Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا صناعة الكوميديا مصممة على إسكات الأمهات؟

ينبغي عدم ازدراء الأمهات الكوميديات لتطرقهن إلى مواضيع تتعلق بأحد أكبر التغييرات في هويتهن خصوصاً عندما نعيش في مجتمع لا يزال يكن للأسف مشاعر معادية للأمهات

قيل لي مرات عدة إن مسألة الأمومة لم تكن موضع اهتمام على عكس أصولي الإثنية (صفحة مانيتو على انستغرام)

مجالان في حياتي علماني أن المساواة لا يزال أمامها شوط طويل يتعين أن تقطعه كي تتحقق، هذان المجالان هما الأمومة وصناعة الكوميديا، فعندما تجمع ما بين الاثنتين سرعان ما ستدرك المرأة أنه لا يزال هناك اتجاه ثقافي قوي للغاية، يريد للأمهات أن يكن بشكل أساس بلا صوت.

لقد ولت تلك الأيام التي كانت توصف فيها المرأة بأنها هستيرية ويجرى إرسالها إلى الطبيب لتهدئتها وتسكين غضبها الناجم عن الضغوط الاجتماعية التي تتعرض لها، لكن على رغم ذلك فإننا لا نزال في أيام يتم فيها استبعاد صوت الأم باعتباره متذمراً ومزعجاً ومملاً، وغير مثير للاهتمام.

يتمثل أحد الجوانب الرائعة في "ستاند - أب" كوميدي stand-up comedy، في أنها تشكل منبراً للجميع يمكنهم من خلاله التحدث والمشاهدة، منبر يساعد في التعبير عن مختلف الآراء والأطوار الغريبة، بحيث يمكن أن يتماثل بها أو يقدرها حشد من الأشخاص الذين يرون أنفسهم في قصصنا ونكاتنا، ومع ذلك حتى في وسط تلك الساحة المخصصة للجميع لا تزال الأمهات عرضة للإقصاء عن دائرة الضوء.

بدأت رحلتي في مجال "ستاند - أب" كوميدي عندما كنت في إجازة أمومة من التدريس، وكان لدي طفل يبلغ من العمر عامين وطفلة تبلغ 5 أشهر، وكنت لا أزال أرضعها (ليس على خشبة المسرح على رغم أن ذلك قد يمنحني ميزة).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أول عرض كوميدي قمت به لمدة ساعة كاملة تحدثت عن جميع المسائل المتعلقة بهويتي، وكيف فشلت في الوفاء بالتوقعات، وقد حظيت بتعليقات جميلة وبجمهور رائع.

مع ذلك قيل لي مرات عدة في التعليقات والملاحظات التي تلقيتها، إن مسألة الأمومة لم تكن موضع اهتمام على عكس أصولي الإثنية.

إن عرقي يشكل جزءاً كبيراً من شخصيتي وهذا مدعاة فخر لي، كما أن كوني العربية اليافعة الوحيدة في إحدى مدن مقاطعة إسكس أثناء "حرب الخليج"، كان له بالتأكيد تأثير عليّ، لكن لنكن واقعيين للغاية، فإن الأمومة كان لها هي أيضاً تأثيرها عليّ.

الأمومة غيرت الطريقة التي كان ينظر من خلالها الآخرون إلي جسدياً وعاطفياً، وبعدما واجهت مثل هذا التغيير الجذري كان من الطبيعي أن أتحدث عن الأمومة على خشبة المسرح، وغالباً ما أشير خلال كلا العرضين الفرديين إلى سقف التوقعات المختلفة الموضوعة التي يتعين على الآباء والأمهات تلبيتها، وقد أكسبني هذا الأمر عدداً من الأهالي المتابعين لعروضي، سواء كانوا ذكوراً يتعرفون على أنفسهم في أوصاف زوجي، أم نساء يسعدن لسماعي أتحدث عن جوانب قد لا يشعرن هن بارتياح في التعبير عنها أو الجرأة على قولها بأنفسهن.

هذه النكات هي التي تجعل النساء في جمهور الحاضرين ينهرن شركاءهم تعبيراً عن تأييدهن لامتعاضي من شيء ما، أو تدفع بالرجال إلى رفع حاجبيهم تقديراً للمرأة التي تجلس إلى جانبهم، وأستمتع بهذا الارتباط مع الجمهور ولا سيما منه الأمهات.

وانطلاقاً من ذلك لماذا لا يزال يطلب مني ككوميدية أن "أبتعد من مضمون متعلق بالأمومة كي أكون أكثر جاذبية؟".

في إحدى المرات أشير إليّ بوصف "كوميدية في منتصف العمر" عندما كنت في الـ 36 من عمري، وذلك لأنني كنت أتحدث عن الأمومة على خشبة المسرح.

الجانب المحزن في الموضوع هو أنه في حين أن هذا يشكل لي إزعاجاً على المستوى الفردي، فإن الأشخاص الذين يعانون أكثر من غيرهم هم القسم الكبير من جمهور الكوميديا في المملكة المتحدة الذي يتم تجاهله ومعظمه نساء، فهؤلاء النسوة اللواتي يتعين عليهن العمل لكسب لقمة العيش وتولي إدارة المنزل وتدبير شؤونه، وفي الوقت عينه ممارسة حياة جنسية وتناول الكحول والرقص خلال السهرات والمعاناة من حالات انهيار نفسي والضحك بصوت عال وارتكاب الأخطاء والخضوع للامتحان في قدرتهن على تذكر 37 نشاطاً مدرسياً لأطفالهن خلال الأسبوع، هن أنفسهن اللواتي يحكم عليهن سلباً لتقصيرهن في كيّ الزي المدرسي لصغارهن، ويتعرضن للسخرية في حال لم يقمن بتسجيل أطفالهن في 12 نادياً مختلفاً للعطلات الصيفية.

إنهن الأمهات اللواتي يتنهدن بصمت طوال الوقت تحسراً على صدورهن التي أصبحت متدلية، وعلى سرر بطونهن التي باتت تبدو أشبه بابتسامة حزينة.

لماذا بحق السماء لا تكون الكوميديا منبراً نحتفي فيه على الملأ وبفخر بمثل هذه القضايا؟

وعوضاً عن ذلك فشلت صناعة الكوميديا في طمس الشعور المتنامي بمعاداة الأمهات وسط الأصوات الصاعدة الجديدة، ومن بين التعليقات المتناقلة بأنه "ربما يجب عليهن أولاً تأسيس مستقبلهن المهني ومن ثم إنجاب الأطفال"، أو "لا تقمن بالادعاء أنكن معاصرات فيما لا تتوقفن عن التحدث عن الأمومة، فهذا سيناريو غير مرغوب فيه وقديم الطراز". وهناك أيضاً من يقول "لماذا لا يلتزم كل شخص بتناول مواضيع أكثر أهمية ويرغب الجميع في سماعها مثل تلك المتعلقة بالحركة الخُضْرِية veganism [أي النباتيين الصرف] أو حزب المحافظين، أو أي نكات أخرى مرتبطة بالعضو الذكري؟ إننا حقاً في حاجة إلى المزيد من تلك".

الأمومة غيرت حياتي كلها، ولهذا السبب لدي الآن طلبية شهرية من حفاضات "تينا ليدي" Tena Lady [مخصصة للنساء ما بعد الحمل لاحتواء السلس البولي]، ولهذا السبب يتلقى زوجي كلمات الإطراء والمديح من الآخرين في شأن الدعم الجيد الذي يبديه لي من خلال رعاية أطفالنا خلال تقديم حفلاتي [الكوميدية]، ولهذا السبب أيضاً يقول متصيدون مستفزون trolls عبر الإنترنت إن أطفالي يستحقون أماً أفضل مني، وهذا هو السبب في تناولي عبوتي مشروب الطاقة "ريد بول"، وحبة "برو بلاس" Pro Plus [مكمل غذائي يحتوي على الكافيين يساعد في تحسين التركيز] ليال عدة خلال الأسبوع.

إنه السبب في احتفاظ الأمهات الأخريات باسمي كـ "أم ساني"Sonny’s mum  في جدول هواتفهن بدلاً من استخدام اسمي الأصلي، وهو السبب في تدلي ثديي إلى درجة باتا يلامسان جواربي، والسبب أيضاً وراء كوني مسؤولة عن شخصين.

لذا لا بد من أن تسمحوا لي بالتشدق بالكلام، وإذا كنتم لا تريدون سماع ما أقول فلا تأتوا.

لقد بكيت من الضحك أثناء مشاهدتي عروض بعض الأشخاص من أمثال مايكل ماكنتاير ودارا براين وميكي فلاناغان وروب بيكيت وجيسون مانفورد وشون لوك، حول الحياة الزوجية والأطفال ومشاعر الإحباط الأسرية، لكنني أعتقد أنه لا بأس في أن نفترض أن الجماهير قد ترغب أيضاً في سماع وجهة نظر أمّ.

ينبغي ألا نستهزئ بالأمهات الكوميديات اللواتي يعلقن على أحد أكبر التغيرات في هويتهن، خصوصاً عندما لا نزال نعيش في مجتمع لا يتوانى للأسف عن أن يظهر مشاعر معادية للأمهات.

من هنا إذا أردت أن أقدم عرضاً كوميدياً عن حياتي في وقت أنتظر تسليم حفاضات "تينا ليدي"، فدعوني أحاول القيام بذلك، أقله من أجل سائر الأمهات.

 إستر مانيتو ممثلة بريطانية – لبنانية وكاتبة وكوميدية

© The Independent

المزيد من منوعات