Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستحرر الاحتجاجات الصين من سطوة "الشيوعي"؟

لم يخرج تاريخ البلاد منذ آلاف السنين من القمع والانتفاضات ونهوض قوميات وممالك وذبول أخرى

الاحتجاجات الطلابية وأحداث ميدان تيانانمن عام 1989 (غيتي)

بعد 30 عاماً من اندلاع أحداث تيانانمن (الميدان السماوي)، لا يزال مناخ الخوف سائداً في الصين، ومع ذلك يبدو أن الأعداد التي خرجت في التظاهرات الأخيرة مستعدة لتواصل احتجاجاتها الغاضبة وتحديها سياسات البلاد الصارمة "صفر كوفيد" التي فرضتها الحكومة بتشديد القيود المستمرة منذ ثلاث سنوات وفرض الإغلاق العام ضمن تدابير الحد من تفشي فيروس كورونا. ولأن قضية الاحتجاجات تحولت بسرعة من مناهضة الإغلاق العام إلى التركيز على قضايا سياسية ومتعلقة بحقوق الإنسان، فإن مواصلة الاحتجاجات لن تتوقف على مدى استجابة الحكومة لمطالب المحتجين برفع مستوى المعيشة أو ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، ولكن ستعتمد على مقدرة المحتجين على مواصلة الضغط، وهو ما تقابله الحكومة بعنف شديد. أما الرمز المميز في هذه الاحتجاجات فهو تلويح المحتجين بأوراق بيضاء فارغة ما يرمز بدوره إلى قيام السلطة بإسكات الاحتجاج ولتجنب الرقابة والاعتقال. ويرتبط هذا الرمز بالاحتجاجات التي حدثت في هونغ كونغ عام 2020، حيث حمل المتظاهرون أوراقاً بيضاء للاحتجاج على القوانين الأمنية المشددة المفروضة.

 

وكان الصينيون ينتظرون ما يمكن أن يسفر عنه المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الذي ينعقد مرة كل خمس سنوات، ويجمع أكثر من 2000 عضو حزبي، إذ كان لا يزال هناك أمل في تغيير السياسات، لكن بحصول شي جينبينغ على فترة ولاية ثالثة كسكرتير عام للحزب الشيوعي الصيني وتشكيلة القيادة بالمؤتمر التي عززت من سلطته وجعلته أقرب إلى الحاكم الأبدي، تلاشت التوقعات المتفائلة بالتغلب على التوترات السياسية ومعالجة أزمات البلاد، وأجبرت الناس على اتخاذ إجراءات بأنفسهم. ومهد لتعزيز هذه السلطة خطوات سابقة هي إقرار البرلمان الصيني في مارس (آذار) 2018 تعديلاً دستورياً يتيح للرئيس شي البقاء في الرئاسة مدى الحياة، كما يسمح بإدراج "فكره" في قانون البلاد وكذلك "الدور القيادي" للحزب الشيوعي الصيني في مادته الأولى. وقبل ذلك، ومنذ توليه قيادة الحزب الشيوعي الصيني عام 2012، ثم رئاسة الدولة سنة 2013، جاءت فرصته بتعزيز سلطته، وقبل أن يكتمل عقده الأول، ظهرت آثار سلطته على المشهدين السياسي والاقتصادي في الصين.

إمبراطورية الاحتجاجات

وعلى رغم ندرة الاحتجاجات في الصين كونها لا تحدث إلا في فترات متباعدة، فإنها احتجاجات نوعية بمحركات ذاتية داخلية، لا تتأثر بما يحدث في المحيط الخارجي. وصحيح أن هذه الاحتجاجات الأخيرة فريدة من نوعها، ولكن حدث مثلها في الصين في أزمان متفرقة. وعموماً، لم يخرج تاريخ الصين منذ آلاف السنين من القمع والانتفاضات ونهوض قوميات وممالك وذبول أخرى وحروب، وظهر ذلك في تاريخها وحضارتها المدونة منذ أربعة آلاف سنة، فهي تضم مثل هذه القصص التي أسهمت في بناء الصين منذ العصور البدائية وتطوره إلى المجتمع الإقطاعي وما بعده. وعرفت الصين الاحتجاجات منذ زمن بعيد، ومن ضمن ما دون منها الانتفاضة الفلاحية عام 1150 التي حدثت خلال حكم أسرة سونغ احتجاجاً على فساد سلطة الإمبراطور سونغ، كما أنه أمر بجلب الصخور والأزهار النادرة من العائلات المتوسطة بولاية موتشو شينجيانغ لبناء حديقة داخلية بقصره. وكانت الانتفاضة بقيادة أجير لدى أحد ملاك الأراضي يدعى فانغ لا، وقف ضد أخذ ملاك الأراضي الصخور والأزهار النادرة عنوة من هذه العائلات، وهرب الفلاحون بقيادة فانغ لا إلى الجبال وقاموا بثورتهم وانتقدوا الطبقة الحاكمة التي استغلتهم واضطهدتهم، واستطاعت قوات الانتفاضة احتلال ست ولايات من 52 محافظة بمناطق شينجيانغ وآنهوي وجيانغشي، كما قضت على الموظفين الفاسدين. وفي الحال، عملت حكومة أسرة سونغ على قمع المتمردين، فانسحبت قوات الانتفاضة إلى المغائر بسبب قلة الغلال والأسلحة، لكنها، في المقابل، عقدت العزم على القتال إلى آخر رجل. ومع انتفاضة فانغ لا في جنوب شرقي الصين حدثت انتفاضة فلاحية بقيادة سونغ جيانغ وأصدقائه، وامتدت إلى شاندونغ وخنان، فألحقت ضربات قاصمة بجيش الحكومة، ولكن انتهت الانتفاضة إلى الفشل بسبب القمع الدامي من الطبقة الحاكمة.

 

رمزية ثورية

ويلاحظ اتساع رقعة الاحتجاجات الأخيرة في بكين وشنغهاي، وأورومتشي عاصمة إقليم شينجيانغ، في الشمال الغربي، حيث شب حريق في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) أسفر عن مقتل 10 أشخاص، وأثار غضباً عاماً، إذ عد كثيرون أنه بسبب الإغلاق العام الذي أعاق مهمة فرق الإنقاذ إلى جانب المراقبة المفرطة للشرطة، ما فاقم من حالات الضيق. وامتدت الاحتجاجات إلى تشنغدو في الجنوب الغربي، ووهان، وشيان، وغيرها.

وتقارن الاحتجاجات الحالية بالاحتجاجات الطلابية خلال الفترة من 15 أبريل (نيسان) حتى الرابع من يونيو (حزيران) 1989، حيث أدت إلى انقسامات قيادية في الحكومة الصينية وأحداث ميدان تيانانمن. وللميدان رمزية ثورية في نفوس الصينيين، إذ عرف باسم "قلب المملكة الوسطى"، منذ أن احتوى تظاهرات الطلاب عام 1919، ثم عام 1949، وأعلن ماو تسي تونغ في الميدان السماوي قيام "جمهورية الشعب". غير أن هذه الاحتجاجات تعيد الأحداث على غرار التحالفات القديمة بأنها تضم تحالفاً أوسع مكوناً من الطلاب والعمال وسكان الريف، بينما كانت تظاهرات تيانانمن طلابية.

وفي احتجاجات 1989 اجتمع الطلاب وغنوا نشيد "الأممية" الشيوعية، ولكن الآن قبل أن ينشدوها تم تفريقهم من قبل الإدارة وحراس الأمن. ويبرز ملمح مميز لهذه الاحتجاجات أنها لا تنادي بتنحي شي فقط، وإنما كذلك الحزب الشيوعي، ومعلوم أن نشيد "الأممية" كتبه الشاعر الفرنسي التقدمي أوجين بوتييه تخليداً لذكرى كومونة باريس الاشتراكية (الثورة الفرنسية الرابعة) التي تأسست في مارس 1871. وبعد أن قررت الحكومة الثورية السوفياتية بقيادة لينين تحويل نشيد "الأممية" إلى النشيد الرسمي للاتحاد السوفياتي عام 1917، بقيت هذه الحال حتى عام 1943 حين قرر الزعيم ستالين تفكيك الأممية الشيوعية (الثالثة) وتبديل النشيد السوفياتي إلى نشيد ذي طابع قومي روسي، وذلك بحجة تشجيع الجنود الروس في خنادق الحرب العالمية الثانية. وتبعتها الصين التي استخدمت الترجمة الصينية له في البداية، ثم استبدل به النشيد الوطني الصيني الذي كتبه تيان هان، واعتمد عام 1945، ولكن ظل نشيد "الأممية" كرمز للفلسفة الشيوعية تنشده الأحزاب الاشتراكية والشيوعية والأناركية في مختلف أجزاء العالم.

عوامل الاندلاع

وأدت عوامل عدة لاندلاع الاحتجاجات الصينية أولها تشدد الحكومة الصينية، وتعهد المسؤولين الاستمرار في سياسة الإغلاق. وعلى رغم أنها لم تنجح في الحد من ارتفاع الحالات التي أعلنت عنها السلطات الصينية إلى 40 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا يومياً ليتجاوز إجمالي الحالات نحو 300 ألف و600 حالة، والوفيات 5232 منذ بدء الجائحة. ورفضت السلطات التعايش مع الوباء أسوة بمعظم دول العالم، إضافة إلى رفضها تقديم اللقاحات الغربية للمواطنين، واعتماد لقاح محلي الصنع رغبة في تأكيد عدم حاجة الصين للقاحات الغربية وأنها يمكن أن تنافس الولايات المتحدة في إنتاجها.

والعامل الثاني أن النظام الصيني درج على معاملة الصينيين على أساس الإعلاء من قومية "الهان" التي تشكل نحو 92 في المئة من سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، ونحو 18 في المئة من سكان العالم، وبوصفهم متحدرين من سلالة "هان" إحدى أوائل الإمبراطوريات الصينية الفاعلة في القوة الجيوسياسية في شرق آسيا، على حساب القوميات الأخرى، ولكن ساوت أزمة الإغلاق طويل الأجل ثم حادثة حريق إقليم شينجيانغ الذي تقطنه إثنية الإيغور بين المواطنين الصينيين من مختلف الإثنيات، بأن الجميع لا يختلفون في المعاناة الحالية، وتضاف إليها مظالم أخرى.

أما العامل الثالث فقد عاد الحزب الشيوعي للترويج لنفسه بعد مؤتمره الـ20 بالعزم على ترسيخ الدعاية والعمل الأيديولوجي وإعادة تغليف الحزب الشيوعي الصيني بما تجاوزه الجيل الصاعد نحو الانفتاح على الديمقراطية في العالم وتجاوز فكر ماو تسي تونغ. وقد كانت الفكرة من تفكيك النظام الاقتصادي الاشتراكي وتحوله إلى نظام رأسمالي أن يتبعه تفكيك للحزب، ولكن قابل ذلك شي وقيادة الحزب بالحفاظ على احتكار السلطة السياسية. وفي هذا الشأن دعا عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تساي تشي إلى "بذل الجهود لترويج المبادئ التوجيهية للمؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني بتنظيم وتنفيذ أنشطة الدعاية على نحو دقيق، من أجل إلهام جميع الأعضاء والمسؤولين بالحزب لمواءمة أفكارهم مع المبادئ التوجيهية للمؤتمر، والسعي الجاد الموحد لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل".

آليات الردع

وليس وارداً أن تحيد السلطات في الصين عما قامت به مسبقاً لردع الاحتجاجات، ومنها الاعتقال والإخفاء القسري مثلما حدث في احتجاجات عام 2009 في شينجيانغ، أو إرغام المحتجين على التظاهر والاحتجاج في مناطق محددة بتصاريح رسمية، لتظهر للعالم أنها تحترم حق التعبير عن الرأي، بينما الغرض الأساس هو تسهيل حصرهم والتعرف عليهم، ومن ثم معاقبتهم، وهذا ما حدث في عام 2011، عندما تجمع محتجون من مجموعات صغيرة متأثرين بأحداث "الربيع العربي" في محاولة للقيام بالتظاهرات نفسها.

 

ومنذ ذلك الوقت، تشدد السلطات الرقابة على الإنترنت وحلت منظمات المجتمع المدني. ومع الاحتجاجات المحدودة والمتفرقة التي شهدتها، السنوات الماضية، مارست السلطات حملة وفرضت رقابة مشددة على المواقع الإلكترونية المحجوبة أصلاً بما يعرف باسم "الجدار الناري العظيم"، وهو آلية الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع غير المرغوب فيها. والمشروع الذي بدأ عام 1998، واكتمل سنة 2008، أسس للقضاء على أي بوادر انشقاق أو أخطار قد يتعرض لها الحزب الشيوعي الحاكم، بعد أن بدا أن "الحزب الديمقراطي" الصيني سيتمكن من خلال الإنترنت من توليد شبكة اتصالات جديدة تكون خارج السيطرة، فحظر "الحزب الديمقراطي"، وتبعته حملة واسعة من الاعتقالات. وليس في الصين وزارة إعلام، وإنما هناك إدارة تسمى مكتب الإعلام تتبع لمجلس الوزراء الذي يسمى في الصين "مجلس الدولة"، ويشرف هذا المكتب على كل وسائل الإعلام وينظم عملها ويراقب أداءها.

ومن أدوات الردع أيضاً أن السلطات يمكنها أن تستخدم "جيش التحرير الشعبي" في قمع الاحتجاجات، ولكن لن يكون ذلك بشكل موسع مثلما حدث في ميدان تيانانمن، إلا إذا وصل النظام إلى مرحلة يكون فيها مستعداً للقتل والاعتقال للبقاء في السلطة. وهي مرحلة متقدمة ربما تسبقها ممارسة ذلك من دون أن تكون للجيش مظاهر استعراضية.

خطوة إلى الأمام

وكادت الصين من أن تفارق العقيدة "الكونفوشيوسية" الكلاسيكية، ولكن لا يزال الحزب الشيوعي يروج لمثلها العليا عن الاستقرار والالتزام بالتعليم وقدسية الأسرة نواة المجتمع، لكي تقف حائطاً صد ضد التدخل الغربي، وكأساس لنظام اقتصادي يستهدف الربح والنمو بالتوازي مع القيم الاجتماعية والأخلاقية والفلسفية. وإن كانت الصين قد تخلت عن مبادئ "كونفشيوس" المتعلقة بإدارة الأمراء لشؤون الحكم بأسلوب يبدو أخلاقياً، بينما يمكن لسياسة الاستبداد، فإن الفكرة تحولت من مجتمع الأمراء إلى مجتمع الحزب الشيوعي، وعلى رأسه شي الذي واصل سياسة دينغ شياو بينغ بالتخفيف من تركيزها بالسعي إلى بناء اقتصاد قوي يصرف النظر عن ضرورة أن يكون النمو الاقتصادي مصحوباً بسلوك ديمقراطي. وباعتبار "الكونفوشيوسية" عقيدة ترسي قانوناً أخلاقياً، إضافة إلى الالتزام بها كطقس اجتماعي وفلسفة سياسية تراعي شؤون الحكم وفقاً للخصائص الصينية، ظلت تدور في الجو العام الصيني وسط حال من الانسداد السياسي. وبعودة "الكونفوشيوسية"، ظهر أن هناك تيارات غير ملتزمة بها تنادي بضرورة مراقبة النظام السياسي في الصين، ولم يصل الأمر إلى حد النداء بتغيير النظام إلى آخر ديمقراطي ليبرالي، ولكن اكتفى المحتجون بضرورة تنحي شي. وهذه في حد ذاتها خطوة واسعة إلى الأمام إن استمرت ستخرج الحال السياسية الصينية من حال التشوش السياسي حتى تبدو متوائمة مع التغير الاجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تتطور موجة الاحتجاجات على سياسة الإغلاق إلى المطالبة بتغيير النظام، على رغم المطالبة المحدودة بحقوق الإنسان وحرية التعبير، لأن الشعارات التي ينادي بها المحتجون بإنهاء سياسة الإغلاق وتنحي شي والحزب الشيوعي، تؤخذ باعتبارها موجة احتجاجية غير موجهة إلى هدف واحد، وإنما أهداف عدة. وهذا يجعل من السهل على الحزب الحاكم الاختيار منها، إن اضطر إلى ذلك، مثل التخفيف من سياسة الإغلاق، حتى تهدأ الاحتجاجات. فالعقود الطويلة التي قضاها الحزب بالحفاظ على رسوخه في حياة الصينيين، لا يمكن معها حذفه من حياتهم بسهولة، إضافة إلى أن الحزب الحاكم لم يترك منافساً له في الساحة السياسية ليكون البديل الملائم، وعليه سيكون أي تغيير قادم مرتقب يدور في فلكه.

عام "التنين"

وبين الاحتجاجات على أسرة سونغ وضد الرئيس الحالي شي جينبينغ جرت مياه كثيرة من تحت الجسر شكلت التاريخ الصيني وسياساته خلال عهود طويلة من القمع، سارت جنباً إلى جنب مع الانفتاح على العالم الخارجي والتطور والنمو الاقتصادي.

ومع طول مكوث الحزب الشيوعي يتوقع أن يكون القمع أيضاً ممتداً بين الانتفاضتين، وأن تتغير الآلية الحالية في مكافحة الاحتجاجات والاستجابة للمطالب. ومع اضطراب الاقتصاد الصيني ومنعاً لتعطل النشاط الاقتصادي كلياً، وحدوث مزيد من كساد النمو، ستعمل السلطات الصينية على تخفيف بعض الإجراءات الخاصة بسياسة الإغلاق، وفي الوقت ذاته سيهدئ ذلك المشاعر العامة.

وكانت الدعوات لتغيير النظام خلال بعض الاحتجاجات صادقة، لكنها لم تكن أساسية، وبهذا، فإنها لن تستمر كدافع رئيس لها، كما أنه من الصعب حالياً رصد الدعوات إلى تغيير النظام عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي نسبة للرقابة الصارمة على المحتوى حتى بعد أن غير المتظاهرون عبارات التواصل إلى أخرى تضليلية.

ويعلم المتظاهرون أنه من غير الوارد أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى تنحي الحزب الشيوعي أو سقوطه، لكنها تلفت الأنظار إلى أن العالم الذي تساوى معها في المعاناة من وباء كورونا، لم يكن متساوياً معها في سبل المكافحة، لاختلاف النظم، ولأن النظام الحاكم الذي يستهلك اقتصاد الدولة لتثبيت أواصر حكمه ومواجهة شعبه، قد لا يكون جديراً بمنافسة النظم الديمقراطية. وفي هذا التوقيت، يبدو أن أي تغيير مهما صغر فهو محسوب على "الحزب الشيوعي" لأن الصينيين يؤمنون بما يحمله تقويمهم، خصوصاً الرمز المقدس "التنين". ويوافق العام المقبل 2024 إلى 2025 عام "التنين" في التقويم السنوي الصيني. وخلال عيد "التنين" الماضي من 2012 إلى 2013، شهدت الفترة تولي شي جينبينغ مناصبه السياسية الكبرى التي أوصلته إلى منصب الرئيس الصيني، وطوال الفترة الماضية، كانت الصين تعمل لكي تبرز كأول قوة عظمى حديثة في الألفية الجديدة، ووضعت العام المقبل تحدياً لأن تصبح نداً للولايات المتحدة، مما يجعل المجال حساساً تجاه المناورات مع الشعب يقضيها النظام في القمع والكر والفر.

المزيد من تحلیل