Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المنصات العربية 2022 حاضرة بقوة وأعمالها تخاطب الشباب

المسلسلات القصيرة تنافس الطويلة في معركة يشارك فيها الجمهور

هل تسيطر دراما المنصات على جمهور المسلسلات؟ (اندبندنت عربية)

 بدا بوضوح أن العام 2022 شهد رواجاً كبيرأ للأعمال الدرامية في عالم المنصات، بل إن هذه المنصات تمكنت من ترسيخ حضورها جماهيرياً بمسلسلاتها القصيرة التي ما زالت تنافس المسلسلات الطويلة. هنا تحقيق أجرته "اندبندنت عربية" حول هذه الظاهرة التي ميزت العام 2022.

 قبل بداية الحرب الأهلية في لبنان، كان تلفزيون لبنان هو السباق في إنتاج الدراما التلفزيونية التي انتشرت في العالم العربيّ. إلا أن إنتاجاته انخفضت مع بداية الحرب وانعدمت بعدها، بسبب انتشار المحطات الخاصة. ومن المسلسلات التي قدمت على شاشة التلفزيون الرسمي ثم انتقلت إلى الشاشات العربية، ما لا يعد ولا يحصى؛ ومنها: "ألو حياتي" و"النهر" و"عازف الليل" و"10 عبيد زغار"، وكذلك المسلسلات البدوية مثل "فارس ونجود" و"فارس بني عياد" و"ديالا" وغيرها الكثير.

وكلها كانت تتألف من 13 حلقة، تعرض حلقة واحدة أسبوعياً على مدار ثلاثة أشهر، وكان هذا العدد من الحلقات مليئاً بالأحداث التي تجذب المشاهدين في لبنان والعالم العربي. أما في التسعينيات فبدأت موجة جديدة من المسلسلات الدرامية على شاشة تلفزيون لبنان، وتقرر عرض نوعية مختلفة من الأعمال الدرامية التي كانت سائدة قبل الحرب الأهلية. وهذه الأعمال تمثلت بمسلسل "العاصفة تهب مرتين" وكان من بطولة رولا حمادة وفادي إبراهيم، وبدأ المسلسل كسباعية درامية، وعندما نجح طلب من الكاتب شكري أنيس فاخوري الاستمرار بالكتابة وامتدت حلقاته لأكثر من 150 حلقة. من ثم تلاه مسلسل آخر بعنوان "نساء في العاصفة" لفريق العمل نفسه والذي حقق النجاح الكبير أيضاً.

مسلسلات وحلقات

مرت السنوات، وبدأ المنتجون اللبنانيون يقدمون مسلسلات تتألف من 30 حلقة لتعرض في شهر رمضان، مع استمرار المسلسلات الطويلة، وبرزت في تلك الفترة الأعمال العربية المشتركة التي كانت تضم مجموعة من الممثلين اللبنانيين والسوريين والمصريين، وأبرزها "روبي" بطولة سيرين عبد النور ومكسيم خليل وأمير كرارة، مما فتح الباب أمام هذه الإنتاجات التي كانت مأخوذة من أجواء المسلسلات التركية. وهذا النمط ما زال مستمراً حتى اليوم. ولكن مع انطلاق المنصات الرقمية العربية التي ظهرت بعد المنصة العالمية "نتفليكس"، بدأ المنتجون اللبنانيون يهتمون بإنتاج المسلسلات القصيرة التي تتطلبها هذه المنصات؛ وبذلك يكونون قد عادوا إلى صيغة تلفزيون لبنان باختلاف وقت العرض. في عام 2017، بدأ المنتجون ينفذون أعمالاً قصيرة مؤلفة من 10 و8 حلقات حتى غزت السوق الإنتاجية في مصر والخليج ولبنان.

وأبرز شركة إنتاج خاضت هذا التحدي الجديد هي شركة "صبّاح إخوان" لصاحبها صادق صبّاح الذي كان قد باشر بإنتاج المسلسلات اللبنانية المشتركة بمسلسل "الشحرورة" بطولة كارول سماحة، ثم قدم عشرات الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً مثل "لو" و"طريق" و"تشيللو" و"الهيبة"، وكلها عرضت في شهر رمضان وحققت رواجاً كبيراً في العالم العربي. ولكن مع تفشي ظاهرة المسلسلات القصيرة كان لا بد لشركة "صباح إخوان" أن تجاري السوق، سواء حملت إيجابيات أم سلبيات. يقول صادق صبّاح لـ "اندبندنت عربية": "لا توجد سلبيات وإيجابيات في هذه النوعية من الأعمال، بل أهم ما فيها هو وجود السيناريو المشوق الذي يجذب المشاهدين من الحلقة الأولى. أما ميزته فهو أنه فتح لنا باباً جديداً لنقدم أعمالاً مشبعة بالأحداث من دون تطويل أو مط". ويتابع الصباح: "أن الفرق بين المسلسلات القصيرة وتلك التي تتجاوز الثلاثين حلقة، هو أن الأول تكون أحداثه مركزة أكثر بعيداً من الإضافات الفارغة والتطويل. وعدد المسلسلات القصيرة التي تنفذها شركة "صباح إخوان" يعد بالعشرات ما بين مصر ولبنان والمغرب والسعودية. ولا شك أن هناك عثرات في هذه الأعمال، ومنها عدم توافر النصوص التي تلبي المطلوب. نحن في رحلة بحث مستمرة في النصوص التي تعرض على الشركة، نقوم بتعديلها لأنها عصب الإنتاج الدرامي". ويختم الصباح كلامه أنه لا يرى اتجاهاً كلياً لإلغاء المسلسلات الطويلة إذ لا يزال لها حيز عند الجمهور سواء في رمضان أم خارجه.

شركات إنتاج

وبعد سطوع شركة "صباح إخوان"، ولدت شركة إنتاج أخرى هي "إيغل فيلمز" لصاحبها جمال سنان الذي قدم عبر شركته مجموعة من الأعمال الدرامية العربية المشتركة واللبنانية والمصرية، ومنها "ثورة الفلاحين"، "حبة كاراميل"، "أولاد آدم"، "للموت" وغيرها. وما بين 2017 و2018 بدأ يُطلب من شركته إنتاج مسلسلات قصيرة تواكب السوق والعصر الحالي. عن هذا الأمر يقول: "بدأت تُطلب منا الأعمال القصيرة المؤلفة من 10 أو 15 حلقة مع انطلاق منصة "شاهد"، وقد احتاج منا إنجازها بعض الوقت، وتحديداً لجهة البحث عن نصوص غنية بالأحداث الكثيفة، واستطعنا أن نحل هذه المشكلة مع مرور الأيام". ويضيف قائلاً: "في البداية لم يكن باستطاعتنا تنفيذ كل الكم المطلوب، بل كنا نكتفي بعمل أو اثنين في السنة، وأول مسلسل قصير من إنتاج "إيغل فيلمز" الكويتي "دموع الفرح"، من بطولة شجون الهاجري. ومميزات هذه المسلسلات القصيرة أننا نتعب على تنفيذها وأحياناً تأخذ مجهوداً أكثر من ذاك الذي يحتوي على 30 حلقة أو أكثر، لأن السيناريو القصير يجب أن يكون مليئاً بالأحداث المتراصة، بينما يأخذ الكاتب في المسلسلات الطويلة راحته في سرد أحداثه، عدا عن أن ميزانية العمل القصير تكون أكثر من الطويل."

اعتاد الممثلون أن تعرض أعمالهم في شهر رمضان، فحسب رؤيتهم تكون المشاهدة في ذروتها في هذا الشهر، وفيه يستطيع النجم أن يستشف نجاح عمله. ومع ظهور المنصات تغيرت النظرة وبات العمل الناجح لا يقاس بوقت عرضه بل بجودته. يقول سنان: "النجوم من واجبهم أن يقتنعوا بأهمية المسلسل القصير، فهذه هي متطلبات السوق، ونحن في العالم العربي تأخرنا في مجاراة هذا الأمر الذي سبقنا إليه الغرب بعشر سنوات أي منذ انطلاقة منصة "نتفليكس". ونحن لا نزال في البدايات علماً أن 70 في المئة من الأعمال القصيرة التي تعرض في العالم العربي غير موفقة مئة في المئة. لكن في المستقبل القريب سيتغير كل شيء، ونحن نعاني من ضعف النصوص". ويختم سنان كلامه: "نحن في الشركة نحضر لأعمال قصيرة تناسب الجيل الجديد وتحديداً المراهقين الذين باتوا غير مكترثين لمشاهدة التلفزيون، ويبحثون عن أعمال درامية تناسب تطلعاتهم وعصر التكنولوجيا الذي يعيشون في خضمه."

إنترنت ويوتيوب

بين عامي 2010 و2011 كان الإنترنت في بداية انتشاره، وموقع "يوتيوب" كانت شروط العرض عليه شبيهة بحقل تجارب، وعلى رغم ذلك اختار المخرج اللبناني أمين درة تقديم مسلسل "شنكبوت" في سياق  web seriesمن إنتاج  BBC، وحصد عبره عدداً من الجوائز العالمية، ومنها "إيمي آووردز". عن تجربته يقول درة: "ارتأينا أن نقدم مسلسلات قصيرة لا تتعدى مدة حلقاتها الـ 4 دقائق كي يتسنى لأي شخص أن يشاهدها عبر جهاز هاتفه بعيداً من قيود التلفزيون، وقد نجحت هذه التجربة. وفي العام 2017، قدمت أيضاً مسلسلاً قصيراً بعنوان "بدون قيود" عبر الإنترنت، وقد حقق نجاحاً كبيراً. لكن تجربتي الجدية بدأت مع مسلسل "باب الجحيم" إنتاج "شاهد الأصلية" و"صبّاح إخوان" وعرض منه الموسم الأول ونحن بانتظار الموسم الثاني، وقريباً سيعرض مسلسل "براندو الشرق" بطولة جورج خباز وأمل عرفة وأيضا حلقاته عشر. إن نجاح هذه الأعمال القصيرة المؤلفة من 8 أو 10 حلقات أعطت زخماً لجيل من المخرجين والمؤلفين ليقدموا أفكارهم بعيداً من المط والتطويل التي تطلبها المسلسلات الطويلة."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف: "الجمهور تغير ولم يعد مرغماً على أن يبقى في منزله ليتابع مسلسله المفضل، بل بات لديه حق الاختيار في مشاهدة العمل الذي يريده في الوقت المناسب له. وكثيراً ما يتابع حلقتين من عمل معين ثم ينفر منه، ويبحث عن عمل آخر. وهذا برأيي أمر صحي، لأنه يحث المنتجين على البحث عن أعمال مميزة قصيرة ومضبوطة الإيقاع."

وأما الكاتبة نادين جابر التي تابع لها الجمهور مجموعة من المسلسلات الطويلة، ومنها "عروس بيروت" و"2020" و"للموت"، فكان لها حصة في الانتقال إلى كتابة المسلسلات القصيرة، وقدمت حتى الآن عملين هما "لا حكم عليه" بطولة قصي خولي وفاليري أبو شقرا و"صالون زهرة1" بطولة نادين نسيب نجيم ومعتصم النهار. وفي هذا الصدد تقول: "لا شك أن المسلسلات الطويلة المؤلفة من 30 حلقة وأكثر ما زالت مطلوبة ولها جمهورها، لكن المنصات وضعت الكاتب أمام تحدٍّ جديد، لأن المسلسل القصير تحتاج كتابته إلى غزارة الأحداث، فمثلاً المسلسل المؤلف من 60 حلقة يمكن للمؤلف أن يكتب حدثاً تتمحور خيوطه حول ثلاث حلقات، بينما في العمل القصير ينبغي على الكاتب أن يرمي ثلاثة أحداث في حلقة واحدة لأن إيقاع المسلسل القصير سريع ومختلف".

في لبنان والعالم العربي لا تزال الأعمال القصيرة حديثة النشأة وتحتاج إلى وقت، ولكن ليس بإمكانها أن تلغي المسلسلات الطويلة، لأن كبار السن لا يزالون يتربعون أمام جهاز التلفاز في غرفة الجلوس لمتابعة مسلسلهم المفضل مع إعلاناته.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة