Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الملف الأسود لقضية "لوكربي" يلاحق ليبيا من جديد

شكوك تحوم حول نية حكومة الدبيبة تسليم المتهم الأخير بالملف إلى الولايات المتحدة

 (أ ف ب) رئيس "حكومة الوحدة" في طرابلس عبدالحميد الدبيبة 

فتح الملف الأسود لقضية "لوكربي" مجدداً في ليبيا إثر تسرب أنباء عن نية حكومة الوحدة في طرابلس التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة تسليم المتهم الأخير فيها الذي ما زال على قيد الحياة إلى الولايات المتحدة التي لطالما طالبت به خلال السنوات الماضية، بعد 15 عاماً من طي هذا الملف، عقب دفع النظام السابق برئاسة معمر القذافي عشرات المليارات من الدولارات في صورة تعويضات لإغلاقه.

وتلت هذه التسريبات عملية خطف المتهم الأخير في القضية بوعجيلة مسعود من منزله في طرابلس، من قبل ميليشيات تابعة لعبدالغني الككلي، القيادي العسكري الموالي لحكومة الدبيبة، واقتياده إلى مكان مجهول.

وتسببت هذه الأنباء التي تداولتها جهات كثيرة من بينها المجلس الأعلى للدولة، في حالة غضب واسعة، وتحذيرات عدة من إعادة فتح هذا الملف من جديد، الذي قد يؤدي إلى إجبار ليبيا على دفع تعويضات جديدة لذوي الضحايا ودولهم.

إخفاء قسري

وعلى رغم كل النداءات التي طالبت بالكشف عن مكان احتجاز بوعجيلة مسعود وإطلاق سراحه، فإنها لم تلق استجابة من السلطات في العاصمة التي اكتفت بنفي نيتها التفاوض من جديد مع أي طرف بخصوص "قضية لوكربي".

وبوعجيلة مسعود مسؤول سابق في الاستخبارات الليبية، وسبق أن سجن بعد سقوط نظام القذافي، بعد إدانته بتهم لا علاقة لها بمسألة "لوكربي"، لكن وجهت إليه تهم في الولايات المتحدة بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب، ويزعم المسؤولون الأميركيون أنه ساعد في صنع القنبلة التي أسقطت الطائرة في اسكتلندا.

ويرجع ملف هذه القضية إلى عام 1988 عندما اتهمت ليبيا بإسقاط طائرة ركاب أميركية تابع لشركة طيران "بان أميركان" أثناء تحليقها فوق قرية "لوكربي" في اسكتلندا. وتم تحميل ليبيا المسؤولية عن تفجير الطائرة واتهام دبلوماسيين ليبيين بتدبير الحادث بشكل رئيس، هما لامين خليفة فحيمة وعبدالباسط علي محمد المقرحي وطاول الاتهام بوعجيلة مسعود أيضاً بالمشاركة في التخطيط له، عقب إجراء تحقيق مشترك مدته ثلاث سنوات من قبل ‌مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (أف بي آي).
وبناءً على هذه التهم فرضت عقوبات اقتصادية وسياسية قاسية على ليبيا لمدة 10 سنوات، قبل أن تضطر إلى دفع تعويضات كبيرة لعائلات الضحايا لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي في عام 2008.

رفض إحياء القضية

في السياق أصدر مجلس الدولة في طرابلس بياناً استنكر فيه اختفاء بوعجيلة مسعود المريمي، المتهم في قضية تفجير "لوكربي" والمحاولات الجارية لإعادة إحيائها من جديد.

وشدد المجلس في بيانه على "إقفال ملف هذه القضية بالكامل من الناحيتين السياسية والقانونية بحسب نص اتفاقية مبرمة بين ليبيا والولايات المتحدة في الـ14 من أغسطس (آب) عام 2008"، رافضاً "محاولات إعادة فتحه من قبل جهات محلية". وأضاف أن "هذه الجهات تحاول إرجاع هذا الملف إلى الواجهة مرة أخرى من دون أي مبررات سياسية أو قانونية". وأكد "عدم الالتزام بكل ما يترتب على هذا الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية، مما يحتم على مجلسي النواب والرئاسي والنيابة العامة التضامن مع مجلس الدولة الاستشاري لإنهاء هذا العبث".

ملف لا يمكن فتحه

وبعد صمت محير تجاه الاتهامات التي وجهت إليها لعدة أيام، نفت وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية، الأحد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كل التهم المتعلقة بفتح ملف قضية "لوكربي" مجدداً. وقالت إن "موضوع قضية (لوكربي) لا يمكن إثارته من جديد ولا يمكن العودة إليه".

وأوضحت الوزارة أن "ملف قضية لوكربي قد أقفل بالكامل من الناحيتين السياسية والقانونية بنص الاتفاقية التي أبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة في أغسطس 2008".

وأشارت إلى أنه "تم تعزيز الاتفاقية بموجب الأمر الرئاسي الموقع من الرئيس الأميركي جورج بوش رقم 13477 الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2008".

وسبق لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش أن صرحت في حوار مع قناة "بي بي سي" البريطانية، العام الماضي، بأن "ليبيا يمكن أن تعمل مع الولايات المتحدة على تسليم رجل مطلوب في تفجير (لوكربي) عام 1988". وقالت إن "نتائج إيجابية آتية، والحكومة الليبية تتفهم ألم وحزن أسر الضحايا، لكنها بحاجة إلى احترام القوانين، والولايات المتحدة وليبيا تتعاونان في القضية، وهي تتقدم".

وبعد الضجة الكبيرة التي آثارها هذا التصريح، أصدرت المنقوش بياناً نفت فيه صحة ما نسب إليها بخصوص المواطن الليبي بوعجيلة مسعود. وأكدت أنها لم تذكره خلال المقابلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحذير قبلي

من جانبها عبرت قبيلة المريمي التي ينتمي إليها بوعجيلة مسعود عن استهجانها لـ"صمت السلطات الليبية عن حادثتي الاعتداء والاختطاف اللتين تعرض لهما ابنها واختفائه منذ يوم 16 نوفمبر الحالي".

وقالت القبيلة في بيان، إن "مسلحين بملابس مدنية في سيارتين هاجموا منزل العائلة في منطقة بوسليم في طربلس، اختطفوا المريمي واقتادوه إلى جهة غير معلومة". وأضافت أن "بعض الأطراف السياسية استغلت حالة الارتباك السياسي والانقسام من أجل إعادة فتح ملف قضية (لوكربي) بعد أن تم إقفالها قانونياً باتفاقية أبرمت مع الولايات المتحدة منذ عام 2008، وهذا يعتبر استثماراً سياسياً غير محسوب العواقب".

وحذر البيان حكومة الدبيبة، من "أي خطوة غير محسوبة العواقب في صورة تسليمه إلى أي جهة خارجية"، محملة "خاطفيه المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية في ظل معاناته من أمراض عدة".

عقود من الاستباحة

وحذر مستشار الأمن القومي الليبي المستشار إبراهيم بوشناف من إثارة قضية لوكربي مجدداً، داعياً "الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيداً من الصراع السياسي".

وقال بوشناف في خطاب وجهه لرئيس مجلس الوزراء إن "قضية لوكربي إذا أثيرت من جديد وأصبحت موضوعاً لتحقيق جنائي ستدخل ليبيا في عقود من الاستباحة".

وتابع، "قبل مغادرة الرئيس دونالد ترمب البيت الأبيض أثار المدعي العام في عهده وليام بار أمراً يتعلق بقضية (لوكربي) يطالب السلطات الليبية بتسليم المواطن الليبي بوعجيلة مسعود، بزعم أن له علاقة بتلك القضية".

وقال بوشناف، "شكلنا فريقاً قانونياً سياسياً يتبع مكتب وزير الداخلية لمتابعة مستجدات الطلب لأننا على علم بتفاصيل الاتفاق الذي أنهى النزاع مع الولايات المتحدة، حيث إن الدولة الليبية زمن النظام السابق تمسكت بأن أساس التسوية ينحصر فقط في مسؤوليتها المدنية عن أفعال تابعيها دون المسؤولية الجنائية، وشملت التسوية أيضاً أن أي مطالبات بعد تاريخ التوقيع توجه إلى حكومة الولايات المتحدة".

ونوه بأن "تصريحات منسوبة للسيدة وزير الخارجية نجلاء المنقوش راجت عن الموضوع ذاته العام الماضي، وخاطبنا وقتها رئيس الوزراء بكتاب لم يخرج عن مضمون ما سبق في هذا الإدراج".

جدل غير واقعي

كذلك قلل رئيس المحكمة العليا الأسبق وأستاذ القانون الجنائي عبدالرحمن أبو توتة من الجدل الذي أثير بخصوص إعادة فتح ملف قضية "لوكربي". واعتبر أن "فتح هذا الملف أمر غير واقعي وغير ممكن بالنظر إلى أن القضية تم إقفالها بموجب اتفاقية بين كل من الولايات المتحدة وليبيا عام 2008 بعد مفاوضات عسيرة وتم التصديق عليها من السلطات المتخصصة في البلدين".

وأوضح أن "الاتفاقية حازت القيمة القانونية الأعلى في الدرجة والقوة في الإلزام على القوانين الوطنية، وهذا ما قررته المحكمة العليا الليبية، الأمر الذي يمتنع معه على أي جهة قضائية في البلدين العودة إلى القضية وفتح ملفها، طبقاً لنص المادة الأولى من الاتفاقية".

المزيد من تقارير