Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر المناخ يبحث تعويض "الدول الفقيرة" للمرة الأولى

ترفض "الغنية" منذ أكثر من 10 سنوات إجراء مناقشات رسمية لمساعدة المتضررين

وافقت الوفود المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) المنعقد حاليا في شرم الشيخ في مصر بعد محادثات جرت في ساعة متأخرة من مساء أمس السبت على إدراج القضية الحساسة المتعلقة بما إذا كان يجب على الدول الغنية تعويض الدول الفقيرة الأكثر تضررا من تبعات تغير المناخ على جدول الأعمال الرسمي لأول مرة.

وترفض الدول الغنية منذ أكثر من عشر سنوات إجراء مناقشات رسمية بشأن ما يشار إليه على أنه الخسائر والأضرار أو الأموال التي تمنحها لمساعدة البلدان الفقيرة لمعالجة آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وقال سامح شكري رئيس المؤتمر خلال الجلسة العامة الافتتاحية، إن مناقشات الخسائر والأضرار المدرجة الآن على جدول الأعمال في (كوب27) لن يضمن تقديم تعويضات أو الاعتراف بالضرورة بالمسؤولية ولكنها تهدف إلى أن تؤدي إلى قرار حاسم "في موعد لا يتجاوز 2024".

وكانت الدول الغنية قد عرقلت اقتراحا بتمويل الخسائر والأضرار خلال مؤتمر (كوب26) في جلاسجو العام الماضي وأيدت بدلا من ذلك دعم إجراء حوار جديد لمدة ثلاث سنوات لمناقشات التمويل.

تحديات القمة 

وانطلقت بمدينة شرم الشيخ السياحية في مصر، اليوم الأحد السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، فاعليات قمة المناخ "كوب27"، بمشاركة أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، وممثلي منظمات المجتمع المدني والعلماء المتخصصون في المناخ، لمناقشة المواضيع التي تهدد كوكب الأرض مع ما يشهده من كوارث طبيعية واحترار كارثي، وفي أجواء عالمية يخيم عليها أزمات عدة خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية، من ضغوط تضخمية واحتمالات حدوث ركود عالمي فضلاً عن أزمات الطاقة والغذاء والتنوع الحيوي وتستمر القمة لمدة أسبوعين.

كانت المدينة المصرية المطلة على البحر الأحمر أنهت استعداداتها لاستقبال مناقشات المناخ، رافعة شعار "التحول للأخضر"، إذ دشنت السلطات المصرية ثلاث محطات لتوليد الطاقة الشمسية، وحولت وسائل النقل بها إلى وسائل صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء والغاز، لـ"تكون نموذجاً يمكن الاحتذاء به لمواجهة ظاهرة التغير المناخي عبر الحد من الانبعاثات الكربونية الخطرة"، بحسب ما أوضح مسؤولون عن تنظيم الحدث لـ"اندبندنت عربية".

ووفق جدول الأعمال يشهد، اليوم الأحد، جلسة إجرائية يتحدث فيها إلى جانب مسؤولين أممين، رئيس مؤتمر المناخ "كوب 26" ألوك شارما (بريطانيا)، وبعدها يتم إجراء مراسم تسليم رئاسة المؤتمر إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري، بوصفه رئيس "كوب27"، في وقت يرتقب وصول قادة الدول والحكومات الإثنين والثلاثاء، للمشاركة في "قمة القادة"، وذلك في وقت يعول فيه كثيرون على أن يكون هذا الحدث الدولي لحظة للقادة لإعادة الالتزام بالتعاون الدولي في مجال المناخ ومواجهة تداعياته الكارثية على البشرية، التي باتت تنعكس فيضانات قاتلة وموجات قيظ وعواصف في أنحاء مختلفة من العالم لتعطي لمحة عن أسوأ السيناريوهات الممكنة.

وعلى وقع تحذيرات أممية من "عدم توافر مسلك موثوق" راهناً لحصر ارتفاع حرارة الأرض بالهدف المحدد في اتفاق باريس للمناخ والبالغ 1.5 درجة مئوية، يأمل القائمون على النسخة الراهنة من قمة المناخ أن ينتقل القادة من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التنفيذ في ما يتعلق باتفاق الحد من الاحترار العالمي، إذ تشير التقديرات الراهنة إلى توقعات أن ترتفع حرارة الأرض 2.8 درجة مئوية وهو أمر كارثي. وقد ترتفع الحرارة 2.4 درجة مئوية حتى لو احترمت الدول كل تعهداتها على صعيد خفض استخدام الكربون بموجب اتفاق باريس.

 

أبرز الحاضرين

وفق القائمة المحدثة من قبل الأمم المتحدة، هناك أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة سيشاركون في أعمال القمة، في وقت سيكون من أبرز الغائبين عن المؤتمر الرؤساء الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب أردوغان والكوري الجنوبي يون سوك يول، فضلاً عن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، ولكن قد يحضر ممثلون عن حكومات تلك الدول.

وبينما سيحضر الرئيس الأميركي جو بايدن، ليوم واحد فقط هو الـ11 من الشهر الحالي لـ"دعم القمة"، ولن يشارك في قمة القادة يومي السابع والثامن من نوفمبر، لتضارب جدول الأعمال مع انتخابات التجديد النصفي في مجلس الشيوخ الأميركي، بحسب ما أعلن البيت الأبيض، سيكون التمثيل الأوروبي والعربي والأفريقي الأكثر حضوراً، إذ سيشارك كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، وآخرون، كذلك سيكون الحضور العربي بارزاً، وعلى رأسه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والرئيس العراقي عبداللطيف رشيد والملك الأردني عبدالله الثاني، وآخرون.

"قمة القادة"

وبشكل أساسي ستستضيف القمة خلال يومي السابع والثامن من الشهر الحالي ستة اجتماعات دولية تشمل "قمة القادة" ومؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ، إضافة إلى مؤتمر أطراف "بروتوكول كيوتو" ومؤتمر أطراف "اتفاق باريس" واجتماعات الهيئة الفرعية للتنفيذ والهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية، إضافة إلى ست موائد مستديرة رفيعة المستوى لتحريك الاتصال في شأن الموضوعات المهمة، تشمل موضوعات "الانتقال العادل" والأمن الغذائي والتمويل المبتكر للمناخ والتنمية، والهيدروجين الأخضر والأمن المائي وتغير المناخ واستدامة المجتمعات الضعيفة.

وبحسب تصريحات سابقة لوزير الخارجية المصري ورئيس "كوب27" سامح شكري، فإن الموائد المستديرة التي سينضم فيها إلى جانب القادة رؤساء وكالات الأمم المتحدة وبنوك التنمية المتعددة الأطراف وممثلو المجتمع المدني "تهدف إلى تطوير حلول عملية ومؤثرة وطموحة" في شأن القضايا الرئيسة، وذلك في وقت تسيطر فيه على فاعليات القمة، حاجة الدول الفقيرة للمال لمواجهة التداعيات المستقبلية والآنية التي أصبحت تحصد أرواحاً وتهز الاقتصادات الوطنية.

 

ثلاث أولويات

بشكل رئيس، تركز أعمال القمة الراهنة للمناخ في شرم الشيخ، على ثلاث أولويات متداخلة، تشمل الانبعاثات الكربونية والمساءلة والتمويل، إذ طالما تتعلق المسألة الرئيسة التي تحدد نجاح المفاوضات من عدمه باستحداث صندوق منفصل خاص بـ"الخسائر والأضرار" وهي تعويضات تدفع عن الأضرار المناخية التي لا عودة عنها.

وتماطل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يخشيان اعتماد آلية مفتوحة للتعويضات، على صعيد هذه القضية منذ سنوات، وتشككان في الحاجة إلى آلية مالية منفصلة، إلا أن صبر الدول المتضررة بدأ ينفد، بحسب مراقبين. وعليه، تتخصص أيام القمة التالية لقمة الزعماء على موضوعات كبرى تبدأ بـ"التمويل"، إذ يتناول فيه القائمون جوانب النظام البيئي لتمويل المناخ، بما في ذلك التمويل المبتكر والمختلط والأدوات المالية والأدوات والسياسات التي لديها القدرة على تعزيز الوصول وتوسيع نطاق التمويل، وذلك قبل يوم "العلم" الذي يركز على مناقشة عديد من التقارير العلمية من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ثم أيام "الشباب وإزالة الكربون والتكيف والزراعة والتنوع الاجتماعي والمياه والمجتمع المدني والطاقة والتنوع البيولوجي"، وذلك وصولاً لليوم الأخير المخصص للحلول، ويجتمع ممثلو الحكومات والشركات والعلماء المبتكرون لتبادل خبراتهم وأفكارهم بهدف نشر الوعي وتبادل الخبرات وبناء التحالفات والتعاون في المستقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال نسخة المؤتمر السابقة "كوب26" التي استضافتها مدينة غلاسكو الاسكتلندية، أعطيت الأولية لخفض التلوث الكربوني خصوصاً عبر اتفاقات جانبية هندستها المملكة المتحدة مضيفة المؤتمر، لخفض انبعاثات غاز الميثان ولجم قطع أشجار الغابات والرفع التدريجي للدعم على الوقود الأحفوري وتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. واتفقت الدول على مراجعة تعهدات خفض الكربون سنوياً، وليس كل خمس سنوات، إلا أن بعض الدول قامت بذلك في 2022.

خفض الانبعاثات

وفي شرم الشيخ، ستتواصل الجهود لخفض الانبعاثات مع تقييم أعضاء الوفود والمراقبين للتقدم المحرز على صعيد وعود العام الماضي. وسيكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقييماً حول تعهدات الشركات والمستثمرين والسلطات المحلية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي عموماً. وقال، الأسبوع الماضي، "لا يمكن للعالم أن يتحمل مزيداً من الغسل الخضر أو التحركات الزائفة أو المتأخرة".

وقبل يومين من انطلاق القمة، أمل الأمين التنفيذي لتغير المناخ بالأمم المتحدة سيمون ستيل أن تنتقل "كوب27" من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التنفيذ في ما يتعلق باتفاق الحد من الاحتراز العالمي. وقال خلال مؤتمر صحافي افتراضي حضرته "اندبندنت عربية" إن "مؤتمر الأطراف يحتاج إلى إثبات أن هناك تحولاً واضحاً من المفاوضات إلى التنفيذ"، موضحاً أن "مؤتمر باريس (2015) أخبرنا بما ينبغي القيام به، وغلاسكو (2021) حدد كيف نحتاج إلى القيام بذلك، والآن شرم الشيخ معنية بإنجاز الأمور والانتقال من الأقوال إلى الأفعال"، في إشارة إلى اتفاق باريس التاريخي الذي أبرم في فرنسا لوضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري وتعهدت فيه الدول تقليل تأثير النشاط البشري على المناخ وهي التعهدات التي من المفترض أن تصبح أكثر طموحاً بمرور الوقت، وأيضاً القمة التي عقدت، العام الماضي، في اسكتلندا وانتهت من كتاب قواعد الاتفاق وذكرت للمرة الأولى في ميثاقها هدف تقليل استخدام الوقود الأحفوري ما مثل انفراجة في الجهود المبذولة للبت في القواعد التي تنظم التجارة الدولية للكربون من أجل التخلص من الانبعاثات.

وبحسب ستيل، فإن "هناك توقعات كبيرة"، هذا العام، بأن الدول التي زادت من استخدام الوقود الأحفوري المحترق ستمنح الضوء الأخضر لتأسيس مرفق تمويلي لتغطية "الخسائر والأضرار"، التي لا يمكن تجنبها أو الرجعة فيها، بحسب الأمم المتحدة، مشدداً على أن الوقت حان لـ"إجراء مناقشة مفتوحة وصادقة حول الخسائر والأضرار".

تغير المناخ

وعلى الرغم من أن الدول الأغنى وافقت على تزويد الدول الفقيرة بالتمويل اللازم لمعالجة تأثير تغير المناخ، وعلى تكييف اقتصاداتها وتقليل تأثير ارتفاع منسوب البحار أو العواصف والجفاف الأكثر حدة وتكراراً، لكن هذه الوعود لم تتحقق، ما دفع البلدان الفقيرة لمواصلة الضغط من أجل التوصل إلى أساس متفق عليه لتقييم المسؤولية عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ وحساب التعويضات.

وخلال العام الحالي وحده، شهد العالم ظواهر جوية قاسية، إذ تسببت الفيضانات الهائلة والحرائق وارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق إلى نتائج كارثية. وحذر تقرير "العلوم" الذي نشر في فبراير (شباط) الماضي، من أن "تغير المناخ بات بالفعل على وشك الخروج عن نطاق السيطرة، وأن مختلف دول العالم، بما في ذلك الدول الغنية، بحاجة إلى البدء في الاستعداد لتأثيرات تغير المناخ والتكيف مع عالم أكثر دفئاً"، موضحاً أن "الظواهر المناخية المتطرفة التي كانت نادرة الحدوث أصبحت أكثر شيوعاً، وباتت بعض المناطق أكثر عرضة للخطر من غيرها".

أكثر فصول الصيف سخونة

ومن المثير للقلق أن العالم ارتفعت حرارته بالفعل بما يزيد قليلاً على درجة مئوية واحدة منذ بداية الثورة الصناعية. وذكر تقرير للأمم المتحدة أنه حتى لو تم التزام الدول التعهدات التي قطعتها حتى الآن، فإن متوسط درجات الحرارة في طريقه للزيادة بواقع 2.7 درجة مئوية هذا القرن.

وتعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم وشهدت، الصيف الماضي، أكثر فصول الصيف سخونة على الإطلاق هذا العام. وفي خطة وطنية للتكيف مع المناخ، قالت إن الطقس شديد السوء يمثل تهديداً متزايداً. ومع ذلك، تزيد البلاد من استخدام الفحم في مواجهة مخاطر أمن الطاقة. وفي وقت تأتي الولايات المتحدة كثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، تشكل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، نحو ثمانية في المئة من الإجمالي العالمي، لكنها تتجه نحو الانخفاض منذ سنوات.

المزيد من تقارير