المدرسة مهمة جدا وكذلك عطلة الثلج

فيما انخفضت درجات الحرارة وكست الثلوج معظم مناطق البلاد، ليلة أمس، عمت الفوضى الطرقات وخطوط السكك الحديدية، وظهرت تقارير عن مركبات عالقة وطرقات رئيسة مغلقة أمام حركة السير. 

لكن إن وضعنا التعطيل والتأخير جانباً، لطالما شعرت أنه عندما ينهمر الثلج، يخيم على الأرض سحر خاص. ذلك السكون الناعم الذي تخفت معه أصوات الحياة اليومية. وبهجة الدوس لأول مرة على الغطاء الثلجي النقي الهش الذي يكسو الأرض. ويتحول الشارع البريطاني الكئيب فجأة إلى موقع تصوير فيلم هوليوودي عن عيد الميلاد.

ليلة أمس، فيما تعالت ضحكات طفلي المدهوش من البياض الذي يتساقط من السماء وصنع الأطفال القاطنين في شارعي رجال ثلج أكبر منهم لم يسعني سوى أن أشعر بألم الخسارة. لأنه بين كل المتع التي يجلبها الثلج، لا متعة أكبر من السحر المفقود ليوم عطلة الثلج.

حتى الآن بعد أن أصبحت بالغة، يمكنني أن أستحضر من دون عناء ذلك الحماس العميق. التحلق حول المذياع بانتظار سماع اسم مدرستكم في القائمة الطويلة لأسماء المدارس التي يتلوها المذيع، وهو نفسه يتمنى على الأرجح في هذه اللحظة أن يحصل على عطلة ثلج. ثم الفرح الصافي عندما يذاع اسم مدرستكم بعد طول انتظار. وبعدها، تخلعون عنكم قيود الزي المدرسي وترمون بأنفسكم على الأرض المغطاة بالمسحوق الأبيض للاحتفال عبر صناعة ملاك أو اثنين من الثلج. وتغرق أي أفكار تتعلق بالامتحانات والفروض المنزلية والأساتذة والقوانين تحت صوت رقاقات الثلج الرقيقة التي تداعب وجهك.  

لكن في عام 2022، تبدو الأمور أقل سحراً. ليس فقط لأن عقلي البالغ ممتلئ بمواضيع الراشدين المملة مثل عرقلة المواصلات. الآن، ترسل المدارس تحديثات أخبارها عبر تويتر أو عبر تطبيق مباشر إلى هواتف الوالدين. انتهى عصر الالتصاق بالمذياع منذ الفجر. وما تركته الجائحة من إرث، بعد تجهيز المدارس بأنظمة تعلم قوية عن بعد، يعني بأنها قادرة بسهولة وبسرعة أن تعود إلى التعليم عن بعد. 

ولى يوم الثلج إلى غير رجعة، واستُبدلت عطلته (إن قررت المدارس أن تغلق أبوابها أصلاً) بيوم من الدروس المباشرة المتواصلة. ما عاد يوم ثلج بقدر ما هو الآن يوم تأمل الثلج من نافذتك بحسرة كل النهار.   

لا تسيئوا فهمي، بسبب عملي معلمة، أنا أستوعب أكثر من معظم الناس أهمية استمرار العملية التعليمية. أصبحت المدارس أكثر استعداداً [مؤهلة أكثر] من أي وقت مضى للحؤول دون فقدان [تبديد] كثير من وقت التعليم في المستقبل. لكن على الرغم من كل المهارات والدروس التي علمتنا إياها الجائحة، هل جعلتنا كبلد نفقد قليلاً من مرونتنا؟ وبعضاً من دهشتنا الطفولية؟ 

بعض الأشياء، كالثلج، هي جماليات زائلة عابرة يجب التمتع بها قبل أن تختفي. سوف تظل المعادلات الرياضية التربيعية كما روميو وجولييت في مكانهما حين يذوب آخر الثلج (أو الأرجح، عندما يتحول إلى وحل بني اللون). لكن الأمر الذي لن يظل بانتظار أطفالنا هو قضاء يوم في صنع رجل الثلج مع أطفال الجيران الذين لم يتكلموا معهم قبلاً. يوم جميل ونادر يقضونه وهم يتصرفون كالأطفال فحسب. يلعبون خارجاً. ويستنشقون هواء نظيفاً.

أتجرأ على القول إن الأطفال يتعلمون أكثر عن خصائص المواد السائلة مقابل المواد الصلبة عبر رمي بعضهم البعض بكرات الثلج مما يفعلون أمام شاشة كمبيوتر. وعندما يُطلب منهم في المرة المقبلة أن يصفوا مشهداً جميلاً في صف اللغة الإنجليزية، ربما سيتذكرون رقاقات الثلج بأشكالها المختلفة وهي تعبُر السماء؟ أما بالنسبة للفوائد الجسدية، فأنا كنت طفلة تخشى التمارين الرياضية بشكل كبير، لكنني تحركت أكثر وأنا أحاول تفادي صواريخ أخي الثلجية في عطلة الثلج مما فعلت يوماً في حصة الرياضة. 

أساساً، تثقل كاهل الطفولة في العصر الحديث المعاناة النفسية ومشاكل صورة الجسد وضغوطات وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ظل المناخ الاقتصادي الحالي، أصبح عدد الأطفال المضطرين أن يتحملوا أعباء الكبار، من عدم استقرار مادي وانعدام أمن المسكن والفقر الغذائي أكبر من أي وقت مضى. 

ألا يستحق الأمر أن نخفف ليوم واحد فقط القيود والضغوطات المفروضة على الأطفال، ونضع تطبيقات زوم ومايكروسوفت تيمز جانباً ونسمح لهم بالاستمتاع بجماليات الشتاء التي تنتظرنا في الخارج؟ في النهاية، ما معنى الثلج في غياب يوم عطلة نتمتع به فيه؟

نعم، يمكننا أن نجعل أطفالنا يحضرون دروس الجبر ويترجمون جملاً إلى الفرنسية، لكن أليس في الخارج دروس يمكنهم تعلمها لا يستطيع أي يوم يقضونه أمام الحاسوب أن يضاهيها؟