تعرضت شبه جزيرة القرم الخاضعة للسيطرة الروسية في أوكرانيا لهجوم بمسيرات، الثلاثاء 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما كانت القوات الروسية هناك "في حال تأهب"، على ما أعلنت السلطات المعينة من موسكو.
وقال ميخائيل رازفوجاييف حاكم منطقة سيفاستوبول الإدارية في شبه جزيرة القرم على "تيليغرام"، "هناك هجوم بمسيرات. قوات دفاعنا الجوي تعمل في الوقت الحالي". وأوضح أن مسيرتين "أسقطتا حتى الآن".
وأشار رازفوجاييف إلى أنه لم تتضرر أية بنية تحتية مدنية، ودعا السكان إلى "التزام الهدوء".
وتعرض أسطول البحر الأسود الروسي المتمركز في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم لهجوم بطائرات مسيرة من قبل، مما أدى إلى انسحاب موسكو لفترة وجيزة من اتفاق تصدير الحبوب مع أوكرانيا بعدما ألحق الهجوم أضراراً بواحدة على الأقل من سفنها.
كارثة نووية
من جهة أخرى، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن أوكرانيا نجت من كارثة خلال قتال وقع في مطلع الأسبوع عند أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا استخدم فيه وابل من القذائف سقط بعضها بالقرب من مفاعلات وألحق أضراراً بمبنى لتخزين النفايات المشعة.
وتبادلت روسيا وأوكرانيا، الإثنين 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، الاتهامات بالمسؤولية عما لا يقل عن 12 انفجاراً قرب محطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية، والتي تخضع للسيطرة الروسية منذ الأيام الأولى للهجوم في 24 فبراير (شباط).
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعضاء حلف شمال الأطلسي إلى ضمان الحماية من "التخريب الروسي" للمنشآت النووية.
وقال الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة النووية الروسية التي تديرها الدولة "روس أتوم" أليكسي ليخاتشيف إنه ناقش القصف الذي وقع، الأحد، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإن هناك مخاطر من وقوع حادث نووي.
وجاء الهجوم في الوقت الذي اندلعت فيه المعارك شرقاً بعد تحركات القوات الروسية في منطقة دونباس الصناعية من محيط خيرسون التي استعادتها القوات الأوكرانية في جنوب البلاد في الآونة الأخيرة.
وقال رافاييل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إن من أطلق النار على المحطة "يخاطر بشدة ويقامر بأرواح كثير من الناس".
وتفقد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموقع، الإثنين، وقالت الوكالة إنهم اكتشفوا خلال جولتهم أضراراً واسعة النطاق، لكن من دون الإضرار بالأنظمة الأساسية للمحطة.
وأضافت الوكالة في بيان صدر مساء الإثنين أن خبراءها "تمكنوا من تأكيد أنه على رغم شدة القصف بقيت المعدات الرئيسة سليمة ولا توجد مخاوف فورية تتعلق بالسلامة أو الأمن النووي".
وأصابت الهجمات أيضاً بركة للتبريد وكابلاً لأحد المفاعلات وجسراً إلى مفاعل آخر، وفقاً لفريق لوكالة الطاقة الذرية على الأرض استند إلى معلومات قدمتها إدارة المحطة.
وقال غروسي في بيان في ساعة متأخرة من مساء الأحد، "كنا محظوظين لعدم وقوع حادثة نووية قد تكون خطرة. في المرة المقبلة ربما لا نكون محظوظين إلى هذه الدرجة". وأضاف، "نتحدث عن أمتار وليس كيلومترات".
وأثار القصف المتكرر للمحطة خلال الحرب مخاوف من وقوع كارثة خطيرة في البلاد التي عانت من أسوأ حادثة نووية في العالم، وهو انفجار في محطة تشرنوبيل عام 1986.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن مستويات الإشعاع لا تزال طبيعية ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات. وقال غروسي إنه بينما لم يكن هناك تأثير مباشر على أنظمة الأمن والسلامة النووية، "فقد كان القصف قريباً بشكل خطر".
ضربات صاروخية
وشمل رد روسيا على انتكاساتها العسكرية في الأسابيع الماضية إطلاق وابل من الضربات الصاروخية، عديد منها على منشآت الطاقة فيما تسبب في انقطاع الكهرباء عن معظم أنحاء البلاد مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
وقال زيلينسكي إن الصواريخ الروسية عطلت نصف طاقة إنتاج الكهرباء في البلاد.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن غروسي تحدث إلى زعماء العالم وأكد لهم الحاجة إلى إنشاء منطقة حماية من أجل السلامة والأمن النووي حول زابوريجيا.
وأفادت وكالة "إنترفاكس" للأنباء بأن أليكسي ليخاتشيف الرئيس التنفيذي لـ"روس أتوم" قال إن الوكالة النووية الروسية أجرت مفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "طوال الليل".
وتسيطر "روس أتوم" على المنشأة من خلال شركة تابعة لها منذ أن أمر الرئيس فلاديمير بوتين روسيا في أكتوبر (تشرين الأول) بالاستيلاء رسمياً على المحطة ونقل الموظفين الأوكرانيين إلى كيان روسي. وتقول كييف إن نقل الأصول يصل إلى حد السرقة.
وتسيطر كييف على الأراضي الواقعة قبالة محطة زابوريجيا على الضفة الأخرى من نهر دنيبرو.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أوكرانيا أطلقت النار على خطوط الكهرباء التي تزود المحطة. وقالت شركة الطاقة النووية الأوكرانية "إنرجو أتوم" إن الجيش الروسي قصف الموقع، واتهمته بالابتزاز النووي والقيام بأعمال "تعرض العالم كله للخطر".
معارك عنيفة
انسحبت القوات الروسية من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا قبل 10 أيام في واحدة من أكبر الانتكاسات بعد خروجها من إقليم خاركيف في الشمال الشرقي في سبتمبر (أيلول) وإبعادها عن العاصمة كييف في أبريل (نيسان).
وتعمل موسكو على تعزيز المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها، وتضغط بحملة على امتداد خط المواجهة غرب مدينة دونيتسك التي يسيطر عليها وكلاؤها منذ عام 2014.
وقال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من مساء الإثنين إن القوات الروسية حاولت إحراز تقدم حول باخموت وأفدييفكا في دونيتسك وقصفت بلدات قريبة. وقال المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك إن روسيا تقصف خيرسون عبر نهر دنيبرو. وكتب على "تويتر"، "لا يوجد منطق عسكري. يريدون فقط الانتقام من السكان المحليين. هذه جريمة حرب كبرى". وتنفي موسكو استهداف المدنيين عمداً في ما تسميه "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مكتب المدعي العام الأوكراني، الإثنين، إن الشرطة وممثلي الادعاء حددوا أربعة أماكن في خيرسون يشتبهون في أن القوات الروسية عذبت فيها أناساً قبل أن تغادر المدينة. وتنفي موسكو ارتكاب قواتها لانتهاكات في المناطق التي تحتلها.
واشنطن تتهم روسيا بارتكاب "جرائم حرب"
من جانبها، اتهمت مسؤولة أميركية، الإثنين، روسيا، بارتكاب "جرائم حرب ممنهجة" حيثما نشرت قوات في أوكرانيا، مبدية ثقتها بأن المسؤولين الروس سيحاسبون قضائياً في نهاية المطاف.
وقالت الدبلوماسية المكلفة شؤون العدالة الجنائية الدولية في وزارة الخارجية الأميركية بيث فان شاك في تصريح للصحافيين، "لدينا أدلة متراكمة على أن هذا الهجوم ترافق مع جرائم حرب ممنهجة ارتكبت في جميع المناطق التي انتشرت فيها القوات الروسية"، مشيرة إلى إعدامات وعمليات تعذيب وحالات معاملة غير إنسانية ونقل أشخاص وأطفال قسراً.
وتابعت، "عندما ترون مثل هذه الممارسات الممنهجة، بما في ذلك إنشاء شبكة واسعة للنقل القسري، من الصعب للغاية تخيل أن هذه الجرائم كان من الممكن ارتكابها من دون أن تقع المسؤولية عنها على رأس سلسلة القيادة"، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتأتي تصريحات الدبلوماسية الأميركية بعد إعلان النيابة العامة الأوكرانية العثور على أربعة "مواقع تعذيب" استخدمتها القوات الروسية في مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا والتي استعادتها قوات كييف في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، متهمةً موسكو بارتكاب جرائم حرب في المنطقة.
وتحدثت المسؤولة عن "نورمبرغ جديدة" في إشارة إلى المحاكمات التي خضع لها النازيون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مبدية ثقتها بأن التحقيقات التي تجرى حالياً في المحكمة الجنائية الدولية على سبيل المثال ستفضي إلى توجيه اتهامات عندما يحين الوقت.
وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في الحرب في أوكرانيا بعد بدء الهجوم الروسي لهذا البلد، كما شكلت ليتوانيا وبولندا وأوكرانيا بدعم من الوكالة القضائية الأوروبية "يوروجسات" فريق تحقيق أوروبياً مشتركاً في جرائم يشتبه في أنها ارتكبت على الأراضي الأوكرانية.
وتابعت فان شاك، "يبقى أن نرى بأي سرعة يمكن أن تتقدم هذه المسارات المختلفة نحو العدالة"، مشيرة إلى أن أموراً كثيرة "تتوقف على الوصول إلى الأشخاص المشتبه فيهم واعتقالهم".
أما في ما يتعلق بإنشاء محكمة خاصة تطالب بها أوكرانيا، فتحدثت الدبلوماسية الأميركية عن "نقاشات مستمرة"، لا سيما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنها أشارت إلى أن الولايات المتحدة تفضل إلى حد ما "المؤسسات القائمة" للمحاكمة عن أي جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية مرتكبة في أوكرانيا.
ولدى سؤالها عن مقاطع فيديو تقول موسكو إنها تثبت أن كييف أعدمت جنوداً روساً، شددت الدبلوماسية الأميركية على أن "قوانين الحرب تنطبق على الأطراف كافة، الدولة المعتدية والدولة المدافعة على حد سواء"، لكنها أكدت أن "حجم إجرام" القوات الروسية "هائل مقارنة بالاتهامات للقوات الأوكرانية".
ألمانيا ستزود بولندا أنظمة دفاع جوي
وأعلنت ألمانيا، الإثنين، أنها توصلت إلى اتفاق من شأنه مساعدة بولندا في حماية أجوائها بعد سقوط صاروخ في أراض بولندية على مقربة من الحدود مع أوكرانيا الأسبوع الماضي أوقع قتيلين.
وجاء في بيان لوزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت أن برلين "ستزود بولندا أنظمة باتريوت مضادة للطائرات وستعزز حماية المجال الجوي البولندي بطائرات يوروفايتر" المقاتلة.
وقتل شخصان الأسبوع الماضي في انفجار صاروخ سقط على قرية بولندية بالقرب من الحدود الأوكرانية. وقالت وارسو وحلف شمال الأطلسي إن الانفجار نجم على الأرجح عن صاروخ دفاعي أوكراني، لكنها حملت موسكو المسؤولية بسبب هجومها على أوكرانيا.
ورجحت وارسو وحلف شمال الأطلسي أن يكون الانفجار ناجماً عن صاروخ للدفاع الجوي أطلقته أوكرانيا خلال اعتراض وابل من الصواريخ الروسية، لكنهما حملا موسكو في نهاية المطاف المسؤولية بفصتها المسبب للنزاع.
وقبل التوصل للاتفاق كان وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك قد رحب بالعرض الألماني. وقال على "تويتر"، الإثنين، إنه سيقترح "أن يتمركز النظام بالقرب من الحدود مع أوكرانيا".
وتنتشر وحدات باتريوت الألمانية في سلوفاكيا. وقالت لامبرخت إن برلين تنوي إبقاءها هناك "حتى نهاية عام 2023 وربما بعد ذلك". وشددت لامبرخت على وجوب "ألا يصبح حلف شمال الأطلسي طرفاً في هذا النزاع".
تحذير من شتاء يهدد حياة الملايين في أوكرانيا
وحذرت منظمة الصحة العالمية، الإثنين، من أن الشتاء سيهدد حياة ملايين الأوكرانيين، بعد سلسلة ضربات روسية مدمرة استهدفت البنى التحتية للطاقة في البلاد.
وصرح المدير الإقليمي لمنظمة الصحة في أوروبا هانس كلوغ للصحافيين بأن "هذا الشتاء سيعرض حياة الملايين في أوكرانيا للخطر"، مضيفاً، "ببساطة، هذا الشتاء سيكون مسألة بقاء".
واضاف أن الخسائر التي أصابت البنى التحتية الأوكرانية "خلفت تأثيرات مدمرة على النظام الصحي وصحة السكان".
وأوضح كلوغ أن المنظمة أحصت أكثر من 700 هجوم على مؤسسات صحية أوكرانية منذ بدء الهجوم الروسي، الأمر الذي يشكل في رأيه "انتهاكاً واضحاً" للقانون الدولي الإنساني. واعتبر أن هذا يعني أن "مئات المستشفيات والمؤسسات الصحية لم تعد عملية بالكامل. نتوقع أن يغادر مليونان إلى ثلاثة ملايين شخص إضافي منازلهم سعياً إلى الدفء والأمن". وتابع، "سيواجهون مشكلات صحية كبيرة بينها التهابات تنفسية مثل (كوفيد-19) والتهابات رئوية وزكام وخطر (الإصابة) بالحصبة لدى أفراد غير ملقحين".