Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة المناخ فاقمت الجفاف بمقدار عشرين مرة على الأقل

"لا نشهد تأثيرات التغير المناخي في تفاقم بعض الأخطار دون غيرها فحسب، بل أيضاً في التأثيرات المتتالية والعابرة للقطاعات والمناطق"

خلف الجفاف الشديد آثارا استشرت عبر ثلاث قارات (رويترز)

كشفت دراسة تحليلية جديدة عن أن ظروف الجفاف الحاد التي ضربت النصف الشمالي من الكرة الأرضية هذا الصيف تفاقمت بمقدار 20 مرة في الأقل بسبب الأزمة المناخية التي تسبب بها البشر.

وبلغت درجات الحرارة أرقاماً قياسية في أوروبا خلال يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب) مع وفاة أكثر من 24 ألف شخص بسبب الحر الشديد وهو عدد مرشح للارتفاع عند الانتهاء من إعداد تقرير الصحة العامة.

وكابد البر الرئيس للصين درجات الحرارة الشديدة وأصدرت البلاد أول تحذير وطني من الجفاف. كما عانى أكثر من نصف الولايات المتحدة الجفاف هذا الصيف في غمرة موجات من حرائق الغابات المستمرة في جنوب غربي البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقامت الدراسة التي نشرتها، الأربعاء، مبادرة " "وورلد ويذر أتريبيوشن" [إسناد المناخ العالمي] World Weather Attribution (WWA) بقياس محتوى رطوبة التربة في النصف الشمالي للكرة الأرضية باستثناء المناطق الاستوائية.

كما ركز علماء المناخ على غرب ووسط أوروبا التي شهدت جفافاً حاداً.

وبهدف دراسة كيفية تأثير التغير المناخي في الجفاف، قاس الفريق محتوى رطوبة التربة. كما حلل بيانات متعلقة بالمتر الأكثر أهمية في التربة وهي "منطقة الجذور" حيث تمتص النباتات المياه. ويشار إلى نقص الرطوبة في منطقة الجذور بالجفاف الزراعي والبيئي. وبحث أيضاً في السنتيمترات السبع الأولى من سطح التربة.

وبينت النتائج أن التغير المناخي الذي سببه الإنسان أي البشري (anthropogenic) جعل الجفاف الزراعي والبيئي أكثر حدة بمقدار 20 مرة في الأقل في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وفي منطقة غرب ووسط أوروبا الصغيرة، سبب التغير المناخي تفاقم الجفاف الزراعي والبيئي بنحو ثلاثة أو أربعة أضعاف.

وأضاف العلماء أنه يمكن توقع حصول جفاف كصيف عام 2022 مرة كل 20 عاماً في كلتي المنطقتين وأن الحر الشديد هو العامل الذي يدفع إلى الجفاف بدلاً من التغييرات في أنماط هطول الأمطار.

ولا يعني هذا أن الأزمة المناخية تترك أثراً أقل في أوروبا، بل إن الاختلاف في مساحات المناطق يعني أن المقارنة المباشرة ليست ممكنة.

وقال الباحثون إن تحليل المحتوى الرطوبي للتربة يطرح تحدياً أكبر من درجات الحرارة أو مجموع المتساقطات لأن لا يمكن قياسه مباشرة ويتوجب تقديره.

بيد أن الدكتورة فريديريكي أوتو وهي عالمة بيئية ومحاضرة في "إمبريال كوليدج لندن" حذرت أنه "من دون شك لعب التغير المناخي دوراً كبيراً في هذا الإطار".

في الواقع، أشار الباحثون إلى أن الدراسة تقترب من الجانب المحافظ ولهذا فإن التأثير الحقيقي للنشاط البشري هو غالباً مرتفع أكثر.

وقالت الدكتورة أوتو إنه فيما لم تتم مراجعة الدراسة التي قامت بها مبادرة "وورلد ويذر أتريبيوشن" من قبل النظراء في هذا المجال وهي ممارسة معيارية في الوسط الأكاديمي، فإنها تستخدم طرقاً خضعت للمراجعة من الأقران. وأضافت أن النتائج المستخلصة من دراسات سابقة أجراها الفريق لم تتبدل بعد خضوعها لمراجعة النظراء.

وأدت التربة العطشى إلى فشل المحاصيل الزراعية إلى جانب الغزو الروسي على أوكرانيا مما أسهم في ارتفاع أسعار الطعام العالمية. كما أدى ذلك إلى تفاقم الأزمات المعيشية في الدول الغنية ودفع بعض أكثر السكان فقراً إلى حافة المجاعة، خصوصاً في القرن الافريقي.

مارتن فان ألست، مدير مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر وبروفيسور مقاومة المناخ والكوارث في جامعة توينت، يقول في بيان: "لا نشهد تأثيرات التغير المناخي في بعض الأخطار المعينة فحسب، بل أيضاً في التأثيرات المتتالية عبر القطاعات والمناطق".

وأشار إلى أن التغير المناخي لم يعد يؤثر في الأكثر فقراً وهشاشة فحسب، بل أيضاً في "الدول الغنية في غرب أوروبا التي لم تكن تعتبر في السابق أنها معرضة وضعيفة".

وخلف الجفاف الشديد تداعيات انتشرت عبر ثلاث قارات. فقد أدت الظروف الجافة إلى اندلاع أسوأ حرائق غابات على الإطلاق في أوروبا خلال الصيف مع استمرار ألسنة النيران في الانتشار على مدى أسابيع بما في ذلك في فرنسا واليونان وإسبانيا والبرتغال. كما شهدت المملكة المتحدة التي لم تكن معتادة أبداً على حرائق بهذا الحجم، اندلاع حرائق غابات وسط تسجيل درجات الحرارة مستويات قياسية. وأفاد فوج الإطفاء في لندن بأنه شهد اليوم الأكثر انشغالاً منذ القصف أثناء الغارات خلال الحرب العالمية الثانية.

كما سلطت الدراسة الضوء على ما حذر العلماء من أنه سيكون الطبيعة المعقدة والمتتالية للأزمة المناخية.

إضافة إلى ذلك، تراجعت مستويات بحيرة باول وبحيرة ميد اللتين تعتبران من أكبر خزانات الولايات المتحدة واللتين توفران المياه لنحو 40 مليون شخص في الغرب، إلى أدنى مستوياتهما على الإطلاق وعرضتا عمليات إنتاج الطاقة الكهرومائية للخطر.

وفي الصين أيضاً، انخفض منسوب نهر يانغتسي العظيم إلى مستويات تدفق ضئيلة مما أثر في محطات الطاقة الكهرومائية وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتباطؤ في الصناعة.

وأشار فان ألست أنه في بعض المناطق في أوروبا التي تعتمد على طاقة الفحم، كانت مستويات المياه في الأنهار منخفضة لدرجة أن السفن لم تتمكن من تسليم البضائع في وقت بلغت الحاجة إلى المكيفات ذروتها.

وقال إن البحث شكل "جرس إنذار" لخفض الانبعاثات، و"لكننا نحتاج إلى التعاون مع ما نشهده حالياً".

وتقوم مبادرة إسناد المناخ العالمي (WWA) على فريق من علماء المناخ الذين يقدمون خبراتهم بشكل تطوعي للإجابة بسرعة عن السؤال الملح التالي: إلى أي مدى يتأثر حدث مناخي متطرف بالتغير المناخي؟

يعود سبب الاحتباس الحراري بشكل كبير إلى انبعاثات غازات الدفيئة التي تأتي من حرق الوقود الأحفوري. وارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بنحو 1.2 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية في أواخر القرن الـ19.

وأخيراً، اكتشفت المبادرة أن التغير المناخي أدى إلى زيادة هطول الأمطار الموسمية الشديدة في باكستان. ويغرق ثلث البلاد في المياه فيما أدت الفيضانات إلى مقتل حوالى 1700 شخص وتضرر 33 مليون آخرين بحسب ما أفادت الأمم المتحدة هذا الأسبوع.

كما وجدت مبادرة إسناد المناخ العالمي أن موجة الحر المميتة التي حطمت الأرقام القياسية والتي ضربت أميركا الشمالية عام 2021 تفاقمت بمقدار 150 مرة في الأقل نتيجة الأزمة المناخية.

© The Independent

المزيد من بيئة