Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاتب المسرحي السعودي فهد الحارثي: المسرح أداة لنبذ التطرف

يعتبر أن السعودية ستحدث خطوة بارزة في الفن المسرحي عبر تأسيس المعاهد

من مسرحية "كالفي" للكاتب السعودي فهد ردة الحارثي في مهرجان عمان (خدمة المهرجان)

يحظى الكاتب المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي بمكانة كبيرة في حركة المسرح العربي المعاصر، حتى أنه لُقٍبَ ب"عراب" المسرح السعودي، وقدمت حول أعماله المسرحية دراسات داخل المملكة وخارجها، وألَّف خمسين مسرحية من 1990 إلى 2021، صدرت أخيراً عن النادي الأدبي الثقافي في الطائف في جزئين بمراجعة عبد العزيز عسيري. وتضم 32 عملاً للكبار وسبع مسرحيات مونودراما، وثماني مسرحيات للأطفال، وقدمت مسرحياته في العديد من المهرجانات المسرحية المحلية والعربية والدولية.  وقد شارك في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجربيبي 5 مرات بمسرحيات "الفنار"، "البروفة الأخيرة"، "لعبة الكراسي"، "المحتكر"، و"الناس والحبال". وحصدت أعماله العديد من الجوائز، وكرمه مهرجان أيام قرطاج في تونس عام 2007، ومهرجان الجنادرية 1999، ومهرجان المسرح العربي 2008. وقد كرمه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الأخيرة العام الماضي. وعلق الحارثي على هذا التكريم بقوله إنه "باقة جمال تهدى لمن يستحقها وهو محطة وصلت إليها بعد جهد وتنطوي على تحفيز للقادم". خلال المهرجان كان هذا اللقاء معه. تعرض الحارثي لنكسة صحية تناقلت أخبارها وسائل التواصل الإجتماعي وتمنى له الكثيرون من متابعيه النهوض بكل عافية وصحة.

حوار في القاهرة

وفي حوار أجرته معه "اندبندنت عربية" في القاهرة  عربية" على هامش المهرجان،  كشف الحارثي أن بداية علاقته بالمسرح بدأت بالمسرح المدرسي ثم ارتبطت نقطة التحول من خلال عمله الصحافي عندما قام بتخصيص صفحة أسبوعية عن المسرح في جريدة "البلاد" كأول صفحة مسرحية سعودية. ومن ثم انطلق نحو كتابة النصوص المسرحية وكانت "الورطة اللذيذة" التي لم يستطع الفكاك منها حتى الآن، على حد تعبيره. وفي الحصاد عشرات العروض المسرحية، وعشرات الورش والدورات التدريبية، وثلاثة عشر كتاباً، وعشرات الجوائز وشهادات التقدير والتكريم، فضلاً عن مشاركاته في عشرات الندوات الفكرية والتطبيقية في المهرجانات المحلية والعربية. وكما يقول الحارثي فإن نصوصه صدرت عنها خمسة كتب تتناول ببحث معمق التجربة النصية له، كما أن هناك عشرات الدراسات والبحوث ومنها رسالتا دكتوراه ورسالتا ماجستير، وعدد كبير من بحوث الترقية في الجامعات السعودية، وهو في الأخير يفخر دوماً بأن نصوصه قدمت في أربعين مدينة عربية وثلاثة عشر مدينة سعودية.

وعن أكثر المسرحيين تأثيراً في حياته يقول الحارثي إن كل الأشخاص الذين مرَّ بهم حملوا له باقات معرفة، مشيراً إلى "أن القائمة تضم كتاباً ومخرجين وممثلين وفنيين ومتلقين وبشراً كادحين في طرق الحياة وعابرين مثمرين وأعداء نجاح كثراً... كلهم استفدتُ منه بطريقة ما".

مسرح مكافح

وعن نظرته إلى الحركة المسرحية في السعودية مقارنة بالمسارح العربية يقول الحارثي: "المسرح في السعودية مسرح مكافح مناضل يسعى لتكوين نفسه من خلال مقاومة ظروف كثيرة مرت بمثلها المسارح العربية، ولكنها في حالة المسرح السعودي أطالت البقاء قليلاً. هنالك مبدعون في المسرح السعودي يقودون حركة كبيرة لكنهم يواجهون في الوقت نفسه الكثير من المشكلات. لكنهم صامدون من أجل مسرح سعودي بصوت مسموع. المسرح السعودي يقدم تجاربه في المهرجانات المسرحية العربية ويحظى بالدهشة ممن لا يتوقع أن يكون هناك مسرح بالسعودية. هناك الآن بشائر خير كثيرة ومشاريع ضخمة تتبناها وزارة الثقافة، وتشمل مختلف الفنون، ولأنها تحظى بدعم كبير فإن أثر ذلك سيعود عليها جميعاً وعلى المسرح السعودي بخاصة، بخير كثير في القريب العاجل".

وعند سؤاله حول نظرته إلى المسرح العربي وما ينقصه أجاب بأن مشكلاته واحدة مع اختلاف في النسبة والتناسب. وأضاف: "أعتقد أن أكبر المشكلات التي تواجه الإدارة المسرحية يتعلق ببناء الخطط والاستراتيجيات التي لا تتبدل بتبدل المسؤول وبناء المزيد من قاعات العرض، وجعل المسرح المدرسي محط عناية فائقة لدوره الكبير في التربية والتعليم، والاستفادة من المسرح كقوة ناعمة في مواجهة التطرف الفكري بمختلف اتجاهاته".

أما عن العقبات التي تواجه المسرح السعودي وكيف يمكن تجاوزها، فيقول: "إنها كثيرة؛ ليس أولها قلة قاعات العرض وليس آخرها عدم وجود معاهد مسرحية، لكن وفق المعلن من خطط كل هذا زائل خلال سنوات قليلة وستكون الأكاديميات والمعاهد والمسارح في رأس هرم الاهتمام من قبل وزارة الثقافة".

خبرات لامعة

ويرفض الحارثي القول بخصوصية التجربة المسرحية السعودية، "فالمسرح فن عالمي لم نخترعه ونحن نعمل فيه وفق أسس أو مدارس من سبقنا، لكن ما يميز تجربتنا هو أنها مزيج من طاقات شابة رائعة وخبرات لامعة"، بحسب تعبيره.

وفي حواره مع "اندبندنت عربية" أعرب الحارثي كذلك عن سعادته بأن أعماله المسرحية قدمت من قبل فرق مسرحية عربية متنوعة؛ ورأى أن ذلك يعني من وجهة نظره وجود كاتب مسرحي سعودي تستحق أعماله أن تغري مخرجاً في بلد آخر، "وهو أمر يشاركني فيه عدد جيد من كتاب المسرح في السعودية، كما أنني أفخر بأن فرقتي (فرقة مسرح الطائف) قدمت نصوصي المسرحية في 35 مدينة عربية وهو عدد يسجل لها بتفرد كفرقة مسرحية عربية ثم تأتي الفرق المسرحية العربية لتقدمني بتصوراتها في مدن أخرى".

التراث والتجريب

ويحظى التراث بمكانة راسخة في مشروع الحارثي المسرحي، وعن ذلك يقول: "لم أتعمق في التعامل مع مفردات التراث سوى في عدة نصوص ومنها "بازار"، و"عنترة أسطورة الحب والحرب"، و"يا رايح الوادي"، وفي ظني أن التراث يحتاج للكثير من البحث والنحت والدراسة والتعامل معه بحدود تماس خاصة، كما أنه يحتاج لإمكانيات إنتاج مكلفة نوعاً ما وتحتاج لتبصر وبصيرة أثناء التنفيذ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن التجريب في نصوصه يذكر الحارثي أنه حاول منذ البدء أن يخوض مغامرة كتابية ثم ذهب نحو المشروع المسرحي، فعمل مع المخرج أحمد الأحمري على تجربة مسرح الحركة وحركة المسرح، ثم انتقل إلى مرحلة أخرى في مشروع إيجاد لغة مشتركة بين الشعر والسرد والحوار؛ وذلك من خلال إيجاد مقاربات بين لغة السرد في القصة القصيرة جداً ولغة الحوار في المسرحيات. ثم انتقل إلى مشروع شاعرية الحوار في لغته المسرحية ثم مسرح اليوميات ثم مسرح الوسائط عبر حوارات "الفيسبوك" و"تويتر"، وهكذا وجد نفسه في كل مرة أمام مشروع يعمل عليه في عدة نصوص وما إن يظفر بالتجربة التي يريدها ويخرج منها بخلاصات ينتقل لتجربة أخرى. 

المسرح كلمة

وعن الصعوبات التي تواجه كتاب المسرح الآن بخاصة وأن هناك بعض المدارس المسرحية مثل "مسرح القسوة" وغيرها، تعتمد على خلق صورة بصرية ليس للكلمة مكانة كبيرة فيها، مما يطرح سؤالاً حول دور المؤلف المسرحي وتقليص دوره، لحساب المخرج، يقول الحارثي: "سيظل للكلمة دورها، وحتى الآن لم تنجح المشاريع البصرية في إقصاء الكلمة. كل له دوره في نهاية المطاف وكما للكلمة قيمتها ودورها فإن للصورة البصرية قيمة كبيرة أيضاً في المسرح الحديث ومتى ما تم تضفيرهما في نسيج واحد، كنا أمام عمل أكثر إبداعاً".

وشدد الحارثي في هذا الصدد على الدور الكبير للمسرح كقوة ناعمة، وأنه يستطيع من خلال ورش التدريب والدورات والعروض أن يعمل كوسيط مهم في نبذ التطرف بكل مكوناته الفاسدة. وختم بالحديث عن مشاريعه المقبلة قائلاً: "هناك عدة أعمال لي لا تزال في حالة العرض ومنها مسرحية "كافي"، ومسرحية "ملف إنكليزي"، ومسرحية "ساكن متحرك"، إضافة إلى ورشة تدريب كتابة النص المسرحي التي ستعقد قريباً وعملين؛ أحدهما للطفل، وكتاب جديد".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة