Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبعد من الكوميديا... "الكبير" يقفز فوق التابوهات

تضمّن المسلسل إسقاطات على قضايا شائكة وتطرّق للنسوية ونظرية التطور ونفاق المسؤولين تحت ستار الضحك

حقق "الكبير أوي 6" شعبية واسعة خلال عرضه في موسم رمضان (الحساب الرسمي للفنان أحمد مكي على فيسبوك)

بتصنيف عُمري خادع للغاية "+ 12" غَافَلَ صُنّاع مسلسل "الكبير أوي 6"، الجميع، وصنعوا عملاً غير خاضع للتحكمات والشروط، فخرجت الكوميديا طازجة وذكية ومليئة بالإسقاطات والمواقف غير المستهلكة في المسلسل الذي تصدّى لبطولته أحمد مكي، ونجا مع فريقه من المشانق والانتقادات واتهامات خدش الذوق العام، ففي النهاية هم يقدمون عملاً ساخراً غير واقعي، بالتالي فإن فرق المتحفزين لن تأخذهم على محمل الجد.

إنها الخدعة التي يصفق لها الجميع، وبخلاف جدل التصنيف الرقابي الذي أقر بأن المسلسل مناسب للأطفال فوق الثانية عشرة، فإن العمل يتضمن مشاهد ساخرة تحلق فوق السقف المعتاد، لكنه يقفز فوق الخطوط من خلال فن "تغطية الإفّيهات" وتمريرها على عجل دون تركيز عليها، فلا يلحظها كثيرون، وأبرز ما يحسب للكبير ورفاقه أنهم قدموا حلقات أبعد من فكرة الكوميديا، فلم يكونوا مجرد أداة لتمضية الوقت وقت الإفطار الرمضاني.

"إفّيهات" كسر التابو

المسلسل الوحيد في موسم دراما رمضان 2022 تقريباً الذي تعامل مع الموانع الرقابية بلعبة لم يعد يجيدها كثيرون، بخاصة أنه يعتمد على مفردات تتعلق بالأجيال التي تستخدم أحدث التقنيات والتطبيقات لينفذ من خلالها إلى أفكار وطرح مُغاير، ويعتمد إشارات يمكن أن تمر من دون أية أزمة إذا لم يركز المتابع فيها كثيراً، خصوصاً أنها غير مباشرة، فهي حيلة تبدو ذكية واضطرارية في الحقيقة، ومنحت المسلسل الذي أخرجه أحمد الجندي عمراً أطول، إذ يعتبره الناقد طارق الشناوي المسلسل الذي وحّد أغلب الأسر وقت الإفطار، مشيراً إلى أن الناس اختارت دراما "الكبير أوي" لتكون وجبتها الرئيسة هذا العام، ووصفه بأنه مسلسل كوميدي متميز ورائع.

ولم يختلف معه كثيراً الناقد إيهاب التركي، الذي أكد أن "الكبير أوي" من أبرز مسلسلات الكوميديا هذا الموسم، مشيداً بطريقة تفكير أحمد مكي الذي يعرف كيف يتعامل مع أية عقبات رقابية، ومشيراً إلى أن العمل يحتوي بالفعل على "إيحاءات" في كثير من الحلقات، ويتضمن حوارات في بعض المشاهد قد لا تكون ملائمة للأطفال الصغار، لكنه نجح في التعامل مع الممنوعات الرقابية التي تفرض عدم التشابك مع موضوعات الجنس والسياسة والدين.

 

 

وشدد التركي على دور أحمد مكي البارز في صناعة أفكار الإفّيهات وبناء كوميديا المسلسل بشكل عام، على الرغم من وجود فريق للكتابة بإشراف مصطفى صقر ومحمد عز الدين، فأسلوب كوميديا مكي ظاهر في كل أعماله، كونه يخاطب جيلاً يقضي يومه بالكامل مع أحدث تطبيقات التكنولوجيا ويعرف ماذا يضحكهم.

عالم مكي ولغة "الكبير أوي"

لكن، على الرغم من ذلك، يسبق أحمد مكي جمهوره دوماً، ففي حين دأب مقدمو المسلسلات والأفلام الكوميدية أخيراً على تقليد إفّيهات "السوشيال ميديا"، ونقلها نصاً في سيناريوهات أعمالهم، يحاول "الكبير أوي" نحت تعبيراته والألفاظ الخاصة بعالمه، بخلاف اللزمات الثابتة التي يتميز بها الأبطال على مدار المواسم، فقد جاء الموسم السادس بتعبيرات مثل "الفلاورز"، والمقصود الـ"فولورز" أو المتابعين، وقد نجح العمل هذا الموسم، ومعه "مكتوب عليّا" لأكرم حسني، في تقديم كوميديا جديدة، وليس مجرد إفّيهات يُعاد تدويرها من "كوميكس" مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مهمة باتت شديدة الصعوبة هذه الأيام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أحمد مكي الذي يقدم في المسلسل شخصيات "الكبير وجوني وحزلقوم" كان قد تألق العام الماضي بدور جاد في مسلسل "الاختيار 2 - رجال الظل"، وقدّم في 2017 مسلسلاً كوميدياً مميزاً كذلك هو "خلصانة بشياكة"، عاد ورد الاعتبار لمشروعه الأكثر شعبية "الكبير أوي" بعد كبوة الموسم الخامس عام 2015، بالاعتماد على أسماء متنوعة في فريق الكتابة أضافت جديداً بالفعل، وجذبت المشاهدين، إذ يُحسب لمكي إدراكه مواطن الخلل التي عاناها، وحاول تعويض غياب دنيا سمير غانم، التي عُرفت بشخصية "هدية"، بالاستعانة بالممثلة رحمة أحمد فرج في دور "مربوحة"، زوجة الكبير، بتعبيراتها وأسلوبها المختلف، وظهورها الموفق.

قضايا مجتمعية واحتفاء بزملاء الموسم

"الكبير أوي" مسلسل انطلق موسمه الأول قبل 12 عاماً، وأثبت صناعه الذين يغردون خارج السرب أنهم واثقون في تميز محتواهم، لم يجدوا أبداً أزمة في الحديث عن منافسيهم، سواء هذا العام، أو غيره، وبينها برامج مقالب رامز جلال، وإعلان ياسمين عبد العزيز، ومسلسل نيللي كريم "فاتن أمل حربي"، ومسلسل يسرا "أحلام سعيدة"، ومسلسل "مكتوب عليّا"، على الرغم من أنه المنافس الأول في سباق الكوميديا هذا الموسم.

كان لافتاً كذلك مناقشة العمل قضايا مهمة بطريقة لقيت قبولاً، بعيداً من التشنج الخطابي والمباشرة في عرض وجهات النظر، مثل التنمر، واضطراب الأكل القهري، وهوس عمليات التجميل، وإدمان الإنترنت، كما كشفت الحلقات عن ثقافة واسعة يمتلكها صناعه، مثل التعرض لنظرية التطور حتى لو بشكل عابر في المشهد الذي تحول فيه الكبير إلى قرد، والحديث عن أفلام عالمية مشهورة مثل "آنابيل"، كما قدم عدة حلقات مسلية في "محاكاة مزاريطية" للمسلسل الكوري الشهير "لعبة الحبار". وأشار إلى مؤسسات ضخمة وربطها بمشاهد مضحكة للغاية، مثل التطرق لـ"FBI" في مشهد سريع.

 

 

ناقش المسلسل أيضاً قضية "النسوية"، وطرح وجهة نظر حولها لا تتشدق بعبارات رنانة، وكان لافتاً كذلك انتقاد المسلسل لفكرة "التطبيل"، وهو تعبير مصري يقصد به نفاق المسؤولين الكبار، إذ تكرر استخدام هذا التعبير في أكثر من موضع، وبينها الحلقة التي تجمع فيها أهل البلد لطلب مساعدة الكبير للحصول على أموالهم المسروقة، وبدا النقد مقبولاً في موضعه هذا لرفض سلوك مجتمعي حاضر في الحياة اليومية.

ومما يُحسب لفريق "الكبير أوي" أنه يحافظ على تاريخ الشخصيات، ويجعل ردود فعلها متوافقة تماماً مع طبيعتها، بدءاً من الموسم الأول، فالكبير ديكتاتور عنيد عصبي يقهر المزارعين، لكنه حنون مع ذلك، وهو أمر لا ينساه أبداً صناع العمل، بالتالي تكون تصرفاته نابعة من أفكاره، ومثله باقي الأبطال.

فخّ المهرجان السينمائي

لم يخلُ المسلسل من نقاط ضعف بالطبع، أبرزها أن الضجة المصاحبة لحلقات مهرجان المزاريطة السينمائي "Miff" فاقت مستوى المشاهد نفسها، فقد بدأ الترويج لها مبكراً كما أن التفاعل عبر "السوشيال ميديا" من قبل النجوم بدا طريفاً، لكن ما عُرض على الشاشة كان الأقل إضحاكاً، وعلى الرغم من ظهور عدد كبير من المشاهير على السجادة الحمراء، فإن كل هذا لم ينقذ المشاهد من الملل، فلم تفلت إلا بعض اللقطات البسيطة من دوامة المتوقع، ويبدو أن صناع الحلقات تخيلوا أن حضور نجوم كُثر أمر كافٍ ويزيد لصنع لقطات كوميدية، وهو ما لم يحدث بالمرة، وبالمقارنة بينها وبين الحلقات الأخيرة من الموسم الثالث التي خصصت لبرنامج "المزاريطة عندها تالنت"، فالأخيرة ستتفوق بسهولة.

المؤكد أن مسلسل "الكبير أوي" بأجزائه المختلفة اكتسب شعبيته من طزاجة الوجوه التي تؤدي الأدوار الأساسية به، فأغلب ممثليه المستمرين من المواسم السابقة والصاعدين هذا الموسم جذبوا الجمهور بمواهبهم وطريقة توظيف شخصياتهم، لذا فإن فكرة الاستعانة بشكل مبالغ فيه بنجوم معروفة أمر لم يكن العمل بحاجة إليه، ولم يضف شيئاً، بل لم يكن ملائماً لطبيعة هذا المسلسل الاستثنائي.

بقي القول إن الحلقات التي تحدثت عن "تيك توك" ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي كانت من أكثر حلقات هذا الموسم تميزاً، بخاصة حينما كان أحمد مكي ينتقد في شخصية "جوني" فكرة العناوين الغريبة التي تبدو ساذجة لفيديوهات "اليوتيوبرز"، وبدت تعليقاته منطقية ومقنعة للغاية، بينما يضع عبر صفحاته الرسمية طوال شهر رمضان أسلوب العناوين نفسه على الفيديوهات المُقتطعة من الحلقات لدعوة الجمهور إلى مشاهدتها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة