Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تحجب بيانات النمو بالتزامن مع مؤتمر الحزب الشيوعي

غياب المؤشر الرسمي يعمق صعوبات يواجهها مستثمرون عالميون وشركات تسعى إلى قياس عمق التباطؤ الاقتصادي 

لم تعلن لصين بيانات النمو مع انطلاق أعمال مؤتمر الحزب الشيوعي الذي سينتهي بولاية جديدة للرئيس الصيني (أ ف ب)

أجلت الصين بشكل مفاجئ نشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث يوم الإثنين 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قبل يوم من موعد إصدارها، في خطوة غير معتادة، إذ ينظم الحزب الشيوعي الحاكم في البلاد تجمعاً سياسياً رئيساً هذا الأسبوع. 

ووضعت علامة على رقم الناتج المحلي الإجمالي الفصلي، إضافة إلى سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الرئيسة الأخرى بما في ذلك مبيعات التجزئة الشهرية ومبيعات العقارات والاستثمار في الأصول الثابتة التي كان من المقرر إصدارها يوم الثلاثاء، على أنها "مؤجلة" على الموقع الإلكتروني لمكتب الإحصاء الوطني الصيني. 

وبحسب موقع مكتب الإحصاء على الإنترنت، فإن البيانات الخاصة بأسعار المساكن في 70 مدينة رئيسة، المقرر إصدارها يوم الأربعاء، قد تأخرت أيضاً. ولم يذكر الموقع سبب التأخير ولم يذكر متى ستنشر، بينما قالت مسؤولة في المكتب الإحصاء، إنها لا تعرف موعداً لنشر البيانات. 

الإصدار المتأخر من رقم الناتج المحلي الإجمالي ربما يكون الأكثر أهمية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويراقبه عن كثب المستثمرون والاقتصاديون والمسؤولون الحكوميون الصينيون على حد سواء، مع مؤتمر الحزب الشيوعي الذي يعقد مرتين كل عقد، إذ افتتح يوم الأحد، ومن المؤكد أن ينتهي بولاية جديدة للزعيم الصيني شي جينبينغ

رياح معاكسة

في وقت سابق يوم الإثنين، قال مسؤول في اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح كبير المخططين الاقتصاديين في الصين للصحافيين، إن الاقتصاد قد تحسن بشكل ملحوظ في الربع الثالث من العام، على رغم الرياح المعاكسة المتعددة، بما في ذلك تفشي "كوفيد-19" ومتحوراته الجديدة والفيضانات والجفاف التي ابتليت بها مساحات شاسعة من البلاد هذا الصيف. 

ومن بين 15 اقتصادياً استطلعت صحيفة "وول ستريت جورنال" آراءهم، كانت التوقعات أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 3.5 في المئة في الربع الثالث من العام مقارنة بالعام السابق، متسارعاً من التوسع البالغ 0.4 في المئة المسجل في الربع الثاني، عندما تم إغلاق شنغهاي المدينة الأكثر ازدهاراً لمدة شهرين. 

يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، أرجأت الإدارة العامة للجمارك في الصين إصدار أرقام التجارة الشهرية كما هو مقرر، ولم تقدم أيضاً السلطات أي تفسير علني ولم ترد على المكالمات الهاتفية للحصول على تعليق. 

وفوجئ الاقتصاديون عموماً بتأخير إصدار البيانات. وقال كثيرون إنهم لا يستطيعون تذكر سابقة مباشرة في الصين بهذا الخصوص، فعادة لا يتم تأخير إصدارات البيانات بسبب التجمعات السياسية الرئيسة في الصين. 

جودة البيانات الصينية 

وعلى رغم أن عديداً من الاقتصاديين تساورهم الشكوك منذ فترة طويلة حول جودة البيانات الاقتصادية الصينية، إلا أن عدم وجود مؤشر رسمي رئيس يزيد من الصعوبات التي يواجهها المستثمرون العالميون والشركات التي تسعى إلى قياس عمق التباطؤ الاقتصادي في الصين.

وفي الأسابيع الأخيرة حثت الجهة المنظمة للأوراق المالية في الصين شركات السمسرة، بما في ذلك الشركات الصينية المحلية التابعة لـ"جي بي مورغان تشيس أند كو" و"غولدمان ساكس غروب أند كو"، على الامتناع عن التعليق على المواضيع الحساسة سياسياً، بحسب ما ذكرت المجلة. وفي الأشهر الأخيرة أصبح التعليق على التأثير الاقتصادي لقيود "كوفيد 19" مثيراً للجدل. 

ومع ذلك كان عديد من الاقتصاديين في حيرة خصوصاً بالنظر إلى أن النشاط التجاري يبدو في حال انتعاش بعد الربع الثاني الضعيف بشكل خاص. 

وقال بروس بانج كبير الاقتصاديين لشركة جونز لانج لاسال لـ"وول ستريت جورنال"، إن إلغاء إصدار البيانات المقرر يوم الثلاثاء لا يعني بالضرورة أن الاقتصاد في حال سيئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وأضاف بانغ "بالنظر إلى البيانات الحالية عالية التردد التي رأيناها، فمن الواضح أن الاقتصاد الصيني انتعش بسرعة في الربع الثالث". وقال "من الممكن أن ترغب السلطات في تشجيع السوق على التركيز في الرسالة الرئيسة التي يرسلها مؤتمر الحزب". 

ووصف كبير الاقتصاديين في "ستاندرد تشارترد" في هونغ كونغ شوانغ دينغ هذه الخطوة بأنها "غريبة حقاً"، قائلاً إنه لا يستطيع التفكير في سبب مقنع للتأخير. 

وكان من المتوقع أن تظهر البيانات انتعاشاً متواضعاً في النشاط الاقتصادي بعد أن أثر الإغلاق بشدة في النمو خلال الربع الثاني. وقال: "ليس هناك احتمال أن يكون الوضع أسوأ". 

أسواق تداول العملات

وقال الخبير الاقتصادي في بنك "آنز" الاستثماري شينغ تشوبنغ إن سبباً فنياً قد يكون وراء التأخير، مشيراً إلى ضيق الوقت للتحقق من البيانات ومراجعتها بين الإدارات الحكومية. 

وأضاف شينغ أن بيانات التجارة المتأخرة يوم الجمعة، التي لم يتم إصدارها بعد، يمكن أن يكون لها تأثير في أسواق تداول العملات الأجنبية، إذ يمكن لأرقام الصادرات والواردات أن تؤثر بقوة في قيمة العملة الصينية اليوان التي انخفضت في مقابل الدولار الأميركي هذا العام. 

ويوم الإثنين نشر حساب رسمي على وسائل التواصل الاجتماعي لمكتب الإحصاء صوراً لعشرات الإحصائيين في جميع أنحاء البلاد وهم يحتشدون حول أجهزة التلفزيون ويملأون القاعات لمشاهدة الرئيس شي وهو يلقي خطاباً بمناسبة افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي يوم الأحد. 

وقال كارلوس كازانوفا كبير الاقتصاديين في "آسيا في يونيون" إن فرصة قراءة الناتج المحلي الإجمالي التي لا تفي بتوقعات الإجماع كانت عالية جداً، مع إشارات ضعيفة على الإنفاق الاستهلاكي وسط قيود أكثر صرامة للسيطرة على انتشار "كوفيد-19". 

وعلى رغم تنبؤ كازانوفا بتحقيق الصين نمواً في الربع الثالث بنحو 3.3 في المئة، إلا أنه قال "إذا كان الرقم الرسمي أقل من ثلاثة في المئة، فقد يؤدي ذلك إلى صرف الانتباه عن الاحتفالات السياسية".

وبصرف النظر عن عام 2020، عندما ظهرت جائحة كوفيد-19 للمرة الأولى، من المرجح أن ينمو الاقتصاد الصيني في عام 2022 بأبطأ وتيرة سنوية منذ عام 1990 تحت وطأة سياسة كوفيد الصارمة وتباطؤ العقارات المتزايد، كما يقول الاقتصاديون. 

البنك الدولي

ويتوقع البنك الدولي أن يصل نمو الاقتصاد الصيني هذا العام إلى 2.8 في المئة فقط، و4.5 في المئة في عام 2023. وفي مارس (آذار) حدد القادة الصينيون هدفاً رسمياً للناتج المحلي الإجمالي لهذا العام يبلغ نحو 5.5 في المئة، على رغم أنهم بعد أربعة أشهر فقط، أقروا فعلياً بأن البلاد ستفعل ذلك، ولكن هذا الهدف أخطأ، بالنظر إلى حصيلة الإغلاق الشديد في شنغهاي، في حين كان نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد للنصف الأول من العام الحالي 2.5 في المئة فقط. 

ويقول الاقتصاديون إن الرياح المعاكسة التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم آخذة في الازدياد. كما أضر التراجع الحاد في العقارات بالبناء وأثار قلق المستهلكين في شأن الإنفاق، وزاد من الضغط المالي على الحكومات المحلية المنهكة. في وقت يتلاشى الطلب الخارجي على الصادرات الصينية، إذ تواجه الاقتصادات في العالم تضخماً شديداً وارتفاعاً في أسعار الفائدة. 

ويبدو أن التزام بكين بنهج عدم التسامح مع تفشي كوفيد-19 سيظل سمة من سمات الحياة اليومية في الصين لأشهر مقبلة، مما يعني استمرار الضغط على الإنفاق والنشاط من أخطار القيود المفاجئة على الحركة. 

وقال تشانغ هينغيو مستثمر مستقل في شنغهاي يركز على الأسهم الصينية المدرجة محلياً، إنه توقف عن الاهتمام بالأرقام الاقتصادية الشهرية في الأشهر الأخيرة، نظراً إلى أن بكين لم تظهر سوى قليل من الدلائل على تخفيف قيود كوفيد أو إنقاذ مطوري العقارات المتعثرين. 

وأضاف تشانغ "الاتجاه العام واضح تماماً ولا يهم كم من الوقت تتأخر البيانات". وتابع "كثير من المستثمرين ليس لديهم ثقة كبيرة في قدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار في النمو." 

ويوم السبت قلل مسؤول كبير آخر من أهمية هدف الناتج المحلي الإجمالي. وقال سون يل المتحدث باسم مؤتمر الحزب، "إن سرعة النمو هي بالفعل معيار مهم للأداء الاقتصادي، لكنها ليست المعيار الوحيد"، وأضاف "بدلاً من ذلك، نركز بشكل أكبر على حل المشكلات الطويلة الأجل في الاقتصاد بشكل أساس".

اقرأ المزيد