Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

6 أسباب تعزز سطوة الدولار الأميركي في حرب العملات

محللون يستبعدون تأثره بموجة الركود مع سيطرته على التجارة العالمية واحتياطات البنوك المركزية

الدولار القوي يجعل الأسعار أعلى حيث تضطر البلدان أحياناً إلى استيراد السلع المقومة بالعملة الأميركية (أ ف ب)

على الرغم من البيانات السلبية التي تطارد الاقتصاد الأميركي، لا يزال الدولار يواصل الصعود مقابل جميع العملات سواء بالنسبة لعملات الاقتصادات المتقدمة أو الأسواق الناشئة.

وربما تعود موجة صعود الدولار إلى ستة أسباب، أهمها حال الضبابية وعدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي مع استمرار البنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، إضافة إلى سيطرة موجة من الخسائر العنيفة على أسواق الأسهم والبورصات العالمية، وهروب المستثمرين إلى أسواق الأصول الآمنة، وأيضاً موجة النزيف التي تطارد الذهب الذي كان يتصدر قائمة الملاذات الآمنة.

ويتمثل السبب الخامس في سيطرة الدولار الأميركي على حصة كبيرة في احتياطات النقد الأجنبي الموجودة لدى البنوك المركزية على مستوى العالم. أما السبب السادس والأخير فهو استخدام الدولار الأميركي في حركة التجارة العالمية، حيث تشير بيانات منظمة التجارة العالمية إلى أن 88 في المئة من مبادلات التجارة العالمية تتم بالدولار.

الخسائر تطارد العملات

يشير الإحصاء الذي أعدته "اندبندنت عربية"، إلى أن ست عملات واجهت خسائر حادة عنيفة مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام الحالي. في صدارة هذه العملات الليرة التركية التي سجلت خسائر بلغت نسبتها 38 في المئة، حيث قفز سعر صرف الدولار من مستوى 13.5 ليرة في بداية العام، إلى نحو 18.60 ليرة في الوقت الحالي، بمكاسب بلغت نحو 5.10 ليرة.

وفي المركز الثاني، حلت الليرة الإيرانية التي تراجعت بنسبة 34.6 في المئة، بعد أن هوى سعر صرفها من مستوى 260 ألف لكل دولار في بداية العام إلى نحو 350 ليرة لكل دولار في الوقت الحالي، بخسائر بلغت نحو 90 ألف ليرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحل الين الياباني في المركز الثالث بخسائر بلغت نحو 31.5 في المئة، بعد أن صعد سعر صرف الدولار الأميركي من مستوى 114 ين في بداية العام إلى نحو 150 يناً في الوقت الحالي بخسائر بلغت نحو 36 يناً.

وفي المركز الرابع، جاء الجنيه المصري بخسائر بلغت نسبتها 25.4 في المئة، بعد أن صعد سعر صرف الدولار من مستوى 15.64 جنيه في بداية العام إلى نحو 19.62 في الوقت الحالي، بخسائر بلغت نحو 3.98 جنيه.

واحتل المركز الخامس الجنيه الاسترليني بخسائر بلغت نسبتها 17 في المئة، حيث قفز سعر صرف الدولار الأميركي من مستوى 1.36 جنيه في بداية 2022، إلى نحو 1.13 جنيه في الوقت الحالي، بخسائر بلغت نحو 0.23 جنيه.

وسجل اليورو أقل نسبة خسائر بعد أن نزل مقابل الدولار الأميركي بنسبة 11.4 في المئة، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 1.14 يورو في بداية العام إلى نحو 1.01 يورو في الوقت الحالي بخسائر بلغت نحو 0.13 يورو.

وقد نما مؤشر الدولار المرجح للتجارة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يقيس قيمة الدولار بناء على قدرته التنافسية مع الشركاء التجاريين، بنسبة 10 في المئة هذا العام مقابل عملات الاقتصادات المتقدمة الأخرى، وهو أقوى مستوى له منذ عام 2002. وبالمقارنة، ارتفع الدولار بنسبة 3.7 في المئة فقط مقابل عملات الأسواق الناشئة مجتمعة.

هل ينال الركود من الدولار؟

في المقابل، فإن كل الأرقام والمؤشرات تؤكد أن الاقتصاد الأميركي يواجه ظروفاً قاسية مع استمرار ظهور مؤشرات الركود. ويعد التضخم المرتفع من أكبر الأزمات التي تواجه الاقتصاد الأميركي في الوقت الحالي، وقد تؤدي جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي القوية لكبح التضخم في نهاية المطاف إلى إحداث ركود، ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة، التي لديها معدل بطالة منخفض قوية مقارنة بنظيراتها.

في المقابل، تتمتع أوروبا بمعدلات تضخم أعلى، حيث تكافح القارة أزمة طاقة تاريخية، علاوة على التداعيات بعيدة المدى لحرب روسيا وأوكرانيا، بينما تواجه بعض الدول الأوروبية صراعاتها الخاصة، وآخرها ما حدث في بريطانيا بعد استقالة رئيسة الوزراء.

أيضاً، فإن البلدان النامية ليست في وضع أفضل بكثير، لقد أنقذت سياسة الصين الخالية من فيروس كورونا الأرواح لكنها أعاقت اقتصادها، الذي يتوقع البنك الدولي أن ينمو بنسبة أقل من ثلاثة في المئة خلال عام 2022، بمعدل نصف أو ثلث المعدل الطبيعي، وسط انهيار قطاع الإسكان في البلاد.

وفي الوقت نفسه، تكافح عديد من البلدان الأخرى مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية ونقص الوقود. فالدولار القوي يجعل الأسعار لا تزال أعلى لأن البلدان في بعض الحالات تضطر إلى استيراد المواد الغذائية والسلع الأخرى المقومة بالدولار.

ويرى المستثمرون حول العالم أن الاقتصاد العالمي يتعثر، لذا فهم يفرون إلى بر الأمان أي الاستثمار في الولايات المتحدة، مما يرفع قيمة الدولار أكثر.

وتقول كاثي جونز، كبيرة محللي الدخل الثابت في مركز "شواب"، إن "تأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا يلقي بثقله على توقعات أوروبا، في حين أن عمليات الإغلاق في الصين المرتبطة بجائحة كورونا وضعف سوق العقارات يعوقان النمو في آسيا".

وأضافت "حتى مع نمو الناتج المحلي الإجمالي الضعيف أخيراً، لا تزال الولايات المتحدة في وضع أفضل لمواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي".

امتيازات باهظة

وتؤدي هذه العوامل إلى زيادة القوة التي يتمتع بها الدولار منذ فترة طويلة بسبب دوره غير العادي في التمويل الدولي، حيث يتم تسعير عدد من السلع بالدولار، كما يختار عدد من البنوك المركزية الأجنبية الاحتفاظ بالدولار كاحتياطيات، ويتم تنفيذ عقود تجارية الدولية بالعملة الأميركية، وكل هذا يخلق كثيراً من الطلب على الدولار، في كل وقت.

وفي وقت سابق، قال الاقتصادي السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيريمي شتاين، إن "هذه الحقائق المالية تعزز بعضها بعضاً في الواقع، يتمتع الدولار بامتياز باهظ لا تتمتع به أي عملة أخرى".

وعلى الرغم من ذلك، لا يتوقع المحللون أن يفقد الدولار الأميركي مكانته كعملة احتياطية بارزة في العالم بسبب موجة الركود التي تلوح في الأفق، مشيرين إلى أن قوة الدولار قد تتراجع عندما تفقد الحكومات الأجنبية شهيتها للديون الأميركية، أو تصبح أوروبا مكاناً أكثر استقراراً من الناحية السياسية من الولايات المتحدة.

لكن التعويل على الركود العالمي وأنه قد يقود الدولار للتراجع أمر مستبعد، لأن من المرجح أن يدفع الركود مزيداً من المستثمرين إلى البحث عن أصول آمنة مثل الدولار حتى لو دخل الاقتصاد الأميركي في حال من الركود.