Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعلن زعيم "داعش" الجديد عن نفسه بـ"زيادة العنف"؟

هجمات إرهابية في العراق والأردن وارتفاع المواجهات بالصومال... وباحثون يقولون إن التنظيم ما زال يمتلك "حياة"

أرجع محللون زيادة العمليات خلال الفترة الأخيرة للوفرة المالية لدى تنظيم داعش (أ ف ب)

من العراق شرقاً إلى الجزائر غرباً، أطل الإرهاب بوجهه من جديد في سلسلة من العمليات المتلاحقة خلال الأسبوعين الأخيرين، مما أعاد إلى الأذهان خطر تنظيم "داعش" الذي تسلم قيادته زعيم جديد الشهر الماضي، فيما أكد خبراء وجود تنامٍ لنشاط جميع التنظيمات الإرهابية، سواء في المشرق العربي أو القارة الأفريقية.

في شمال شرقي العراق شهدت محافظتا كركوك وديالى وكذلك منطقة الطارمية في ضواحي بغداد الشمالية ثلاث هجمات دامية خلال الأسبوع الماضي، أدت إلى مقتل 30 عسكرياً ومدنياً وإصابة آخرين.

ففي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، فجر تنظيم "داعش" عبوات ناسفة استهدفت دوريات للجيش والشرطة العراقية في منطقة الطارمية ومحافظة كركوك شمال العاصمة، أودت بحياة ثلاثة ضباط وعدد من عناصر الشرطة والجيش وإصابة آخرين منهم.

وقبلها بأيام تبنى عناصره هجوماً على قرية البو بالي في قضاء الخالص بمحافظة ديالى، حين هاجم مسلحون يستقلون دراجات نارية القرية من ثلاثة محاور، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.

وجاءت تلك العمليات بالتزامن مع احتفال العراق في العاشر من الشهر الحالي بالذكرى الخامسة لانتصار الجيش على "داعش" وإخراجه من جميع المناطق التي احتلها في البلاد عام 2014.

الزعيم الجديد

إزاء ذلك أعلنت وزارة الداخلية العراقية أنها بصدد توجيه ضربات موجعة إلى التنظيم، إذ قال المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا في تصريحات إلى وكالة الأنباء الرسمية إن السلطات مستمرة بتنفيذ عمليات استباقية تستهدف "عصابات داعش الإرهابية"، إضافة إلى العمليات النوعية التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات والقوات الأمنية والضربات الجوية وأوضح أن التهديدات الإرهابية لا تزال موجودة في بعض المناطق البعيدة والنائية، متوعداً التنظيم بـ"ضربات موجعة" خلال الأيام المقبلة.

وتوقع الخبير الأمني العراقي صفاء الأعسم أن يكون تصاعد العمليات الإرهابية خلال الآونة الأخيرة مرتبطاً بتولي أبو الحسين الحسيني القرشي قيادة "داعش"، خلفاً لأبو الحسن الهاشمي القرشي الذي أعلن مقتله في نهاية الشهر الماضي بغرض إبراز قوته داخل المنطقة.

وقال الأعسم لـ"اندبندنت عربية" إن تزايد العمليات الإرهابية خلال الـ100 يوم الماضية في سوريا والعراق يؤكد وقوف "داعش" خلفها لكونها أسست لاستهداف هاتين الدولتين تحديداً، واصفاً زعيم التنظيم الجديد بالشخصية المجهولة لأنه لا توجد معلومات عن خلفياته.

وأضاف أن التنظيم بدأ باتباع استراتيجية جديدة باستخدام الفراغات الأمنية بين المناطق التابعة لحكومة العراق، خصوصاً كركوك، إلى جانب منطقة شمال غربي الأنبار وغرب الأنبار وحوض جبال حمرين، فهي مناطق يصعب الوصول إليها من قبل القوات الأمنية كونها تحتوي على أنفاق وجبال ومغارات، أو لاتساعها بشكل كبير في ظل وجود مساعدات أحياناً من مواطنين لعناصر "داعش" دائمي التحرك حالياً.

دعم" داعش"

وأكد الأعسم أن زيادة العمليات خلال الفترة الأخيرة سببها أيضاً الوفرة المالية لدى التنظيم التي يكتسبها من خلال أذرعه، سواء في العراق أو بقية دول العالم التي تمده بدعم لوجستي، سواء بالسلاح أو الوقود وكذلك التمويل، وهو دليل على تحركات التنظيم لتعاظم موارده.

وأشار إلى أنه على رغم إعلان انتهاء "داعش" في العراق عام 2017 إلا أن التنظيم ازدادت قوته خلال الفترة الأخيرة، ولا تزال الدولة العراقية مستمرة في حربها ضده بعد مرور خمس سنوات على إعلان النصر عليه، بما يلزم ضرورة العمل على إنهاء التنظيم من المنطقة تماماً.

وسيطر "داعش" عام 2014 على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، لكن أعلن عن هزيمته في البلدين على التوالي عامي 2017 و2019، ولا تزال عناصره تنشط في مناطق ريفية ونائية بالعراق، حيث تشن القوات الأمنية عمليات بشكل متواصل ضد هذه الخلايا وتعلن من وقت لآخر مقتل عشرات المسلحين بضربات جوية أو مداهمات برية.

بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي نشر في يوليو (تموز) الماضي، فإن هناك ما بين 6 آلاف إلى 10 آلاف عنصر منتشرين في جميع أنحاء البلدين، يتركز معظمهم في المناطق الريفية ويقدر أن معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون، إذ إن الحدود بين سوريا والعراق لا تزال تشكل منطقة ضعف رئيسة يستغلها "داعش".

موارد التنظيم

وأرجع الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد بان عودة أنشطة "داعش" في سوريا والعراق لما لديه من الموارد الكبيرة التي تمكنه من الصمود بعكس ما أعلنه بعضهم خلال الأعوام الأخيرة عن وفاة التنظيم بالقضاء على مؤسسه أبو بكر البغدادي وتراجعه إلى الصحراء.

وقال "يظل يشكل إزعاجاً للجيوش النظامية في المنطقة ولا يزال قادراً على مد عناصره بالأموال والسلاح بما يمكنهم من تنفيذ عمليات إرهابية تحت عنوان نظرية النكاية والإنهاك عبر عمليات قصيرة".

وإلى الشرق من العراق أعلنت قوات الأمن الأردنية منتصف هذا الشهر سقوط مشتبه فيه في قتل مساعد مدير شرطة محافظة معان العقيد عبدالرزاق الدلابيح بعيار ناري في الرأس أثناء تعامله مع "أعمال شغب" جرح خلالها ضابط وضابط صف بعيارات نارية.

وأوضحت السلطات أن المشتبه فيه قتل خلال مداهمة خلية إرهابية، بحيث ألقي القبض على تسعة آخرين في حوزتهم مجموعة من الأسلحة النارية ولم تعلن أي جماعة إرهابية مسؤوليتها عن استهداف رجال الأمن الأردنيين وما زالت التحقيقات جارية في شأن تبعية الخلية الإرهابية.

ويرى خبير شؤون الحركات الإرهابية منير أديب أن هناك مشكلة في فهم عقلية "داعش"، لافتاً إلى أن بعضهم تخيل انتهاء التنظيم بعد إعلان واشنطن في 2019 عن هزيمته بسقوط مدينة الرقة، موضحاً أنه صحيح سقطت دولة التنظيم لكن ذلك لا يعني انتهاءه.

انتهاء "داعش"

وأضاف أديب لـ"اندبندنت عربية" أنه في العام نفسه الذي أعلن فيه سقوط دولة التنظيم فوجئنا بعشرات العمليات النوعية التي نفذها "داعش"، سواء في الرقة التي اعتبرت عاصمة الخلافة أو غيرها، موضحاً أن الرهان على سقوطه لم يكن فهماً دقيقاً للتنظيم الذي اعتقد بعضهم بانتهائه تماماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن بعضهم اعتقد خلال الأشهر الماضية بحدوث ضعف وانكسار للتنظيم بعد أن قتل له "خليفتان" هما أبو إبراهيم القرشي وأبو الحسن القرشي، معتبراً ذلك رؤية ضيقة وفهماً غير صحيح بدليل قدرة "داعش" على تنفيذ عمليات نوعية حتى الآن ومن أكثر المناطق المتأثرة بتلك العمليات العراق، مما يشير إلى امتلاك جسد التنظيم حياة.

ولفت أديب إلى أنه مع انتهاء دولة التنظيم بات "داعش" أخطر مما يبدو عليه، موضحاً أنه عندما كانت توجد دولة كان من السهل رؤية التنظيم وعناصره وتعدادهم وتسليحهم، أما في الوقت الحالي، خصوصاً مع تولي خليفة جديد، فأصبحت المعلومات عنه ضئيلة جداً.

ولا يتفق أديب مع الرأي القائل إن تصاعد العمليات الإرهابية في المنطقة خلال الفترة الأخيرة هو إعلان من قائد التنظيم عن نفسه وقدراته، مشيراً إلى أن "داعش" موجود بالفعل ولم ينته بعكس ما يعتقد بعضهم، مرجعاً الشعور بأن القائد الجديد هو الدافع لتزايد العمليات إلى ما سماه وجهة نظر خاطئة بانتهاء التنظيم في المنطقة.

وفي الجزائر أعلنت وزارة الدفاع الوطني مطلع الشهر الحالي تفكيك خلية إرهابية من تسعة أشخاص في ولاية وهران تنشط لمصلحة التنظيم الإرهابي "رشاد" الذي يرتبط مؤسسوه بـ"جبهة الإنقاذ الإسلامية" المحظورة منذ عام 1992، وهو التنظيم الإرهابي نفسه الذي أوقف 21 من أعضائه في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

أفريقيا مستهدفة

من اللافت أخيراً تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في القارة الأفريقية، إذ أفادت وسائل إعلام صومالية قبل أسبوعين بمقتل شخصين أحدهما مدير مطار مدينة جوهر شمال العاصمة مقديشو بتفجير عبوة ناسفة في هجوم تبنته "حركة الشباب الإرهابية" التي تستهدف المسؤولين الحكوميين والعسكريين بتفجيرات واغتيالات بشكل مستمر، كما تستهدف المناطق المدنية والمدنيين.

ونجا وزير البيئة الصومالي نهاية نوفمبر الماضي من تفجيرات هزت العاصمة الصومالية وسمع دويها في محيط القصر الرئاسي.

وتكثف قوات الأمن الصومالية من هجماتها على التنظيم الإرهابي، خصوصاً في وسط البلاد، وأعلنت قبل أيام القضاء على 40 عنصراً من الحركة خلال عملية عسكرية في منطقة شبيلي الوسطى.

كما كشف الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن استعادة السيطرة على بلدة عدن يابال الاستراتيجية الواقعة في وسط البلاد التي استحوذت عليها "حركة الشباب"  عام 2016 بالتحالف مع جماعات مسلحة محلية.

وقال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد بان إن هناك صعوداً في عمليات الإرهاب التي يتبناها كل من تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، خصوصاً بمنطقة الساحل الأفريقي، في محاولة لنقل مناطق ارتكاز التنظيمين من الأماكن التقليدية مثل سوريا والعراق وأفغانستان إلى القارة الأفريقية التي توفر مناخاً مناسباً لجماعات الإرهاب نظراً إلى هشاشة بنية الدول هناك وضعف جيوشها وعدم وجود اتفاقات أمنية تسمح بتشكيل قوات أمنية تجابه الحركات الإرهابية.

بؤرة جديدة

وأضاف بان أن "هناك حالاً من التحالف بين عصابات الجريمة المنظمة ومجموعات الإرهاب التي ظهرت خلال الفترات السابقة، مما يهدد الأمن والسلم الدوليين داخل القارة الأفريقية ويحولها إلى بؤرة جديدة من بؤر الإرهاب"، لافتاً إلى أن "القوى الكبرى تراجعت عن أجندتها في مجابهة الإرهاب عالمياً وسط أجواء الأزمة الروسية – الأوكرانية" ومعتبراً أن "مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية لم تعد هدفاً رئيساً على أجندة القوى العالمية التي تحركها  المصالح".

وأحصى تقرير "ظاهرة الإرهاب في أفريقيا" الصادر عن مؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بالقاهرة سقوط نحو 1321 ضحية للإرهاب خلال نوفمبر الماضي، إضافة إلى التأثير في الوضع الإنساني في أرجاء القارة، لا سيما إقليم شرق أفريقيا الذي جاء في المرتبة الأولى من حيث عدد الضحايا، نظراً إلى تزايد نشاط "حركة الشباب" في الصومال لتحتل البلاد المرتبة الأولى في ضحايا الإرهاب بـ492 ضحية.

المزيد من تقارير