Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المركزي البريطاني" يقر أعلى زيادة بأسعار الفائدة منذ 30 عاما

ارتفاع كلفة القروض العقارية وزيادة تكاليف المعيشة لملايين المديونين للبنوك

محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي يخاطب وسائل الإعلام بشأن تقرير السياسة النقدية في 3 نوفمبر 2022 (رويترز)

كما كان متوقعاً في السوق، رفع بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" سعر الفائدة الأساسية بمقدار 0.75 في المئة لتصبح الفائدة في بريطانيا عند نسبة 3 في المئة. وتلك أكبر زيادة من قبل لجنة السياسات النقدية في البنك في مرة واحدة منذ نحو ثلاثين عاماً. وأضاف البنك المركزي في بيانه بشأن توقعات التضخم في البلاد" أن الاقتصاد البريطاني في ركود بالفعل".

وأضاف البنك "أن بريطانيا ربما تواجه فترة طويلة من انكماش الاقتصاد في السنوات المقبلة مع ارتفاع في معدلات التضخم وزيادة معدل البطالة إلى نسبة 6.5 في المئة". وستكون تلك أعلى نسبة للعاطلين من العمل في بريطانيا منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009. وبحسب تقديرات بنك إنجلترا فإن طول فترة الركود لنحو 8 أرباع السنة متتالية سيجعل مدة الركود الأطول منذ بدأ تسجيل البيانات.

وإن كانت التوقعات ألا يكون الركود عميقاً كما حدث في فترة الأزمة المالية أو في فترة الثمانينيات من القرن الماضي. لكن مع ذلك، سيكون الاقتصاد البريطاني في عام 2025 أقل من حجمه الحالي هذا العام 2022 مع استمرار الانكماش لنحو عامين مقبلين.

ومن المهم الإشارة إلى أن تقديرات بنك إنجلترا بشأن الركود المتوقع تستند إلى توقعات الأسواق بشأن ارتفاع سعر الفائدة، والتي غالباً ما تكون توقعات أعلى مما يحدث الآن. كما أن تقديرات البنك المركزي لا تأخذ في الاعتبار إجراءات زيادة الضرائب وخفض الإنفاق التي تعتزم حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزير خزانته جيريمي هنت الإعلان عنها يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

مزيد من ارتفاع كلفة المعيشة

ويعود سبب رفع البنك سعر الفائدة بهذا القدر للمرة الأولى منذ عام 1992، وذلك في خامس مرة يرفع فيها سعر الفائدة في أقل من عام، إلى ارتفاع معدلات التضخم فوق خمسة أضعاف المستهدف من قبل البنك. فآخر أرقام التضخم الرسمية أشارت إلى وصول نسبة التضخم في بريطانيا إلى 10.1 في المئة لشهر سبتمبر (أيلول) بينما معدل التضخم المستهدف من قبل البنك المركزي هو نسبة 2 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطبقاً لحسابات تقديرات البنك فإن ارتفاع سعر الفائدة سيعني زيادة في مدفوعات أقساط القروض العقارية لكل أسرة بريطانية في المتوسط بأكثر من 3.3 ألف دولار (3 آلاف جنيه استرليني) سنوياً. ومع إضافة الارتفاع في أسعار الطاقة للاستهلاك المنزلي وأسعار الغذاء، سترتفع كلفة المعيشة لملايين البريطانيين بشدة على الأقل في العامين المقبلين.

ولم يستبعد البنك المركزي اللجوء إلى مزيد من رفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم. وبحسب تلك التقديرات، من المتوقع أن يصل الارتفاع في سعر الفائدة إلى نسبة 5.25 في المئة قبل نهاية دورة تشديد السياسة النقدية الحالية.

وتنتظر الأسواق ما ستعلن عنه الحكومة في بيانها المالي بعد أسبوعين والذي قد يعني هدوءاً إلى حد كبير في ظل ما هو متوقع من إجراءات تقشف. إذ ربما تلجأ حكومة ريشي سوناك أيضاً إلى تجميد زيادة الأجور، بخاصة للعاملين في الحكومة والقطاع العام بزيادة سنوية لا تتجاوز ما بين 2 و3 في المئة فقط، بينما معدلات ارتفاع الأسعار أكثر من ثلاثة أضعاف ذلك.

ومن شأن ذلك أن يسهم في وقف ارتفاع معدلات التضخم ما يؤدي إلى عدم اضطرار بنك إنجلترا إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة بقوة.

الاسترليني وردود الفعل

ولم تنتظر الأسواق قرار بنك إنجلترا في ضغطها على سعر صرف العملة البريطانية، الجنيه الاسترليني، التي شهدت عمليات بيع كثيفة هوت بقيمتها في تعاملات صباح اليوم ومع أن ذلك يعود إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأميركي الأربعاء برفع سعر الفائدة أيضاً بقدر كبير إلا أن الاسترليني هبط أمام الدولار بأكثر من العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، مثلاً.

فقد خسر الاسترليني نحو 1.5 في المئة من قيمته، بينما هبط سعر اليورو أمام الدولار بنحو 1 في المئة. واستمر الضغط على قيمة الاسترليني حتى بعد قرار بنك إنجلترا رفع سعر الفائدة بذلك القدر الكبير، إذ إن الأسواق اهتمت أكثر بتقديرات البنك في بيانه بشأن الركود الاقتصادي واحتمال استمراره لنحو عامين.

وينتظر ملايين البريطانيين رد فعل السوق، بخاصة في ما يتعلق بتوقعات الأسعار للسلع الأساسية وأيضاً من قبل المقرضين في السوق العقارية بشأن الفائدة على قروض شراء البيوت. وتزيد متوسط الفائدة التي تطرحها البنوك وشركات الإقراض العقاري حالياً عن نسبة 6 في المئة. وفي حال رفع المقرضون العقاريون لسعر الفائدة أكثر سيعني ذلك مزيداً من الضغط على الأسر البريطانية التي تعاني بالفعل.

وكان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "إيبسوس" لمصلحة شبكة "سكاي نيوز" كشف أن نحو ربع البريطانيين يلجؤون للاقتراض على بطاقات الائتمان "عالية الفائدة بشدة" كي يتكمنوا من شراء الغذاء الضروري ودفع فواتير الاستهلاك المنزلي.

ومن شأن رفع سعر الفائدة أن يزيد من تلك النسبة بين البريطانيين ويعقد قدرة المقترضين على دفع أقساط قروضهم، سواء بواسطة بطاقات الائتمان أو القروض العقارية فضلاً عن قروض الرهن العقاري.

انتقادات متوقعة

وينتظر أن يقابل قرار بنك إنجلترا بردود فعل غاضبة من جمعيات حقوق المستهلكين والهيئات المعنية بمشكلات الأسر البريطانية في مواجهة تكاليف المعيشة. وفي كلمة لها مساء اليوم في مؤتمر في "كورنوول" انتقدت وزيرة خزانة الظل في حزب العمال المعارض راتشيل ريفز القرار بقولها: "يعني رفع سعر الفائدة أن الأسر التي تعاني بالفعل من قدرتها على تلبية احتياجاتها ستواجه زيادة كبيرة في مدفوعات قرض الرهن العقاري على منزلها. كما أنه سيزيد كلفة التمويل للشركات... وسيعني ذلك آثاراً سلبية هائلة على آفاق النمو الاقتصادي مع تدهور الطلب في الاقتصاد. كما أنه حتى الشركات التي تمكنت من تجاوز أزمات العامين الماضيين ستواجه اتخاذ قرارات صعبة بشأن قدرتها على الاستثمار والتوسع".

وربما يظل الاضطراب في الأسواق والتكهنات المتناقضة بشأن مستقبل الوضع الاقتصادي في بريطانيا حتى ما بعد منتصف الشهر حين تعلن الحكومة بيانها المالي والاقتصادي. لكن في كل الأحوال، ستبدأ البنوك وشركات الإقراض تغيير ما تطرحه للجمهور على أساس سعر الفائدة الأساسي الجديد، وهو ما يعني مزيداً من الضغط على ملايين الأسر البريطانية.