Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنسحب "مشاهد الفوضى" على البرلمان التونسي المرتقب؟

كان التشتت السمة البارزة لمجلس النواب القديم إذ لم تفرز الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 كتلة تستأثر بغالبية ساحقة

"البرلمان المقبل سيكون نوعياً ومختلفاً عن البرلمانات السابقة سواء في فترة ما بعد الانتفاضة بعد 2011 أو قبلها في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي" (أ ف ب)

يتوجه التونسيون، السبت 17 ديسمبر (كانون الأول)، إلى مكاتب الاقتراع لانتخاب برلمان جديد في محطة سياسية تقاطعها قوى المعارضة البارزة في البلاد التي فشلت في عرقلة خطط الرئيس قيس سعيد.

وسيكون البرلمان الجديد أمام تحدي مشاهد الفوضى والاشتباك التي طبعت أعمال البرلمان المنحل الذي شهد استقطاباً حاداً بين الحزب "الدستوري الحر" بقيادة عبير موسي وحركة "النهضة" الإخوانية وحلفائها على غرار "ائتلاف الكرامة". تجدر الإشارة إلى أن 1055 مرشحاً يتسابقون نحو البرلمان الذي من المرتقب أن تغلق انتخاباته المرحلة الانتقالية التي يقودها الرئيس سعيد منذ أكثر من عام.

برلمان نوعي

وعلى الرغم من أن الحملة الانتخابية كانت باهتة بشكل كبير طيلة الأيام الماضية فإنه من المرتقب أن يفرز اقتراع السبت مشهداً برلمانياً جديداً بخاصة بعد مقاطعة قوى وازنة على غرار "الحزب الدستوري الحر" لهذا الاستحقاق.

وقال النائب السابق منجي الحرباوي إن "البرلمان المقبل سيكون نوعياً ومختلفاً عن البرلمانات السابقة سواء في فترة ما بعد الانتفاضة بعد 2011 أو قبلها في عهدي الزعيم الحبيب بورقيبة والرئيس زين العابدين بن علي". وتابع الحرباوي وهو قيادي في حركة "نداء تونس" أن "صورة جديدة سنراها عن البرلمان بطريقة وصلاحيات ونوعية جديدة من النواب، هو برلمان نوعي بكل تأكيد من كل أوجهه وليس له شبيه حتى في العالم". وشدد على أن "البرلمان المرتقب بني على قانون انتخابي نوعي وترشحات نوعية وعلى أشخاص نوعيين بحسب حملاتهم الانتخابية وما نتمناه أن تتم هذه المرحلة بخير في تونس".

وكان الرئيس قيس سعيد قد أصدر قانوناً انتخابياً جديداً نص على ضرورة حصول المرشح المحتمل على 400 تزكية من المواطنين بالتناصف وأن تكون هذه التزكيات موقعة في البلديات، وأيضاً أنهى منح الحكومة أموالاً عمومية للمرشحين من أجل القيام بحملاتهم الانتخابية في خطوة أثارت جدلاً، كما تم تغيير طريقة الاقتراع، وأصبح المجال مفتوحاً أمام عشرات المستقلين الذين دخلوا السباق الانتخابي بقوة، عوض ما كان سائداً أي نظام القوائم، في وقت تراجع عدد الترشحات بالنسبة للنساء ما عزز المخاوف من تمثيل ضعيف للمرأة على الرغم من ترسانة القوانين التي وضعتها السلطات على مر العقود من أجل ضمان حقوق المرأة وتكريس مساواة فعلية مع الرجل. وحذر الحرباوي من أن "هناك حالة من الجفاف السياسي تخيم على المشهد في تونس، وهناك ترشحات خالية من البرنامج السياسي وهي حملة انتخابية تم فيها إعلاء سقف الوعود وهي بعيدة عن العمل السياسي".

تشتت برلماني مرتقب

وكان التشتت السمة البارزة للبرلمان المنحل إذ لم تفرز الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 كتلة تستأثر بغالية ساحقة، وأيضاً صعود أحزاب سياسية يفرقها أكثر مما يجمعها على غرار "الدستوري الحر" و"النهضة" و"ائتلاف الكرامة". ولطالما شهدت جلسات البرلمان المنحل شجارات وحتى تشابكاً بالأيدي بين نواب "الدستوري الحر" ونواب "النهضة" بخاصة مع ترؤس رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي مجلس النواب وقيامه بتحركات مثيرة للجدل على غرار التدخل في الدبلوماسية عندما أبدى موالاة لحكومة الوفاق الوطني الليبي في مواجهة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

وسعى "الدستوري الحر" مراراً إلى سحب الثقة عن الغنوشي، لكن مساعيه لم تتكلل بالنجاح إلى أن أطاح الرئيس سعيد في 25 يوليو (تموز) 2021 بالبرلمان السابق عندما فعل الفصل 80 من الدستور الذي ينظم حالة الاستثناء في خطوة سارع الغنوشي لوصفها بالانقلاب.

وعلى الرغم من الإجراءات المشددة لقبول المرشحين من أجل دخول سباق الانتخابات البرلمانية فإن هناك خشية حقيقية من أن يفرز هذا الاستحقاق برلماناً منقسماً على نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس جمعية "عتيد" بسام معطر، التي تتابع الشأن الانتخابي والسياسي في تونس، إن "أسباب التجاذبات السابقة وحتى تبادل العنف كان المتهم الرئيس فيها نظام الاقتراع الذي أفرز تشتتاً في البرلمان الذي لم يتمكن من الوصول إلى توافقات داخل المجلس وسرعة في المصادقة على القوانين ما أدى إلى التشنجات". أضاف أن "السؤال الذي يطرح هنا، هل بقانون انتخابي قائم على الأفراد، وكل فرد قادم من جهته ومتعلق ببرنامج انتخابي محلي، سيكون فيه مزيد من التشتت والتجاذبات؟ أم العكس؟ الأقرب أننا سنرى مزيداً من التجاذبات". وتابع أيضاً أننا "لن نرى علاقات واضحة بين مجموعات من المرشحين تكون بينهم أفكار أو برامج مشتركة وربما سنرى تشتتاً أكثر وقد نرى مظاهر أخرى من السجال والعمل النيابي".

تشتت لا شجار

وكان العراك والتشابك بالأيدي من الأسباب التي دفعت الرئيس سعيد إلى إطاحة البرلمان المنحل، وسبق أن عرض خلال خطاب رئاسي بمناسبة تولي حكومة نجلاء بودن مهمتها، صوراً لمشاهد الفوضى والتشاجر بين النواب لا سيما "الدستوري الحر" و"النهضة"، لكن هذين الحزبين يقاطعان الآن الانتخابات البرلمانية، ففي وقت بررت الحركة الإخوانية مقاطعتها باتهامها الرئيس سعيد منذ البداية بأنه نفذ انقلاباً، اتهم "الدستوري الحر" رئيس البلاد بالاستفراد بالحكم.

في المقابل، دخلت أحزاب قومية أخرى السباق الانتخابي على غرار "حركة الشعب" و"التيار الشعبي" وغيرهما، وهي من الأحزاب الموالية للرئيس التونسي، لكنها توجه له انتقادات من حين إلى آخر في شأن طريقة قيادته البلاد وخياراته السياسية.

وخفض الرئيس التونسي في القانون الانتخابي الجديد عدد أعضاء البرلمان إلى 161. أضاف غرفة أخرى وهي مجلس الجهات والأقاليم في إطار إصلاحات يسعى من خلالها إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي بنفسه.

وقال المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي إن "التشتت سنراه في البرلمان المقبل لأننا لن نكون أمام كتل متجانسة لها خلفية سياسية أو أيديولوجية تجمعها بل ستكون أفراداً يمثلون الجهات التي انتخبوا فيها"، ولفت العبيدي إلى أن "العراك قد لا نراه أو على الأقل في حالات معزولة، لأن الخلافات الأيديولوجية ستغيب وكذلك حتى صلاحيات البرلمان التي ضعفت ستجعل النواب أقل حماساً للشجار". أضاف "في المقابل، وضع المعارضة قد يزداد صعوبة في المرحلة المقبلة بعد الانتخابات بخاصة تلك التي قررت مقاطعة الانتخابات إذ ستجد نفسها خارج المؤسسات".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي