Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 تحقيق خاص لـ"اندبندنت": تزايد سرقات الطاقة في بريطانيا وسط ارتفاع مهول في الفواتير

حصري: تحقيق أجرته "اندبندنت" يكشف عن انتشار طرق احتيالية لاستبدال عدادات الطاقة في المنازل مقابل المئات من الجنيهات.

عدد التقارير المقدمة إلى "منظمة مكافحي الجريمة" الخيرية ازداد بنسبة ثلاثة أضعاف تقريباً عما كان عليه منذ عام 2017-2018 (غيتي)

أظهرت إحصاءات حديثة عن تزايد تقارير الإبلاغ عن سرقات الطاقة مع مواجهة البريطانيين فواتير متزايدة في مجال الكهرباء والغاز.

ومع تصاعد أزمة تكاليف المعيشة، ازداد عدد التقارير المقدمة إلى "منظمة مكافحي الجريمة" الخيرية إلى ثلاثة أضعافه تقريباً منذ عام 2017-2018، كما فاقت الزيادة 20 في المئة في ستة أشهر فقط.

وعن هذا حذر رئيس لجنة نافذة في البرلمان من أن الزيادة [في السرقات] تشير إلى "يأس" الأسر المتضررة بفعل ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز.

وتصل عقوبة سرقة الكهرباء التي تدفع بدورها بفواتير بقية العملاء إلى الارتفاع، إلى السجن لمدة أقصاها خمس سنوات، وكذلك هي الحال عند سرقة الغاز التي يعاقب عليها القانون أيضاً. وتظهر أرقام "منظمة مكافحي الجريمة" وجود ثمانية آلاف و289 تقريراً عن سرقة الطاقة في المملكة المتحدة في السنة المنتهية آخر يوليو (تموز) الماضي، بزيادة من ألفين و876 تقريراً في الأشهر الـ12 المنتهية آخر يوليو (تموز) 2018.

في حين وصل الرقم في الأشهر الستة المنتهية آخر يوليو (تموز) 2022، إلى أربعة آلاف و559 تقريراً مقدماً عن سرقة الطاقة إلى "منظمة مكافحي الجريمة" في المملكة المتحدة، في مقابل ثلاثة آلاف و730 تقريراً في الأشهر الستة السابقة على تلك الفترة، أي بزيادة تعادل 22 في المئة عند مقارنة الفترتين.

وتكلف "شركة بيع الطاقة بالتجزئة" (ريكو) غير الربحية "منظمة مكافحي الجريمة" بموجب عقد بينهما  إدارة خدمة الإبلاغ عن سرقة الطاقة، مما يسمح للناس برفع تقارير من دون الكشف عن هويتهم. ويشرح موقع "ريكو" الإلكتروني ما يلي "ترسل 'منظمة مكافحي الجريمة' بشكل سري البلاغات إلى شركة إمداد الغاز أو الكهرباء المعنية للتحقق".

وإضافة إلى ذلك، زادت تقارير الاحتيال في مجال الطاقة المقدمة إلى هيئة حماية الإيرادات البريطانية بنسبة 54 في المئة في ستة أشهر فقط، من 717 في فترة الأشهر الستة الممتدة من يوليو إلى ديسمبر (كانون الأول) 2021، حتى ألف و104 في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران) من هذا العام. هذا في حين تلقت قوات الشرطة في إنجلترا وويلز ما يقرب من ثلاثة آلاف و600 تقرير عن "الاستخدام غير الشريف للكهرباء" في السنة المنتهية آخر مارس (آذار) الماضي، بزيادة 13 في المئة مقارنة بها قبل عام.

وقال بيتر سميث، مدير السياسات والدعاية في هيئة العمل الوطني في مجال الطاقة، وهي منظمة خيرية تعمل في مجال مكافحة فقر الوقود "أياً كانت الدوافع، من الصادم حقاً رؤية ارتفاع سرقات الطاقة على رغم الأخطار التي تحيط بها وما تجلبه من تبعات قانونية".

هذا وقد ارتفع سقف سعر الطاقة إلى 1971 جنيهاً استرلينياً (2250 دولاراً) سنوياً في أبريل (نيسان) الماضي بعدما كان 1277 جنيهاً. وقبل أن تتدخل الحكومة، كان من المتوقع أن يرتفع إلى 3549 جنيهاً هذا الشهر، وكان من المرجح أن يقفز بحلول أبريل من العام المقبل إلى ستة آلاف جنيه. لكن بموجب "ضمان أسعار الطاقة" الذي تنفذه الحكومة هذا الشهر، من المتوقع أن تدفع الأسر العادية في المتوسط نحو 2500 جنيه سنوياً في فواتيرها الخاصة بالطاقة.

وقال النائب عن حزب العمال دارين جونز، رئيس اللجنة النيابية المختارة حول استراتيجية الأعمال والطاقة والصناعة، "تسلط التقارير المتزايدة عن سرقة الطاقة الضوء على اليأس الذي تشعر به الأسر مع الارتفاع الكبير في الأسعار وقلة المساعدات المقدمة إلى أصحاب المداخيل الأدنى".

وأضاف جونز "تحض لجنتي الحكومة على تقديم مساعدة دائمة إلى الأسر من خلال البدء بتنفيذ برنامج وطني لعزل المنازل حرارياً الذي من شأنه أن يقلل من الطلب [على الطاقة] وانبعاثات الكربون، وكذلك فرض رسوم اجتماعية [مخفضة على الطاقة] من شأنها أن تجعل الأسر الأكثر فقراً تتلقى فواتير أقل".

منشورات عبر الإنترنت

كشف تحقيق أجرته "اندبندنت" عن وجود قناة على تطبيق الرسائل المشفرة "تيليغرام" تضم آلاف المشتركين، إذ يشجع الناس على استبدال عدادات الطاقة الخاصة بهم بأخرى في مقابل مبلغ اكتشفنا أنه يساوي مئات من الجنيهات.

فقد عرضت المنشورات على قناة "تيليغرام" تقديم خدمة لاستبدال العدادات، فضلاً عن زعم كاذب بأن تكاليف الغاز والكهرباء ستكون مشمولة بالأسعار التي سيدفعونها في مقابل تلك العدادات.

 

والواقع أن أي شخص يشارك في البرنامج قد يرتكب جريمة سرقة الطاقة، في حين حذر خبراء من أن إزالة عداد أو استبداله بآخر من دون موافقة الجهة الموردة أمران غير قانونيين أيضاً.

وتنشر القناة التي تسمى Replace Your Meter UK (استبدلوا عداد الطاقة في المملكة المتحدة)، معلومات خاطئة عن مدفوعات الكهرباء وتشجع القراء على طلب موعد لتغيير العداد. وحين طرحت "اندبندنت" نفسها كعميل محتمل، أبلغت ما يلي عبر البريد الإلكتروني "نطلب تبرعات في مقابل استبدال عدادكم بمجرد اكتمال العمل". وتضيف الرسالة "عداد الكهرباء في مقابل 250 جنيهاً (سيكون المبلغ أكثر إذا كان المطلوب عداداً ثلاثي الأطوار). عداد الغاز في مقابل 300 جنيه / 380 جنيهاً (عدادات الغاز الأكبر أكثر كلفة، ويمكننا أن نعرض سعراً لها، وبعض عدادات الغاز تتطلب أجزاء جديدة ويداً عاملة، وهذا قد يكون أكثر كلفة. سيقدم مهندس في مجال الغاز مشورة في ذلك الوقت). وهذا يشمل الوقت والنقل واليد العاملة والمواد".

وأوضح المرسل "نتلقى الحجوز لمناطق محددة من البلاد في أيام مختلفة"، قبل أن يطلب العنوان الكامل، وتفاصيل حول العداد المطلوب، فضلاً عن صور العداد الحالي.

وأضاف "يرجى بذل العناية الواجبة في ما يتعلق باستبدال عداداتكم. انظروا إلى صفحتينا في 'تيليغرام' و'إنستغرام'، حيث نثبت روابط ومقاطع فيديو وغيرها في أعلى صندوق الدردشة. سيساعدكم ذلك كثيراً في فهم العملية بأكملها. لأي أسئلة إضافية، يرجى مراسلتنا مباشرة، ونحن سعداء بتقديم المساعدة". ويكمل "نريد أن يعلم أكبر عدد ممكن من الأشخاص بشأن استبدال عدادات الطاقة الخاصة بهم، لذلك يرجى إخبار أصدقاءكم وعائلتكم ويرجى مشاركة كل ملفات التعريف الخاصة بنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي كلها مع الرابط أدناه".

وعند سؤالنا عما سيحدث عند إزالة العدادات بغرض التوقف عن دفع المال إلى الجهة الموردة، قال المرسل إنه ينبغي على المستهلكين أن يتظاهروا بأنهم سيغيرون عنوان إقامتهم، "اتصلوا بجهتكم الموردة وأبلغوها القراءة الأخيرة لعدادكم، وأخبروها أنكم ستغيرون سكنكم  وتحتاجون إلى دفع فاتورتكم [الأخيرة]. وفي المرحلة المقبلة، لا ينبغي لكم أن تتلقوا سوى رسائل موجهة إلى المقيم [المفترض وليس لكم شخصياً]".

وعندما سئل عما إذا كانت المؤسسة هذه قد غيرت بالفعل عدادات كثيرة حتى الآن، قيل لنا "لدينا حجوز أسبوعية حيث يغير الناس عداداتهم خلالها".

معلومات مضللة

يشير التحقيق الذي أجرته "اندبندنت" إلى أن القناة مرتبطة بـشركة "ساوث لندن المحدودة للخدمات" South London Services Ltd ، وهي شركة أدارها منسق الأغاني (دي جي) السابق بن جونستون، التي حلت في يوليو (تموز) 2019. لكن السيد جونستون نفى أي تورط له في القناة. وكانت المحكمة أصدرت حكماً بتغريم هذه الشركة مبلغ 1672 جنيهاً في 29 أبريل (نيسان) 2019.

والسيد جونستون، 43 سنة، مدرج اسمه كمدير لشركة أخرى، هي "ساوث لندن للخدمات الكهربائية المحدودة" South London Electrical Services Ltd، التي تأسست في مايو (أيار) 2019. وبعدما تواصلت "اندبندنت" مع السيد جونستون للحصول على تعليق، أظهر إيداع في "بيت الشركات" أنه قدم طلباً الشهر الماضي لشطب الشركة من السجل.

 

على قناة Replace Your Meter UK، التي تضمنت أكثر من ثلاثة آلاف مشترك، عممت منشورات وضعها مدير القناة معلومات مضللة حول الفواتير. وفي ما يلي نص رسالة تعود إلى 22 أبريل "هل تعلمون أن لدينا في المملكة المتحدة الحق القانوني في غاز وكهرباء ومياه 'بالمجان'؟ هل يبدو هذا حقاً لا يصدق؟ لكن الشيء غير المجاني هو العدادات التي تزودنا بها شركات الطاقة. وهذا هو ما يجعلنا نوقع اتفاقاً تعاقدياً مع هذه الشركات. من حقكم كمواطنين بريطانيين أن تتزودوا بعدادكم الخاص، ما دام مثبتاً في شكل آمن وصحيح، ويستوفي المعايير البريطانية. لقد وضعت غشاوة على أعيننا لفترة أطول مما ينبغي. انهضوا في مواجهة النظام الإجرامي الذي يستنزف ثروتنا ويبقينا في الوضع الذي صممه. تهدف مجموعة 'تيليغرام' هذه إلى إيصال المعلومة إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، لذلك يرجى مشاركتها على نطاق واسع. نحن نعرض خدمة استبدال عداد الغاز والكهرباء بالعداد الموجود. وسنخدم المملكة المتحدة كلها، في محاولة لنعطي كل شخص ما يستحقه 'قانوناً'. قد يبدو هذا مجنوناً، لكن لدينا القوانين والمستندات الداعمة في هذا الصدد".

وأفاد منشور آخر في اليوم نفسه بما يلي "'الغاز والكهرباء والمياه مجانية! هذا هو حقنا القانوني كمواطنين بريطانيين'. إن الطاقة التي نزود بها مدفوع ثمنها بالفعل. من قبل من؟ من قبلنا نحن! من خلال ضرائبنا... أعرف أنه من الصعب عليكم تقبل الموضوع، لذلك اطلعوا على التالي من معلومات / قوانين / فيديوهات".

وفي الوقت نفسه، تعلن صفحة تخص Replace Your Meter UK على "إنستغرام"، تحظى بأكثر من 7 آلاف متابع عن أوقات لتحديد مواعيد استبدال العدادات. والصفحة على "إنستغرام" مربوطة بصفحة إلكترونية تحمل روابط إلى حسابات في وسائل تواصل اجتماعي مختلفة، مع إضافة الرسالة التالية "استبدلوا عداداً بعدادكم وتوقفوا عن الدفع في مقابل الطاقة 'مرتين'". حتى أن ملف تعريف المؤسسة على "تويتر" يفيد بما يلي "هل تدركون أننا ندفع ثمن طاقتنا بالفعل؟ استبدلوا بعدادكم آخر وتخلصوا من فواتيركم".

 

تهم جنائية

أبلغ جون ديكسون، من "شركة تنظيمات بيع الطاقة بالتجزئة"، "اندبندنت" أن هذه النصيحة غير صحيحة، فالمطلوب من المستهلكين أن يدفعوا إلى الجهات الموردة مالاً في مقابل الطاقة المستخدمة.

وقال "يتعارض إزالة عداد أو استبدال آخر به من دون موافقة الجهة الموردة مع قوانين الكهرباء والغاز، وسيظل من قام بذلك مطالباً بدفع تكاليف الطاقة المستخدمة وسيواجه تكاليف إضافية لتصحيح تركيب العداد. كذلك قد يواجه خطر مواجهة اتهامات جنائية".

ويضيف ديكسون "هناك أيضاً أخطار تتعلق بسلامة المستهلك وجيرانه والمتمثل في السماح لأفراد من دون مؤهلات صحيحة بالعمل على منشآت الطاقة في مساكنهم وأعمالهم".

ولفت إلى أن النصيحة بأن يزعم الناس أنهم يغيرون بيوتهم يمكن أن تعتبر مؤامرة بغرض الاحتيال.

وقال غافين ستروغان، من هيئة حماية الإيرادات البريطانية "في أوقات ارتفاع تكاليف الطاقة، من غير المقبول أن يستغل أشخاص الناس الذين يكافحون من أجل دفع فواتيرهم، فيقدمون خدمات قد تؤدي إلى ملاحقتهم جنائياً. إن النصائح المشروعة كلها المسداة إلى العملاء الذين يواجهون صعوبات في التعامل مع فواتير الطاقة واضحة، تحدثوا إلى الجهة التي تورد لكم الطاقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد الاتصال بالسيد جونستون للحصول على تعليق، أوقفت قناة Replace Your Meter UK على "تيليغرام" وصفحتاها على "إنستغرام" و"فيسبوك" كلها. كذلك أوقف موقع إلكتروني اسمه Replace UK، مرتبط بعنوان البريد الإلكتروني الذي استخدم للتواصل مع "اندبندنت".

وأبلغ محام يمثل السيد جونستون "اندبندنت" بأن استبدال عدادات بعدادات أخرى هي "خدمة قانونية تماماً" يقوم بها مهندسون أكفاء. وقال إن السيد جونستون لم ينشئ القناة على "تيليغرام" أو قام بإدارتها، ولم يكن مسؤولاً عن المنشورات. وزعم المحامي أن الرسالة الإلكترونية حول الانتقال من بيت إلى آخر أرسلها عضو في فريق السيد جونستون وأن الموظفين جميعاً "أعيد تدريبهم بنشاط" منذ بدأت "اندبندنت" استقصاءاتها.

ولفت إلى أن العملاء نصحوا بإجراء العناية الواجبة الخاصة بهم في ما يتعلق بالقانون وأن الفريق "يوفر صلات مباشرة بالتشريع وينصح بضرورة الاتصال بالجهة الموردة للطاقة لتقديم المشورة في شأن استبدال عداد بالعداد الموجود".

وقال المحامي "يعد عدم تحمل تكاليف الغاز أو الكهرباء المستخدمة في المنزل سرقة إذا كانت النية تتجه إلى حرمان الجهات الموردة من منتجاتهم في شكل دائم. ولا يؤدي استبدال عداد بالعداد الموجود إلى ذلك. قد يكون التدخل في عداد الغاز أمر خطر. وهذا ما لا تقوم به Replace UK. كذلك لا يوجد على الإطلاق عبث بالعدادات. لأن ذلك سيمثل جريمة جنائية وقد يفضي إلى الملاحقة".

وأضاف أن جميع المعلومات الزائفة المتعلقة بدفع فواتير الطاقة "داخل موقع Replace UK الإلكتروني" قد تم حذفها.

© The Independent