القانونية "للاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية ووضع مدينة القدس واعتماد إسرائيل تشريعات وإجراءات تمييزية لتكريس هذه السياسة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما طلب القرار من محكمة العدل الدولية تقديم المشورة بشأن "كيفية تأثير هذه السياسات والممارسات في الوضع القانوني للاحتلال، وما التبعات القانونية التي تنشأ عن هذا الوضع بالنسبة إلى جميع الدول والأمم المتحدة".

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بموافقة 168 دولة على قرار يؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وعارضت القرار ست دول هي: تشاد وإسرائيل وجزر المارشال وميكرونيزيا وناورو والولايات المتحدة، وامتنعت تسع دول عن التصويت عليه.

المصالح الثنائية

المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور اعتبر أن تل أبيب "نجحت في إقناع دول أفريقية وإسلامية بالتراجع عن تصويتها المؤيد للقرار والتصويت لصالح إسرائيل".

وأضاف غانور، لـ"اندبندنت عربية"، أن تغيير 11 دولة موقفها يعود إلى "تفضليها مصالحها الثنائية مع إسرائيل، واقتناعها بأن تدويل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى إجهاض استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وحول مدى استمرار نسبة التصويت الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أشار غانور إلى أن كل "قرار يحتاج إلى معركة مماثلة".

خطوات عملية

ومع أن مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أشار إلى تسجيل إسرائيل نجاحاً دبلوماسياً بشأن قرار الجمعية العامة حول محكمة العدل الدولية، لكنه رفض وصف ذلك "بالتغيير الدراماتيكي".

وقال الرنتاوي إن إسرائيل مارست ضغوطاً مكثفة على دول العالم لإدراكها بأن القرار "غير عادي ويترتب عليه خطوات عملية وليس مجرد قرار لإعلان المواقف". وأوضح أن قرار الإحالة إلى محكمة العدل الدولية يضع الأساس القانوني لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين في المحاكم الدولية والوطنية في عدد من دول العالم". وأضاف الرنتاوي أن امتناع 57 دولة عن التصويت وغياب أخرى عن الجلسة لا يعني أنها ضد الحق الفلسطيني، لكن ذلك يعود إلى رغبتها في تجنب الصدام مع تل أبيب وواشنطن.

وأشار إلى نجاح إسرائيل في تحقيق اختراقات دبلوماسية بالقارة الأفريقية في ظل "سبات عميق للخارجية الفلسطينية التي تتحرك في اللحظات الأخيرة".

شكلاً ومضموناً

واعتبر أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت ياسر العموري أن الإحالة إلى محكمة العدل الدولية تحتاج إلى "موافقة المحكمة على الطلب شكلاً ومضموناً قبل البدء بإجراءات النظر في القضية".

وقال العموري إن شكل الإحالة إلى المحكمة "صحيح قانونياً وينسجم مع قانون المحكمة"، مضيفاً أن "مضمون القضية ستنظر فيه المحكمة قبل قبولها الحكم فيه". وأوضح أن مضمون القضية "ينسجم مع اختصاصات المحكمة الدولية في لاهاي، لأنها تتناول الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للضفة الغربية، الذي بدأ قبل أكثر من خمسة عقود".

وأشار العموري إلى أن القانون الدولي "لا يحرم من حيث المبدأ الاحتلال الأجنبي لأراضي الغير الذي ينشأ عن النزاعات المسلحة، لكن الاحتلال الإسرائيلي طال أمده ونشأ عنه نقل للسكان في كلا الاتجاهين".

المزيد من تقارير