Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف جدد مايكل بوبليه أغاني الميلاد التقليدية أغنية تلو الأخرى؟

منذ أكثر من عشر سنوات، أعاد المغني الكندي رسم وجه عيد الميلاد. وفي ما يلي جولة على نجاحه الساحق الذي حققه ألبومه "Christmas" المنكه بموسيقى الهيفي الميتال

أعاد المغني الكندي توليف خيوط الحمض النووي لعيد الميلاد (غيتي)

في ربيع 2011، أبصر عيد الميلاد بالشكل الذي نعرفه اليوم النور في استوديو احترافي من استوديوهات هوليوود، وليد مشروع تعاوني بين أحد أفراد طاقم سفينة صيد سابق من كولومبيا البريطانية ومنتج هيفي ميتال مشهور. وفي إطار المشروع، عمل الرجلان على استحضار سحر نبتة الهدال إلى هواء لوس أنجلوس المنعش بمساعدة موسيقيين مساندين وجوقة أطفال وأوركسترا مكونة من 60 آلة.

والمقصود بتاجر الأسماك السابق هنا مايكل بوبليه الذي قضى عطلاته الصيفية الست كمراهق في عرض البحر إلى جانب والده – الأمر الذي علمه قيمة العمل الدؤوب وضرورة الحفاظ على صفاء الذهن في الظروف الصعبة. أما المنتج، فهو بوب روك المعروف بكونه عراب ألبوم "Black" لـ"ميتاليكا"، والألبوم الغنائي الذي صنعاه معاً هو ألبوم "Christmas" لبوبليه طبعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يمكن القول إن بوبليه هو الذي ابتكر زمن ميلاد القرن الحادي والعشرين بفضل ما قدمه من أغان تمزج بين المشاعر الجياشة والاستهلاك الفائق لكوكب الأرض. فالمقاربة التسويقية التي اتبعتها متاجر "جون لويس" والإعلانات الوجدانية والمؤثرة التي روجت لها من دون هوادة، لعبت دورها أيضاً، لكن يمكن القول إن ألبوم "Christmas" الذي أصدره بوبليه في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، هو من دون منازع أحد النجاحات الموسمية الساحقة في العصر الحديث، حيث بيع منه أكثر من 30 مليون نسخة واستمر في قوائم المملكة المتحدة ما يزيد على 80 أسبوعاً وحقق أربعة مليارات مشاهدة واستماع - والعدد في ازدياد – وتربع على رأس القوائم في كندا، البلد الأم للمغني، على مدى خمس سنوات منفصلة.

ولكن  "Christmas" هو أكثر من مجرد نجاح تجاري، ولا يمكن للأرقام وحدها أن توفيه حقه أو أن تلخص التغيير الذي حققه تعاون بوبليه وبوب في "استوديوهات كابيتول" في لوس أنجلوس (ثم في فانكوفر، مسقط رأس المغني). فألبوم بوبليه سكب على موسم الأعياد ألواناً جديدة وفرض أسلوبه السلس والراقي في تأدية الكلاسيكيات، مثال "It’s Beginning To Look A Lot Like Christmas" و"Have Yourself a Merry Little Christmas". والنتيجة: أغان ميلادية تقليدية تلاحقنا حيثما ذهبنا - لكأنها أشباح عيد الميلاد الماضي والحاضر والمستقبل مجتمعة في واحد لتبث فينا الفرح والسعادة - اعتباراً من أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

تصوروا أنه ما على الواحد منا في هذه الفترة سوى أن يدخل إلى أحد المتاجر ويشغل الراديو وينتقي قائمة أغاني عيد الميلاد حتى يشعر بأجراس بوبليه تقرع وتجلجل في عمق أعماق الحياة. فهل يا ترى كان لتاريخ 25 ديسمبر (كانون الأول) أي وجود قبل أن يتحد بوبليه مع شانيا توين لتسجيل نسخة فينيل طويلة ومميزة من أغنية "White Christmas"؟ السجلات التاريخية تقول "نعم"، أما أنا فلدي شكوكي.

وكما هو معروف، فإن أفضل الهدايا على الإطلاق هي تلك التي تجمع بين القديم والجديد، وهذه بالتحديد القيم التي احتفى بها بوبليه في ألبومه "Christmas" الذي يكتنف من جهة مجموعة من الأغاني المفضلة والمحبوبة، ومن جهة أخرى الجوهر الخالص للمغني الكندي الذي يعتبر نفسه روحاً قديمة ولدت في غير أوانها. "لقد كان لألبوم "Merry Christmas" لبينغ كروسبي تأثير هائل فيَّ من الناحية الموسيقية"، يكتب بوبليه في مذكراته بعنوان "على المسرح وخارجه" (Onstage، Offstage). "برأيي، إنه الألبوم المثالي. وقد اعتدت منذ نعومة أظافري أن أدندن أغنياته. كنت أغني "Mele Kalikimaka" [نغمة الميلاد التي تحمل طابعاً هوائياً وتظهر في نهاية الألبوم] "في عز" يوليو (تموز). حسناً، لنكن واقعيين: كنت طفلاً غريب الأطوار. وأعتقد بأنني كنت الطفل الوحيد الذي يستمتع بأسطوانة ميلادية قديمة؟".

لقد كان كروسبي بالفعل أشد العناصر تأثيراً في بوبليه إلى جانب يوم عيد الميلاد. بكلام آخر، مواظبة بوبليه الطفل على الاستماع إلى كروسبي وهو يشق طريقه عبر المناطق النائية المزينة في عيد الميلاد طبعت حياته المهنية وكامل شخصيته – أو بالأحرى حياته كلها. وهذا ما أكدته جولييت بيل في كتابها  "مايكل بوبليه: السيرة الذاتية" (Michael Bublé: The Biography) بقولها: "سمع مايكل أغنية  "White Christmas" بصوت بينغ كروسبي وهو مذاك مدمن على موسيقاه. ولعلنا جميعاً محظوظون بتأثره ببينغ بدلاً من فرقة "سيكس بيستلز" التي كان ليعتنق أسلوبها في صناعة الموسيقى."

وكان بوبليه في الرابعة من عمره لما استمع إلى ألبوم كروسبي الميلادي لأول مرة. وحسب قوله، فإن حب تلك الموسيقى تسلل إلى كيانه مذاك حتى أحرقه وامتزج به ميلاداً بعد آخر. "ولا يزال بإمكاني حتى اليوم تأدية أي أغنية سوينغ أو مقطع ساكس من هذه الأسطوانة."

ولربما تأثر بوبليه بمظهر كروسبي وهو يرتدي كنزة صوفية في موسم الأعياد، لكن تأثره هذا لم ينعكس على ألبومه  "Christmas"، بمعنى أن بوبليه لم يطل على الجمهور بأسلوب كروسبي وسيناترا وبيري كومو وغيرهم من العمالقة، إنما ابتدع لنفسه أسلوباً خاصاً، حيث اتخذ إطلالة الفنان المرهف الذي يسير ويداه في جيوبه واشتغل مع روك ومروحة من الموسيقيين المساندين على ألبومه ليكون بجودة الديك الرومي المحقون بالهرمونات. ومن الناحية الصوتية، إن لم يكن من الناحية الموضوعاتية، فإن ألبوم بوبليه الميلادي صاخب ومتواصل. وفي كل مرة يغني فيها"Have Yourself A Merry Little Christmas"، نشعر بأن كلامه يحمل صيغة الأمر أكثر منه التمني ولا يسعنا إلا أن نتساءل: ماذا سيحدث لو تحديناه واخترنا عدم الاستمتاع بعيد الميلاد المجيد؟ إنه أمر صعب تخيله.

بتعبير آخر، عمل بوبليه جنباً إلى جنب مع الموسيقي البديل في فرقة "ميتاليكا" وتوصلا معاً إلى ما يضاهي بأهميته أغنية الهيفي ميتال "Enter Sandman"، قل عملاً فنياً يعبق بالحنين إلى الماضي، ويذكر بشخصية المغني الضبابية القديمة، وينضح بروح الميتال المحببة إلى قلبي روك وبوبليه، ويرتكن إلى التسجيلات "الحية" تلافياً للوقوع بمغبة "الاحتيالات" التي يمكن أن تتأتى عن الاحتكام إلى برنامج "بروتولز" (Pro Tools) الذي يسمح للموسيقيين بجمع تسجيلات منفصلة.

"كنت أضغط [على من حولي] لتسجيل الأغاني بطريقة مباشرة، على النهج القديم"، يدون بوبليه في مذكراته. "أردت للتسجيلات أن تكون حية بكل ما للكلمة من معنى، أردتها شبيهة بتسجيلات فرانك وبينغ ودين – بعيدة كلياً عن التسجيلات التي توصف بالحية مع أنها تستند إلى غناء مباشر لكن قابل للضبط والتعديل في وقت لاحق... أردت أن يكون ألبومي جميلاً وغنياً وصادقاً".

وعلى ما يبدو أن روك قد تعلم الكثير من تعامله مع بوبليه وقد صرح بذلك إلى التلفزيون الكندي على أثر ارتقاء ألبوم  "Christmas" إلى المركز الأول، قائلاً، "إنها تجربة رائعة ولا شك أنني أستمتع بها وأتعلم منها... فاستخدام أوركسترا تضم 60 آلة والقيام بتسجيلات حية هو أمر جديد بالنسبة إليَّ".

وتجدر الملاحظة أن هذه الأصالة لم تمتد إلى كل أغاني الألبوم سواسية. فعند تأديته أغنية "Santa Baby" التي اشتهر بها فيليب سبرينغر عام 1953، غير بوبليه ببساطة وعفوية جندر الشخصية التي يتوجه لها كلام الأغنية – مفضياً إلى نتائج مضحكة (بصورة غير متعمدة ربما) – حيث غنى: "سانتا صديقي"، اجلب لي أيضاً سيارة مكشوفة طراز 65 ولتكن باللون الأزرق الفولاذي. سأنتظرك يا صاح". ولو أنه استمر على هذا المنوال، لكانت وصلت به الأمور إلى حد تغيير عنوان الأغنية إلى "يا صاح، أين هداياي؟".

ففي نهاية المطاف، يتلخص زمن الميلاد بثلاث نكهات فقط: النكهة الديكنزية الحديثة التي تتسم بها أغنية "God Rest Ye Merry Gentlemen" وتروج لميلاد مليء بالكرات الثلجية المتلألئة وقصص الأشباح الموسمية والمرنمين الملائكيين، ونكهة السبعينيات قديمة الطراز التي تعبر عنها أغنية "Christmas of Slade" ومظاهر التعانق في الحفلات المكتبية وارتداء التيجان الورقية أثناء الجلوس إلى موائد العشاء، وأخيراً، نكهة سترة الميلاد التي تلبس في زمن الأعياد واعتادت أن تكون حكراً على سيناترا وبيري كومو وأقرانهما، لكن بوبليه أعاد إحياءها كظاهرة من ظواهر القرن الحادي والعشرين.

وقد يقول الأصوليون إن نسختي بوبليه من " Santa Claus Is Comin’ To Town" و" I’ll Be Home For Christmas" أصيلتان ومستهلكتان بقدر ملابس عيد الميلاد من "باوند لاند" (Poundland). ومن شأن انتقادات مماثلة أن تسيء إلى بوبليه، لكنها لن تقوى عليه. وفي عيد الميلاد هذا العام كما كل عام، سنراه يخترق الثلوج من جديد وصولاً إلى الضفة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة