قال مسؤول صحي إن الصين تتوقع ذروة إصابات "كوفيد-19" في غضون أسبوع، في حين تتوقع السلطات مزيداً من الضغط على النظام الصحي في البلاد على رغم أنها تقلل قيود المرض وتواصل إعلان عدم تسجيل وفيات جديدة.
وفي مواجهة زيادة الإصابات وانتشار الاحتجاجات على الإغلاقات والفحوصات المرتبطة بسياسة "صفر كوفيد"، بدأت الصين التخلي عن هذه السياسة هذا الشهر، وأصبحت آخر بلد كبير يتحرك نحو التعايش مع الفيروس وسط تداعيات كبيرة للقيود على الاقتصاد.
وسجلت الصين أقل من أربعة آلاف إصابة محلية جديدة مصحوبة بأعراض في 22 ديسمبر (كانون الأول)، ولم ترصد أي وفيات جديدة بالمرض لليوم الثالث على التوالي.
ونقلت صحيفة "ذا بيبر" المدعومة من الحكومة في شنغهاي، عن تشانغ ون هونغ، مدير المركز الوطني للأمراض المعدية، قوله، الخميس، إن الصين "تتوقع بلوغ ذروة الإصابات في غضون أسبوع". وأضاف، "ذروة الإصابات ستزيد أيضاً معدل شدة المرض، وهو ما سيكون له تأثير مؤكد على مواردنا الطبية بأكملها". وأشار إلى أن الموجة ستستمر لشهر أو شهرين.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ"، الجمعة، نقلاً عن تقديرات للجنة الصحة الوطنية، أن قرابة 37 مليوناً في الصين قد يصابون بالمرض خلال يوم واحد هذا الأسبوع.
عدم استعداد النظام الصحي
وأدى التغيير المفاجئ في السياسة الصينية إلى مباغتة النظام الصحي الهش الذي لم يكن مستعداً لذلك في وقت تتدافع فيه المستشفيات لتأمين أسرة وأكياس دم للمصابين، بينما تتسابق الصيدليات لتوفير الأدوية وسط سعي السلطات الصينية الدؤوب لبناء عيادات.
وقال أكثر من 12 من خبراء الصحة العالميين وعلماء الأوبئة والسكان المحليين والمحللين السياسيين الذين استطلعت "رويترز" آراءهم، إن فشل السلطات في تطعيم كبار السن وإيصال استراتيجية التغلب على "كوفيد-19" للعامة إلى جانب التركيز المفرط على القضاء على الفيروس، تسبب في ضغوط على البنية التحتية الطبية للصين.
وقال الأفراد المستطلعون إن الصين أنفقت مبالغ كبيرة على مرافق الفحص والحجر الصحي على مدى السنوات الثلاث الماضية بدلاً من توجيه هذه الأموال للمستشفيات والعيادات وتدريب الطواقم الطبية.
غياب البيانات
ولم تتلق منظمة الصحة العالمية أي بيانات من الصين حول الحالات الجديدة التي دخلت المستشفيات بسبب فيروس "كوفيد-19" منذ أن علقت بكين العمل بسياسة "صفر كوفيد". وقالت منظمة الصحة العالمية إن الثغرات في البيانات قد تكون ناتجة من الصعوبة التي تواجهها السلطات الصينية في إحصاء الحالات.
ومنذ رفع قيود كورونا يسجل تسارع في حالات الإصابة في الصين في وقت تشهد فيه البلاد نقصاً في أدوية خفض الحمى والاختبارات الذاتية في مواجهة الطلب المتزايد عليها.
وفي ظل هذا الواقع أفادت تقارير محلية بأن 11 على الأقل من أصل 42 من شركات تصنيع الأدوية، استحوذت الحكومة على جزء من إنتاجها على الأقل.
الاستحواذ على الإنتاج
وأشارت شركة "ويز بيوتيك" المصنعة لاختبارات المستضدات في شيامن (شرق) على حسابها الرسمي، إلى "استحواذ" السلطات المحلية على إنتاجها. وأكد ممثل "ويز بيوتيك" هذا الأمر لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي بكين، أرسلت السلطات موظفين إضافيين إلى ستة من مصنعي اختبارات المستضدات لمساعدتهم على "زيادة الإنتاج"، وفقاً لمذكرة من البلدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال تشو تشيتشنغ، المسؤول في الاتحاد الصيني للوجيستيات والمشتريات، إن هذه القرارات تسمح بـ"تأمين الإنتاج، ولكن الخدمات اللوجيستية ما زالت غير منتظمة في المستشفيات والصيدليات".
وقال تشو، "لدينا حالة من الفوضى نوعاً ما" بسبب "الشراء المفرط" وطلب أشخاص "ضعف" حاجتهم.
وتقول يانيان، البالغة 32 سنة، والموظفة في مدينة شتنغدو، جنوب غربي البلاد، "عائلتي كلها مريضة ولا يمكنني شراء دواء للحمى".
قيود على الشراء
وأفادت نحو 12 صيدلية اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، في جميع أنحاء الصين، بنقص في أدوية خفض الحرارة.
وقالت موظفة عبر الهاتف رافضة الكشف عن اسمها في ينشوان في نينغشيا (شمال)، "لم يعد لدينا أي منها (أدوية الحمى) منذ أسبوع أو أسبوعين. ما زال لدي بعض مسكنات الألم، ولكن القليل جداً منها".
وقال أحد الموظفين في صيدلية في جيلين بالقرب من كوريا الشمالية، "تلقيت للتو 30 عبوة جديدة (من الباراسيتامول) ولم يتبق منها سوى 13 عبوة". وأضاف، "يمكن لكل شخص شراء عبوة واحدة فقط"، ناصحاً الناس بـ"الاستعجال" في ذلك.
وفي ظل حالة من التوتر، بدأت مدينة زوهاي الواقعة على حدود ماكاو (جنوب)، بتقييد شراء أقراص الأدوية المخفضة للحمى إلى ستة أقراص في الأسبوع، بناءً على تقديم وثيقة هوية.
كذلك، اتخذ عدد من المدن الكبرى بما في ذلك نانكينغ (شرقاً) وشنجن (جنوباً) إجراءات مماثلة.
مستشفيات مكتظة
قرب شنغهاي، دعت مدينة هانغتشو (شرق) سكانها إلى شراء الأدوية بطريقة "عقلانية"، وقالت "لا تخزنوا بشكل أعمى، أتركوا الأدوية لمن يحتاج إليها بالفعل".
وفي هونغ كونغ، المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، هناك أيضاً سباق على شراء الأدوية المضادة للإنفلونزا التي لا تستلزم وصفة طبية، على رغم الوضع الصحي المستقر إلى حد كبير والذي لا يضاهي ما تشهده بقية الصين.
وقال موظف في صيدلية مشترطاً عدم الكشف عن هويته، "الأسبوع الماضي، اشترى الناس نحو 12 أو 20 صندوقاً من (باراسيتامول) لإرسالها إلى البر الرئيس للصين".
وفي تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، لوحظ الأمر ذاته. وقالت السلطات المحلية، الخميس، إنها تدرس وضع قيود.
ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، تمتلئ المستشفيات في المدن الكبرى بالمرضى المسنين. ففي شنغهاي مثلاً، شاهدت وكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، ممرات قسم الطوارئ مكتظة، مع وجود المرضى على نقالات وتحت أجهزة التنفس.