Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المناخ المتطرف في 2022 دمر موائل الحيوانات وعطل تكاثرها

إنها مجرد بداية والأحوال الفائقة التقلب والقسوة ستكون القاعدة لا الاستثناء

شهد العالم حرائق ضارية وعواصف اقتلعت الاشجار وفيضانات وجفاف في 2022 (ناشيونال ترست/ اندبندنت)

تبين أن الحرائق الضارية التي استعرت في الغابات، ودرجات الحرارة القياسية، والجفاف المهلك، قد تآزرت كلها في تدمير موائل الأنواع الحية وأعاقت تكاثر الحيوانات النادرة هذا العام. ومن المتوقع أن يتكرر هذا النموذج في الأعوام المقبلة، بحسب تحذير صدر من المؤسسة الخيرية البريطانية "ناشيونال تراست".

إذ تحدثت هذه المؤسسة التي تعنى بحماية البيئة، عن مجموعة من الظواهر المناخية "المضطربة" والصاخبة، شملت عواصف اقتلعت الأشجار، وفيضانات، درجات حرارة مرتفعة استثنائية في يناير (كانون الثاني)، ودرجات حرارة متجمدة في ديسمبر (كانون الأول). ورأت "ناشيونال تراست" أن تلك الظواهر طرحت تحديات على الحيوانات البرية والطبيعة، إذ أتلفت المحاصيل وأربكت الحيوانات وأجهدتها، وأدت إلى تراجع في أعداد النحل والفراشات.

كذلك حذرت المؤسسة الخيرية نفسها من أن سوء الأحوال الجوية الذي قاساه عام 2022 يشكل مقياساً لما ستجري عليه العادة في أحوال الطقس خلال سنوات مقبلة، إن بقيت أزمتا المناخ والطبيعة من دون معالجة.

وذكر كيث جونز، مستشار في شؤون تغير المناخ لدى "ناشونال تراست"، إن تلك الظروف الجوية المتطرفة "مثال صارخ على نوع الصعوبات التي سيواجهها كثر من جنسنا البشري إذا لم نتخذ خطوات إضافية تعمل على خفض ارتفاع درجات الحرارة وتساعد على بقاء الطبيعة. ولكن من المرجح أيضاً أن يؤدي "الوضع الطبيعي الجديد" [إشارة إلى سيطرة المناخ المتطرف على عام 2022] إلى ظواهر مناخية أكثر حدة مما نشهده الآن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الأسبوع الماضي، توصلت زهاء 200 دولة إلى اتفاق تاريخي يقضي بحماية الطبيعة [في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي]، متعهدة بالحفاظ على 30 في المئة من أراضي الكوكب ومحيطاته بحلول 2030.

في ذلك الصدد، يتوقع خبراء المناخ أن تشهد المملكة المتحدة مزيداً من الأمطار التي تنهمر فجأة لمدة قصيرة لكنها تكون غزيرة وحادة، فضلاً عن فصول صيف جافة وحارة وشتاءات أكثر دفئاً ولكن أكثر مطراً. يأتي ذلك بعدما تجاوزت الحرارة في أجزاء من إنجلترا 40 درجة مئوية خلال هذا العام في سابقة من نوعها أثناء الصيف. يشار إلى أن المملكة المتحدة قد سجلت في القرن الحالي السنوات العشر الأكثر حرارة التي تمر عليها منذ عام 1884.

استطراداً، عانت أجزاء أخرى من العالم أحوالاً جوية أكثر قسوة. غمرت المياه ثلث مساحة باكستان تقريباً في وقت سابق من العام الحالي بعدما عصفت بالبلاد فيضانات مدفوعة بأزمة المناخ، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص وتأذى 33 مليوناً آخرين. كذلك لم تسلم أستراليا وجنوب أفريقيا من الفيضانات، وتضرر جزء كبير من أوروبا بأثر من حرائق الغابات المدمرة ودرجات الحرارة المرتفعة.

بالعودة إلى المملكة المتحدة، كافحت نظم إيكولوجية كثيرة كي تتكيف مع أحوال المناخ المتغيرة. وقد دمّرت حرائق الغابات التي نشبت في أراض تمتلكها "ناشونال تراست" موائل الفراشة الزرقاء الفضية والسحالي الرملية النادرة والثعابين الملساء، بينما جرفت الأمطار والعواصف أعشاش مستعمرات طيور الخرشناوات، كذلك التربة التي لن تقوى على التجدد بسهولة.

واستكمالاً، ذكرت "ناشونال تراست" أن الجفاف، الذي ما زال يخنق جزءاً واسعاً من البلاد، قد حال دون تكاثر أنواع حية عدة من بينها ضفدع ناترجاك وكذلك الفراشات والطيور، وأدى إلى اضطراب حيوانات أخرى من بينها الخفافيش. كذلك تضررت المُلَقِّحات [كالنحل] بشدة، إذ ذبلت الأزهار وماتت.

كذلك أوقفت الحرارة المرتفعة نمو المحاصيل الزراعية، وأدت إلى جفاف العشب الذي ترعى فيه الماشية، وأسهمت في حلول خريف "زائف"، وتعرّت الأشجار في وقت أبكر من المعتاد. وفي الوقت نفسه، تعرضت الطيور البحرية لخسائر شديدة بسبب "إنفلونزا الطيور".

يعد طائر البفن المحبوب أحد أكثر الأمثلة الصارخة على أنواع الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض، وفق "الجمعية الملكية لحماية الطيور". أصبحت صغار الطيور في معاقل طيور البفن السابقة الآن أكثر عرضة لخطر الجوع، لأن ارتفاع درجة حرارة البحار يتسبب في انخفاض عدد ثعابين الرمل التي تتغذى عليها.

تضم القائمة الحمراء التي وضعتها "الجمعية الملكية لحماية الطيور" عن الطيور التي "تشكل مصدر قلق بالغ" بشأن انقراضها، 70 نوعاً، أي ضعفي الرقم الوارد في تقريرها الأول في 1996. تندرج في القائمة أيضاً طيور السمامية، والسنونو الأبيض البطن، وصقور مونتاغو، بسبب التراجع في أعدادها وفي مناطق تستخدمها للتكاثر.

في الإطار نفسه، ذكر هنري هاكينين، الخبير في الطيور البحرية وتغير المناخ إن "موجة حر شديدة شهدتها القارة القطبية الجنوبية هذا العام خلال موسم التكاثر (في يناير الماضي تقريباً)، أفشلتْ عمليات التكاثر لدى كثير من الطيور البحرية في نصف الكرة الجنوبي".

وأضاف هاكينين، "في السنوات السابقة، تسببت موجات الحر في نفوق واسع النطاق وفشل في التكاثر بين صفوف الطيور البحرية، إما نتيجة الإجهاد الحراري أو هرب الفريسة التي تتغذى عليها من المستعمرات إلى المياه الباردة".

وكذلك علمت "اندبندنت" من آلي مورس، خبيرة في المياه لدى "ذا وايلد لايف تراستس"، أن بعض أسوأ آثار الجفاف قد تبدت على الأنهار، إذ لم تستعد المياه مستوياتها بالسرعة الكافية، فيما حملت الأمطار الغزيرة التي أعقبت الجفاف الصيفي ملوثات كثيرة تشمل غبار الطوب، والمعادن الثقيلة، وفتات الإطارات، ومخلفات المبيدات في المجاري المائية.

وأشارت مورس أيضاً إلى أن انخفاض مستوى المياه سيؤثر على الأرجح في تجمعات الأسماك خلال العام المقبل، إذ يمكنه أن يزيد تركيز المواد الكيماوية في الماء، ما يجعلها أكثر فتكاً بالحشرات. ويعني ذلك أيضاً أن طيوراً مثل طائر الرفراف ومالك الحزين التي تتغذى عادة على الأسماك، لن تحظى سوى بقدر قليل من الغذاء.

ووفق مورس، "مع موت النباتات والزهور الشتوية والتوت في وقت أبكر من المعتاد، قد لا يكون لدى الثدييات الصغيرة التي دخلت في فترة سبات شتوي مخزوناً كافياً كي يساعدها في البقاء على قيد الحياة أثناء فصل الشتاء، لذا ربما نشهد في العام المقبل نفوق أعداد كبيرة منها".

وأضافت مورس، "علينا أن نكون أكثر ذكاء في إدارة الموارد المائية". ودعت شركات المياه إلى معالجة التسرب، ونشر عدادات المياه على نطاق واسع، وإنشاء مزيد من الخزانات في المزارع، ودعم إعادة إنشاء الأراضي الرطبة في المملكة المتحدة، علماً أن البلاد فقدت 90 في المئة منها.

وفي سياق متصل، ذكر الرئيس التنفيذي لدى منظمة "كومباشين إن وورلد فارمينغ" (التعاطف مع مزارع العالم)، فيليب ليمبري المتخصص في الطيور والطبيعة، إنه من المحزن أن نرى الأمطار الغزيرة تدمر أعشاش الطيور فيما "تختفي الطبيعة أمام أعيننا".

وبحسب رأي ليمبري، إن "بلادنا من بين أكثر الدول استنزافاً للطبيعة. وتزيد أحوال المناخ المتطرفة وغير المتوقعة الضغوط بلة. لحسن الحظ، يزداد الاعتراف بأننا جميعاً في قارب واحد، وشبكة الحياة تشكل نظام دعم للحياة للبشرية، وعبر ذلك نستقي حلولاً تجعلنا نعيش حياتنا على نحو أكثر صداقة مع الطبيعة".

وقد خلص ليمبري إلى أنه "في مقدور الحكومة أن تحقق ذلك إذا ما رغبت، ولكنني لست واثقاً حتى الآن من أننا مارسنا ضغوطاً كافية على الحكومات كي تتخذ فعلاً الإجراءات المطلوبة بشدة".

وفي مسار موازٍ، ذكرت "الجمعية الملكية لحماية الطيور" أن فصول الشتاء المعتدلة ترفع حدة المنافسة على الطعام بين الحيوانات التي كانت ستدخل لولا ذلك [الشتاء الدافئ نسبيّاً]، في البيات الشتوي. وقد ذكر متحدث باسم الجمعية أن المملكة المتحدة في حال طوارئ تتهدد الطبيعة والمناخ، إذ تكشف الأدلة أن التهديدات الأكبر التي تواجه طيورنا تتمثّل بالتغيرات في المناخ والاستخدام الجائر للأراضي والممارسات الزراعية المغلوطة.

في رأي المنظمة الخيرية، "لا بد من أن تزيد حكومات المملكة المتحدة بسرعة، من طموحها بشأن التصدي لتغير المناخ واستعادة الطبيعة كليهما".

وفي الإطار نفسه، أوضحت الحكومة إنها تسعى إلى زيادة الحجم الإجمالي للمياه التي يمكن حفظها في الخزانات. وفي وقت سابق من العام الحالي وضعت الحكومة أهدافاً بيئية شملت وقف التدهور في الحياة البرية، مع الحاجة إلى زيادة أعداد الأنواع الحية بـ10 في المئة على مدى 20 عاماً.

في المقابل، ثمة كائنات استفادت من التقلبات الجوية التي شهدها هذا العام. كان غياب الصقيع مفيداً لحصاد التفاح هذا العام. وشهدت أجزاء كثيرة من البلاد وفرة في البذور والمكسرات، ويُعتقد بأن ذلك مرده جزئياً، إلى الإجهاد الذي تعرضت له الأشجار بسبب الجفاف. وكان الخريف المعتدل والرطب مفيداً للفطريات أيضاً.

وفي السياق نفسه، ذكرت منظمة "ناشونال تراست" أن جهود الحفظ أظهرت أيضاً علامات واعدة في مساعدة النظم البيئية على التكيف بشكل أفضل مع الظروف المعاكسة. وأحد الأمثلة مشروع إعادة توطين القنادس في مقاطعة سومرست، بغية المساعدة في الحفاظ على مستويات أعلى من المياه ضمن الغابات.

في مقلب آخر، وضعت الحكومة البريطانية الأسبوع الماضي خطة خمسية بقيمة 5.3 مليار جنيه استرليني، هدفها تحسين جودة الممرات المائية في إنجلترا على مدى خمس سنوات. ويشمل ذلك إدخال تحسينات على عمليات استخراج المياه التي تنفذها شركات المياه، ووضع سياسات تكافئ المزارعين وملاك الأراضي على حماية البيئة.

كذلك أعرب متحدث باسم "وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية" عن قناعة مفادها أن "الجفاف الذي حمله الصيف والتفشي غير المسبوق لفيروس "إنفلونزا الطيور" قد أطلقا تحديات كبيرة العام الحالي. نحن اتخذنا إجراءات عاجلة تحمي الحياة البرية وتدعم المزارعين في خضم فترة الطقس الجاف".

وبحسب المتحدث نفسه، "نواصل مخططاتنا بشأن إدارة أراضي بيئتنا. وسنعمل بشكل وثيق مع المزارعين ومديري الأراضي والمجموعات البيئية، فيما نبحث عن طرق تساعد في تحسين سياستنا المستقبلية المتعلقة بالزراعة وتربية المواشي".

 

منافع وخسارات خلال العام 2022

محاصيل وحيوانات انتفعت

* التفاح، بسبب غياب الصقيع المتأخر.

* البذور والمكسرات، ربما بسبب الإجهاد الناجم عن الحرارة الشديدة والجفاف فيما تحاول الأشجار الحرص على نجاة جيناتها.

* طائر الزمت الأحمر المنقار، مع تسجيل عام آخر من تحطيم الأرقام القياسية، إذ نجح 25 زوجاً من هذه الطيور في التكاثر على أراضي "ناشونال تراست".

 

محاصيل وحيوانات خسرت

* مستعمرات الطيور البحرية. إذ نفقت الآلاف من الطيور في جزر فارني قبالة ساحل نورثمبرلاند، في يونيو (حزيران) بسبب "إنفلونزا الطيور".

* الخفافيش. لقد عانت الخفافيش الصغيرة الجفاف والاضطراب بسبب الحرارة، وانخفضت أعدادها بالمقارنة مع العام الماضي.

* ضفادع ناتيرجاك. تسببت درجات الحرارة المرتفعة بحفاف مناطق تكاثرها. وتحتاج هذه الحيوانات إلى برك ضحلة كي تضع بيوضها فيها، لكن لا بد من أن تكون عميقة بما يكفي كي لا تجف قبل أن تكبر الضفادع الصغيرة.

* الأشجار. إذ قضى الجفاف والطقس الحار على أعداد كثيرة من الشتلات.

© The Independent

المزيد من بيئة