Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤشر جديد للجنيه المصري للهروب من سطوة الدولار الأميركي

البنك المركزي يطالب بعدم التركيز على سعر الصرف ويربط العملة بالذهب ونظيرتها العالمية

المركزي المصري يستهدف إطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري يضم سلة من العملات الدولية والذهب   (رويترز)

كشف محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله عن أن "المركزي المصري" يستهدف إطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري يضم سلة من العملات الدولية والذهب. وأشار إلى أن الربط بين الجنيه والدولار أمر مغلوط، بخاصة أن الولايات المتحدة الأميركية ليست الشريك التجاري الأساس لمصر.

يأتي ذلك بعد أن شهد الجنيه المصري خسائر حادة وعنيفة منذ قيام البنك المركزي بخفض قيمته مقابل الدولار في اجتماع استثنائي خلال مارس (آذار) الماضي. وخسارته إثر القرار أكثر من ربع قيمته مقابل الدولار الأميركي.

وأشار محافظ البنك المركزي المصري، خلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي مصر 2022، إلى أنه يجب تغيير الثقافة بأن الجنيه مرتبط بالدولار والتركيز فقط على تراجعه مقابل الدولار الذي ارتفع أمام غالبية عملات العالم، في حين لم يلحظ أحد أن الجنيه يرتفع أمام الجنيه الاسترليني والليرة التركية وغيرها، وأن "المركزي المصري" يستهدف التعامل مع كل العملات.

وأوضح عبدالله أن المهمة الرئيسة للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي هي مواجهة التضخم والسيطرة عليه، وسيتم مع نهاية العام الإعلان عن مستهدفات التضخم للسنوات المقبلة. ولفت إلى أن السيطرة على التضخم ستسهل التعامل مع عديد من التحديات والأوضاع الاقتصادية العالمية، بخاصة أن البنك المركزي يعمل في الوقت الحالي على عديد من الملفات الاقتصادية، منها المعروض النقدي وتخارج الأموال الساخنة، كما انتهى البنك المركزي من العقود المستقبلية للعملة ونعمل حالياً على عقود التحوط للعملة.

وشدد على أهمية التنسيق مع الحكومة والقطاع الخاص، وعمل "المركزي" على أكثر من محور. وأشار إلى ضرورة الصدقية في البنك المركزي والإجراءات التي يتخذها، خصوصاً أن الأسواق المالية لا تعتمد على الماضي بل تنظر إلى المستقبل. وقال إن الأوضاع العالمية الحالية يبدو أنها ستستمر لمزيد من الوقت، والبنوك المركزية حول العالم تتعامل على هذا الأساس.

صدقية التوقعات الخاصة بالجنيه المصري

كانت وكالة "بلومبيرغ" كشفت في وقت سابق عن أن البنك المركزي المصري يخطط للسماح بمشتقات جديدة للعملة من أجل إطلاق العنان للسيولة في السوق المحلية، وإتاحة الأدوات للتحوط ضد الأخطار التي يتعرض لها بعد أن هبط إلى مستوى قياسي. وبموجب الخطة، ستوفر البنوك المحلية عقوداً محلية (للجنيه) غير قابلة للتسليم التي تسمى "أن دي أف"، فضلاً عن خيارات تسمح للشركات والمستثمرين لأول مرة بالمراهنة أو التحوط ضد التقلبات في العملة المصرية، وهي الخطوة التي تهدف إلى بناء سوق محلية أكثر شفافية ذات صدقية لبناء التوقعات في شأن تحركات العملة.

وفقد الجنيه المصري أكثر قليلاً من ربع قيمته مقابل الدولار هذا العام، بما في ذلك الانخفاض الحاد في مارس (آذار) الماضي. وجاء ذلك الانخفاض في جزء كبير منه مدفوعاً بالارتفاع الكبير في الدولار على خلفية الدورة التشديدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. وارتفع الجنيه بالفعل أمام عملات الجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو مع تراجع تلك العملات الثلاث الكبرى أمام العملة الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت مرونة سعر الصرف أحد الشروط الرئيسة لصندوق النقد الدولي لإتاحة حزمة المساعدة التي تحتاج إليها مصر، والتي قال عنها رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إنها قد تتم "قريباً جداً". وتأتي تصريحاته في أعقاب مزيد من الإشارات من وزير المالية محمد معيط ووزيرة التخطيط هالة السعيد بأن البلاد أصبحت أكثر انفتاحاً على سياسة مرنة لسعر الصرف.

وخلال المؤتمر الاقتصادي تطرق محافظ البنك المركزي المصري إلى آلية سعر الفائدة، التي اعتبر أنها قد لا تصلح في التعامل مع مشكلات أزمات الإمداد، حيث قال إنه يمكن استخدام سعر الفائدة حينما يكون مصدر المشكلة هو الطلب، لكن في الوقت الحالي الأزمة ناتجة عن أزمة الإمدادات. وأكد أن المهمة الأساسية للبنك المركزي تتمثل في السيطرة على التضخم، وليس إطلاق المبادرات التمويلية.

واستبعد محافظ البنك المركزي المصري حدوث انفراجة قريبة في أوضاع الاقتصاد العالمي، وقال "لا نتوقع انفراجة قريباً للأوضاع العالمية وهكذا معظم البنوك المركزية حول العالم". وشدد في الوقت ذاته على استهداف البنك تعزيز مصداقيته في الأسواق.

3 أزمات دفعت التضخم إلى الارتفاع

في كلمته، أكد رامي أبوالنجا نائب محافظ البنك المركزي المصري، أن البنك المركزي وبالتنسيق مع الحكومة المصرية اتخذ عديداً من الإجراءات الاستباقية لكبح جماح التضخم الذي كان له انعكاسات كثيرة على الاقتصادات في كل أنحاء العالم سواء المتقدمة أو الناشئة. وأشار إلى وجود تنسيق كامل بين البنك المركزي والحكومة لتخفيف الآثار التضخمية والحفاظ على استقرار الأسعار.

وقال إن البنك المركزي المصري اتبع منهجية واضحة منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي 2016، وهو استهداف مستوى معلن للتضخم بهدف ترسيخ مبدأ الشفافية في سياسات كبح جماح الأسعار والسيطرة عليها بالتنسيق الكامل مع الحكومة. وأوضح أن استراتيجية البنك المركزي والحكومة نجحت في السيطرة على التضخم بعد تحرير سعر الصرف في 2016 آنذاك، وبعد أن كان قد وصل إلى مستويات أعلى من 30 في المئة عاد مرة أخرى إلى مستويات وصلت إلى أربعة في المئة، لكن نتيجة الضغوط العالمية التي تسببت فيها جائحة كورونا والأزمة الروسية - الأوكرانية والأوضاع الجيوسياسية العالمية، عادت معدلات التضخم للارتفاع بسبب اضطرابات في إمدادات سلاسل الإمداد ونقص السلع وارتفاع الأسعار.

ولفت إلى أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيبدأ في التراجع خلال النصف الثاني من العام المقبل، مشيراً إلى أن البنك المركزي المصري قام بعديد من الإجراءات لمساندة القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء من خلال خفض الفائدة مع بدء ظهور جائحة كورونا أو المبادرات الداعمة للاقتصاد وضخ سيولة، مما أدى إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة في منح الائتمان من خلال القطاع المصرفي.

سياسات متوازنة في ظل فجوات تمويلية

وأشار أبوالنجا إلى أن البنك المركزي اتبع سياسات متوازنة في التعامل مع السياسات النقدية بخاصة في ما يتعلق بالتضخم، إذ قام بعد عملية التيسير النقدي بمرونة كبيرة في ملف السيولة الزائدة بالسوق بعد ذلك للتقليل من معدلات المعروض النقدي الذي سجل فائضاً بلغ 600 مليار جنيه (30.612 مليار دولار) في السيولة بالسوق المصرية، وهي خطوة مهمة في مواجهة التضخم بجانب رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك من 14 إلى 18 في المئة.

وقال إن الأسواق العالمية تشهد فجوة بين الطلب والعرض ظهرت في شكل فجوة تمويلية، كان لا بد من مواجهتها، حيث بدأت البنوك المركزية في اتخاذ إجراءات جادة من خلال رفع الفائدة في محاولة منها لاحتواء معدلات التضخم المرتفعة في العالم.

وأشار إلى أن التضخم العالمي شهد طفرة كبيرة خلال الفترة من 2020 وحتى 2022، ونتيجة الإجراءات التي قامت بها البنوك المركزية برفع الفائدة وسياسات التشديد النقدي، توقع صندوق النقد الدولي بلوغ التضخم مستوى 7.4 في المئة خلال 2022، نتيجة قيام عديد من الدول سواء في الأسواق الناشئة أو المتقدمة برفع أسعار الفائدة على رغم الانتقادات التي وجهت إلى "الفيدرالي الأميركي" بسبب تأخره في اتخاذ إجراءات أكثر جدية منذ البداية، حيث كانت التوقعات تشير إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستكون موقتة وانتقالية خصوصاً بعد أزمة كورونا.

وأوضح أن معظم الدول عانت انحرافات كبيرة بسبب الضغوط التضخمية العالمية الناتجة عن كورونا والأزمة الروسية – الأوكرانية، مما جعل تلك الدول غير قادرة على تحقيق معدلات التضخم المستهدفة، على رغم الزيادات في أسعار الفائدة أكثر من مرة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند والمكسيك والبرازيل وغيرها. وأشار إلى أن عدم مواجهة التضخم سيؤدي إلى أخطار عديدة على الاقتصاد العالمي، منها ارتفاع كلفة الإنتاج والصناعة وتباطؤ النشاط الاقتصادي وعدم قدرة المواطن على مواءمة الزيادات في الأسعار بالتالي سيدخل العالم في موجة من الكساد الاقتصادي.

ومن المقرر أن يراقب البنك المركزي المصري الأوضاع العالمية بخاصة الأزمة الروسية في أوكرانيا والتي لها تأثير كبير في الأسعار والتضخم والنمو الاقتصادي في العالم، وأيضاً قرارات "الفيدرالي الأميركي" ومعدلات التعافي بالاقتصاد الصيني الذي له تأثيرات في كثير من الدول بخاصة الحركات التجارية والصناعية والأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن أن ظهور أي متحورات جديدة لفيروس كورونا سيكون لها أثر وظلال سلبية في التوقعات للاقتصاد العالمي والتضخم.

اقرأ المزيد