"أكثر من ألف طلعة عملياتية لطائرات مروحية وحربية لسلاح الجو الإسرائيلي وأكثر من 30 عملية بحرية بقيادة أسطول السفن الصاروخية، عشرات العمليات العابرة للحدود التي نفذها أسطول الغواصات وعشرات العمليات في المعارك ضد سوريا وحزب الله، وغارات على مئات الأهداف بمئات القذائف"، هذه المعلومات هي بعض ما جاء في ملخص رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي لعام 2022، مبرزاً أن هذه العمليات تعكس التحديات العسكرية التي واجهتها إسرائيل، والتي "وضعت إسرائيل في موقع محوري إقليمي جعل الجميع يتعامل معها كقوة رئيسة في المنطقة".
معطيات شابها التساؤل من قبل مدنيين إسرائيليين وحتى أمنيين وعسكريين لتزامنها مع صدور تقارير أخرى، عكست وجهاً آخر للجيش الإسرائيلي، إذ أظهرته جيشاً يعاني من وهن داخلي ومشكلات نفسية واجتماعية، وهي جوانب تشغل عديداً من الجهات الإسرائيلية.
إذ بينت التقارير، وبينها صادر عن مراقب الدولة، نتنياهو أنغلمان، أنه في حال وقعت حرب الآن فإن الجيش الإسرائيلي غير قادر على خوضها، وهو تقرير تضمن انتقادات لاذعة لكوخافي وسياسته التي أدت إلى هذه الوضعية للجيش.
والأخطر من هذا، بالنسبة إلى جهات عسكرية وأمنية وحتى ناشطة في المجال الاجتماعي، أن عام 2022 سجل العدد الأكبر من حالات الانتحار بين الجنود واعتداءات جنسية، وفي مقدمها:
- انتحار 14 جندياً إسرائيلياً ولم يتمكن المسؤولون المعنيون من معرفة الخلفية الحقيقية والأسباب التي دفعت إلى الانتحار باستثناء حالة او اثنتين.
-38 في المئة من المجندات، اللواتي يخدمن في مصلحة السجون، تعرضن للاعتداء الجنسي، بحسب تقرير صادر عن مراقب الدولة، ما أثار نقاشاً داخلياً حاداً في ظل تشكيل لجان خاصة لفحصه.
ووفق التقرير، فإن ثلث المجندات في الخدمة النظامية في الجيش الإسرائيلي تعرضن للتحرش الجنسي على الأقل مرة واحدة في السنة الأخيرة، 22 في المئة من المجندات في الخدمة الإلزامية اللواتي يخدمن في الشرطة، و27 في المئة من اللواتي يخدمن في حرس الحدود، تعرضن للاعتداءات الجنسية أثناء الخدمة.
105 ساعات طيران
وقد أبرز كوخافي في تقريره عن عام 2022 أرقاماً ضخمة لما نفذه الجيش خلال عام مضى، مركزاً على سلاحي الجو والبحر، وسعى إلى إظهار قدرات عسكرية واستخباراتية كبيرة للجيش، بما في ذلك شعبة الاستخبارات العسكرية التابعه له بكل ما يتعلق بالنشاط الخارجي، أمام ما تعتبرهم إسرائيل "محور الشر إيران وحزب الله وسوريا وحماس". وأظهرت هذه التقارير العمليات التي نفذت من مسافات بعيدة من الحدود.
"105 آلاف ساعة طيران، و16 مناورة دولية مهمة بمشاركة إسرائيلية مع الجيوش الشرق أوسطية والخليجية، إضافة إلى 53 زيارة ورحلة إلى الدول الشريكة في اتفاقيات أبراهام"، وفق كوخافي الذي أضاف أن هذه العمليات حققت إلى جانب إحباط أكثر من 30 عملية تهريب عبر مياه البحر في المنطقة الجنوبية، وبحسب كوخافي، فقد أدخل الجيش سفينتي "ساعر 6" للخدمة العملياتية ضمن مهمة حماية المواد الاستراتيجية في سياق تعزيز القدرات العسكرية البحرية.
تعاون دولي
واعتبر كوخافي في تقريره أن عام 2022 تميز بالتعاونات الدولية المهمة، إذ أنشئ قسم جديد يتولى المسؤولية عن التعاونات الإقليمية ومراكز الارتباط في مصر والأردن وقوات حفظ السلام، وعن تطوير التعاونات العسكرية مع الشرق الأوسط والخليج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كاسر الأمواج" و"الفجر الصادق"
فيما لا تزال جمعيات ناشطة في حقوق الإنسان والطفل تبحث في بعض الحالات التي أدت إلى مقتل "أبرياء من الضفة وغزة من أطفال ونساء، واعتقال أطفال فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين ست و17 سنة، اعتقالاً إدارياً في ساعات الليل وفي ظروف ينتهك فيها الجيش القوانين الدولية وحقوق الإنسان والطفل"، ركز كوخافي بالأرقام على ما اعتبره إنجازاً لجيشه في الضفة من خلال عملية "كاسر الأمواج"، مشيراً إلى أن النشاطات الاستخباراتية كانت مكثفة ونفذت بعد جمع معلومات دقيقة، ما أسهم في تنفيذ "مئات عمليات الإحباط والاعتقالات والجهود الدفاعية لا سيما على خط التماس"، وجاء في تقرير كوخافي الذي استعرض ما أسماه "إنجازات كبيرة" ما يلي:
- أكثر من 3000 عملية اعتقال.
- ضبط أكثر من 500 قطعة سلاح.
- إغلاق 14 ورشة لتصنيع الوسائل القتالية.
أما عملية "الفجر الصادق"، بحسب التقرير، فشملت اغتيال وتصفية 14 من قادة "الجهاد الإسلامي".
وفي الجبهة الشمالية، قارن كوخافي بين القذائف التي أطلقت من لبنان باتجاه إسرائيل والعكس، كاشفاً أنه أطلقت قذيفة صاروخية واحدة من الأراضي اللبنانية نحو إسرائيل وتم الرد عليها بأربع غارات على الأراضي اللبنانية وإطلاق 58 قذيفة مدفعية باتجاه الأراضي اللبنانية.
دعوة لتشكيل لجان تحقيق خاصة
وأمام "القدرات العسكرية" التي طرحت أمام الرأي العام، فقد أثار ما تضمنه تقرير مراقب الدولة من كشف أخلاقيات الجيش والمشكلات النفسية والاجتماعية، بكل ما يتعلق بالتحرش والاعتداء الجنسي على المجندات نقاشات وانتقادات، وهناك من دعا إلى تشكيل لجان تحقيق خاصة.
إذ ذكر مراقب الدولة أن معظم المجندات في الجيش الإسرائيلي قد تجنبن الإبلاغ عن التحرش الجنسي الذي تعرضن له أثناء الخدمة، 70 في المئة من المجندات اللواتي قدمن شكاوى أكدن أن الشكاوى لم تعالج أبداً ولا حتى "بصورة مرضية".
وقال مراقب الدولة أنغلمان: "إزاء استنتاجات هذا التقرير، ترتسم أمامنا صورة لوضع مقلق بشأن حماية الذين يعملون في الخدمة الإلزامية في ظل غياب الشعور بالأمن الشخصي، والقلق أيضاً في امتناع الجيش عن نشر بيانات حول الموضوع للرأي العام أو عرضه أمام الكنيست".
ويتبين من التقرير أيضاً أن المجندات في الخدمة الإلزامية تعرضن للتحرش الجنسي بنسبة أعلى من الشرطيات، وحسب البيانات فمن بين 442 شكوى تحرش جنسي في الشرطة قدمت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حوالى الثلث (149 شكوى، أي ما نسبته 34 في المئة منها) كانت لشرطيات في الخدمة الإلزامية، في حين أن رجال الشرطة في الخدمة الإلزامية هم فقط سبعة في المئة من إجمالي القوة البشرية في الشرطة، وفي مصلحة السجون سجلت نسبة مشابهة، من بين 185 شكوى عن التحرش الجنسي في المصلحة، 37 في المئة كانت لمجندات يخدمن في الخدمة الإلزامية.
14 حالة انتحار خلال الخدمة
كذلك سجل عام 2022 أعلى رقم بحالات الانتحار داخل الجيش خلال السنوات الخمس الأخيرة، ليصل إلى 14 حالة خلال عام 2022، واللافت أنه باستثناء حالة او اثنتين لم يتوصل الجيش إلى معلومات حول دوافع الانتحار.
ونقل عن مصادر عسكرية مسؤولة أنه أجريت عدد من المناقشات حول هذا الموضوع في قسم القوى العاملة وفي السلك الطبي، خلصت إلى أن الجيش غير قادر على تفسير الزيادة في عدد حالات الانتحار هذا العام.
في السنة الماضية، وضع الجيش خطة لمنع انتحار الجنود، لكنها لم تحقق أهدافها بعد ارتفاع عدد حالات الانتحار.
الخطة شملت الحد من توافر الأسلحة، وتوسيع أدوات التعلم من كل حدث واستخلاص النتائج، بما في ذلك التغييرات في الأوامر والإجراءات، وتغيير التصور في ما يتعلق بموقع ضابط الأمن في الحدث، وتطوير أدوات التدريب للقادة ومنح إعفاء للصحة العقلية قبل الخدمة وأثنائها.