Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تلتقط الأنفاس باستعادة جثة "فيرو" وتتفرغ لـ"لغز الانفجارين"

جهات عربية وأجنبية شاركت في مفاوضات استرجاع الجثمان وعملية القدس المزدوجة كشفت عن إخفاقات أمنية خطرة بسبب تعطل الكاميرات

بعد اتصالات ماراثونية على مدار 24 ساعة، نجحت الجهود الفلسطينية في استعادة جثة الشاب تيران فيرو (18 سنة) التي احتجزها مسلحو حركة الجهاد الإسلامي بعد خطفها من مستشفى سيناء في جنين.

وشارك في مفاوضات استعادة الجثة قياديون فلسطينيون ونواب كنيست من عرب 48، وكذلك دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون ومن دول عربية، للتوسط بين الأطراف والضغط على السلطة الفلسطينية للعمل على نقل الجثة إلى إسرائيل من دون أي شروط، لكن محتجزي الجثة رفضوا ذلك وطالبوا بتسليمهم جثث 17 فلسطينياً من جنين تحتجزها إسرائيل.

مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلي قالوا بشكل واضح إنهم ليسوا على عجل لاستعادة الجثة تحت ضغط خاطفيها طالما الحديث عن جثة وليس إسرائيلياً على قيد الحياة، لكن الضغوط من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله وشخصيات فلسطينيي 48 اتسعت لتصل إلى بيروت، حيث تدخل قياديون في الجهاد الإسلامي ومن حركة حماس، لتصل القضية إلى نهايتها بعد منتصف الليل وتم نقل الجثة في ساعة مبكرة من صباح الخميس.

وفي حديث مع "اندبندنت عربية" قال رئيس لجنة المتابعة لفلسطينيي 48 محمد بركة، إن "الجهود لم تتوقف من أجل استعادة جثة شاب هو من أبناء شعبنا وصل إلى جنين كآلاف الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر الذين يدخلون لقضاء مختلف الاحتياجات، والشاب تيران فرو جاء لتصليح سيارته وكان حظه السيئ أن أصيب بحادثة طريق مروعة وبسبب خطورة وضعه نقل إلى مستشفى في جنين للعلاج".

وأضاف "اختطافه هو أمر مرفوض فهو واحد من أبناء شعبنا ولا يوجد أي مبرر إنساني أو وطني أو ديني لاختطافه من المستشفى". وشدد بركة على أنه "لو لم تنجح الجهود في استعادة الجثة إلى العائلة الثكلى لكان اختطاف كهذا سيحمل إسقاطات صعبة وبالأساس على قيمنا وعلى عدالة قضيتنا وعلى نسيج شعبنا".

حماس والجهاد في الخارج

واللافت في هذه الحادثة أن التدخل من قبل حماس والجهاد الإسلامي في الخارج أسهم بشكل فعال في حل الأزمة، إذ جرت مفاوضات مطولة مع خاطفي الجثة في جنين، الذين رفضوا بداية التجاوب مع مطلب تحريرها من دون استعادة جثث الشهداء الفلسطينيين المحتجزة في إسرائيل، لكن تحركات عدة وبينها تظاهرات على طرفي الخط الأخضر أسهمت في تغيير موقفهم الرافض.

ففي جنين خرج الفلسطينيون، وفي مقدمتهم العائلات الثكلى التي تحتجز إسرائيل جثث أبنائها، وطالبوا جميع الجهات الفاعلة والضاغطة لاستعادة جثة الشاب تيران فيرو بالضغط ذاته لاستعادة جثث أبنائهم الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي، قائلين "نحن أيضاً أمهات وآباء وأهل يحق لنا أن نودع أبناءنا وندفن جثثهم".

وعلى الجهة الأخرى من الخط الأخضر، خرجت مجموعة من الدروز الذين خدموا ويخدمون في الجيش الإسرائيلي بالتهديد بدخول جنين مسلحين لاستعادة الجثة. وروجوا لشريط فيديو تناولته القنوات التلفزيونية الإسرائيلية وقد أشهروا السلاح وهم ملثمون ويهددون "في حال عدم إعادة جثة فيرو، حتى صباح الخميس، سندخل جنين ونعيد الجثة بأنفسنا".

من جهة أخرى فرضت إسرائيل عقاباً جماعياً على سكان جنين إذ أغلقت جميع الممرات وحاجزي "سالم" و"الجلمة"، إذ يخرج يومياً آلاف العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، كما يتم عبرهما نقل البضائع، وفي المقابل منعت دخول فلسطينيي 48 إلى جنين، الذين يشكلون مصدراً اقتصادياً حيوياً لتجار المدينة.

الإخفاقات الأمنية ولغز القدس

تنفس الإسرائيليون الصعداء بعد استعادة جثة تيران فرو، على رغم أنهم لم يولوا لها أهمية قصوى، ليس فقط لأن فرو من فلسطينيي 48 إنما لأن الحديث عن جثة، كما سبق وذكر مسؤول أمني، لكن إنهاء القضية منع أي نوع من التوتر، في وقت كانت جميع الأجهزة الأمنية إلى جانب المؤسستين العسكرية والسياسية منشغلة في الوصول إلى طرف خيط يصلها إلى منفذ أو منفذي انفجاري القدس، في ظل إخفاقات خطرة كشف عنها الانفجاران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فحتى كتابة هذه السطور أعلن جهاز الأمن أنه لم يتمكن بعد من معرفة من نفذ التفجيرين بزرع العبوات الناسفة، وقال مسؤول أمني إن "المهمة معقدة في ظل تعطل كاميرات المراقبة في المنطقة".

وقرر رئيس الأركان أفيف كوخافي، الذي كان في زيارة رسمية بالولايات المتحدة، قطع زيارته في أعقاب تقييم هاتفي للأوضاع وبعد اطلاعه على المستجدات.

وتنفيذاً لقرارات تقييم الوضع أبقت الأجهزة الأمنية مدينة القدس ومناطق أخرى محيطة بها وبلدات إسرائيلية في حال تأهب قصوى، وبتعاون مختلف الأجهزة الأمنية تم تكثيف عمليات التمشيط في جميع المناطق التي تتوقع إسرائيل أن يكون التخطيط والتنفيذ للانفجارين خرجا منها.

ناقوس الخطر

مع ارتفاع حدة الانتقادات لأجهزة الاستخبارات والشاباك لما كشفت عنه عملية القدس المزدوجة من إخفاقات، صعد أمنيون وعسكريون تهديداتهم بل توسعت مساحتها لتصل إلى قطاع غزة، إذ هدد مسؤول أمني عبر قناة "كان" الإخبارية، قطاع غزة بدفع ثمن باهظ إذا ما تبين أن تعليمات التفجيرين صدرت من هناك.

مسؤول سياسي وصف عملية القدس عبر صحيفة "هآرتس" بأنها "تدق ناقوس الخطر أمام الأمن الإسرائيلي"، قائلاً "من الآن، وبعد عملية القدس يتوجب العمل بشكل مغاير مع الأحداث خلافاً للسابق، وذلك بالنظر إلى أن خلية منظمة تقف خلف تنفيذ العملية"، مشدداً "من الصعب تنفيذ عملية متقنة بهذا الشكل في القدس من دون وجود خلية وبنى تحتية عسكرية داعمة، فوضع عبوتين في محطتين للحافلات عمل يحتاج إلى تخطيط مسبق وجمع للمعلومات، إضافة إلى القدرة على تركيب العبوات ووضعها بنجاح وتفجيرها عن بعد خلال وقت قصير".

واقع أمني جديد

الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في إسرائيل غيورا أيلاند، اعتبر عملية القدس فارقة وتشكل دلالة على واقع أمني جديد أصعب مما كانت تشهده إسرائيل إزاء مواجهة التنظيمات الفلسطينية، مشيراً إلى أن منفذي العمليات هم فلسطينيون "عاديون" وجزء من السكان، يعملون باسمهم ويختبئون في داخلهم، ومن ثم فإن التمييز بينهم وبين المواطنين غير المشاركين أمر معقد.

وقال إن "هذه العمليات تعكس واقع انعدام الاستقرار، إذ توجد للشباب الفلسطيني العاطل عن العمل حوافز عالية للانشغال بمثل هذه العمليات وأسباب قليلة جداً للامتناع عنها".

وتابع "نحن نحصي بألم القتلى في طرفنا، لكن الطرف الآخر يفعل ذلك، وفي ضوء نحو 120 قتيلاً فلسطينياً في نصف السنة الأخيرة، فلا عجب في أن تشتعل البلاد".

ويرى أيلاند أن هناك حاجة إلى الاختيار بين استراتيجيتين متعاكستين: الأولى هي محاولة تهدئة الخواطر، وبذل جهد أكبر للقبض على منفذي العملية وإحباط محاولات مشابهة، مع استمرار عزل المراكز التي يخرج منها منفذو العمليات مثل جنين، والامتناع عن تغييرات أحادية الجانب، سواء أكان هذا في القدس أو في معاقبة السلطة الفلسطينية أو في ظروف السجناء الفلسطينيين، واستمرار دخول العمال الفلسطينيين من الضفة وغزة وبذل جهد لمنع الاحتكاكات بين اليهود والفلسطينيين.

أما الاستراتيجية المعاكسة التي يقترحها أيلاند فتكمن في "المبادرة إلى عملية واسعة غايتها احتلال كامل للمدن الفلسطينية والانتقال من بيت إلى بيت لجمع السلاح، مع الأخذ بالحسبان أن هذه العملية ستؤدي إلى خسائر كثيرة في الجانب الإسرائيلي وكذلك إلى وقوع كثير من المدنيين الفلسطينيين القتلى".

ويفضل أيلاند مباشرة التنفيذ بالاستراتيجية الثانية، لكنه يقترح خطوات عملية تسبقها مثل تشكيل الحكومة، وإجراء بحث معمق بالنسبة إلى مضاعفات كل استراتيجية.

المزيد من الشرق الأوسط