Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فاقدو البصر في غزة... يبصرون بعيون موتى

يتيح القانون الفلسطيني التبرع بالكلى والقرنية في حال الوفاة

بعد نحو ساعة من خروج محمد من غرفة عمليات زراعة القرنيات سمح الطبيب له بإزالة اللاصق عن عينيه وتدريجاً استعاد الشاب بصره وبات يرى كل ما حوله وبدأ الأمل يتجدد لديه بحياة أفضل بعدما حرم حوالى ثمانية أعوام من البصر.

في المعركة العسكرية التي دارت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية عام 2014 تعرضت منطقة سكن محمد لغارات جوية شنها جيش تل أبيب وعلى إثر الإشعاعات الناتجة من الانفجارات أصيبت شبكية عيني الشاب بخلل وظيفي وتسببت له بفقدان البصر نتيجة تلف قرنيتيه.

فقدان النظر

منذ ذلك الوقت حرم محمد من البصر ولم تتمكن الطواقم الطبية خلال الفترة الماضية من إجراء عملية له بسبب قلة الإمكانات نتيجة الحصار، كما لم تنجح محاولات الشاب في الحصول على تحويلة طبية لزراعة قرنية تعيد له البصر خارج غزة.

يقول محمد "فقدان النظر أصعب مصيبة قد يتعرض لها الإنسان، بخاصة إذا كان يرى سابقاً وتسببت هذه الحالة لي في معاناة كبيرة وحالت دون ممارسة تفاصيل حياتي بشكل طبيعي وأوقفت مسيرتي التعليمية".

وعلى رغم مرور وقت طويل على فقدان محمد بصره، إلا أنه لم يفقد الأمل في عودته مجدداً، وبالفعل تمكنت الطواقم الطبية المحلية المتخصصة في إجراء عملية ناجحة لزراعة قرنية له، كان تبرع بها أحد الأشخاص المتوفين بهدف إعادة البصر إلى المحرومين منه.

ثقافة التبرع بالأعضاء… غير شائعة

في الواقع لا تعد عمليات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة شائعة في قطاع غزة وتعتبر هذه الحالة الأولى منذ عشر سنوات، على رغم وجود قانون يتيح عملية التبرع وينظم آليات العمل في هذا المجال، وفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة في غزة (تسيطر عليها حركة "حماس").

وجاء التبرع بالقرنية لمحمد ضمن برنامج إنساني أطلقته وزارة الصحة تحت اسم "ومن أحياها" الذي يقوم مبدأه على نشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، تحديداً عضو القرنية تمهيداً لتدشين بنك للعيون في غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وفق القانون

ويقول القدرة إن هذه الخطوة تمت المصادقة عليها بإجماع في المجلس التشريعي، بعدما استوفت جميع الضوابط القانونية والشرعية والدينية وتهدف إلى التخفيف من معاناة فاقدي البصر في غزة وتجرى عملية زراعة القرنية للمرضى بشكل مجاني.

وفي الأراضي الفلسطينية أقر كل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والمجلس التشريعي قانوناً يتيح التبرع بالأعضاء شرط الموافقة الصريحة على ذلك وضمن ضوابط أهمها سلامة العضو المنقول وقابلية الأنسجة المتلقية لاستقباله في حين يمنع بشكل نهائي نقل الأعضاء التناسلية أو أي عضو يحمل صفات وراثية. 

ومن بين الأعضاء المسموح التبرع بها قانوناً من الأحياء للأحياء زراعة الكلى وجزء من الكبد والرئتين و النخاع، أما من الأموات إلى الأحياء، فزراعة القرنيات والكلى.

ويضيف القدرة "يعمل البرنامج الإنساني للتبرع بالقرنيات على توطين العمليات من هذا النوع، إذ كانت وزارة الصحة تعتمد على التحويلات الطبية إلى الخارج لإجراء ذلك وكانت تكلف هذه العملية خزانة الدولة مبالغ كبيرة سنوياً".

استيراد القرنيات مكلف

ووفقاً لبيانات وزارة الصحة، فإنه يوجد في غزة نحو 600 مريض لديهم مشكلات في البصر وهم على قوائم الانتظار إما للحصول على تحويل طبي أو لإجراء عملية في المستشفيات الحكومية، فيما تحوّل 300 حالة مرضى قرنية إلى العلاج خارج القطاع بشكل سنوي، وكانت الجهات الحكومية تستورد نحو 30 قرنية من الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى لإجراء هذه العملية في الضفة الغربية فقط.

 

 

في المقابل يقول مدير مستشفى العيون في غزة ماجد حمادة "عندما نستورد قرنيات تصل أحياناً في وقت متأخر ولا تكون بالحيوية التي هي عليها حين يتم نقلها فوراً من متوفى، فيما تتعرض أحياناً لتلف جزئي بسبب ظروف النقل".

وحول طرق الحصول على القرنيات يوضح حمادة أن المستشفيات في غزة تعرض على أهالي الموتى التبرع بقرنيات ذويهم، وحين الموافقة يتم التواصل مع إدارة مستشفى العيون بحيث يستأصل المتخصصون قرنية المتوفى التي تحفظ استعداداً لزراعتها. 

عملية تجميلية

من جانبه يقول مدير وحدة زراعة الأعضاء في وزارة الصحة يحيى خضر إنه خلال أقل من شهر على إطلاق الحملة الإنسانية تقدم 150 فرداً للتبرع بقرنياتهم بعد الوفاة، وفي الفترة ذاتها أخذت قرنيات من سبعة متوفين، فيما أجرت الكوادر الصحية 13 عملية ناجحة.

ويوضح خضر أن إزالة القرنية من المتوفي لا تحدث في جثته أي تشوه لأنها عبارة عن عملية جراحية تجميلية ولا تظهر على وجه الجثمان أي علامات، فهذا العضو لا أوعية  دموية فيه ولا يحتاج إلى تطابق للأنسجة، بالتالي فإن نسبة قبول القرنية داخل الجسم تتجاوز 95 في المئة.

ويتابع "أقصى مدة لحفظ القرنية 14 يوماً، وفي حال استيرادها يستغرق وصولها وقتاً طويلاً مما يعني قد تفقد بعض خصائصها وتخسر بالتالي الجودة المطلوبة لزراعتها للمريض، لذلك توجهنا إلى توطين هذه العملية".

وحول معايير اختيار القرنيات يوضح خضر أن هناك لجنة مكونة من وزارة الصحة ومن اختصاصيي عيون تعمل على دراسة وفحص العين قبل إزالة القرنية والتأكد من مطابقتها للمعايير للتبرع بها، أما بالنسبة إلى المرضى فإننا نعطي أولوية لمن لا يبصر في كلتا العينين أو إذا كان شاباً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات