Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل باتت المسلسلات العربية ساحة لـ"الأكشن" النسائي؟

المنصات فتحت باباً للتجديد والمغامرة ومنتجو الأفلام يفضلون الاستثمار في الكوميديا

سيرين عبد النور أجرت تغييراً قوياً في طبيعة الأدوار التي تسند لها واتجهت للأكشن في مسلسل "العين بالعين" (الحساب الرسمي لمنصة شاهد على إنستغرام)

حينما يثار الحديث عن "الأكشن" النسائي فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو أسماء عشرات الممثلات العالميات اللاتي قدمن هذا اللون في أفلام بارزة، وحققن شهرة واسعة وأظهرن جدارة في تحمل مسؤولية تقديم مشاهد حركة مثالية ولافتة، وبينهن أنجلينا جولي وسكارليت جوهانسون وتشارليز ثيرون وجينيفر لورانس وكيت بيكينسيل، وغيرهن كثيرات.

لكن عربياً يبدو الأمر نادراً للغاية، فبينما تمتلئ القائمة بتجارب نجوم السينما الرجال في عالم الـ "آكشن" تبدو الفنانات بعيدات تماماً، لكنهن أخيراً بدأن إعادة اكتشاف أنفسهن في هذا اللون من خلال المسلسلات، فالسينما العربية غير منشغلة بإعطاء مثل تلك الفرص لنجماتها، كما هو واضح.

تحول في أدوار الفنانات

التنوع الذي تتيحه الدراما التلفزيونية في العالم العربي أخيراً جعل من السهل المغامرة بأفكار غير نمطية وإسناد أدوار "الأكشن" والحركة للممثلات في إطار البحث عن التجديد وجذب أذواق مختلفة، خصوصاً مع المنافسة الهائلة في عالم المنصات.

وخلال الفترة الأخيرة أصبح هناك توجه ملحوظ ناحية "الأكشن" في ما يتعلق بأدوار الفنانات على الشاشة، وأحدثهن سيرين عبدالنور من خلال مسلسلها "العين بالعين" تأليف سلام كسيري وإخراج راندة علم الذي تشارك فيه مع رامي عياش.

سيرين عبدالنور أقدمت على تقديم مشاهد "آكشن" وفاجأت الجمهور بهذا التحول في طبيعة أدوارها، إذ بدت بلياقة عالية والملاحظ أنها لم تعتد تقديم تلك المشاهد، إذ إن طبيعة أدوارها حتى لو كانت تحمل مغامرة لكنها كانت تدور في فلك اجتماعي عاطفي بعيداً من المطاردات البوليسية.

لكنها تؤدي في العمل الجديد دور إعلامية مهتمة بالبحث عن الحقيقة وتجد نفسها متورطة في جريمة قتل، مما يجعلها تدخل في دوامة من المطاردات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ظهرت عبدالنور من قبل في شخصية مذيعة لامعة مع تيم حسن في مسلسل التشويق "الهيبة - الحصاد" الذي كان يحمل في قصته قدراً من الـ "آكشن"، لكن الإعلامية الرقيقة كانت بعيدة من تلك المشاهد.

إذاً سيرين عبدالنور انضمت للنجمات العربيات اللاتي يبحثن عن نوع مغاير من الشخصيات لتبتعد من النمطية التي تظهر بها عادة الوجوه النسائية، بخاصة أن التميز الحقيقي للقطات الـ "آكشن" يكون في السينما، وبما أن البطولات النسائية في الفن السابع قليلة للغاية عربياً، فما بالنا بالـ "آكشن" النسائي.

الناقد الفني أندرو محسن يرى أن الصعوبة الأساس تكمن في أن الأعمال السينمائية العربية التي تسند فيها البطولة الرئيسة إلى الفنانات ليست كثيرة، وبالتالي ففرصة التنوع نادرة للغاية، إذ لا تخرج عن إطار الكوميديا باعتبارها مضمونة النجاح، فهذا اللون من وجهة نظره يتمتع برصيد لدى الجمهور ومضمون النجاح لدى الصناع، ونجماته أثبتن جدارتهن وبينهن دنيا سمير غانم وياسمين عبدالعزيز.

مخاطرة أقل ومساحة للتجريب

وبالنظر إلى تلك المعطيات فمن الطبيعي ألا يعود هناك متنفس للفنانات سوى الشاشة الصغيرة التي باتت كبيرة أخيراً، سواء في ما يتعلق بالأفكار المعروضة أو مستوى التنفيذ وغيره.

ويفسر محسن فكرة تعدد تجارب "الأكشن" النسائي أخيراً واقتصارها على المسلسلات التلفزيونية عربياً بأن عامل الخطورة في إنتاج عمل تلفزيوني بالنسبة إلى جهات الإنتاج يكون أقل بشكل عام، لأن فرص الاستفادة منه مادياً شبه مضمونة، سواء عبر القنوات أو المنصات، ولن يكون منتجه تحت رحمة شباك التذاكر بعكس الأفلام، وبالتالي فهناك فرصة للتجريب في مواضيع مختلفة.

ويلاحظ محسن أن الفنانات اللاتي لجأن لثيمة "الأكشن" أخيراً لديهن مساحة كبيرة من الجماهيرية والقبول، كما أن المنصات تشجع على الاختلاف وتقديم ثيمات متجددة، وهو أمر شجعت عليه عودة ظاهرة المسلسلات القصيرة للانتشار مجدداً، مع الرغبة الدائمة لدى تلك المنصات في عرض أعمال جديدة ومشوقة لإرضاء مشتركيها مع تصاعد المنافسة بين التطبيقات المختلفة.

سماح أنور التجربة الأبرز

كانت هناك محاولات كثيرة من قبل نجمات مثل نادية الجندي في اقتحام مجال "الأكشن" على شاشة السينما، لكن المحاولة الأبرز جاءت من الفنانة سماح أنور خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

أنور كانت الوجه النسائي الأكثر اختلافاً على شاشة السينما من خلال مشاهد حركة حاولت من خلالها استعراض مهارتها في الفنون القتالية وإثبات قدرة الفنانات على منافسة زملائهن الرجال في هذا النمط من الأعمال، ومن أبرز ما قدمته في هذا السياق "حالة تلبس" و"المشاغبات في خطر" و"شياطين الشرطة"، وتدريجياً توقفت تلك المحاولات وتغيرت نوعية أدوار الممثلة سماح أنور، ولم تأت بعدها محاولات جادة أو مستمرة من فنانات الأجيال اللاحقة لتسير على خطاها.

وإذ كان أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبدالعزيز ومحمد رمضان وأمير كرارة مشاهير تميزوا بأفلام "الأكشن" الناجحة في السينما، ومن الجيل السابق فريد شوقي ومحمود المليجي، فإن الفنانات يحاولن أن يفتحن باباً على تلك المنافسة لكن عبر وسيط آخر.

 

الملاحظ أيضاً أن أعمال "الأكشن" العربية بشكل عام تتعرض للانتقادات بين حين وآخر، وتوصف في بعض الأوقات بالسذاجة والمبالغة وأنها مجرد "خناقة" تتطاير فيها الكراسي بين الأبطال.

لكن لا شك في أن السنوات الأخيرة شهدت تقدماً كبيراً في هذا النوع من الأعمال، وهو ما ظهر في أفلام مثل "حرب كرموز" و"الخلية" و "كازابلانكا" و"الجزيرة" و"هروب اضطراري".

وربما يكون هذا التطور عاملاً مساعداً رئيساً في تشجيع الفنانات وقبلهن المنتجين على المغامرة بمسلسلات تدور في الإطار نفسه، بل قد تكون النجمات أكثر حظاً، إذ إن انطلاقتهن في هذا المضمار تأتي بالتزامن مع طفرة نوعية وتقنية في مستويات تنفيذ الدراما بشكل عام.

الـ "آكشن" النسائي والمنصات

كانت نيللي كريم قد سبقت سيرين عبدالنور في محاولة لتقديم "الأكشن" النسائي التلفزيوني من خلال المسلسل القصير "الجسر" مع عمرو سعد، إذ كانت متمكنة من أداء الحركات الصعبة.

وعلقت نيللي كريم حينها على التجربة مؤكدة أنها تحب أعمال "الأكشن" وأنها لا تجد صعوبة في تقديم تلك المشاهد، نظراً لكونها تحب ممارسة الرياضة منذ طفولتها وتحافظ عليها كطقس ثابت حتى الآن، والعمل كتبه محمد سليمان عبدالمالك وأخرجه بيتر ميمي، والأخير بدوره يعتبر من أشهر مخرجي أعمال "الأكشن" في السينما والتلفزيون خلال السنوات الأخيرة.

أيضاً تميز المخرج فيليب أسمر في نوعية تلك الأعمال وحقق نجاحاً مع أكثر من نجمة، بينهن ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في مسلسل "للموت" بموسميه الأول والثاني، الذي شهد عدداً من لقطات الحركة التي قدمتها الممثلتان.

وأيضاً نادين نجيم التي ظهرت معلقة في الهواء وتقوم بمشاهد صعبة كثيرة من خلال دورها في مسلسل "2020" مع المخرج نفسه، وهو العمل الذي جسدت فيه شخصية نقيب في الجيش اللبناني تطارد رجل عصابات تقع في غرامه في ما بعد، إذ تعرضت البطلة لإصابات أكثر من مرة أثناء تنفيذ تلك المشاهد غير المعتادة، وكلا العملين من تأليف نادين جابر.

كما كانت ريم مصطفى قد ظهرت بأكثر من مشهد "أكشن" في مسلسل "شديد الخطورة" مع أحمد العوضي، تأليف محمد السيد بشير وإخراج حسام علي، كما تعرضت أيضاً لإصابات.

واللافت أن معظم تلك الأعمال تعرض حصرياً في البداية على منصات المشاهدة عبر الإنترنت، وقال محسن إنه على الرغم من قلة إنتاج أعمال "الأكشن" النسائية حتى على المستوى العالمي، لكنه يظل موجوداً، وخلال الفترة الأخيرة زاد الاهتمام به بصورة أكبر لتحقيق توازن بين الرجال والنساء، خصوصاً في ما يتعلق بأعمال الأبطال الخارقين.

وأضاف، "عربياً الأفلام المنتجة سنوياً بصفة عامة محدودة، فيفضل هنا الصناع اللعب في المنطقة الآمنة والمضمونة وهي ليست "الأكشن‘ بالطبع بالنسبة إلى الممثلات في المنطقة".

والمؤكد أنه حتى لو كانت مساحة "الأكشن" التي تقدمها الفنانات في أعمالهن التلفزيونية خلال الفترة الأخيرة لا تزال محدودة وليست محورية، لكنها في كل الأحوال وسيلة للابتعاد من النمطية في ما يتعلق بطبيعة أدوار النساء في الدراما العربية التي باتت صناعة ضخمة ومتطورة للغاية خلال السنوات القليلة الماضية.

المزيد من ثقافة